رغم كورونا.. عمال تركيا يحيون ذكرى مجزرة 1977
الوقفة شارك فيها ممثلون عن اتحاد غرفتي المهندسين والمعماريين واتحاد نقابات العمال الثورية واتحاد نقابات عمال الدولة واتحاد الأطباء
نظم العديد من النقابات العمالية التركية، الخميس، وقفة قريبة من ميدان تقسيم بمدينة إسطنبول، لإحياء عيد العمال، وذكرى ضحايا المجزرة التي شهدتها البلاد في 1 مايو/أيار عام 1977.
وشارك بالوقفة ممثلون عن اتحاد غرفتي المهندسين والمعماريين الأتراك (TMMOB)، اتحاد نقابات العمال الثورية التركي (DİSK)، واتحاد نقابات عمال الدولة (KESK)، واتحاد الأطباء الأتراك (TTB).
الوقفة جاءت قبل يوم من موعدها السنوي وهو 1 مايو/أيار من كل عام، بسبب حظر التجوال الذي من المفترض أن يبدأ الجمعة، ولمدة 3 أيام بـ31 ولاية تركية في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
عنف ضد العمال
وفي بيان صادر باسم النقابات المشاركة بالوقفة، قالت أرزو شركس أوغلو، رئيسة اتحاد نقابات العمال الثورية التركي، التي تلت البيان، إن "هذه الوقفة جاءت لإحياء ذكرى المواطنين الأتراك الذين قتلوا في ميدان تقسيم خلال احتفالهم بعيد العمال عام 1977".
وكانت ساحة تقسيم شهدت خلال السنوات الماضية اشتباكات في يوم العمال، حيث قتل العشرات في 1 مايو/أيار 1977، عندما كانت تركيا الحديثة تمر بأسوأ مراحل اضطراباتها.
هذه الأحداث وصفت بالمجزرة؛ حيث قتل فيها ما بين 34 و42 شخصاً وجُرح ما بين 126 و220 آخرين، والتي جاءت ضمن موجة من العنف السياسي في تركيا في نهاية السبعينيات من القرن الماضي.
وأضافت شركس أوغلو قائلة: "وكذلك لنحتفل بعيد العمال هذا العام الذي يأتي في ظل تفش لفيروس كورونا بالبلاد، حيث أردنا تجديد مطالب العمال للنظام الحاكم".
وأردفت قائلة: "سيأتي اليوم الذي نرفع فيه معا راية الأخوة والمساواة عندما نؤسس نظاما يسيطر عليه العمال والمنتجون"، مشددة على أنه "من المرفوض تماما وضع العراقيل التي تمنع العمال من الحصول على حقوقهم تحت ذريعة تفشي فيروس كورونا".
واستطردت قائلة: "سنواصل المطالبة بحقوق العمال حتى في مثل هذه الظروف، من أمام منازلنا، وشرفاتها ومن شوارعنا، في كل مكان لإيصال صوتنا إلى الجميع، لا سيما النظام الحاكم".
وأفادت شركس أوغلو قائلة: "سنعبر عن مطالبنا وأحلامنا ما حيينا، ولن يثنينا عن ذلك أحد".
مظاهرات في المدن التركية
كما شهد العديد من المدن التركية الأخرى وقفات مماثلة، مثل مدينتي إزمير (غرب)، وأضنة (جنوب).
وقبل أيام أعرب عمّال أتراك عن امتعاضهم من صمت حكومة العدالة والتنمية، التي يتزعمها الرئيس رجب طيب أردوغان، حيال قرارات صادرة عن الشركات التي يعملون بها، لاستثنائهم من قرارات حظر التجوال التي تفرض بين الحين والآخر.
وترتفع في تركيا جرائم العمل بشكل كبير في ظل غياب معايير السلامة المهنية التي تنص عليها القوانين الدولية.
وفي مارس/آذار الماضي، فقد 113 عاملا تركيا على الأقل حتفهم؛ بسبب حوادث العمل، من بينهم 14 جاءت وفاتهم جرّاء الإصابة بكورونا، بحسب تقرير صادر في أبريل/نيسان الجاري عن مجلس سلامة العمال وأمن العمل التركي.
المجلس المذكور كان قد أصدر في يناير/كانون الثاني الماضي تقريرا ذكر فيه أن عدد العمال الذين لقوا حتفهم خلال 7 سنوات بلغ 12 ألفا و786 عاملا، منهم 1235 في 2013، و1886 في 2014، و1730 في 2015، و1970 في 2016، و2006 في 2017، و1923 في 2018، و1736 في 2019.
