الإمارات والبرازيل.. 35 عاما من الشراكة الرياضية الناجحة
35 عاما من الشراكة الرياضية الناجحة بين الإمارات والبرازيل سواء على مستوى كرة القدم أو رياضة الجوجيتسو
كانت الرياضة ولا تزال جسرا مهما من جسور التعاون والشراكة بين الإمارات والبرازيل، فمع بلوغ عام 2019 يصبح عمر التعاون الوثيق بين الدولتين 35 عاما من الصداقة والتفاهم والشراكات البناءة في الكثير من الرياضات.
في عام 1984 كانت الثمار الأولى للتعاون، حيث بدأت كرة القدم الإماراتية بالدخول في مرحلة النهضة الأولى لها تحت قيادة مدرب برازيلي شهير، وهو كارلوس ألبرتو بيريرا، فهو من أسهم في صناعة الجيل المونديالي الإماراتي الذي تمكن من تحقيق الحلم والتأهل لنهائيات كأس العالم في إيطاليا عام 1990.
وتحت قيادة هذا المدرب البرازيلي تم تكوين فريق إماراتي قوي بقيادة الأسطورة عدنان الطلياني، وقدم هذا الجيل كرة جميلة لا يزال رونقها باقيا في الذاكرة حتى هذه الأيام، وصنع الفريق اسما قويا في منطقة الخليج، كما قدم نفسه آسيويا بشكل جديد يقلق كل المنافسين.
وبعد عودة بيريرا إلى البرازيل عام 1988، تولى المسؤولية خلفا له مواطنه ماريو زاجالو، الذي استغل هذا الجيل في تجاوز التصفيات الآسيوية وضمان التأهل لنهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخ الكرة الإماراتية، التي احتفلت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بمرور 30 عاما على هذه اللحظة التاريخية التي أسهمت في صنع مجد الكرة الإماراتية، وبعد ضمان التأهل للمونديال أعاد اتحاد الكرة الإماراتي كارلوس ألبرتو بيريرا ليقود المنتخب في البطولة.
العلاقة بين الإمارات والبرازيل لم تتوقف عند بيريرا وزاجالو، لكنها مضت في طريقها لتجسد نموذجا مثاليا من العطاء وتبادل الخبرات، فقد توالى المدربون البرازيليون في الحضور إلى الإمارات لقيادة المهمة الفنية لفرق الأندية المختلفة، وحقق الكثير منهم نجاحات كبيرة، من أبرزها ما حققه آبل براجا مع فريق الجزيرة، حيث قاده في مرحلة التحول للقيام بدور البطل في مختلف المسابقات.
ونجح براجا في تحقيق آمال كل محبي الجزيرة وحصد للفريق 3 بطولات خلال الفترة من 2008 إلى 2011، وهي كأس المحترفين عام 2010، ودوري المحترفين وكأس رئيس الدولة لأول مرة في عام 2011.
وعلى شاكلته، نجح الكثير من المدربين البرازيليين في تحقيق الإنجازات مع فرقهم سواء في دوري الأضواء أو دوري الدرجة الأولى، ومن أبرز تلك الأسماء تونينيو سيريزو، وبوناميجو، وكايو جونيور.
ولن ينسى أدينور ليوناردو باتشي الشهير بـ"تيتي"، المدير الفني الحالي لمنتخب البرازيل، موقف نادي الوحدة الإماراتي معه، عندما استجاب لطلبه بالعودة إلى البرازيل من أجل تولي مهمة تدريب منتخب بلاده، برغم أنه لم يمكث في قيادة الوحدة سوى لبضعة أشهر، وكان في أمس الحاجة إلى استمراره في أعقاب النجاحات المميزة التي حققها هذا المدرب على رأس الجهاز الفني لنادي العين.
ولم تتوقف العلاقة فقط على استقطاب المدربين من البرازيل، ولكن اللاعب البرازيلي ظل طوال الفترة الماضية ولا يزال الاختيار الأول لمعظم أندية الإمارات، حيث يشارك عشرات اللاعبين في كل موسم من الدوري، ويقدمون الكرة الجميلة التي تقود فرقهم إلى منصات التتويج.
وبعيدا عن كرة القدم، تمثل لعبة الجوجيتسو شكلا من أشكال التواصل الرياضي بين الإمارات والبرازيل، حيث يوجد أكثر من 600 مدرب ومدربة برازيلية في الإمارات، يعملون في برنامج الجوجيتسو المدرسي وبالمؤسسات والأندية، ويسهمون في عملية النهضة الكبرى التي جعلت من أبوظبي عاصمة الجوجيتسو العالمي اعتبارا من عام 2015، لتنظيمها أهم الأحداث وأغلى البطولات في العالم بتلك الرياضة، وعاصمة القرار العالمي من خلال انتقال مقر الاتحاد الدولي للجوجيتسو فيها اعتبارا من عام 2016، ومن خلال تبني أبوظبي أفضل برنامج في العالم لنشر وتطوير اللعبة باعتراف الاتحاد الدولي للعبة.
