ماسك وقطر والاستثمارات الأجنبية.. هل يجب أن نخشى على الطائر الأزرق؟
آثار مشروع استحواذ الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، على منصة "تويتر"، قلقا أوروبيا وعالميا، وشكوكا حول الالتزام بوعود الحرية المطلقة.
وتتركز الشكوك الأساسية في الوقت الحالي على دخول مستثمرين أجانب لدعم ماسك في الصفقة، يدور حولهم كثيرا من اللغط فيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية المتعارضة وانتهاك حرية التعبير.
وفي هذا الإطار، أبرزت تقارير غربية على سبيل المثال دخول شركة "قطر القابضة"، الذراع الاستثمارية لصندوق الثروة السيادية القطري، في الصفقة، وهو ما اعتبرته دليلا إضافيا يبرر المخاوف من التأثير السياسي المرتبط بهامش الاستثمار الأجنبي، في ظل شكوك مرتبطة بالتزام الشركاء الجدد بحرية التعبير.
وبدأت القصة في 25 أبريل/نيسان الماضي، حين توصّل أغنى شخص في العالم إلى اتفاق الاستحواذ على "تويتر"، مقابل 44 مليار دولار، ومن خلال خطة تمويلية أثارت مخاوف بعض مستثمري "تسلا".
وتعهد ماسك، بالإضافة إلى التزامه بتقديم عشرات المليارات من الدولارات من أسهمه في شركة "تسلا" لدعم قروض الهامش، بجمع نحو 21 مليار دولار من الأسهم في صفقة الاستحواذ الجديدة.
فيما كان التعهد الأهم، هو إعلان الملياردير الأمريكي أن "تويتر" سيصبح معه فضاءً رحبًا لحرية التعبير. كما غرد ماسك في الشهر السابق على شرائه لـ"تويتر"، قائلاً إن خوارزمية الموقع "يجب أن تكون مفتوحة المصدر".
ويعني فتح مصدر خوارزمية "تويتر"، أنها ستكون متاحة للجمهور للتدقيق، فضلا عن التزامها بتعيين عدد كبير من المتخصصين في التعامل مع المحتوى الضار بكل لغات دول الاتحاد الأوروبي.
لكن شكوكا في الأوساط الأوروبية والعالمية تتحرك حول التزام ماسك بتعهداته المتمثلة في ضمان حرية التعبير والشفافية، بعد إعلانه تلقيه دعم مستثمرين من حول العالم في صفقة الاستحواذ على "تويتر"، الخميس الماضي.
وحصل ماسك على تمويل بقيمة 7.1 مليار دولار من التزامات التمويل الجديدة لاستحواذه على تويتر. ونجح في إقناع أكبر المستثمرين في العالم بتمويل الصفقة، الأضخم في تاريخ عمليات الاستحواذ في صناعة التكنولوجيا.
مال قطري
وذكرت وكالة “بلومبيرغ” أن إيداعات الخميس شهدت مشاركة “قطر القابضة” بمبلغ 375 مليون دولار، بين المستثمرين المساهمين في التمويل.
كما شارك عدد من الشركات المالية العالمية في عملية التمويل، ومن بينها شركة فيديليتي للاستثمارات، وبروكفيلد لإدارة الأصول، وصندوق لورنس جيه إليسون، وهو أكبر المساهمين بمبلغ مليار دولار، ورجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال.
وتعليقا على ذلك، قالت صحيفة "ذي ديلي بيست" الأمريكية، إن "إيلون ماسك أعلن عن أكثر من 7 مليارات دولار في شكل تمويل جديد لصفقة تويتر، بما في ذلك التزام بقيمة 375 مليون دولار من شركة تابعة لصندوق الثروة السيادي في قطر، وهي دولة متهمة بأنها لا تدعم القيمة الأساسية التي يدافع عنها ماسك، "حرية التعبير".
ولفتت الصحيفة إلى أن الروابط بين قطر وصفقة الاستحواذ على تويتر، “مثيرة للفضول إلى حد ما بالنظر إلى أن ماسك قد أشار إلى أن الاستحواذ كان مدفوعًا بفشل تويتر في التمسك بمبادئ حرية التعبير”.
ونقلت الصحيفة عن منظمة العفو الدولية تقييما لوضعية حقوق الإنسان والحقوق المدنية والسياسية في قطر، حيث قالت المنظمة "واصلت السلطات القطرية تقييد حرية التعبير باستخدام قوانين مسيئة لخنق الأصوات المنتقدة".
وسلطت المنظمة الضوء على قضية "مالكولم بيدالي"، وهو "مدون وناشط في مجال حقوق العمال المهاجرين" يُزعم أنه "اختفى قسريًا" واحتُجز في الحبس الانفرادي لتحدثه علانية ضد انتهاكات حقوق العمال. ودفع بدالي في النهاية غرامة قدرها 6800 دولار وغادر البلاد، وفق ما نقلته صحيفة ديلي بيست.
أما مجلة "شتيرن" الألمانية، فقالت إن "قطر القابضة هي شركة استثمار حكومية في إمارة قطر، تسيطر عليها عائلة آل ثاني الحاكمة ولا تعتبر حرية التعبير وحرية الصحافة من القضايا المهمة للبلد، وذلك لا يتفق مع وجهة نظر ماسك الداعمة لحرية التعبير".
وتابعت "تنتقد منظمة "مراسلون بلا حدود" الوضع في قطر، كما أن هناك مشاكل كبيرة في الدولة التي ستستضيف نهائيات كأس العالم نهاية عام 2022 عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير والتجمع".
ولم يتوقف الأمر عند قطر، حيث قالت المجلة الألمانية إن قائمة المستثمرين الجدد تضم أيضا مستثمرين من أمريكا وكندا يؤمنون بقصة نجاح منتظرة لـ"تويتر" تحت قيادة ماسك، ويملكون مصالح اقتصادية مختلفة.
وتساءلت كيف ينوي ماسك الجمع بين المصالح الاقتصادية للمستثمرين والتزامه القوي حيال حرية التعبير، وحساسيات مستثمريه من قطر على سبيل المثال؟ مضيفة :"لا تزال الإجابة لغزًا".
فيما كتب ريتشارد نيفا من موقع "بازفيد"، قائلا إن "التمويل وتضارب المصالح الناتج يبرز الصعوبات التي سيواجهها ماسك في تحقيق رؤيته لـ(تويتر)".
تحذيرات أوروبية
وأوروبيا، أصدر أحد كبار المشرعين في الاتحاد الأوروبي تحذيرًا إلى إيلون ماسك، بعد صفقة الاستحواذ.
وحذر مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية، تيري بريتون، ماسك من التراخي الشديد في تعديل المحتوى بـ"تويتر"، وقال إنه يتطلع إلى خطط ماسك، وأن يكون هناك مزيد من الإشراف على المحتوى بشكل مريح.
وتابع في تعليقات لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أنه سيتعين على مجلس إدارة تويتر، الامتثال لقوانين أوروبا بشأن قضايا مثل الاعتدال والشفافية وخطاب الكراهية، وإلا سيفرض الاتحاد الأووربي غرامة على الشركة بنسبة 6% من إيراداتها السنوية أو حتى حظرها من العمل في أوروبا.
كما أعرب ينس تسيمرمان المتحدث باسم السياسة الرقمية لكتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في البرلمان الألماني عن قلقه من استحواذ ماسك على "تويتر"، وقال: "إيلون ماسك يروج لاستحواذ على تويتر بالحديث عن المزيد من حرية التعبير، لكن تركيز السلطة في (يد) شخص واحد لا يضمن ذلك".