تركيا والإرهابيون.. باحثة أمريكية تدعو أنقرة لمعالجة سياستها
نشاز بين الواقع والظاهر يحكم العلاقة بين تركيا والتنظيمات الإرهابية ما يستدعي إعادة النظر في روابط تجهض جهود مكافحة الإرهاب.
الرئيس الأمريكي جو بايدن التقى نظيره التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" بالعاصمة الألمانية برلين.
موقع "أحوال تركية" اعتبر أن الاجتماع كان محدوداً من حيث النتائج الملموسة، لكنه حمل الكثير من الرمزية، حيث قال أردوغان إنه "لا وجود لمشكلة لا يمكن حلها في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة".
ونقل الموقع عن الباحثة بمجلس السياسة الخارجية الأمريكية، إيميلي برزبوروفسكي، قولها إن هذه المشاكل كثيرة وتمتد من استحواذ تركيا على المنظومة الدفاعية الروسية إلى تسليح الولايات المتحدة لمجموعات كردية مثيرة للجدل.
وأضافت الكاتبة بمجلة "1945"، أن هناك مجالا آخر للاختلاف يعتبر عنصرًا مهما في حال كانت واشنطن وأنقرة ستعيدان بناء العلاقات بينهما، ويتمثل في علاقة تركيا التي تثير التساؤلات مع مجموعة متنوعة من العناصر والفصائل المتشددة.
ولفتت برزبوروفسكي إلى أن صلات أنقرة بتنظيم داعش تعد مثالاً على ذلك؛ فظاهريًا، يبدو أن حكومة أردوغان متفقة مع الغرب حول التهديد الذي تشكله أكثر جماعة إرهابية سيئة السمعة في العالم.
وفي الواقع، تتحدث السلطات التركية بانتظام عن مخاوف من أعضاء بارزين في التنظيم، مثل مصطفى عبد الوهاب محمود، خبير متفجرات في داعش الذي تم اعتقاله في 25 مايو/آيار في إطار حملة مستمرة لأجهزة المخابرات والأمن التركية.
لكن بحسب الكاتبة، فمن الواضح أنه خارج حدود تركيا، لم تقمع دائمًا داعش بالقوة التي تريد أن تجعل الغرب يصدقها، مشيرة إلى أنه قبل أيام قليلة على اعتقال محمود، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنه اكتشف 4 أعضاء بارزين في داعش يعملون كجزء من "الجيش السوري الحر" المدعوم من تركيا.
ورأت الكاتبة أن هذه الاكتشافات تمثل إشكالية، نظرًا إلى مكانة تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو). لكن في الحقيقة، هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن علاقة وثيقة بين داعش وأنقرة.
وقالت برزبوروفسكي: " نهاية عام 2020، كشف مركز معلومات روجافا الكردية عن هويات 40 من أعضاء داعش السابقين الذين تم إيواؤهم والتظاهر بأنهم جزء من الجيش السوري الحر في سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض."
وأشارت إلى أن الأمر الأكثر إدانة هو تلقي هؤلاء المسلحين أموالاً من تركيا، واستخدامهم بطاقات هوية تصدرها أنقرة، فضلًا عن تلقيهم أوامر مباشرة من جهاز الاستخبارات التركي.
وبالنسبة للكاتبة، فإن هذه العلاقة الوثيقة تعكس مشكلة أكبر؛ إذ أنه على مدار سنوات، وحتى مع تعهدها بدعم الجهود الغربية ضد داعش، كانت تركيا تجند أعضاء التنظيم في سوريا؛ لتعزيز عملياتها ضد خصمها الرئيسي "حزب العمال الكردستاني" وفرعه، و"وحدات حماية الشعب" (كردية).
وأشارت إلى أن تركيا متواطئة في إطلاق سراح العديد من أعضاء داعش وعائلاتهم من المخيمات التي يديرها الأكراد، لكنها قالت: "لكي نكون منصفين، تغيرت علاقة تركيا مع داعش بمرور الوقت."
وطبقًا لبرزبوروفسكي، كانت تلك الروابط أكثر بروزًا قبل عام 2015، عندما عُرف أن أنقرة سمحت لأكثر من 40 ألف مقاتل أجنبي، بالإضافة إلى إمداداتهم، بعبور الحدود التركية إلى سوريا، وتفاوضت مع التنظيم بشأن إمدادات المياه وتوليد الكهرباء، وسمحت لأعضاء داعش بطلب الرعاية الطبية في تركيا دون مواجهة الاعتقال.
واختتمت حديثها بالقول إنه بعدما بدا أن بايدن وأردوغان التزما بإصلاح العلاقات الثنائية المتوترة، من المرجح أن تعرض تركيا جهودها المحلية لمكافحة الإرهاب باعتبارها منفعة رئيسية للغرب، وأن هذا التوجه سيكون جيداً.
لكنها أكدت على أن "العلاقات غير المشروعة لحكومة أردوغان بداعش والإرهابيين الآخرين كجزء من سياستها الإقليمية تحتاج إلى معالجة كجزء من أي إعادة ضبط في العلاقات بين واشنطن وأنقرة".