ستوكهولم على أبواب الناتو.. إشارة صفراء سويدية تسبق ضوء تركيا الأخضر
تقاطع طريق السويد وفنلندا في طلب الانضمام إلى "الناتو"، لكنّ حلمي البلدين في تعزيز أمنهما بالتدثر بحلف شمال الأطلسي من "صقيع الدب الروسي"، لم يشقا طريقهما إلى التنفيذ بنفس الوتيرة.
ففيما أحرزت فنلندا هدفًا باقتناص موافقة تركيا على طلب انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، تعثرت خطوات السويد على صخرة أنقرة والمجر اللتين لم تمنحاها الضوء الأخضر بعد.
وفي خطوة وصفت بـ"الرمزية" إلى حد كبير، حاول البرلمان السويدي، حث تركيا والمجر على منح بلاده الموافقة على الانضمام إلى الناتو، بالتصويت، الأربعاء بالموافقة مسبقاً على انضمام الدولة الاسكندنافية إلى حلف شمال الأطلسي.
وصوت أعضاء البرلمان السويدي "ريكسداغ" بأغلبية 269 صوتًا لصالح انضمام السويد إلى التحالف العسكري، مقابل 37.
خطوة رمزية
واعتبر وزير الخارجية توبياس بيلستروم خلال المداولة التي سبقت التصويت "أن العضوية في الناتو هي أفضل طريقة لحماية أمن السويد والمساهمة في أمن المنطقة الأوروبية الأطلسية برمتها".
لكن هذه الموافقة المتوقعة بسبب دعم معظم الأحزاب، لا تزال بدون فائدة بالنسبة للسويد في الوقت الحالي، فلم تحدد بودابست بعد موعداً للإعلان عن موافقتها على انضمام السويد، بينما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرة أخرى رفض بلاده لتصبح ستوكهولم العضو الثاني والثلاثين في الحلف.
وتأخذ تركيا على السويد خصوصا إيواء ناشطين أكراد تعتبرهم "إرهابيين" ولا سيما من مؤيدي حزب العمال الكردستاني المحظور.
وضع صعب
وكان الرئيس الفنلندي قال يوم الأحد الماضي، إن السويد لن تكون في وضع أمني هش حتى إذا انضمت فنلندا إلى الناتو أولاً، حيث يتفاوض المرشحان لعضوية بلدان الشمال الأوروبي على اتفاقيات عسكرية ثنائية مع الولايات المتحدة.
وقال الرئيس الفنلندي سولي نينيستو في مقابلة نشرتها الإذاعة العامة السويدية SVT يوم الأحد: "من الممكن أن تنضم فنلندا إلى الناتو قبل السويد. هل كان يجب أن نرفض عرض تركيا بالمصادقة؟ هذا يبدو قليلا مجنون كان من الممكن أن يكون وضعًا صعبًا للغاية لو قلنا لا لأنقرة ".
وأشار نينيستو إلى زيارته يوم الجمعة الماضية إلى أنقرة، وإلى تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي قال فيها، إن حكومته ستمضي قدمًا في التصديق على طلب فنلندا الخاص بحلف شمال الأطلسي، مما يمهد الطريق أمام البلاد للانضمام إلى الكتلة العسكرية.
خطوة مشروطة
وتقدمت فنلندا والسويد بطلب للانضمام إلى عضوية الناتو قبل 10 أشهر في أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ليتخلى البلدان عن عقود من عدم الانحياز.
ويتطلب الناتو الموافقة بالإجماع من أعضائه الثلاثين الحاليين لضم أي عضو، فيما تركيا والمجر هما الدولتان الوحيدتان اللتان لم تصادقا بعد على عروض الثنائي الاسكندنافي.
وإذا استمرت محادثات عضوية السويد في الناتو مع تركيا لفترة طويلة، يتفق العديد من خبراء السياسة الأمنية السويديين على أنها ستضع ستوكهولم في موقف عسكري ضعيف في منطقة بحر البلطيق.
وقال نينيستو إن فنلندا والسويد والدنمارك تجري حاليًا محادثات منفصلة مع الولايات المتحدة بشأن المسائل الأمنية في محاولة للتوصل إلى اتفاق عسكري ثنائي مماثل لما أبرمته النرويج مع واشنطن من قبل.
