المركزي التركي يعاند المستثمرين.. تثبيت الفائدة وانهيار الليرة
هوت الليرة التركية أمام الدولار بعدما أصر البنك المركزي التركي على معاندة المستثمرين وثبت سعر الفائدة للشهر الثالث على التوالي
هوت الليرة التركية بنسبة 1% أمام الدولار، الخميس، بعدما أصر البنك المركزي التركي على معاندة المستثمرين وثبت سعر الفائدة للشهر الثالث على التوالي، مخالفا بذلك توقعات المراقبين والمحللين والخبراء.
وهوى سعر صرف العملة التركية إلى 7.35 ليرة لكل دولار، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية، وهو مستوى متدن للغاية.
- مغامرة أردوغان الكارثية.. سر انهيار الليرة التاريخي
- لعنة انهيار الليرة تطال أهم سلعة استراتيجية في تركيا
وقال البنك المركزي التركي في بيان اليوم، إنه أبقى سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 8.25%، متجاهلا تدهور الليرة خلال الأسبوع الماضي.
وكان المحللون يحثون البنك على رفع أسعار الفائدة بعد أن تعرضت الليرة لسقوط حر هذا الشهر لتصل إلى أدنى مستوى تاريخي عند 7.4 ليرة لكل دولار.
لكن الترجيحات تشير إلى أن مراد أويصال محافظ البنك المركزي التركي يخشى إدخال أي تغيير من شأنه أن يثير انزعاج الرئيس رجب أردوغان، الذي أطاح بالمحافظ السابق وعين أويصال ضاربا باستقلال البنك عرض الحائط.
ويتبنى أردوغان وجهة نظر غير تقليدية بأن رفع أسعار الفائدة يؤدي للتضخم، وهو عكس النظرية الاقتصادية التقليدية.
كما توقعت الأحزاب المعارضة التركية إقدام البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة، في محاولة لتنشيط الأسواق التي تسجل تراجعات بفعل فيروس كورونا، لكن الحكومة التركية كانت تروج منذ مطلع الأسبوع الجاري للإبقاء على أسعار الفائدة.
وللشهر الثالث على التوالي، يقع البنك المركزي التركي في فخ تخوفات من جنون التضخم في السوق المحلية، والعودة لمستويات مرتفعة كما كان عليها في الربع الأخير من عام 2018، في حال اتخاذه قرارا بتنفيذ خفض أسعار الفائدة الرئيسية للإقراض، من المستوى الحالي البالغ 8.25%.
في المقابل، يدفع الإبقاء على سعر فائدة مرتفع إلى تخوفات الاستثمارات المحتملة من الدخول للسوق التركية، إذ تلجأ البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة لتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتوجه أكبر نحو الاقتراض في مختلف القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية.
وأمام جحيم التضخم المرتفع، والخوف من نفور المستثمرين الجدد من السوق المحلية، لم يجد البنك المركزي التركي، اليوم، إلا الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند مستوياتها السابقة.
ويأتي الإبقاء على أسعار الفائدة للمرة الأولى بعد خفض استمر طيلة 9 شهور سابقة، إذ وصلت أسعار الفائدة في السوق المحلية لمستويات قياسية في 2019، عند 24%، في محاولة من لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة التي تجاوزت 20%.
ويعني قرار رفع أسعار الفائدة أن البنك المركزي يريد اتباع أدواته النقدية لتحقيق عدة أهداف، منها تخفيض الإقبال على القروض في السوق المحلية، والبحث عن خفض أسعار المستهلك في السوق، من خلال إضعاف النشاط في الأسواق.
بينما تقوم الدول بخفض أسعار الفائدة لتحقيق عدة أهداف، من بينها رفع نسب التضخم في حال كانت متراجعة من خلال زيادة الإقراض وضخ السيولة في الأسواق عبر أدوات الاستثمار المختلفة وبالتالي زيادة الإنتاج والتوظيف، وزيادة الاستهلاك.
لكن في حالة البنك المركزي التركي، فإن قرار خفض أسعار الفائدة من شأنه أن يرفع نسب التضخم المرتفعة أصلا، فوق 10% حاليا، بينما اتخاذه قرار رفع أسعار الفائدة يعني إحداث نفور محلي ودولي من السوق التركية.
ولم تهبط أسعار المستهلك (التضخم السنوي) في تركيا عن عتبة 10% منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حتى يوليو/تموز الفائت، تحت ضغوطات أزمة الليرة التي تسجل معدلات هبوط كبيرة، وسط عجز حكومي عن تقوية العملة المحلية، وخطايا رئيس ينشغل بثروات بلدان خارجية أكثر من تنمية بلاده.
أحدث بيانات هيئة الإحصاء التركية الصادرة، الثلاثاء، أظهرت أن معدل التضخم السنوي في تركيا بلغ 11.76% خلال يوليو/ تموز الماضي، مقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضي، وهو الشهر التاسع الذي تسجل فيه أسعار المستهلك فوق 10%.
ولم تنجح محاولات البنك المركزي التركي، سواء في تغيير محافظ البنك المركزي أو في إعادة رسم السياسة النقدية للبلاد خلال عامين كاملين من هبوط الليرة، في تدارك أسعار المستهلك، وعودة النسب للمستويات الطبيعية بين 2 و3% سنويا.
وقالت هيئة الإحصاء التركية، إن المؤشر العام لمؤشر أسعار المستهلك عن الشهر السابق، ارتفع بنسبة 0.58% على أساس شهري، بينما ارتفع بنسبة بلغت 6.37% مقارنة مع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، و11.51% على أساس المتوسطات المتحركة للاثني عشر شهرا السابقة.