تركي آل الشيخ.. سفير سعودي في سماء الاستثمار الرياضي العالمي
تركي آل الشيخ رئيس نادي ألميريا الإسباني يعد إحدى الشخصيات التي حفرت اسم السعودية في مجال الاستثمار الرياضي العالمي بتجارب مميزة
عاما بعد عام، تحتفل المملكة العربية السعودية في الثالث والعشرين من سبتمبر/أيلول باليوم الوطني، يوم يجسد ذكرى توحيد المملكة على يد مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله.
ومن بين السعوديين الذين ضربوا أبرز الأمثلة الناجحة عالميا في مجال الاستثمار الرياضي خلال السنوات الأخيرة، تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، ورئيس نادي ألميريا الإسباني، وذلك رغم الفترة القصيرة التي تواجد خلالها في هذا المجال.
وتزامنا مع الاحتفالات باليوم الوطني الـ90، باتت السعودية اسما عربيا ناجحا في مجال الاستثمار الرياضي، عن طريق آل الشيخ الذي دخل هذا المجال في يونيو/حزيران 2018، عندما استحوذ على نادي "الأسيوطي" المصري المغمور، وتغيير اسمه إلى بيراميدز.
وفي أغسطس/آب 2019، قرر تركي آل الشيخ الانتقال من الساحة العربية إلى الساحة الأوروبية، عبر الاستحواذ على نادي ألميريا الإسباني المنافس في دوري الدرجة الثانية.
وفي كلتا التجربتين رسم آل الشيخ أنموذجا يحتذى في قواعد الاستثمار الرياضي الناجح عربيا وعالميا، وكيف يمكن تحقيق المكاسب منه عبر السير بخطوات مدروسة والإيمان بتحقيق هدف معين وتوفير كل الأجواء المناسبة لتحقيقه.
بيراميدز.. عملاق مصري جديد
عندما قرر تركي آل الشيخ الاستثمار في نادي الأسيوطي لم يكن الأخير يحظى بأي شهرة ولو حتى على الصعيد المحلي، حيث كان مجرد ناد مغمور وصل إلى الدوري المصري الممتاز للمرة الأولى موسم 2014-2015، وهبط في أول ظهور له، قبل أن يعود مجددا في 2017-2018 ويحتل المركز التاسع بجدول الترتيب.
وسرق الفريق المغمور جانبا كبيرا من الأضواء في أبريل/ نيسان 2018، عندما أقصى الأهلي من ربع نهائي كأس مصر بالفوز عليه بهدف دون رد، ليبدأ في لفت الأنظار إليه.
ورأي تركي آل الشيخ في النادي الصاعد ملامح مشروع رياضي قد يحالفه التوفيق والنجاح حال توافر البيئة المناسبة له، وقرر خوض المغامرة في يونيو 2018 عبر الاستحواذ عليه، واضعا نصب عينيه هدفا واحدا هو جعله أحد الفرق العملاقة في الدوري المصري.
ووفر الرئيس السابق للهيئة العامة للرياضة السعودية كل عوامل النجاح لبيراميدز، عبر التعاقد مع نجوم على أعلى مستوى، سواء من لاعبي الدوري المصري أو المحترفين من الخارج، وتوفير البنية التحتية المناسبة لهم من أجل التدريب وخوض المباريات.
وأحدثت التجربة زلزالا كبيرا في الكرة المصرية، التي اعتادت لسنوات طويلة على عدم وجود منافسين أقوياء للأهلي والزمالك، سواء على صعيد المنافسة في الملعب أو خارجه على الصفقات وضم اللاعبين، حيث اقتحم النادي الواعد كل الجبهات ونافس على كل الأصعدة.
وخلال فترة قصيرة لم تتجاوز السنة، ورغم الصعوبات الكبيرة التي واجهها المستثمر السعودي في الدوري المصري، والمتعلقة بطبيعة المسابقة ذاتها، فإنه تمكن من تحقيق هدفه، حيث أصبح بيراميدز أحد الفرق العملاقة في الكرة المصرية، مقارعا العملاقين الأهلي والزمالك، ومتفوقا عليهما في أغلب الأحيان.
ففي موسم 2018-2019، تمكن بيراميدز من الفوز على الأهلي حامل اللقب في الدورين الأول والثاني، وتعادل مع الزمالك 3-3 وفاز عليه 1-0، وأنهى الموسم في المركز الثالث بـ70 نقطة، خلف الفريق الأبيض بنقطتين ونظيره الأحمر بـ10 نقاط، ليشارك في الموسم التالي ببطولة الكونفدرالية الأفريقية، كأسرع ناد يحقق هذا الإنجاز.
