بدا أردوغان قلقاً ومضطرباً أكثر من أي وقت مضى إبان لقائه الرئيس بوتين بإطلاق تصريحات توحي بانهيار مرتزقته
بدا أردوغان قلقاً ومضطرباً أكثر من أي وقت مضى إبان لقائه الرئيس بوتين بإطلاق تصريحات توحي بانهيار مرتزقته، وأنه سيفتح الحدود أمام المهاجرين إلى أوروبا إذا لم تقدم له الدول الأوروبية مساعدات لإقامة المنطقة الآمنة بذريعة أنها تتيح عودة مئات السوريين لمنازلهم، وما الهجمات الأخيرة التي شنتها روسيا على المجموعات المسلحة إلا بمثابة رسالة مباشرة إلى أنقرة بضرورة تسريع العمل على إنهاء ملف إدلب، وبدء المرحلة المقبلة من التوافقات المتعلقة بدرجة أساسية بإنهاء وجود هيئة تحرير الشام.
طموح أردوغان في إنشاء منطقة آمنة على مزاجه وبشروطه، قد لا يلقى مباركة نظيره الروسي، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأن على دمشق أن تسيطر على شمال البلاد في الوقت الذي تتحرك فيه تركيا للهيمنة على المنطقة، وهو ما لن يسمح به بوتين الذي سيحاول تذكير أردوغان باتفاق إدلب وتبعاته.
التنسيق التركي مع الإدارة الأمريكية في ملف شرق سوريا حول المنطقة الآمنة يتواصل رغم أن أنقرة لا تريد إحياء اتفاق أضنة؛ لأن التطبيق يعني التنسيق مع الحكومة السورية وإعادة العلاقات معها، وقد انتقدت دمشق المسؤولين الأتراك في تبرير تدخلهم العسكري في سوريا على أساس تطبيق اتفاق أضنة الموقع بين البلدين 20 تشرين الأول عام 1998، متهمة أنقرة بخرقه منذ بدء النزاع السوري عام 2011 والذي يسبب مزيداً من المتاعب للرئيس التركي رجب أردوغان بالنظر إلى حقيقة اضطلاع حكومته بمهمة تسليح وتقديم الدعم اللوجيستي للجماعات المتطرفة في سوريا ما يشكل انتهاكات فادحة وفاضحة للاتفاقية.
وهذا ما يفسر عودة أنقرة إلى الحليف الأمريكي عبر المحادثات التي أجراها الأتراك والأمريكيون بشأن المنطقة الآمنة في الشمال السوري في ظل التوترات المتصاعدة بين الجانبين القائمة على أطماع كل من واشنطن وأنقرة، وما يجريه أردوغان في الشمال السوري وحتى تصريحات ترامب الأخيرة التي تأتي معاً من باب التصعيد السياسي والعسكري والدبلوماسي التي تعد جزءاً من المحاولات الأمريكية والتركية لوقف عجلة تقدم قوات الجيش العربي السوري، وليس بعيداً أن تحظى المنطقة الآمنة بتغييرات دراماتيكية متسارعة يكون المنتصر فيها الدولة السورية، انطلاقاً من أن سوريا وضعت هدفها الأساسي ألا وهو تحرير كل حبة تراب من الأرض السورية سواء كان بالتفاوض أو بالميدان.
استمرارية التهديدات التركية بشن عدوان عسكري ضد وحدات "قسد" واللعب على المصطلحات والألفاظ بما يخدم بشكل ملحوظ الأجندة التركية العدوانية الاستعمارية وبأوهام ما يسمى المنطقة الآمنة والمرتجى من ذلك البقاء والانتشار بشكل واسع في الشمال السوري، ولتبدو حكراً لكل ما من شأنه أن يسعى وراء تنفيذ الأوهام العثمانية الجديدة.
وبحسب التصريحات التي أفصح عنها أردوغان من أن قواته جاهزة لتنفيذ تلك المهمة والبدء فيها نهاية الشهر الجاري ولو منفرداً حتى وإن لم تشاركه أمريكا، وسياسة النظام التركي تنطلق باتجاه الاستحواذ على مناطق الشمال والشرق السوري وضمها لتركيا، غير أن قرار دمشق واضح وحاسم وهو محاربة الإرهاب بكل أشكاله واجتثاثه من الأراضي السورية.
طموح أردوغان في إنشاء منطقة آمنة على مزاجه وبشروطه، قد لا يلقى مباركة نظيره الروسي، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأن على دمشق أن تسيطر على شمال البلاد في الوقت الذي تتحرك فيه تركيا للهيمنة على المنطقة، وهو ما لن يسمح به بوتين الذي سيحاول تذكير أردوغان باتفاق إدلب وتبعاته.
لقد سارعت كل من روسيا وسوريا إلى رفض هذا الاقتراح لانتهاكه سيادة سوريا، وفي حين وصفت دمشق تصريحات أردوغان بأنها غير مسؤولة، وذكرت روسيا بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق إلى سيطرة الحكومة السورية، فيما أبدى الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة، رفضهم إقامة المنطقة الآمنة شمال سوريا خاضعة لسيطرة تركيا، مشيرين إلى إمكانية استقدام قوات أممية لحفظ الأمن والسلام في المنطقة، وفي ظل التجاهل للدولة السورية وحلفائها في المنطقة فإن فرص نجاح هذا الاتفاق وتطبيقه على الأرض تبدو محدودة جداً إن لم تكن معدومة ومجرد طرحها ومحاولة إقامتها بمعزل عن السيادة السورية ينطوي على مخاطر شديدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة