ملتقى سفراء الإمارات.. دبلوماسية واعية تواجه التحديات وتعزز الإنجازات
زخم سياسي ودبلوماسي واقتصادي شهدته فعاليات الدورة الـ16 لملتقى السفراء ورؤساء البعثات التمثيلية لدولة الإمارات في الخارج على مدار 5 أيام.
زخم يأتي ضمن حرص وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية على تشكيل "دبلوماسية واعية" لمواجهة التحولات والتحديات التي تشهدها المنطقة والعالم وتعزيز إنجازات الدولة وريادتها والمسؤوليات الملقاة على عاتقها في تعزيز السلم والأمن الدوليين في ظل تعاظم مكانتها وتزايد الثقة الدولية في قدراتها.
قضايا هامة
وتختتم اليوم الجمعة فعاليات الدورة الـ16 لملتقى السفراء ورؤساء البعثات التمثيلية لدولة الإمارات في الخارج، بعد جلسات وحوارات ونقاشات استمرت على مدار خمسة أيام متواصلة تناولت محاور رئيسية في السياسة والثقافة والقانون والاتصال والابتكار والعلوم المتقدمة.تناول ملتقى هذا العام القضايا الراهنة والمحورية في رسم مستقبل السياسة الخارجية للدولة، والتطورات الجيواستراتيجية الرئيسية على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن نهج دولة الإمارات في سياستها الخارجية المتزنة والمعتدلة.
واستعرض المشاركون به أهم وأبرز إنجازات وزارة الخارجية والتعاون الدولي خلال العام الماضي، وأهم المستجدات في آليات العمل والبرامج المستحدثة والخدمات لا سيما في القطاع القنصلي فضلا عن الخطط المستقبلية بما يخدم استراتيجية حكومة دولة الإمارات.
تطوير أهداف الدبلوماسية
وشهد الملتقى هذا العام مشاركة عدد من الوزراء وكبار المسؤولين والسفراء ورؤساء البعثات التمثيلية للدولة في الخارج، ومديري الإدارات في وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وعدد من المؤسسات والهيئات الحكومية في الدولة من مختلف القطاعات، إسهاما من وزارة الخارجية في تعزيز وتطوير أهداف الدبلوماسية الإماراتية.ويتضح هذا جليا من خلال إلقاء إطلالة في السطور التالية على أبرز فعاليات الأيام الأربعة الماضية، وما تم خلالها من جلسات وحوارات تضمنت في مجملها عرض التحديات الراهنة وإبراز التحولات الجديدة في المشهد العالمي ورصد الإنجازات التي شهدتها الدولة على مختلف الأصعدة، لا سيما الدبلوماسي، وتحديد الخطط الدبلوماسية المستقبلية لمواجهة تلك التحديات والتعامل مع التحولات وتعزيز الإنجازات والحفاظ على استدامتها.
أيضا تم خلال تلك الفعاليات إبراز دور فرسان الدبلوماسية الإماراتية حول العالم في ضوء تلك التحديات والتحولات والمهام الموكلة لهم ضمن الخطط المستقبلية للدولة لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية والحفاظ على ريادتها والترويج للقيم والمبادئ التي تسير عليها سياستها.
كلمة وزير الخارجية.. خارطة طريق
وكان اليوم الأول من الملتقى قد انطلق بديوان عام وزارة الخارجية والتعاون الدولي في أبوظبي، الإثنين، تحت رعاية وحضور الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي.
وافتتحت فعاليات اليوم الأول لملتقى السفراء ورؤساء البعثات التمثيلية للدولة في الخارج بكلمة للشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ألقاها نيابة عنه الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات.
كلمة وزير الخارجية الإماراتي جاءت بمثابة خارطة طريق لأعمال الملتقى وللدبلوماسية الإماراتية في آن واحد، بما تضمنته من محاور هامة تناول فيها أبرز التحديات وأهم الإنجازات وأدوار ومهام سفراء دولة الإمارات خلال الفترة القادمة في ضوء ذلك.
وتعقد دورة هذا العام في وقت تترأس فيه دولة الإمارات مجلس الأمن الدولي لشهر مارس/آذار الجاري، كما أنها عضو في المجلس على مدار عامي 2022-2023.
ومن خلال رئاستها وعضويتها لمجلس الأمن الدولي يقع على عاتق دولة الإمارات مسؤوليات هامة في تعزيز الأمن والسلم الدوليين، وهو ما يفرض بالتبعية مهام خاصة على سفرائها وممثلي بعثاتها حول العالم.
أيضا تعد دورة هذا العام، الأولى بعد إطلاق مبادئ الخمسين التي اعتمدتها دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتكون خارطة استراتيجية تحدد توجهات البلاد في مختلف المجالات للخمسين عاما القادمة، والتي تضم 10 مبادئ، من بينها 6 مبادئ ركزت على سياسة دولة الإمارات الخارجية.
وتفرض تلك المبادئ مهام عديدة على سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية الإماراتية في الخارج، أبرزها وزير الخارجية الإماراتي في كلمته.
