التركيات ينتفضن في عيدهن ضد العنف وسياسات أردوغان
المحتجات يؤكدن أنهن أكثر المتضررين في البلاد جرّاء الأزمة الاقتصادية الراهنة، والأوضاع السياسية السيئة
أغلقت السلطات التركية، الأحد، خطوط المترو المؤدية إلى شارع "الاستقلال"، وميدان "تقسيم" الشهير بالمدينة، لمنع تنظيم مسيرة نسوية ليلية دأبت العديد من المنظمات النسائية تنظيمها منذ 18 عامًا بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة 8 مارس/آذار من كل عام.
وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة، فقد صدر قرار تعطيل رحلات المترو لميدان تقسيم عن ولاية إسطنبول.
واحتشد آلاف النساء، الأحد، في منطقة بشيكطاش، بمدينة إسطنبول التركية، للتأكيد على حقهن في العيش بحرية ومساواة، ورفضهن لما يمارس ضدهن من عنف.
وبحسب صحيفة "غزته دوفا" جاءت الوقفة تحت عنوان "نحن النسوة متمردات حتى نحصل على المساواة وحياة حرة"، وتم تنظيم الوقفة تلبية لدعوة وجهتها "منصة 8 مارس النسوية"، حيث حرصت السيدات المشاركات على ارتداء ملابس ذات ألوان عدة، كما حملن في أيديهن لافتات تؤكد مطالبهن في حياة كريمة بلا عنف.
ورددت السيدات هتافات مناهضة للعنف، والحرب، وعدم المساواة، وللهجوم على حقوقهن المكتسبة، وشددن على أنهن "سيواصلن تمردهن حتى الحصول على المساواة والحياة الحرة".
ومن ضمن العبارات التي كتبت بالتركية والكردية على اللافتات التي حملتها النساء: "نحن نصر على السلام"، "نريد مساواة في الأجور مع الرجال"، "فلترتفع الأجور لا الفواتير"، و"قوتنا في اتحادنا".
ومن بين الهتافات التي رددتها المشاركات بالوقفة "يحيا التضامن النسوي"، و"متمردات من أجل من قتلن من النساء"، و"المرأة من حقها حياة كريمة".
وتلت إحدى المسؤولات عن تنظيم الفعالية بيانًا قالت فيه: "رغم كل الضغوط والمعوقات ندعو في 8 مارس/آذار الذي يعني عيدنا العالمي، للنضال بقوة من أجل المساواة والحرية، ومن أجل حياة أفضل في الميادين، والبيوت، والمدارس، والشوارع، وأماكن العمل".
وأضافت في بيانها: "أي سيدة قتلت في تركيا بسبب العنف، نحن هنا لنعلن غضبنا من أجلها، ولنعلن تضامننا مع من يتعرضن حاليًا للعنف لكن لا زلن على قيد الحياة"، مضيفًا "لذلك نحن ضد الجرائم التي ترتكب في حق المرأة، وضد العنف الذي يمارسه الرجل".
وطالبت بتعديل قوانين الأسرة التي تحرم المرأة من حقوقها، وتجعل الرجل هو المنتصر في كافة القضايا المتعلقة بالشؤون الأسرية: "نحن ضد سياسات الأسرة غير العادلة، وضد العفو عن الاستغلال الجنسي للأطفال".
المحتجات أكدن كذلك أنهن أكثر المتضررين في البلاد جرّاء الأزمة الاقتصادية الراهنة، مضيفات في البيان: "لا تجد المرأة فرصة للعمل في مثل هذه الظروف، وإن عملت تأخذ أقل راتب، وإن كانت هناك نية لفصل أحد تكون النساء أول من تتم التضحية بهن".
وتابع البيان: "نحن ضد الأعباء التي تحملها لنا الأزمة الاقتصادية، وضد النظام السياسي الذي يصر على تبني سياسات الحرب بدلًا من العمل على الحد من الجرائم التي ترتكب ضد النساء، هذه مطالبنا ولن نتقاعس عن المطالبة بها في كل مناسبة".
وأردف: "نساء متمردات حتى نحصل على المساواة، وحياة حرة، هذا ردنا على من يؤججون العنف ضد المرأة، ومن يبرئون ساحة قتلة النساء، ومن يعلنون الحرب على حساب النساء والأطفال، ومن يتسببون في أزمات اقتصادية تحكم علينا بالبطالة والفقر".
وشهدت معظم المدن التركية، اليوم، وقفات مماثلة طالبت بحقوق المرأة، ووقف العنف والجرائم التي تطالب بحقها.
وكشف تقرير للمعارضة التركية، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أن 15 ألفا و557 سيدة قتلت في البلاد خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي امتدت من 2002 حتى 2020.