وعندما سئل عما سيحدث لأمن السويد إذا استمرت المحادثات للانضمام إلى الناتو، قال: "أعتقد أن هذا تغيير كبير، يكاد يكون أكبر من عضوية الناتو. هذا يعني الكثير إذا كان لدينا (بلدان الشمال الأوروبي) اتفاقية (عسكرية) مباشرة ومماثلة تمامًا مع الولايات المتحدة".
ومنذ الإعلان عن عزمهما الانضمام إلى الناتو في مايو/أيار 2022، تعهدت فنلندا والسويد بالانضمام إلى التحالف العسكري الغربي بشكل مشترك في نفس الوقت.
وقال الرئيس الفنلندي إن جيران الشمال مصممون على دخول الناتو "جنبًا إلى جنب طالما أن ذلك في أيدينا، لكن التصديق على عضوية فنلندا في الناتو في أيدي تركيا والمجر".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعطى يوم الجمعة الضوء الأخضر لانضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تاركا للبرلمان التركي مهمة التصديق على الطلب الفنلندي، في خطوة رحّب بها الحلف.
وقال في ختام اجتماع في أنقرة مع الرئيس الفنلندي سولي نينيستو: "قررنا بدء بروتوكول انضمام فنلندا إلى الناتو في برلماننا". وسبق أن وافقت 28 من أصل 30 دولة عضوًا في الحلف على ترشيح فنلندا.
ترحيب غربي
من جهته، رحّب الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ الجمعة بقرار تركيا وقال إنه يجب أيضا السماح للسويد بالانضمام إلى الحلف "في أقرب وقت ممكن".
وقال ستولتنبرغ: "الأمر الأكثر أهمية هو أن تصبح كل من فنلندا والسويد عضوين في الناتو سريعا، وليس أن تنضمّا في الوقت نفسه بالضبط".
بدروه، قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جايك ساليفان الجمعة إن الولايات المتحدة "ترحّب" بالمصادقة التي تستعد تركيا لمنحها لانضمام فنلندا إلى الأطلسي و"تشجعها" على المصادقة "سريعا" على عضوية السويد.
وأضاف ساليفان في بيان أن واشنطن تدعو من جهة أخرى "المجر إلى استكمال إجراءات المصادقة على انضمام السويد وفنلندا بلا تأخير"، قائلا "تعتبر الولايات المتحدة أن هذين البلدين يجب أن يصبحا عضوين في الناتو في أسرع وقت ممكن".
من جانبها، أعربت السويد الجمعة عن أسفها لعدم حصولها على الضوء الأخضر من تركيا للمصادقة على انضمامها إلى الناتو.
وقال وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم في مؤتمر صحافي: "هذا تطور لم نكن نريده لكننا كنا مستعدين له. الشيء المهم الآن بالنسبة إلى السويد هو ضمان مصادقة" كل من تركيا والمجر.
رفض تركي
في السياق، أعلن الناطق باسم الحكومة المجرية زولتان كوفاكس أن بلاده ستصوّت على قرارها حول انضمام فنلندا إلى الناتو في 27 مارس/آذار الجاري.
ويفترض أن تصادق المجر هي أيضا على طلبي عضوية فنلندا والسويد اللذين قدّمتهما الدولتان بشكل مشترك العام الماضي بعد العملية العسكرية الروسية في لأوكرانيا ويتطلبان موافقة بالإجماع.
وتتشارك فنلندا التي أرغمتها موسكو على الحياد بعد حربها مع الاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، أطول حدود أوروبية مع روسيا بطول 1340 كيلومترا، بعد أوكرانيا.
وقال إردوغان الجمعة "لم تتخذ السويد أي إجراء إيجابي فيما يتعلق بلائحة الإرهابيين"، مشيرا إلى أكثر من 120 طلب تسليم قدمتها أنقرة.
وأدى حرق المصحف على يد متطرف في العاصمة السويدية في يناير/كانون الثاني الماضي إلى تعليق المحادثات بين أنقرة وهلسنكي وستوكهولم.
والثلاثاء، أقر رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون بأن احتمال انضمام فنلندا المجاورة إلى الناتو قبل السويد "ازدادت" أخيرا.
ورغم ذلك، ما زال كريسترسون يأمل في استكمال انضمام بلاده إلى الحلف قبل قمة الناتو المقبلة المقررة في تموز/يوليو في فيلنيوس في ليتوانيا.