في رياضة الجوجيتسو هناك 3 دول فقط في العالم لها الفضل في نشأة وتطور تلك الرياضة؛ الأولى هي اليابان التي شهدت ميلاد تلك الرياضة مع الساموراي قبل ما يقرب من 900 عام، والثانية هي البرازيل التي انتقلت لها اللعبة مع بدايات القرن العشرين عن طريق عائلة جرايسي، وفي البرازيل تحولت تلك الرياضة من مجرد هواية إلى بطولات ومسابقات، ووضعت لها اللوائح والقوانين، وأسست الأكاديميات للتدريب، والثالثة هي الإمارات التي قادت هذه الرياضة إلى التطور والنهوض من خلال تبني الجهد العالمي في اعتمادها بأغلب المنظمات الرياضية العالمية، وتنظيم كبرى البطولات والمهرجانات في أبوظبي وأبرز العواصم العالمية ومنها ريو دي جانيرو، ويعود الفضل لأبوظبي في تحويل أبطال هذه الرياضة إلى نجوم بعد أن كانوا مهمشين طوال العقود السابقة.
ويقول ولتر ماتس، رئيس الاتحاد البرازيلي للجوجيتسو، إن جماهير وعشاق رياضة الجوجيتسو في البرازيل يحرصون كل عام على تعليق اللافتات واللوحات الضخمة التي تحمل معاني الشكر والتقدير والعرفان للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، خلال جولة أبوظبي جراند سلام للجوجيتسو في مدينة ريو دي جانيرو، إدراكا منهم لدوره الكبير في دعم تلك الرياضة التي يمارسها أكثر من 2.5 مليون برازيلي، وتستقطب أبطالها أكثر من 25 ألف أكاديمية في مختلف ولايات البرازيل.
وأضاف: "ربما تكون البرازيل هي التي تملك أكبر قاعدة ممارسين في اللعبة، ولكن الجوجيتسو لم تتحول إلى رياضة يفخر بها الجميع إلا بعد أن دخلت أبوظبي بثقلها وحملت آمال وطموحات كل محبي هذه الرياضة، وحوّلت أحلامهم في الوصول إلى النجومية من خلال البطولات الكبرى والجوائز الضخمة، والجهود الحثيثة في اعتماد الجوجيتسو في المنافسات القارية والعالمية، ولا تزال أبوظبي هي الأمل لكل عشاق تلك الرياضة في اعتمادها ضمن أنشطة الدورات الأولمبية".
من جهته، أكد إبراهيم العلوي، قنصل دولة الإمارات في البرازيل، أن العلاقة بين الإمارات والبرازيل تعد نموذجا يحتذى به في كل المجالات، وفي مجال الرياضة على وجه التحديد، مشيرا إلى أن حرص الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو على حضور جولة أبوظبي جراند سلام للجوجيتسو في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بمدينة ريو دي جانيرو يعكس اهتمامه بهذه الشراكة الناجحة، لا سيما أن هذه الجولة كانت أول حدث رياضي يحضره الرئيس البرازيلي بعد انتخابه.
وقال العلوي إن الرياضة تلعب دورا مهما في تعزيز العلاقات الدولية بين الأمم، وهو الملاحظ في العلاقة التي تجمع بين الإمارات والبرازيل برياضة الجوجيتسو، حيث إن كل شرائح المجتمع في البرازيل وريو دي جانيرو على وجه التحديد عندما تذكر أبوظبي يرددون أنها "موطن الجوجيتسو" في العالم، كما أنها تبقى حلما لكل لاعب أو مدرب برازيلي بأن يشارك في بطولاتها أو يعمل في برنامجها لنشر وتطوير اللعبة باعتباره أفضل برنامج في العالم تتوفر له أعلى معايير الجودة، وفقا لتصريحات المسؤولين في البرازيل، بدليل أن عائلة جرايسي التي نشرت تلك الرياضة في البرازيل تربطها علاقات قوية بأبوظبي، وأسطورة الجوجيتسو حاليا رينزو جرايسي يمضي معظم فترات وقته في أبوظبي، كما أن البرازيلي رامون ليموس هو المدير الفني لمنتخب الإمارات للجوجيتسو في الوقت الراهن.
aXA6IDMuMTQ0LjQyLjE3NCA=
جزيرة ام اند امز