رغم أن قتل شابٍ بهذه الطريقة في وضح النهار، جريمة تستوجب المحاسبة، لكن والي إضنة اكتفى بتعليق عمل الشرطي
قُتِل شابٌ سوري قبل أيام بمدينة إضنة التركية جنوبي البلاد بعد إطلاق الرصاص الحي عليه بشكلٍ مباشر من على بُعد ثلاثة أمتار من قبل عنصرٍ في الشرطة بعد مخالفته لقرار حظر التجوّل المفروض في كامل تركيا والّذي يمنع كلّ من يقل عمره عن 20 عاماً أو يزيد على 65 من الخروج إلى الشارع.
الرواية الحكومية تفيد بأن اللاجئ السوري المقتول واسمه علي العسّاني، حاول الفرار من عناصر الشرطة الّذين حاولوا تحذّيره ليتوقف، لكن أوامرهم لم تُنفذ، ما أرغم أحد العناصر على إطلاق الرصاص على قدمهِ.
إن هذه الرواية كانت ستبدو مقنعة لولا الفيديو الّذي وثّق لحظة وقوع العسّاني أرضاً بعد إصابته بطلقٍ ناري، والّذي أظهّر بدقّة أن اللاجئ السوري أٌصيب بطلقةٍ في منطقة الصدر وليس في قدمه، كما أعلنت عدّة وسائل إعلامٍ تركية تؤيد الرئيس رجب طيب أردوغان.
رغم أن قتل شابٍ بهذه الطريقة في وضح النهار، جريمة تستوجب المحاسبة، لكن والي إضنة اكتفى بتعليق عمل الشرطي، متعهداً بمحاسبته قضائياً وإدارياً، وهو أمر ربّما لن يتم، خاصة أن الشرطي القاتل لم يُعتقل.
وبينما دافعت جهات سورية معارضة للحكومة السورية عن جريمة الشرطة التركية وحمّلت الشاب المسؤولية لمخالفته قرار حظر التجوّل، تحوّلت حادثة مقتله إلى قضية رأي عام في البلاد من جهة روّاد مواقع التواصل الاجتماعي من الأتراك الّذين طالبوا بكشف ملابسات ما جرى ومحاسبة الشرطي القاتل.
وأرغم حجم التضامن الكبير مع عائلة العسّاني، والي مدينة إضنة على إصدار بيانٍ حول الحادثة خاصة مع دفاع كلّ من حزبي "الشعب الجمهوري" المعارض و"الشعوب الديمقراطي" عنه لا سيما بعد زيارة وفدٍ من الحزب الأخير لعائلته لتقديم واجب العزاء والتضامن مع ذويه.
وأفاد الوالي التركي في بيانه بأن الشاب المقتول فرّ من عناصر الشرطة بعد مخالفته لحظر التجوّل خاصة وأن عمره أقل من 20 عاماً، في محاولة منه لتبرير الجريمة، لكن برلمانيّ الحزبين المعارضين قالوا إن تحذّير مخالف لقرار حظر التجوّل لا يكون بالرصاص الحي وقتله. كذلك أكدت برلمانية من حزب "الشعوب الديمقراطي" كانت ضمن الوفد الّذي قام بزيارة عائلة المقتول أن الأخير لم يكن مطلوباً لدى السلطات التركية.
الأمر الآخر الّذي دافع عنه المتضامنين الأتراك وغيرهم مع العساني هو أن قرار حظر التجوّل يستثني الخروج بغرض التسوّق خاصة مع حلول شهر رمضان، ما يضع الشرطة التركية في موقع القتل العمد خاصة وأن إطلاق النار وفق شهود العيان كان قد تمّ من على بعد ثلاثة أمتار وفي جهة الصدر، وهذا يعني أن نقاشاً دار بين الشرطي وضحيته.
ورغم أن قتل شابٍ بهذه الطريقة في وضح النهار، جريمة تستوجب المحاسبة، لكن والي إضنة اكتفى بتعليق عمل الشرطي متعهداً بمحاسبته قضائياً وإدارياً وهو أمر ربّما لن يتم خاصة وأن الشرطي القاتل لم يُعتقل، هذا ناهيك عن أن عناصر الشرطة في تركيا بالفعل يملكون صلاحيات استخدام الرصاص الحيّ حين يخرجون في دورياتٍ اعتيادية.
وما يبدو واضحاً في هذه القضية أن القتل العمد الّذي تمارسه الشرطة التركية وكذلك الجيش لا يقتصر على السوريين وحدهم بعد مقتل العشرات منهم خلال السنوات الماضية في ظروفٍ مشابهة، بل هي ظاهرة متأصلة في تركيا وتستهدف الأتراك والأكراد وغيرهم على حدٍّ سواء من شعوب تركيا.
الخلاصة من درس العسّاني هي أن المعارضة السورية المؤيدة لتركيا وعلى رأسها التيارات والهيئات المحسّوبة على جماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية، لن تستطيع الدفاع عن أيّ سوري كان، فهي أكدت مرة جديدة أن مهمتها الوحيدة تقتصر على الدفاع عن المشاريع التركية في المنطقة.
وعليه، يجب على المعارضة السورية المؤيدة لتركيا، الدفاع عن بلدهم وضحاياها الّذين لا يمكن إحصاؤهم نتيجة الحرب الطاحنة التي تشهدها سوريا منذ سنوات، وعليهم أيضاً أن يتوقفوا عن كونهم أداة بيد أردوغان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة