خبراء: المصافحات التركية ببغداد لن تداوي آثار صواريخهم بالشمال
قال مراقبون عراقيون إن على بغداد ممارسة الضغط على أنقرة للكف عن سياسة المصافحات الدبلوماسية التي تبددها انتهاكات السيادة في الشمال.
وخلال العام الماضي استدعت الخارجية العراقية سفير أنقرة في بغداد للاحتجاج على قصف تركي على شمال البلاد في انتهاك صارخ للقوانين الدولية.
وتأتي دعوات المراقبين لممارسة الضغط على أنقرة غداة زيارة غير معلنة لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار رافقه خلالها وفد عسكري رفيع، أمس الإثنين، للعاصمة بغداد، حيث التقى نظيره العراقي ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أجرى زيارة إلى العاصمة التركية، أنقرة في الـ17 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، تلبية لدعوة رسمية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحث خلالها جملة من القضايا وانتهت بتوقيع اتفاقيتين في المجال الثقافي والضريبي.
وبعد ساعات من انتهاء زيارة الكاظمي لأنقرة، تجددت الغارات التركية في شمال العراق بقصف قرى حدودية تحت ذريعة مطاردة حزب العمال الكردستاني.
وتمثل الخروقات التركية لشمال العراق واشتداد هجماتها العسكرية منذ يونيو/حزيران 2019، فضلاً عن التهديد بقطع منابع المياه عن نهر دجلة، أهم الملفات التي تثير القلق في بغداد.
ويرى المحلل السياسي علي الكاتب، أن "اعتماد الدبلوماسية وقنوات الحوار المباشر لحل الخلافات مع أنقرة أسلوب مطلوب وتفرضه المرحلة الآنية ولكن أن تنتهي بتبادل الوفود والتقاط الصور دون دفع الاعتداءات التركية عن الأراضي العراقية أمر مرفوض سياسيا ويؤشر في الوقت ذاته على عجز بغداد عن إيجاد الحلول التي تحفظ للدولة والسيادة هيبتها".
ويؤكد الكاتب في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "حجم الاعتداءات التركية وإصرار أردوغان على سياسة التعامل مع العراق بعقلية الباب العالي، تفرض على صناع القرار في بغداد التزام منهج واضح يدفع بأنقرة إلى التراجع عن سياساتها التوسعية والعدوانية".
ويتابع: "عندما تفتح بغداد أبوابها لاستقبال وزير الدفاع التركي والوفد المرافق له يجب أن تكون هنالك تفاهمات مسبقة واستراتيجية رصينة، ترسم مسار الحل وتلزم تركيا توقيتات محددة برفع معسكراتها وعرباتها العسكرية من الأراضي العراقية وإلا سيكون ذلك شرعنة لاستمرار أنقرة بالتمادي ومواصلة الخروقات".
من جانبه، يشدد الخبير الأمني، سرمد البياتي، على ضرورة أن يعتمد العراق أكثر من ورقة في التفاوض مع الجانب التركي بشأن الملفات العالقة بين الجانبين وأن تترافق الحلول الدبلوماسية مع الضغط العسكري والتلويح باللجوء إلى المجتمع الدولي".
ويلفت إلى أن "زيارة الكاظمي لأنقرة في ختام العام الماضي وهبوط طائرة وزير الدفاع التركي في مطار بغداد يوم أمس، كان من المفترض أن يسبقها تحركات حقيقية تثبت صدق نوايا أردوغان في احترام سيادة العراق وكف الأطماع التركية عن شمال البلاد".
ويتساءل قائلاً: "لماذا تتفاوض بغداد مع ساسة أنقرة ودماء الضحايا الذين سقطوا وما زالوا يتساقطون بشكل شبه يومي بنيران القصف التركي، دون أن تقدم الأخيرة أي اعتذار يوازي فداحة جرائمها في العراق".
من جانبه، يؤكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي، مازن الأشقر، أن "العراق صار ممر لعبور البضائع والتجارة التركية إلى دول الخليج ومناطق شرق آسيا، وهو ما يفرض بتقديم ذلك الملف في أي مفاوضات مع أنقرة بشأن المصالح المشتركة لثنيها عن مواصلة توغلها في عمق الأراضي العراقية".
ويلفت الأشقر خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "حجم التبادل التركي مع العراق يتجاوز الـ13 مليار دولار سنوياً، ولم تتأثر بوابات دخول البضائع بسياسات أنقرة وقصفها للمدن العراقية وهو أمر يدعو إلى الاستغراب والدهشة من العقلية التي ينطلق منها ساسة بغداد".
وعوداً على زيارة خلوصي إلى بغداد، يشير الأشقر إلى أنه "في الوقت الذي هبطت طائرة وزير الدفاع التركي في بغداد، كانت مدافعهم تدك مناطق في شمال العراق "، متسائلاً "هل من المنطق السياسي أن تتبادل زيارات عسكرية مع دولة لا تريد أن تسكت نيران الموت بحق الأبرياء من العراقيين".
وكان من المقرر أن يزور، آكار، العراق، في أغسطس/آب 2020، إلا أن بغداد رفضت استقباله حينها احتجاجاً على هجوم شنته طائرة تركية مسيرة بمنطقة سيدكان في محافظة أربيل، أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 6 أشخاص بينهم ضباط عراقيين كبار.
وقدم العراق مذكرة احتاج إلى السفير التركي ببغداد، هي الثانية من نوعها خلال عامين، تنديداً بسياسة أنقرة واستمرار عملياتها العسكرية في شمال البلاد.
وهددت حكومة الكاظمي، باللجوء إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي في حال استمرت تركيا بمواصلة هجماتها العسكرية داخل العراق.
ورغم وسائل الضغط التي مارستها حكومة بغداد على أنقرة للحد من خروقاتها واستمرار تمددها داخل الأراضي العراقية، إلا أن تركيا ما زالت تواصل عملياتها العسكرية في الشريط الحدودي الممتد مع إقليم كردستان.
وكانت صيحفة "لوفيجارو"، الفرنسية حذرت، أول أمس، في تقرير نشرته عبر صفحاتها، من مطامع الرئيس التركي التوسعية في المنطقة والعراق على وجه الخصوص.
وتشن القوات التركية حملة برية جوية، في شمال العراق تحت مسمى "مخلب النمر"، منذ 10 أشهر، بذريعة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض للنظام السياسي في أنقرة.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTAuMTUwIA==
جزيرة ام اند امز