مؤتمر الطاقة بالمغرب.. رؤية جماعية لأهمية الطاقة النظيفة
أجمع المشاركون في فعاليات مؤتمر الطاقة الخامس عشر بالرباط، على أهمية الاستثمار في تعزيز الطاقات النظيفة وتسريع الانتقال الطاقي.
وتنظم فيدرالية الطاقة، بدعم من وزارة انتقال الطاقة والتنمية المستدامة في المغرب، الملتقى الخامس عشر للطاقة، تحت رعاية عاهل المغرب الملك محمد السادس، تحت شعار "انتقال الطاقة: تقرير مرحلي وآفاق عام 2035".
وحلت دولة الإمارات العربية المتحدة، ضيف شرف على المؤتمر، الذي ناقش التقدم الذي أحرزه المغرب في تحول الطاقة الذي بدأ منذ أكثر من عقد من الزمن ومناقشة الآفاق المستقبلية.
وتميز المؤتمر بمشاركة وفد إماراتي رفيع المستوى، ترأسه الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي.
وفي كلمة له بالمناسبة، كشف أحمد جابر، وجود تعليمات سامية من قيادة الإمارات لتكون شريكاً استراتيجياً للمغرب في التحول الطاقي.
وعبر الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، عن استعداده لبحث فرص الاستثمار في الطاقة التقليدية الأحفورية والغاز المسال ومحطات التوزيع ومشاريع الطاقة المتجددة وجميع المجالات الواعدة.
ووقف على وجود إجماع بأهمية التحول في قطاع الطاقة العالمي وكونه من الأولويات الاستراتيجية، موضحاً أنه للحصول على حلول فعالة لضمان أمن الطاقة وتحقيق الانتقال نحو طاقة المستقبل، يجب تبني استراتيجية شاملة متكاملة مدروسة.
وأكد على ضرورة الاستثمار لخلق مزيج متنوع من الطاقة يشمل الطاقات الريحية والشمسية والمائية والنووية السلمية والهيدروكربونات الأقل كثافة، وعبر عن استعداد بلاده التعاون مع المملكة المغرب لتطوير الشراكات القائمة، مع استكشاف فرص جديدة للشراكة والتعاون في مجالات عدة.
وأشاد الجابر بمكانة المغرب في مجال الطاقة المتجددة، قائلا إنه رسخ مكانة رائدة في هذا الصدد، حيث يتم حالياً توفير ما لا يقل عن 38% من احتياجات المملكة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، معتبرا أن “هذا إنجاز يجب البناء عليه مع توفير تشريعات وقوانين لاستقطاب استثمارات جديدة”.
وتعمل المملكة المغربية على قدم وساق لأجل تعزيز إمدادات البلاد من الطاقات التنافسية، بحسب ما أعلنته ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.
وتماشياً مع توصيات النموذج التنموي الجديد، تقول المسؤولة المغربية، عملت المملكة على رفع الأمن الطاقي إلى مستوى استراتيجي.
وفي هذا الصدد، تبذل الحكومة المغربية جهودا دؤوبة لإمداد قطاعي الخدمات والصناعة بطاقة منخفضة الكربون.
وأبرزت الوزيرة أن الأمن الطاقي والتنمية المستدامة يشكلان الركيزتين الأساسيتين للسياسة الطاقية الوطنية، التي تتمحور على ثلاثة أسس، وهي الاستدامة والمرونة والقدرة التنافسية.
وأضافت أن "المغرب يتموقع حاليا كرائد إقليمي في مجال الطاقات المتجددة من خلال مشاريعه المتنوعة في هذا المجال".
ودعت إلى مواصلة تسريع الاستثمارات في تكنولوجيات التحول الطاقي بالنظر إلى دورها في خلق فرص العمل والاقتصاد في استهلاك الطاقة.
وأكدت بنعلي أن “الانتقال الطاقي تطلب عقوداً في الماضي ليتحقق”،ما جعل “استراتيجية المغرب في هذا المجال تقوم على وضع سياسات استباقية لتسريع الانتقال وتحويله إلى فرصة باعتماد المرونة والتنافسية والفعالية”.
تحسين
أما وزير الصناعة المغربي، رياض مزور، فقد شدد على أن المغرب أطلق منذ سنوات، جملة من البرامج التي تهدف لتحسين موارده الطاقية بأنماط مستدامة.
وأرجع ذلك إلى اعتماد استراتيجية طموحة للنجاعة الطاقية، تم تنفيذها على مستوى مجموعة من القطاعات الإنتاجية.
وشدد على أن توفر المغرب إمكانات طاقة هائلة بالمغرب، مكن المُصنعين المستقرين بالمملكة من خفض فواتيرهم الطاقية، خاصة وأن القطاع الطاقي يعرف تقلبات هامة على مستوى الأسعار.
كما ذكر مزور أن “المغرب يوجد اليوم على الطريق الصحيح للنمو”، إذ أشار إلى أن “القطاع الصناعي تعافى من الجائحة واستعاد مستويات التشغيل المسجلة قبلها”.
أهمية قصوى
مساعد رئيس بعثة الاتحاد الأوربي بالمغرب، أليسيو كابيلاني، أوضح أن الانتقال الطاقي ومكافحة التغيرات المناخية، تكتسي أهمية قصوى، خاصة في ظل السياقات الدولية المتغيرة باستمرار.