وأكد خلال الكلمة أهمية دور السفراء وممثلي البعثات التمثيلية للدولة في الخارج في إبراز اسم دولة الإمارات وتفعيل الدبلوماسية الناعمة، والمبادئ السامية التي تتبناها دولة الإمارات التي احتفلت مؤخرا بالعام الخمسين لتأسيس الاتحاد، وهي تنطلق اليوم بخطى ثابتة راسخة نحو خمسين ثانية تتطلب مضاعفة العطاء والجهد.
وقال في كلمته: "لقد حققت دولة الإمارات خلال الأعوام الماضية إنجازات مبهرة في شتى المجالات حتى باتت مصدر إلهام لكثير من الدول في العالم النامي، ولاعبا دوليا مؤثرا.. وبدأ هذا العام بتبوء دولة الإمارات موقعها الذي تستحق في المجتمع الدولي عضوا في مجلس الأمن الدولي، وهذه العضوية ما هي إلا انعكاس لمدى التقدير لدبلوماسيتها، ودورها البناء والإيجابي على المستوى العالمي.. وكذلك انتخابها لعضوية مجلس حقوق الإنسان، ولرئاسة المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول"، وهي إنجازات كان لوزارة الخارجية والتعاون الدولي دور فاعل في تحقيقها".
وأضاف: "هذه العضويات تضعنا أمام مرحلة جديدة تتطلب منا العمل الدؤوب لننقل للعالم صورة الإمارات المشرقة، إمارات التطور والاعتدال والتسامح والسلام".
وأشار إلى أن "العالم يعيش تحولات وتحديات وقال إنه يجب علينا أن نستعد لها عبر سياسة استشرافية، ودبلوماسية واعية، هادئة، نشطة، محفزة لا متحفزة، تقوم على التعاون والتنسيق الفعال.. وهنا، تبرز أهمية إعادة إحياء النظام الإقليمي العربي الذي لا بد من إعادة هيبته ضمن قواعد عصرية تحترم الاختلاف وتنبذ الشقاق، ترتكز إلى التعاون دون تدخل في الشؤون الداخلية".
وتطرقت كلمة وزير الخارجية الإماراتي إلى التصعيدات الأخيرة والهجمات الإرهابية الحوثية الغادرة بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار التي تعرضت لها دولة الإمارات وأودت للأسف بحياة مدنيين أبرياء. وقال في هذا الصدد: "لا بد من التأكيد على جاهزية الدولة وأجهزتها على مواجهة هذه التهديدات والتعامل الصارم معها، وهي في أيد أمينة وساهرة ويقظة".
وأضاف: "نحن نحث، ونعمل بشكل وطيد، مع الدول الصديقة والمجتمع الدولي على تصنيف مليشيات الحوثي كجماعة إرهابية، وعلى اتخاذ خطوات حاسمة وملموسة ضد هذه المليشيات لإنهاء سلوكها العدواني وتهديدها لأمن المنطقة واستقرارها، والضغط عليها لدفعها إلى الانخراط في الجهود الدولية الرامية إلى تنفيذ قرارات وقف إطلاق النار، والتوصل إلى حل سياسي في اليمن، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة".
تركيا ضيف شرف
أيضا شهد الملتقى في يومه الأول كلمة افتتاحية لضيف الشرف مولود تشاووش أوغلو، وزير خارجية تركيا الذي استعرض خلالها "العلاقات الإماراتية التركية"، وتقدم بالشكر للشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي على الدعوة للمشاركة في الملتقى.
مشاركة تتوج مرحلة تقارب بين دولة الإمارات وتركيا وتعد تطبيقا عمليا لمبادئ الخمسين التي اعتمدتها دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتكون خارطة استراتيجية تحدد توجهات البلاد في مختلف المجالات للخمسين عاما القادمة، والتي تكرس قيم التسامح والحوار والسلام وتؤكد أن "تطوير علاقات سياسية واقتصادية وشعبية مستقرة وإيجابية يعتبر إحدى أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة".
وتأتي زيارة تشاووش أوغلو بعد نحو شهر من زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دولة الإمارات، منتصف فبراير/شباط الماضي في خطوة وصفت بـ"التاريخية" وكانت الأولى له منذ نحو 9 أعوام، تعزيزا ودعما للعلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين.
أيضا تضمن اليوم الأول جلسة حول "النهج الدبلوماسي للإمارات" تحدث خلالها الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، فضلا عن جلسة مع أحمد الصايغ، وزير الدولة الإماراتي حول "تطلعات الدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات".
واختتم اليوم الأول للملتقى بحلقة نقاشية حول "آخر مستجدات أوبك" مع أحمد محمد الكعبي، الوكيل المساعد لقطاع البترول والغاز والثروة المعدنية بوزارة الطاقة والبنية التحتية محافظ الدولة في منظمة "أوبك".
بناء جسور التواصل
شهد اليوم الثاني، الثلاثاء، العديد من الجلسات في القطاعات المختلفة، واستهلت أعمال الملتقى بكلمة لخليفة شاهين المرر وزير دولة حول "التطورات في منطقة الشرق الأوسط"، نوه خلالها إلى المكانة المتميزة التي تشغلها السياسة الخارجية للدولة في المبادئ العشرة للخمسين عاما المقبلة.
وتطرق إلى التوجه الاستراتيجي للسياسة الخارجية لدولة الإمارات على المستويين الإقليمي والدولي، والتي ترتكز على بناء جسور التواصل مع كافة الدول، واعتماد الدبلوماسية والحلول السياسية للأزمات والتوترات في المنطقة.
وأشار إلى النجاح المميز الذي حققه إكسبو 2020 دبي، والذي شكل منصة لدول العالم وفرصة لالتقاء قيادات دولة الإمارات مع رؤساء ومسؤولي الدول المشاركة لتعزيز العلاقات، وإطلاع دول العالم على قصة نجاح دولة الإمارات في مختلف المجالات.
وفيما يخص التطورات في المنطقة تناول الاعتداءات التي تعرضت لها دولة الإمارات في 17 يناير/كانون الثاني من العام الجاري من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية، مشيدا بالجهود التي قامت بها الدولة سواء من خلال الجهد الدبلوماسي وحشد الدعم السياسي والتضامن الدولي في وجه الاعتداء الإرهابي الحوثي، أو من خلال القوات المسلحة الباسلة في الذود عن أمن وسلامة الدولة وجاهزيتها في مواجهةِ هذه التهديداتِ والتعاملِ الصارم معها.
وعقدت جلسة حوارية للواء الدكتور أحمد ناصر الريسي، المفتش العام لوزارة الداخلية رئيس منظمة الإنتربول، فضلاً عن جلسة حول "مستقبل الدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات" مع الدكتور عبدالناصر الشعالي، مساعد الوزير للشؤون الاقتصادية والتجارية في وزارة الخارجية والتعاون الدولي.
وتضمن جدول أعمال الملتقى في اليوم الثاني كذلك كلمة لرئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان الإماراتية مقصود عادل كروز، استعرض خلالها "ما تطمح له دولة الإمارات في ملف حقوق الإنسان"، تبعتها جلسة مع سعيد العطر، رئيس المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات بعنوان "القوة الناعمة والتواصل الدولي".
ويعقد الملتقى بعد أسبوع من شهادة دولية بقوة الدبلوماسية الإماراتية توجت باحتلال دولة الإمارات المرتبة العاشرة عالمياً والأولى إقليمياً في قوة التأثير وفق مؤشر القوة الناعمة العالمي لعام 2022، الذي تعده مؤسسة "براند فاينانس" البريطانية عبر استطلاع آراء أكثر من 100 ألف شخص من 101 دولة لتقييم مختلف محاور القوة الناعمة والتأثير الإيجابي.
وكان للسفراء ورؤساء البعثات التمثيلية لدولة الإمارات محطة مع القطاع الخدماتي في الوزارة من خلال جلسة مع عبدالله محمد البلوكي، وكيل وزارة مساعد لشؤون الخدمات المساندة، استعرض خلالها آخر المستجدات في قطاع الخدمات المساندة في وزارة الخارجية والتعاون الدولي.
واختتم اليوم الثاني للملتقى بجلسة مع فيصل عيسى لطفي وكيل وزارة مساعد للشؤون القنصلية استعرض خلالها آخر المستجدات في الخدمات القنصلية التي تقدمها الوزارة للمتعاملين في الدولة وخارجها فضلاً عن الخطط المستقبلية في القطاع القنصلي.
اليوم الثالث
فعاليات اليوم الثالث للملتقى، الأربعاء، بدأت بجلسة استعرض خلالها الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير الدولة الإماراتي، المستجدات على الساحة الأفريقية ودور دولة الإمارات .
أيضا أبرز حامد الزعابي، مدير عام المكتب التنفيذي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب دور "الإمارات في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتنظيمات غير المشروعة ".
اليوم الرابع.. الطريق إلى المستقبل
فعاليات اليوم الرابع، الخميس، غلب عليها الجانب الاقتصادي والعلمي، من خلال مشاركة العديد من وزراء دولة الإمارات في هذا اليوم.
واستهلت فعاليات هذا اليوم بجلسة حوارية مع عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد الإماراتي، ومنصور أبو الهول، سفير دولة الإمارات لدى المملكة المتحدة، بعنوان: "اقتصاد مرن وشراكات أوسع".
كما ألقت سارة الأميري، وزيرة الدولة الإماراتية للعلوم المتقدمة، كلمة عن "التكنولوجيا المتقدمة، محرك للتنمية الاقتصادية."
وتحدثت فيها عن الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة "مشروع 300 مليار"، باعتبارها أكبر استراتيجية لتطوير القطاع الصناعي تستهدف مضاعفة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031.
كما أطلع عمر بن سلطان العلماء وزير الدولة الإماراتي للذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد ونائب العضو المنتدب لمؤسسة دبي للمستقبل، المشاركين في الملتقى على "الطريق إلى المستقبل" .
aXA6IDMuMTQ0LjExNi4xOTUg
جزيرة ام اند امز