لكن أجواء الكرة المصرية الملبدة بالمشكلات على كل الأصعدة، سواء في تنظيم المسابقة أو عناصرها وعلى رأسها عنصر التحكيم، لم ترق لتركي آل الشيخ، ولم يستطع التأقلم معها، رغم النجاح الكبير الذي حققه في عامه الأول فيها، ليعلن في يونيو/حزيران 2019 انتقال ملكية النادي لصالح رجل الأعمال الإماراتي سالم الشامسي.
لكن رغم ذلك فإن تجربة آل الشيخ مع بيراميدز ستظل هي التجربة الاستثمارية الأنجح على صعيد الكرة المصرية، على مر تاريخها، وليس أدل على ذلك من النتائج التي حققها الفريق حتى بعد رحيل المستثمر السعودي، الذي وضعه على طريق الكبار، وجعله أحد القوى الكبرى ليس في مصر فقط ولكن في القارة الأفريقية.
يذكر أن بيراميدز وصل هذا الموسم إلى نصف نهائي بطولة الكونفدرالية الأفريقية في مشاركته الأولى بالبطولة، ويعد أحد أبرز المرشحين للتتويج باللقب عطفا على الأداء القوي الذي قدمه طوال مشواره بالبطولة.
ألميريا على طريق الليجا
بعد أقل من شهرين من انتهاء تجربته مع بيراميدز، قرر تركي آل الشيخ إعادة التجربة الناجحة لكن في أجواء أكثر استقرار وتنظيما، فشد رحاله إلى إسبانيا مقررا الاستحواذ على نادي ألميريا المنافس في دوري الدرجة الثانية.
وكما بدأ رئيس هيئة الترفيه السعودية من الصفر في بيراميدز، أعاد الكرة من جديد في ألميريا، حيث قام بالاستغناء عن أغلب لاعبيه والتعاقد مع البرتغالي بيدرو إيمانويل مدرب التعاون السعودي الأسبق بعد إنجازاته مع الأخير، أملا في تكوين فريق جديد قادر على التأهل إلى دوري الدرجة الأولى الإسباني.
ودعم آل الشيخ ألميريا بالعديد من الصفقات القوية بناء على طلب بيدرو، وقام بتطوير ملعب الفريق، ليبدأ الأخير الموسم بشكل جيد، ويصل إلى الصدارة، قبل أن تبدأ نتائجه في التذبذب، وتغيب عنه الانتصارات لتتم إقالة المدرب بعد الجولة الـ14، وتعيين الإسباني جوتي بدلا منه ليستكمل المهمة.
وسار جوتي على نفس منوال بيدرو حيث بدأ بشكل جيد ووصل إلى الصدارة في بعض فتراته، قبل أن تتذبذب النتائج ويبتعد مجددا عن المركزين الأول والثاني المؤهلين مباشرة إلى الدوري الإسباني، لتتم إقالته أواخر يونيو/حزيران الماضي قبل 7 مراحل من النهاية، وتصعيد البرتغالي ماريو سيلفا مدرب فريق الشباب لقيادة الفريق بدلا منه فيما تبقى من مباريات قبل ملحق الصعود.
وأنهى الفريق الموسم في المركز الرابع، ليتأهل لملحق الصعود للدوري الإسباني المكون من 4 فرق تواجه بعدها ذهابا وإيابا بنظام خروج المغلوب، ليبقى على بعد خطوتين من بلوغ الليجا.
لكن لسوء الحظ خسر ألميريا بقيادة مدربه الجديد البرتغالي جوزيه جوميز ذهابا وإيابا في نصف النهائي أمام جيرونا، لتضيع عليه فرصة اللعب مع الكبار، ويبدأ محاولة جديدة مع بداية الموسم الجديد.
ورغم ذلك فإن إعادة الفريق للمنافسة على التأهل بقوة لليجا بعد سنوات من الركود والصراع على الهبوط للدرجات الأدنى تظل إنجازا يحسب لتركي آل الشيخ، الذي لم يبخل على الفريق بأي شيء، ورغم ذلك فإنه حقق الكثير من المكاسب منه.
وخير مثال على ذلك ما أوضحه هو بنفسه مؤخرا، عندما أكد أنه اشترى النادي مقابل 20 مليون يورو، وقام باستثمار 10 ملايين أخرى فيه، لكنه حقق أرباحا منه أيضا أبرزها ما جاء عبر صفقة بيع داروين نونيز هداف الفريق إلى بنفيكا البرتغالي في صفقة وصلت قيمتها بالإضافات إلى 44 مليون يورو، أي أكثر من ضعف ما أنفقه لشراء النادي.
لتبقى تجربتا بيراميدز في مصر وألميريا في إسبانيا دليلين واضحين على تمتع آل الشيخ بعقلية استثمارية متميزة، تجعله عن حق خير سفير للسعودية في سماء الاستثمار الرياضي العالمي.
aXA6IDMuMTYuMTM1LjIyNiA= جزيرة ام اند امز