الإخوان وزيارة هرتسوغ لتركيا.. "ابتلاع الألسنة" يكشف زيف الشعارات
شعارات زائفة لطالما رفعها الإخوان خدمة لأجندتهم المسمومة، لكنها سرعان ما ذوت تحت لهيب خنوع أفرزه نفاق شكّل أساس عقيدة التنظيم.
فجأة اختفى شعار "إلى القدس رايحين.. شهداء بالملايين" الذي كان التنظيم يستحضره كلما أراد استمالة الشعوب ومحاولة كسب ودها، فيضرب على وتر قضية الأمة طمعا في التعاطف.
لكن الحقائق والوقائع على الأرض تأتي دائما بما لا تشتهيه سفن التنظيم، لتعكس حجم الكذب والمناورة التي كانت تخدع بها الشعوب.
فبين صمت رسمي مطبق على غير العادة، واختفاء للجانه الإلكترونية ومنصاته الإعلامية، أو تبريرات لحفظ ماء الوجه، جاءت ردود أفعال الإخوان وعناصره على زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى تركيا وحفاوة استقبال رئيسها رجب طيب أردوغان له.
والأربعاء، وصل الرئيس الإسرائيلي إلى العاصمة أنقرة في زيارة رسمية تستغرق يومين، وتعتبر الأولى لرئيس إسرائيلي منذ 2007، وكان في استقباله لدى وصوله إلى مطار أسن بوغا، الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، ومسؤولون آخرون.
وخلال لقاء جمعه بنظيره التركي في المجمع الرئاسي، أكد الرئيس الإسرائيلي أن العلاقات مع تركيا ستقوم، من الآن فصاعدا، على الاحترام المتبادل.
تبرير
عادة ما يشن تنظيم الإخوان ومنصاته الإلكترونية والإعلامية هجوما حادا على لقاءات سابقة لقادة ومسؤولين عرب بالإسرائيليين، بيد أنهم تجاهلوا بشكل كبير زيارة الرئيس الإسرائيلي لأنقرة، فلم يتم توجيه أي "اتهامات معلبة" في مثل هذا الموقف للمسؤولين الأتراك، مثل "التطبيع" أو "خيانة القضية الفلسطينية"، كما يتكرر دائما عندما تكون اللقاءات بين إسرائيليين ومسؤولين عرب.
وضع المضطر
أما أحمد عبدالعزيز، القيادي الإخواني المقيم في تركيا وعضو الفريق الرئاسي للرئيس المصري الراحل محمد مرسي، والذي طالما هاجم بضراوة لقاءات مسؤولين إسرائيليين بقادة عرب، فدافع عن استقبال الرئيس التركي لنظيره الإسرائيلي.
وقال عبدالعزيز عبر حسابه بموقع تويتر: "من جانبي، أحسن الظن بهذا الرجل (أردوغان) مثلما أحسن الظن بقيادة حماس، وأراه في وضع المضطر مثلها تماما، فلا تثريب عليها.. كذلك الحال بالنسبة لأردوغان الذي ورث علاقة كاملة مع الكيان الصهيوني، بدأت منذ عام 1949".
وكاشفا عن عمق الازدواجية، تابع زاعما: "المساواة بين المطبعين العرب وأردوغان جهل أو غباء أو كلاهما! فأردوغان ورث هذه العلاقة، ولم يسع إليها، ولم يُدشنها، ويتعاطى معها على مضض، لا يستويان!".
كما خرجت حركة حماس ببيان مع وصول الرئيس الإسرائيلي إلى أنقرة، تدين فيه زيارة رئيس إسرائيل لـ"دول في المنطقة" دون أن تذكر تركيا أو رئيسها أردوغان.
وقال البيان "تتابع حركة حماس بقلق بالغ زيارة مسؤولي وقادة إسرائيل لعدد من الدول العربية والإسلامية وآخرها زيارة إسحاق هرتسوغ لعدد من دول المنطقة".
ازدواجية وتزييف
في قراءاتهم لمواقف تنظيم الإخوان من زيارة مسؤولين إسرائيليين لتركيا، مقابل زيارات مماثلة لهؤلاء إلى دول عربية أخرى، يرى محللون سياسيون ومراقبون أنها دليل على ما يتسم به التنظيم من "ازدواجية في المعايير ونفاق سياسي".
وقال عضو مجلس النواب مصطفى بكري عبر حسابه بموقع تويتر: "جماعة الإخوان عجزت عن إدانة زيارة الرئيس الإسرائيلي إلي تركيا، وراحت تبرر للزيارة وتقول إنها مناوره هدفها مصلحة تركيا، وآخرون راحوا يقولون: ماذا استفدنا من المواقف العاطفية، هذا الكلام يقال على ألسنة أصحاب شعار: إلى القدس رايحين شهداء بالملايين".
وأكد بكري أن الإخوان يمتلكون ما وصفه بـ"قدرة هائلة على الكذب والديماجوجية، وقادرون على الخداع والتزييف وازدواجية المعايير".
ودلل قائلا: "تأملوا مواقفهم، وماذا قالوا عن كل قائد عربي يلتقي مسؤولا إسرائيليا، وقارنوا، حقا إذا لم تستح فافعل ما شئت".
نفاق
بدوره، قال الدكتور هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي إن "التنظيم يلجأ لأساليب النفاق والمراوغات اللفظية المكشوفة".
وأوضح النجار، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الإخوان وتيار الإسلام السياسي يتعاملون بحساسية شديدة بشأن هذا الملف، حيث بنى جماهيريته وشعبيته على مزاعم التصدي للمشروع الصهيوني، والادعاء بأنها تأسست من أجل تحرير الأقصى والمقدسات التي يعجز حكام العرب عن تحريرها؛ لذا تتحسب الجماعة وتخشى كثيرا من اهتزاز هذه الصورة الذهنية".
ورأى الخبير السياسي أن "الرواية الإخوانية اهتزت بالفعل وثبت كذبها من أحداث السنوات الماضية، بعد أن ثبت أن جميع ممارسات التنظيم في المنطقة العربية من إضعاف للدول والجيوش العربية وبث الفوضى في المنطقة صب في مصلحة إسرائيل".
وأضاف: "سعى تنظيم الإخوان إلى تلميع نفسه بوصفه البديل الإسلامي لمقاومة المشروع الصهيوني".
ووصف "النجار" جماعة الإخوان بـ"الساذجة ولا تملك الحد الأدنى من التماسك، أو المنطق ولا تخدع حتى الأطفال، فالقضية واضحة والعلاقات باتت مفضوحة".
من جانبه، يرى أحمد بان، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن "البراجماتية والنفاق السياسي سمة أساسية لتنظيم الإخوان الذي لا يستطيع إحراج أنقرة كراع في بعض الفترات رسمي له".
وذهب "بان"، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "ردود أفعال الإخوان متوقعة في ظل ما تتسم به من براجماتية سياسية من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها".