"الأناضول" التركية تطرد صحفيا انتقد وزير الداخلية
طردت وكالة أنباء "الأناضول" التركية الرسمية الجمعة صحفيا بعد طرحه على وزير الداخلية سؤالاً محرجاً بشأن اتّهامات خطيرة وجّهها أحد زعماء المافيا التركية إلى الوزير.
وبحسب ما ذكره الجمعة، الموقع الإلكتروني لصحيفة "سوزجو" التركية المعارضة، وتابعته "العين الإخبارية"، كان مراسل الوكالة، مصعب طوران، قد ذهب لتغطية مؤتمر لقاحات كورونا بالعاصمة أنقرة، وطرح على الوزراء المشاركين فيه سؤالًا حول وزير الداخلية سليمان صويلو.
وأحرج المراسل الوزراء حينما استنكر في سؤاله استمرار صويلو في منصبه بعد اعترافات زعيم المافيا التركية، سادات بَّكَر، وآخرين بأنهم ساعدوه في الوصول لمنصبه، فضلًا عن تقديمه كوزير الحماية لهم.
وقال المراسل في سؤال وجهه على الوزيرين المشاركين بالمؤتمر "هل اسم حزب العدالة والتنمية، الذي بدأ كحركة اجتماعية لصالح الأمة عمرها 19 عاما، أصغر من أن يستغنى عن سليمان صويلو الذي تدور حوله الشبهات؟ بالنظر إلى ابني البالغ من العمر ثلاثة سنوات ونصف، أشعر بالخجل لأن هناك من يتخفون وراء الأقنعة التنكرية، أليس لديكم أطفال؟".
وعلى أثر ذلك هاجم مظهر يلدريمان، مستشار وزير الداخلية، وكالة الأناضول، مطالبًا باستقالة مديرها العام، سردار قره غوز، على خلفية ما قامه به المراسل المذكور.
وقال يلدريمان في تغريدة له على "تويتر": "ينبغي على مدير عام الأناضول الاستقالة على الفور. ما هذه الخيانة؟ ما هذا العار؟ تم تنفيذ عملية اغتيال ضد سليمان صويلو والحكومة من خلال مراسلكم".
وعقب ذلك أعلنت الوكالة المملوكة للدولة، في بيان صادر عنها، موجهًا للرأي العام، أنه "تم إبلاغ النيابة العامة بالتحقيق مع المراسل مصعب توران، وحول ما إذا كان ينتمي إلى منظمة إرهابية، وتم تقديم طلب لإلغاء بطاقته الصحفية، وبطاقة انتسابه للوكالة ".
كشف الأوراق
وتشهد تركيا منذ أيام حالة من التلاسن بين نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، وزعيم المافيا سادات بَّكَر، المقرب من الحكومة.
وقبل عام غادر بكر الأراضي التركية لكنه أطلق تصريحات حول العلاقات المثيرة بين كل من السلطة والسياسة والمافيا والصراع الذي يدور حول مراكز القوى في البلاد، وذلك عقب عملية أمنية استهدفت 48 من رجاله في تركيا خلال أبريل/نيسان الماضي.
وفضح زعيم المافيا التركي هذا الصراع بالتأكيد على أنه من أجل الحصول على حصة الأسد من الأموال التي تأتي من تجارة النفط والغاز بل المخدرات والكوكايين.
وعبر قناته على موقع يوتيوب، نشر بكر عدة فيديوهات، كشف في بعضها عن “الأعمال القذرة” التي زعم أن وزير الداخلية الأسبق محمد أغار تورط فيها، واصفا إياه بـ”رئيس الدولة العميقة المزور”.
كما تعهد زعيم المافيا التركية في تلك الفيديوهات بأنه سيزيح الستار عن “الأعمال القذرة” التي أقدم عليها مجموعة “البجع” الإعلامية التابعة لعائلة أردوغان، مثل تجارة الأسلحة في مناطق الصراع، وعلى رأسها سوريا.
لكنه تجنب ذكر اسم أردوغان بشكل صريح، في رسالة تترك الباب مفتوحًا لمساومة محتملة معه من أجل العودة إلى ما يسمونه “قانون السكوت”.
اتهامات لصويلو
زعيم المافيا انقلب أيضا على سليمان صويلو بعد أن عجز عن تحقيق وعوده له بحمايته وتأمين طريق عودته إلى تركيا وإيقاف القضايا المرفوعة ضده.
وقال إن وزير الداخلية سليمان صويلو هو من أبلغه بالعملية الأمنية المعدة ضده ورجاله في تركيا ليتمكن من الهروب إلى تركيا عبر المطار رغم محاولات وزير الخزانة والمالية السابق، براءت ألبيرق، صهر أردوغان، منع انطلاق طائرته في 2020.