المسؤول الأوروبي، أوضح في مداخلة له، أن المغرب من بين الدول الرائدة على مستوى التحول الأخضر. واصفاً سياسات المغرب في مجالات المناخ والطاقة بـ"الطموحة".
وأشاد المتحدث بالدور الكبير الذي تلعبه المملكة المغربية في مجال الطاقات المتجددة والنظيفة.
وكشف المتحدث أن الاتحاد الأوروبي يعول على المملكة لفرض نفسها كرائد في مجال التحول الأخضر في أفريقيا، من خلال عرض إمكانياتها الهائلة وتموقعها كشريك مسؤول في المحافظة على البيئة"..
ولفت إلى إمكانية تحقيق المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي مجموعة من المكاسب المشتركة، وذلك من خلال تعزيز الأمن الطاقي، وفرص الأعمال التجارية المنتظمة وحماية أكثر نجاعة للمواطنين ضد تأثير التغير المناخي.
وشدد كابيلاني على ضرورة بلورة استجابة قوية وجماعية ومتكيفة للتحديات الجيو-سياسية والمتعلقة بالطاقة والمناخ والبيئة بعد تقديم الاتحاد الأوروبي للاتفاقية الخضراء، والتي تهدف إلى أن تكون استراتيجية جديدة للنمو بالنسبة لأوروبا، وذلك للجمع بين الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية.
خبرة مغربية
من جهته، استعرض، رشيد الإدريسي القيطوني، رئيس فيدرالية الطاقة، التجربة المغربية في مجال الطاقات المتجددة، مؤكداً أن المملكة تعتبر نموذجاً داخل الهيئات الدولية، على مستوى الطاقات الخضراء.
وفي هذا الصدد، كشف المتحدث عن رغبة مجموعة من الدول في استلهام التجربة المغربية والاستفادة منها، وتعميمها على أراضيها.
وأرجع هذا الإقبال الدولي على التجربة المغربية، إلى ما راكمته من خبرة وإنجازات على مستوى الطاقات المتجددة،
وأكد القيطوني أن إحداث المملكة لوزارة مكلفة بالانتقال الطاقي، خير دليل على كون هذا المجال في صلب اهتمامات الدولة المغربية.
وبحسب القيطوني، فالمملكة تحولت إلى وجهة رائدة للاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة.
استثمارات
أما عبد اللطيف برداش، رئيس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، فقد شدد على أهمية الاستثمارات للانفتاح بنجاح على أنظمة طاقية تعتمد على الموارد والطاقات المتجددة والنظيفة.
وشدد برداش، على ضرورة تنفيذ استثمارات ضخمة في هذا المجال، في أفق الوصول إلى نظام طاقي يعتمد بشكل كبير على الطاقات الخضراء.
ولفت إلى ضرورة دعم شركات القطاع الخاص، سواء على المستوى الوطني بالمملكة المغربية، أو على المستوى العالمي.
وأكد على أهمية اعتماد إطار واضح وشفاف يسهم في جذب المستثمرين، مع التشديد على أن التخطيط للاستثمارات يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التطور في الطلب في المستقبل، والذي سيتميز بالحاجة إلى إزالة الكربون عن العديد من القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة من قبيل النقل والصناعة.
رؤية أفريقية
أما مدير مكتب البنك الأفريقي للتنمية بالمغرب، أشرف ترسيم، فقد ربط الإصلاح الطاقي في أفريقيا، بإمكانية وصول سكانها إلى الكهرباء.
ولفت في هذا الصدد، إلى المشكلة الرئيسية للقارة الأفريقية، هي الوصول إلى الكهرباء.
وشدد في هذا الصدد، على ضرورة الدفع بالانتقال الطاقي بطريقة عادلة ومنصفة.
وأكد على أهمية توفير إمكانية الحصول على الكهرباء لصالح الساكنة الإفريقية، بناء على الآفاق التي تم وضعها بحلول 2030.
وأوضح أن الأمر يتعلق بطموح كبير ومهم يتعين على جميع القطاعات (الخاصة والعامة) أن تستثمر خمس مرات أكثر لتحقيق الهدف المنشود.
نقاش مستفيض
وخلال يوم كامل، ناقش خبراء مغاربة وأجانب، مختلف القضايا الطاقية المطروحة على الساحة، خاصة في ظل التحولات العالمية، وتقلبات الأسعار.
الدورة 15 لمؤتمر الطاقة، اختار المنظمون لها موضوع "الانتقال الطاقي: تقرير مرحلي وآفاق عام 2035"، والذي ناقشه عدد من الخبراء، من خلال أربعة جلسات نقاش.
وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان "تسريع تعميم الطاقات من مصادر متجددة"، والتي وقف فيها المشاركون على مجمل التحديات التي تواجه الانتقال الطاقي، مع استعراض سبل تجاوزها.
أما الجلسة الثانية، فكان موضوعها هو "الغاز الطبيعي، ناقل لتحولات الطاقة وآفاق التنمية"، لتناقش الجلسة الثالثة موضوع "الهيدروجين باعتباره فرصة صناعية جديدة بالمملكة المغربية".
واختتم المؤتمر فعالياته بالجلسة الرابعة، التي ناقشت سبل التخلي على الطاقة الأحفورية في الصناعة المغربية، وما تحمله الخطوة من تحديات دولية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة، قد نُظمت تحت رعاية سامية للعاهل المغربي الملك محمد السادس، وبشراكة مع وزارة الانتقال الطاقي.
aXA6IDMuMTcuNzYuMTc0IA== جزيرة ام اند امز