"المرأة الحديدية".. هل تفكك قطار المعارضة التركية قبل محطة الرئاسة؟
يبدو أن المعارضة التركية تريد تقديم الانتخابات الرئاسية المقبلة على طبق من ذهب للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.
فالمعارضة التي كانت تسعى للتوحد وراء مرشح واحد ينافس أردوغان، في الانتخابات المقرر إجراؤها في 14 مايو/أيار المقبل، تلقت ضربة موجعة من رئيسة حزب "الجيد" ميرال أكشينار، الملقبة بـ"المرأة الحديدية" والتي رفضت ترشيح زعيم المعارضة رئيس حزب "الشعب الجمهوري" كمال كليتشدار أوغلو للرئاسة، بحسب اتفاق المعارضة فيما يعرف باسم "طاولة الستة".
وتضم "طاولة الستة" أحزابا معارضة هي: الشعب الجمهوري والخير والسعادة والمستقبل والتقدّم والديمقراطي، وبدأت اجتماعاتها في فبراير/شباط 2021، بهدف توحيد المعارضة في وجه الرئيس أردوغان.
وتسعى المعارضة التركية للاتفاق على مرشح واحد، يمكنه مواجهة أردوغان، الذي أظهرت استطلاعات الرأي تراجع شعبيته بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في 6 فبراير/شباط الماضي، وخلف أكثر من 45 ألف قتيل، وكان مقررا الإعلان عن مرشح المعارضة غدا الإثنين.
انقسام مفاجئ
إلا أن موقف أكشينار جاء مفاجئا وغير خطط المعارضة، إذ أعلنت أن حزبها رفض ترشيح كليتشدار أوغلو لانتخابات الرئاسة، رغم اتفاق 5 من قادة المعارضة على ذلك.
وبررت أكشينار موقفها بأن كل المؤشرات تؤكد تقدم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش في استطلاعات الرأي، وإمكانية فوزهما بانتخابات الرئاسة.
إلا أن إمام أوغلو ويافاش أكدا، في تغريدات متزامنة عل تويتر، دعمهما لكليتشدار أوغلو في ترشحه للرئاسة، ما يعني رفضا ضمنيا من طرفهما لدعوة أكشينار لخوض انتخابات الرئاسة.
أكشينار أكدت أن حزبها، الذي يعد ثاني أكبر أحزاب المعارضة، والشريك الرئيسي في تحالف الأمة وطاولة الستة لن يرضخ لضغوط المعارضة بقبول ترشيح كليتشدار أوغلو.
كليتشدار يعلق
وفي أول تعليق له على الانقسام، قال كليتشدار أوغلو إنه لن ينجر للتوتر وسيعمل على الوحدة لا التفرقة.
واعتبر أن المعارضة التركية بدأت تنتصر بتوحيد كل ألوان وأطياف تركيا على الطاولة، مؤكدا أن الهدف لم يكن إزالة أو تغيير الحكم الحالي، بل أيضا بناء تركيا جديدة وجميلة، وأضاف: "لا يمكننا تغيير تركيا بتجاهل واحتقار بعض الناس".
وقال "نحن لا نسعى لحكم البلاد بعمليات سياسية، لأننا جميعا نتحمل مسؤولية تاريخية، وسنعمل وفقا لذلك"، مشددا على أن طاولة المعارضة يجب أن تتسع وستتم دعوة جميع مواطني تركيا إليها.
وعلق كليتشدار ضمنيا على موقف أكشينار قائلا "سيغادر الذين يغادرون، لكن آمل في أن نهدأ ونتعامل بحكمة، وأن ندرك مرة أخرى لماذا اجتمعنا على هذه الطاولة".
تفسيرات مختلفة
ويفسر المراقبون موقف أكشينار بأكثر من سيناريو، الأول يميل لنظرية المؤامرة والبحث عن الأصابع الخارجية، استنادا إلى حالات مماثلة وقعت في أزمات سياسية وحزبية وانتخابية سابقة في تركيا، بينما يرجح آخرون أن أكشينار تريد لعب دور الشريك البديل لأردوغان، إذا ما فشل حزب الحركة القومية في تجاوز العتبة الانتخابية، إذ سيحتاج حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان لحزبها تحت سقف البرلمان لتأمين الأغلبية المطلوبة لتشكيل ائتلاف حاكم.
موقف أكشينار لم يتوقف عند انقسام المعارضة، بل امتد إلى داخل حزبها، الذي ضربته موجة استقالات واسعة، نتيجة قرارها برفض ترشيح كليتشدار أوغلو.
بولنت غورصوي، مستشار سياسات الشرق الأوسط بالحزب والعضو السابق في المجلس الإداري، أعلن استقالته ودعمه ترشيح كليتشدار أوغلو للرئاسة، قائلا في بيان له إن "قرار أكشينار قضى على آمال المجتمع قبل انتخابات تعد حاسمة لمستقبل تركيا المشرق".
ورصدت مواقع التواصل الاجتماعي استقالة أكثر من 70 ألفا من أعضاء حزب أكشينار وتوالت تغريدات «أنا أستقيل» من جانب أعضاء الحزب.
فرص كليتشدار أوغلو في الرئاسة
ولكن هل سيؤثر الانقسام في صفوف المعارضة التركية على فرص كليتشدار أوغلو في سباق الرئاسة؟
بعض المحللين ذهبوا إلى أن خطوة أكشينار عززت فرص كليتشدار أوغلو، الذي بات مؤكداً أنه يمكن أن يصبح مرشحاً رئاسياً يتمتع بفرصة الفوز بالرئاسة، إذ إن ترشيح كليتشدار أوغلو لم يكن ليحظى بهذا القدر من الدعم الشعبي إذا تم الإعلان عن دعم قادة طاولة الستة له مباشرة.
بينما يرى مراقبون آخرون أن موقف أكشينار سيخلق صدعا في المعارضة التركية لا يمكن رأبه قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، لتحقق بذلك ما يريده أردوغان، الذي يبدو أنه في طريقه للفوز بولاية رئاسية جديدة.
وسيكون على الجميع الانتظار إلى مايو/أيار المقبل، لمعرفة في أي اتجاه سيحدده الناخبون الأتراك لبلادهم.