ولفت إلى تناقضات صويلو فيما يتعلق بوصفه له “زعيم تنظيم إجرامي” رغم الامتيازات التي حصل عليها بفضله، منها تخصيص حرس رسمي له في رحلاته الخارجية.
كما ذكر زعيم المافيا أن صويلو يراقب ويتنصت على المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالين، ومدير مكتب الرئيس، حسن دوغان.
بكر قال إن قالين نشر تغريدات على تويتر، لإعلان دعمه لسليمان صويلو، بعد هجوم زعيم المافيا عليه قبل أيام.
كما أشار إلى أنه أيضا يتم التنصت على حسن دوغان، مدير مكتب الرئيس التركي، متسائلا: "أي نوع من الرجال يكون سليمان صويلو يا ترى؟".
وأكد بكر أن قادة العدالة والتنمية يمكنهم خداع أعضاء حزبهم، لكنهم لا يستطيعون خداعه هو، فهو لا تنطوي عليه ألاعيبهم، على حد تعبيره.
وفي وقت سابق زعم برلماني تركي معارض أن وزير الداخلية، منح زعيم المافيا بكر “جهاز تشويش”، لتجنب التنصت على اتصالاته الهاتفية.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها علي ماهر باشارير، البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، الثلاثاء الماضي.
وخاطب باشارير وزير الداخلية التركي قائلا: "أنت أرسلت معه حرسًا شخصياً إلى خارج البلاد.. وأعطيته الحق في استخدام خدمات كبار الشخصيات. وأقولها من هنا لأول مرة
نجل صويلو وتجارة المخدرات
كما كشف زعيم المافيا، عن تورط أنغين صويلو نجل وزير الداخلية، في تنفيذ أكبر عملية تهريب مخدرات قبل عام ونصف العام من خلال سياراته الخاصة.
ووفقًا لصحيفة "جمهورييت" قال بكر إن ابن صويلو الذي يحمل لوحات سيارات مرخصة من إحدى الشركات التركية التي تدعى «Motors Yeniköy»، والمملوكة لشخص يدعى نفزات كايا، هرّب نصف كيلو من مخدر الهيروين، بالتعامل مع تلك الشركة.
وأوضح أن السيارات الفخمة التي يتباهى بها ابن صويلو، وتتغنى بها وسائل الإعلام التركية، ما هي إلا من أجل إقناع الرأي العام بأنه لا توجد شوائب عليهم.
وقال إنه قبل إتمام العملية بـ10 أيام ابتز أنجين صويلو، نفزات كايا وقطع معه الاتصالات، وأخبره أنه سيسجن إذا لم يدفع له 5 ملايين دولار.
بلطجة نظام
وذكر بكر أيضًا في سلسلة فضائحه أنه داهم صحيفة "حرييت" الموالية في عام 2015 بناءً على طلب أحد نواب حزب العدالة والتنمية، بسبب خبر انتقد أردوغان.
وفقًا لما نشرته صحيفة "جمهورييت"، الخميس، وتابعته "العين الإخبارية"، أعلن بكر أن أحد نواب حزب العدالة والتنمية طالبه بمداهمة لصحيفة.
وقال بكر في أحد مقاطع الفيديو "قمت بمداهمة صحيفة حرييت. يمكنكم التحقق من ذلك بمراجعة إشارة الهاتف الخاصة بهذا النائب في ذلك الوقت".
يذكر أنه عام 2015 تعرضت صحيفة "حرييت" التركية للهجوم من قبل مجموعة من حوالي 200 شخص ردًا على تصريحات نقلتها الجريدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
تبرأ كاذب
في المقابل تبرأ أردوغان ونظامه من "المنظمات الإجرامية"، رغم العلاقات العلنية بين حزب العدالة والتنمية ومنظمات من هذا النوع، حيث سبق وأن نظم سادات بكر العديد من المسيرات واللقاءات الجماهيرية لجمع الأصوات لحزب العدالة والتنمية.
بل سبق وأن هدد زعيم المافيا باسم أردوغان المعارضين قائلًا: "سنسيل دماءهم مثل الأنهار ونعلق أجسادهم على أعمدة الإنارة في الشوارع".
وسادات بكر، مطلوب أمنيًا وفق نشرة حمراء عممتها السلطات التركية، منذ أكثر من عام، بتهم تتعلق بـ«الجريمة المنظمة» وتجارة وتهريب المخدرات، بالإضافة إلى استهداف شخصيات أكاديمية ومدنية.
وعرف سادات بكر بقربه من الأوساط الحاكمة، سواء حزب العدالة والتنمية أو حليفه حزب الحركة القومية. وتوجد صور له تبرز تأييده لكلا الحزبين، إضافة إلى وجود صور له يرفع شعاري "الذئاب الرمادية" و"رابعة".
aXA6IDMuMTQyLjIwMS4xNTMg جزيرة ام اند امز