أزمة مراسل "الأناضول" التركية.. نيران صديقة "تغتال" نظام أردوغان
لم تستفق تركيا من تسريبات سادات بكر، الرجل الغامض الذي هزّ أركان النظام بتسجيلات صادمة، حتى باغتها صحفي بسؤال محرج في عُقر دار الحاكم بسيطرته.
فعلى مدار اليومين الماضيين، لا صوت يعلو في تركيا على سؤال الصحفي في وكالة الأناضول مصعب توران، الذي بات مادة دسمة لوسائل التواصل الاجتماعي ونشرات الأخبار.
قصة توران التي واكبتها "العين الإخبارية" على وسائل إعلام تركية، بدأت من ذلك المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده وزيرا الصناعة مصطفى فارانك والزراعة بكير باكديرلي، بسؤال محرج لهما حول الاتهامات التي وجهها ما تسميه أنقرة "زعيم المافيا" التركية سادات بكر، لوزير الداخلية النافذ سليمان صويلو.
ومنذ أسابيع تعيش تركيا على وقع مقاطع فيديو ينشرها سادات بكر، المقيم خارج البلاد، يتحدث فيها عن ضلوع أعضاء في الحكومة (بينهم وزير الداخلية سليمان صويلو)، ومسؤولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم، في جرائم وعمليات فساد مختلفة.
وفي مقطع فيديو، قال بكر إن وزير الداخلية سليمان صويلو وفّر له الحماية و"سرّب له"، العام الماضي، معلومة سرية حول فتح تحقيق قضائي بحقه، وهو ما سمح له بالفرار من تركيا والإفلات من قبضة أجهزة الأمن.
السؤال المدوي
فضائح دفعت مراسل وكالة الأناضول التركية، إلى توجيه رشقات من الأسئلة المحرجة للوزيرين، فجاء سؤاله الأول قبل أن يعرف على نفسه: عزيزي الوزير.. أنا مصعب توران من الأناضول. سيدي. هناك قضايا تحتل جدول الأعمال في الآونة الأخيرة. هل الادعاءات بشأن بيروقراطية المخدرات وضعت بلدنا في الساحة الدولية؟ هل لدى الحكومة خطة لذلك؟".
ليضرب بالسؤال الثاني "هل اسم حزب العدالة والتنمية، الذي بدأ كحركة اجتماعية لصالح الأمة عمرها 19 عاما، أصغر من أن يستغني عن صويلو الذي تدور حوله الشبهات؟ لكن وزراءنا لا يقولون كلمة واحدة عن ذلك، بالنظر إلى ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات ونصف، أشعر بالخجل لأن هناك من يتخفون وراء الأقنعة التنكرية، أليس لديكم أطفال؟".
لم يخفِ الوزيران صدمتيهما من هوْل السؤالين، إذ سارع وزير الصناعة والتكنولوجيا إلى الدفاع عن حزب العدالة والتنمية، متوجها بحديثه للمراسل: "هل تريد التباهي؟ أعتقد أنك تقوم بعمل حفلة تنكرية الآن.. لا أعتقد أن طفلا يبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف يمكن أن يشارك كثيرا في القضايا السياسية".
مضيفا "من المستحيل أن تكون للحزب علاقة مع هيكلية غير شرعية وغير قانونية، فأهم ما يميز حكومة العدالة والتنمية أنها عززت قوتها خلال 19 عاما من خلال محاربة جميع أنواع الهياكل غير القانونية وجميع أنواع العصابات في تركيا".
الداخلية "تقصف" الأناضول: يا للعار
لم يغلق المشهد في تلك القاعة التي كانت تحتضن المؤتمر الصحفي، بالعاصمة أنقرة، فسرعان ما انتشر جزء منه على وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم.
ومن الفضاء الإلكتروني إلى أروقة الداخلية دوّى صوت مصعب توران، فخرج مظهر يلدريمان مستشار وزير الداخلية، بتغريدة على "تويتر" يهاجم فيها وكالة الأناضول ومديرها العام سردار قره غوز، المعين حديثا.
وكالرصاص المصبوب على مطبخ النظام الحاكم، قال يلدريمان: "ينبغي على مدير عام الأناضول الاستقالة على الفور"، متسائلا "ما هذه الخيانة؟ ما هذا العار؟ تم تنفيذ عملية اغتيال ضد سليمان صويلو والحكومة من خلال مراسلكم".
الرد من رب العمل وكالة أنباء "الأناضول" لم يتأخر كثيرا، حيث أصدرت بيانا أعلنت فيه طرد الصحفي مصعب توران، متهمة إياه "بانتهاك المبادئ الصحفية" والقيام "بدعاية سياسية".
وزادت على ذلك بـ"إبلاغ النيابة العامة بالتحقيق مع المراسل، وحول ما إذا كان ينتمي إلى منظمة إرهابية".
وحتى يأتي اليقين من وراء الأبواب الموصدة، يكون مصعب توران قد هيأ نفسه، لارتداء إحدى التهمتين اللتين فصلتهما سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان على مقاس الخصوم، منذ ما تسميها البلاد "محاولة الانقلاب" لتصفية وإخراس أصوات المنتقدين، أو عفا الله عما سلف.
aXA6IDE4LjIxOC4yLjE5MSA= جزيرة ام اند امز