وأوضح التقرير الذي حمل عنوان "انتهاكات حقوق المرأة بتركيا بين عامي 2002-2020"، أن 474 سيدة قتلن في عام 2019، و27 في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، و22 في فبراير/شباط الماضي.
تجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حذّر المجلس الأوروبي السلطات التركية من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، مطالباً باتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات الأكثر فاعلية، بهدف مكافحة الظاهرة.
وقال تقرير صادر عن المجلس آنذاك: "نشعر بقلق بالغ حيال استمرار الآراء النمطية التقييدية داخل المجتمع التركي، لا سيما على المستوى السياسي الرفيع والشعبي، إذ تستهدف المرأة وتشجع على تعنيفها".
ولفت التقرير إلى "وجود قلق بالغ من عدم اتخاذ العقوبات اللازمة ضد أحداث العنف تجاه المرأة، وغياب بيانات أو أدلة على التحقيق بشكل فعال في وقائع العنف".
وذكر أن 25% من الإناث بتركيا يجبرن على الزواج في سن أقل من 18 عاماً، مضيفاً أن هذه النسبة تصل إلى 32% في القرى.
وكشف أن 27% من التركيات يتعرّضن للمراقبة والتتبع والتحرش الجنسي، مرة واحدة على الأقل طوال حياتهن.
وألقى مسؤولية تلك الجرائم "على المسؤولين الحكوميين الذين يقفون مكتوفي الأيدي دون فعالية في حماية المرأة التي تتعرض للعنف، ويتسامحون في تلك الموضوعات".
وختاماً، أوصى التقرير بـ"إعداد برامج تدريبية لتوعية الموظفين في المناصب القضائية وقوات الأمن بكيفية التعامل مع قضايا العنف التي تستهدف المرأة".
وكانت السلطات الأمنية أغلقت الطرق المؤدية لمكان التجمع بالحواجز، كما قررت ولاية إسطنبول لاحقًا وقف رحلات المترو للمنطقة بداية من الساعة 11.00 صباح الأحد، في مسعى منها لدفع النساء عن المشاركة في الفعالية السنوية.
بدورها أصدرت بلدية إسطنبول بيانًا تعقيبًا على ذلك، قالت فيه إن قرار وقف رحلات المترو صادر عن الولاية، وليست لها أي يد فيه.
وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو قد أكد في تصريحات سابقة أنه لن يسمح بتنظيم هذه المسيرة في شارع الاستقلال.
ويشار إلى أن الشرطة التركية تمنع تنظيم الاحتجاجات بوسط إسطنبول وأماكن أخرى.
وكانت أنقرة قد شددت القيود بعد فرض حالة الطوارئ في أعقاب الانقلاب الفاشل عام 2016.
وشهدت السنوات الماضية، تفريق الشرطة التركية لمثل هذه المظاهرات، وآخره مسيرة عام 2019، حيث أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد من عدة آلاف من النساء تجمعن وسط إسطنبول 8 مارس/آذار العام الماضي.
وحينها سد مئات من أفراد شرطة مكافحة الشغب الطريق أمام المحتجات لمنعهن من التقدم وتنظيم المسيرة.
وأطلقت حينها الشرطة رذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد واندلعت اشتباكات لدى مطاردة قوات الأمن للنساء في الشوارع الجانبية المتفرعة من الميدان.
يشار إلى أن مسألة حقوق الإنسان في تركيا تتدهور منذ محاولة الانقلاب الفاشل يوليو/تموز 2016 الماضي، الأمر الذي تسبب في اعتقال الآلاف والفصل التعسفي وفرض حالة الطوارئ وأعمال عنف من قبل النظام التركي، بحجة الموالاة للداعية فتح الله جولن.
ومن بين ضحايا النظام الطلاب والصحفيون وأساتذة الجامعات والسياسيون والحركات النسوية التي تنادي بحقوق المرأة وحمايتها من القمع.
وتأتي مثل هذه المسيرات التي تتصدى لتنظيمها المنظمات النسائية في تركيا؛ للتأكيد على الأوضاع السيئة التي يتعرضن لها، ولتسليط الضوء على الارتفاع الكبير في معدلات العنف الذي يرتكب بحقهن.
وأنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حذّر المجلس الأوروبي السلطات التركية من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، مطالباً باتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات الأكثر فاعلية، بهدف مكافحة الظاهرة.
وقال تقرير صادر عن المجلس آنذاك "نشعر بقلق بالغ حيال استمرار الآراء النمطية التقييدية داخل المجتمع التركي، لا سيما على المستوى السياسي الرفيع والشعبي، إذ تستهدف المرأة وتشجع على تعنيفها".