وكان تقرير أعده “منتدى منع جرائم قتل النساء” في تركيا كشف مطلع عام 2019، أن إجمالي عدد من تُوفوا جراء جرائم العمل خلال 16 عاما من حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان بلغ 22 ألفا و500.
وبسبب معدلات البطالة المرتفعة، يقبل العمال الاشتغال في وظائف لا تتوفر بها أدنى معدلات السلامة المهنية.
عمال بلا حقوق
وفي أغسطس/آب الماضي، كشفت إحصائيات رسمية تركية إهدار الشركات في البلاد حقوق 86% من العمال من خلال منعهم من الانضمام لنقابات تكون مسؤولة عن ضمان حقوقهم التي تكفلها لهم القوانين.
وذكرت وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية، في تقرير لها آنذاك أن 86% من العمال في البلاد لا ينتمون إلى أي نقابات تدافع عن حقوقهم، جاء ذلك بحسب إحصائية جديدة أعدتها الوزارة المذكورة عن شهر يوليو/تموز الماضي، وفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "برغون" التركية المعارضة.
الإحصائية ذكرت أن عدد العمال الأتراك، الأعضاء في نقابات هو مليون و894 ألفا و170 عاملاً، من إجمالي 13 مليوناً و764 ألفا و63 عاملاً، أي أن نسبة العمال الأعضاء في النقابات 13.7% فقط.
ولفتت الإحصائية إلى أن اتحاد نقابات العمال في تركيا (ترك إيش)، هو صاحب أكثر عدد من الأعضاء بمعدل مليون و12 ألفا و277 عاملا، يليه اتحاد النقابات العمالية الحقيقية (حق-إيش) بـ674 ألفا و404 عمال، ثم اتحاد نقابات العمال الثورية، بعدد 178 ألفا و691 عاملا.
نظام أردوغان غافل عن العمال
وذكرت تقارير صحفية أن الشركات التركية تفضل تشغيل عمال من الباطن دون أن ينضموا تحت لواء أي نقابة؛ حتى لا تكون مضطرة لأداء كل الحقوق القانونية للعمال، دون تدخل من نظام أردوغان الذي يتعمد التهرب من تفعيل اتفاقيات دولية للاستمرار في التنكيل بحقوق العمال.
وسبق أن وقعت حكومة العدالة والتنمية، اتفاقية العمل الجماعية وقيد العمال في النقابات التي تضمن للعمال حقوقهم، إذ تنص على تنظيم إجراءات التفاوض بين المنظمات العمالية والمستثمر، بهدف حماية حقوق العامل، لكنها تحولت إلى ورقة بالية، لا تلقي لها الحكومة التركية بالاً، إذ احتلت أنقرة المرتبة الأخيرة لدى منظمة التعاون الاقتصادي من حيث الالتزام بنص الاتفاقية.
وبنسبة لا تتجاوز حاجز 7%، تحتل تركيا المرتبة الأخيرة لدى منظمة التعاون الاقتصادي من حيث الالتزام بنص الاتفاقية المذكورة، حيث إن ما يزيد على 50% من العمال بدول الاتحاد الأوروبي يدخلون في نطاق اتفاقية العمل الجماعية.
وفي 3 يونيو/حزيران الماضي، وجهت منظمة العمل الدولية في تقرير لها انتقادت لحكومة الرئيس أردوغان؛ لما ترتكبه من مخالفات في مجال العمل، من حظر للنقابات العملية، وتسريح للعاملين، وغير ذلك من الانتهاكات التي تمس حقوق العمال.
جاء ذلك بحسب تقرير نشرته المنظمة المذكورة، آنذاك حول تركيا، أعدته لجنة من الخبراء، وأعربت فيه المنظمة الدولية عن أسفها لعدم تقديم حكومة أردوغان المعلومات التي طلبت منها بشأن حظر النقابات العمالية في البلاد، وتسريح العمال، وعدم الاعتراف بحق اتفاقية حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.
لجنة الخبراء أعربت كذلك عن "قلقها البالغ" لقيام السلطات التركية بفصل أعضاء النقابات من أعمالهم إبان حالة الطوارئ التي أعلنها أردوغان عقب المحاولة الانقلابية المزعومة صيف 2016، واستمرت عامين، واستبدلتها السلطات بها قانون "مكافحة الإرهاب".
وتضمن التقرير انتقادات لتركيا بشأن المخالفات التي تنتهك اتفاقية حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، والحرية النقابية.
aXA6IDMuMTI5LjYzLjI1MiA= جزيرة ام اند امز