تركيا تسير عكس التيار في مسار التضخم القياسي بفائدة منخفضة.. لماذا؟
مجددا، سلك البنك المركزي التركي وبدعم من الرئيس رجب طيب أردوغان مسار مغايرا ومثيرا للجدل في محاولة لكبح جماح التضخم في البلاد.
وقال البنك المركزي التركي في بيان، الخميس، إنه خفض أسعار الفائدة على الليرة بمقدار 150 نقطة أساس إلى 10.5% وهو الخفض الثالث على التوالي خلال العام الجاري، وسط ضغوطات مالية تعاني منها الأسر بسبب التضخم المرتفع.
ويسير البنك المركزي في مسار مخالف للبنوك المركزية الأخرى حول العالم في معالجة التضخم المرتفع الذي تجاوز حاجز 83% خلال العام الجاري، بأعلى مستوى منذ عام 1998، بحسب بيانات المركزي، واطلعت عليها "العين الإخبارية".
وأسعار الفائدة هي أهم أدوات السياسة النقدية في كبح جماح التضخم في الدول حول العالم، إذ يتم زيادة أسعار الفائدة لخفض السيولة والمعروض النقدي في الأسواق لإبطاء التضخم.
إلا أن تركيا ممثلة بالرئيس أردوغان والبنك المركزي يتخذون سياسة عكس التيار، إذ يبحث الطرفان عن خفض أسعار الفائدة من خلال خفض أسعار الفائدة، وهي أداة لزيادة ضخ السيولة النقدية في الأسواق المحلية.
ولطالما نادت وزارة الخزانة أن محاربة التضخم تظل "على رأس أولوياتها"، إلا أن السياسات على أرض الواقع لن تفعل الكثير لتخفيف الاقتصاد المثقل بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.
وعجلت دوامة التضخم بسلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة التي قام بها البنك المركزي أواخر العام الماضي، وهذا العام، تحت ضغط من أردوغان، الذي قال إن التحفيز النقدي ضروري لتعزيز الصادرات والاستثمارات قبل الانتخابات في منتصف عام 2023.
وحتى اليوم، لم تنجح سياسات أردوغان بخفض التضخم أو حتى بتحفيز الليرة التي تراجعت هذا العام لمستويات قياسية أمام الدولار الأمريكي فوق 18 ليرة / دولار واحد، بحسب بيانات البنك المركزي التركي.
ويدفع التضخم الجامح وانهيار الليرة ملايين الأتراك إلى حافة الانهيار المالي، وإغراق المصانع والمزارعين وتجار التجزئة في جميع أنحاء البلاد.
وبحسب بيانات رسمية، يعاني أكثر من ثلثي الأشخاص في تركيا من أجل دفع ثمن الطعام وتغطية الإيجار، لكن الأمر لم يكن دائما على هذا النحو؛ حقق الاقتصاد التركي قفزات كبيرة خلال العقدين الماضيين، بينما يواجه هذا العام تعثرا في إدارة السياسة النقدية والمالية.
في سبتمبر 2021، كان الدولار الأمريكي الواحد يساوي حوالي 8 ليرات تركية، ولكن بحلول أكتوبر 2022، ارتفع هذا إلى ما يقرب من 19 ليرات تركية.
وعندما تنخفض قيمة العملات، تصبح الأشياء التي يتم جلبها من الخارج أكثر تكلفة؛ مع استيراد معظم البلدان للسلع، مثل الوقود أو المواد أو التكنولوجيا، فإن العملات الأضعف تعني ارتفاع الأسعار، وهي ما يفسر التضخم الجامح.
والشهر الجاري، أفاد معهد الإحصاء التركي أن التضخم السنوي بلغ 83.45% في سبتمبر، على الرغم من أن الكثيرين ادّعوا أن المعدل الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى من ذلك.
أسعار الفائدة اليوم هي السياسة النقدية الأبرز التي تقود نحو مزيد من التضخم، ومزيد من تراجع أسعار صرف العملة المحلية، إلا أن البنك المركزي التركي مصرّ على اتباع نظرة الرئيس الباحث عن عودة الاستقرار قبل الانتخابات.
aXA6IDE4LjIyMy4yMzcuMjQ2IA== جزيرة ام اند امز