من الملاحظات التي تبدت في مواقع التواصل الاجتماعي، عند كل منعطف سياسي أو عسكري يحدث في المنطقة، تصدُّر مجموعة اتهامات موجهة ومقصودة ضد دولة الإمارات.
وبات من الطبيعي مشاهدة شخصيات إخوانية ومنظمات إعلامية تابعة لهم ترمي الاتهامات من كل حدب وصوب تجاه المسار السياسي لدولة الإمارات، سواء كان ذلك من باب المكايدة السياسية، أو لاعتبارات متعلقة بالنموذج الإماراتي نفسه.
وحتى لو كان هذا المسار -الذي من خلاله يمارسون دور الأستاذ الأخلاقي على الإمارات- لا علاقة له بالتأزم الحاصل في الشرق الأوسط، فإن التنميط المكرر والقولبة الجاهزة دائماً ما يجعلان من الكذبة المروية أحجية مصدقة لا يأتيها الباطل.
الحال هذه مع مرور الوقت وعبر التكرار اللانهائي يمكن أن تؤدي إلى تشكيل مسلمات غير قابلة للنقاش خاصة لدى البسطاء من الناس، فقد يكفي أن تشير المنصات الإعلامية الإخوانية إلى دولة الإمارات حتى تحمل الموضوع إطاراً سلبياً لا يقبل الجدل، هكذا ببساطة من دون تحقق من المعلومة أو أخذ ورد.
فمثلاً برزت خلال الأشهر الماضية، ومنذ عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي تحديداً، معلومات مغلوطة حول البيانات الخاصة بوزارة الخارجية الإماراتية، حيث فسرت بعض العبارات على نحو يوحي بأن دولة الإمارات تأخذ الجانب الخطأ في الصراع الدائر حالياً.
وعلى الرغم من أن لكل دولة مصالحها الخاصة التي تسعى إلى تحقيقها بغض النظر عن الاشتراطات المتخيلة شعبياً، فإنه، ومع ذلك، قدمت دولة الإمارات إدانة واضحة للاستهداف الممنهج للمدنيين من كل الأطراف، بغض النظر عن هوية القتلى، وهو أمر يتماشى مع سياستها التي تنبذ العنف.
إضافة إلى ذلك، سعت دولة الإمارات لإصدار قرار من مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار ويسهم في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، فسخرت جهودها السياسية من أجل هذا المطلب، من خلال بعثتها الدبلوماسية في مجلس الأمن.
إن الأمر ببساطة يتعلق بالرؤية المتسامحة لدولة الإمارات، فهي لا تقبل استهداف الأبرياء بناءً على مسار خطّته منذ سنوات طويلة، وترى بدلاً من ذلك أن أفضل الحلول الممكنة هو الانخراط في التشبيك الاقتصادي والاجتماعي والثقافي مع الدول الإقليمية لتقليل حدة الحساسيات من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز مسار السلام العربي الإسرائيلي الذي يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، دون الانهماك في مشاريع إقليمية تسعى لاستعمال القضية الفلسطينية وفق مصالح خاصة لا تفيد الفلسطينيين بشيء إلا فقط بتعميق مأساتهم الإنسانية.
هذا المسار الدبلوماسي لن يعجب الذين يريدون إشعال المنطقة من أجل مساراتهم الأيديولوجية؛ التي "خُدشت" منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن زاوية متصلة، لا تتوقف الهجمات الإعلامية عند حد التفسير الخاطئ للبيانات الدبلوماسية، بل تتجاوز ذلك إلى تحميل دولة الإمارات مسؤولية أخبار كاذبة لا تمت للحقيقة بصلة، من خلال الشائعات التي تنتشر عبر الفضاء التواصلي، لا سيما بعد أحداث السابع من أكتوبر، وما تبعها من تحركات سياسية وعسكرية على المستويين الإقليمي والدولي.
نحن نتحدث عن شائعات في توقيت حرج وبهدف إحداث بلبلة حول الدور السياسي لدولة الإمارات، وبالتالي الاستمرار في دوامة اختلاق الأكاذيب إلى ما لا نهاية، ضمن «موضة» ترسخت في المنصات الإخوانية.
«موضة» الهجوم الإخواني على دولة الإمارات لا تقتصر على اختلاق الأخبار الكاذبة، بل تتجاوز ذلك إلى تأسيس سرديات إعلامية مغايرة للواقع، فقبل أيام خرجت «بي بي سي» تتحدث عن قضية الاغتيالات الوهمية في الجنوب اليمني، ضمن سياق إثارة الجدل من خلال الاستعانة بشخصيات وهمية من صنع الآلة الإعلامية الإخوانية، خاصة بعد نجاح دولة الإمارات في ترسيخ الأمن والاستقرار السياسي بالتعاون مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
ورغم ضعف التقرير وهزلية شخوصه، فإن «بي بي سي» واصلت التحشيد أكثر فأكثر من باب تحميل الدور الإماراتي جميع الكوارث التي حدثت في المنطقة.
ربما تكون الهجمات الإعلامية الموجهة من قبل الإخوان المسلمين تهدف إلى تعويض حالة النقص التي يشعرون بها تجاه دولة الإمارات خصوصاً بعد انهزامهم التاريخي في محطات عربية كثيرة.
هذه الهجمات تأخذ شكل المعلومات المغلوطة التي تنتشر عبر شخصيات مجهولة ثم ما تلبث الانتشار في مواقع التواصل الاجتماعي؛ فعلى سبيل المثال كان للأزمة السودانية نصيب الأسد من الشائعات المنتشرة بخصوص الدور الإماراتي، رغم أن الأزمة هناك متكونة بفعل عوامل داخلية ذات أبعاد سياسية وعرقية ودينية ومناطقية، أي أن المشكلة تتعلق بإدارة الدولة وكيفية تعاملها مع الشرائح المجتمعية الأخرى وليست بفعل عامل خارجي من هنا أو هناك.
ختاماً؛ قد تتحول الانتقادات السياسية الموجهة لأي دولة إلى "موضة" لدى الإخوان المسلمين، خاصة عندما تكون تلك الدولة ناجحة على المستويين الاقتصادي والسياسي، حيث تسهم هذه الممارسة مثلاً في جعل الهجوم على دولة الإمارات ضمن المسار المعتاد في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ولأن الحقيقية تسمو على كل شيء فإن الأكاذيب المروجة لا يمكنها الاستمرار في المجال التواصلي إلى الأبد، لا سيما مع تزايد الوعي العام بخصوص الجماعات المؤدلجة الكارهة للنموذج الإماراتي، فضلاً عن قوة الإعلام الإماراتي القادر على دحض الشائعات والأكاذيب المتداولة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة