قمة أذرية أرمينية في الإمارات.. «دبلوماسية سلام»

جهود إماراتية متواصلة لإنهاء الخلافات بالطرق الدبلوماسية ونشر السلام حول العالم، يسجلها تاريخ الإنسانية بأحرف من ذهب.
وضمن أحدث تلك الجهود، تستضيف العاصمة الإماراتية أبوظبي، الخميس، قمة تجمع رئيس أذربيجان ورئيس وزراء أرمينيا، في إطار عملية السلام بين البلدين.
قمة أذرية أرمينية تستضيفها أبوظبي على طريق تسوية النزاع القائم بين البلدين منذ نحو أربعة عقود.
ويعتبر عقد هذه القمة في أبوظبي نجاحا إماراتيا جديدا يرسخ مكانة الدولة الخليجية كلاعب أساسي وشريك مهم في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي.
كما يبرز ثقة العالم وتقديره لجهودها ووساطاتها، وذلك انطلاقا من إرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح والسلام وإنهاء الخلافات بالحوار والدبلوماسية.
قمة السلام
وقالت رئاسة أذربيجان، في بيان مقتضب نشر على موقعها الإلكتروني، إنه "في إطار عملية السلام بين أرمينيا وأذربيجان، سيعقد اجتماع ثنائي بين رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف، ورئيس وزراء جمهورية أرمينيا، نيكول باشينيان، في 10 يوليو/تموز (الخميس) في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة".
وفي مارس/آذار الماضي، قالت أذربيجان وأرمينيا، إنهما توصلتا إلى "اتفاق سلام" بعد مفاوضات كان الغرض منها تسوية النزاع القائم بينهما منذ عقود.
وأصدرت الخارجية الأرمينية آنذاك بيانا جاء فيه أن "اتفاق السلام جاهز للتوقيع. جمهورية أرمينيا مستعدة لبدء مشاورات مع جمهورية أذربيجان بشأن موعد ومكان التوقيع".
وفي حينه، رحبت دولة الإمارات بإعلان البلدين إنجاز مفاوضات السلام بينهما، وأعربت عن أملها في أن ترسّخ هذه الخطوة التاريخية جسور التواصل والحوار والاستقرار، وتحقق التنمية لشعبي أرمينيا وأذربيجان، وفي منطقة القوقاز بشكل عام.
ومنذ الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي في 1991، تواجهت أرمينيا وأذربيجان -الواقعتان في منطقة القوقاز- في معارك حدودية عدة، وسعت كل من روسيا ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى التوسط بين الدولتين لفض النزاعات.
مباحثات مهمة
وعشية قمة السلام المرتقبة، عقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، مساء الأربعاء، مباحثات منفصلة مع كل من إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان، ونيكول باشينيان رئيس وزراء جمهورية أرمينيا، عقب وصولهما إلى أبوظبي.
وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن دعم الدولة لكل جهد يهدف إلى ترسيخ أسس الاستقرار والأمن وتحقيق التنمية والازدهار لشعوب منطقة القوقاز.
وتم خلال المباحثات التأكيد على أهمية تعزيز العمل المشترك لترسيخ أسس السلام والاستقرار والأمن الإقليمي والعالمي.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الأذري علاقات البلدين وإمكانيات تعزيز التعاون والعمل المشترك بينهما لتوسيع آفاقها خاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والأمن الغذائي والطاقة المتجددة والعمل البيئي وغيرها من الجوانب التي تخدم المصالح المشتركة وتساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في البلدين.
ورحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة الرئيس إلهام علييف إلى الإمارات، معرباً عن تطلعه إلى أن تساهم زيارته في دفع مسارات التعاون على مختلف المستويات بما يصب في مصلحة البلدين وشعبيهما.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، مؤكدين أهمية تعزيز العمل المشترك لترسيخ أسس السلام والاستقرار والأمن الإقليمي والعالمي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن العلاقات الإماراتية ـ الأذرية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مشيراً إلى أن هذه العلاقات تشهد تطوراً مستمراً خاصة في المجالات التي تخدم التنمية المشتركة.
وقال إن البلدين تجمعهما رؤية مشتركة بشأن أهمية الحوار والتواصل بين مختلف الثقافات والشعوب، مؤكداً أن دولة الإمارات حريصة على بناء شراكات تنموية مع جميع دول منطقة القوقاز وفي مقدمتها أذربيجان لما فيه الخير لشعوب المنطقة كافة، بجانب دعمها كل ما من شأنه تعزيز الاستقرار والسلام والتنمية في المنطقة انطلاقاً من إيمانها بأن السلام هو الطريق لتحقيق تطلعات الشعوب نحو التنمية والازدهار.
وفي لقاء منفصل، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ونيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا مسارات التعاون الثنائي بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية والاستثمارية والتنموية بما يخدم مصالحهما المتبادلة، ويحقق التقدم والازدهار لشعبيهما.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا السياق عن دعم الإمارات لكل جهد يهدف إلى ترسيخ أسس الاستقرار والأمن وتحقيق التنمية والازدهار لشعوب منطقة القوقاز، وذلك انطلاقا من نهج الدولة الأصيل تجاه كل ما يعزز الأمن والسلام على المستويين الإقليمي والعالمي من خلال الحوار والوسائل الدبلوماسية.
وأكد حرص دولة الإمارات على مواصلة العمل المشترك مع أرمينيا، بما يساهم في تحقيق مزيد من التقدم والازدهار للبلدين، وتطلعات شعبيهما نحو التنمية المستدامة.
من جانبه، أعرب رئيس وزراء أرمينيا عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدعمه المتواصل لعلاقات التعاون بين البلدين والارتقاء بها بما يحقق مصالحهما المشتركة، مؤكداً حرصه على تعزيز هذه العلاقات في جميع المجالات.
أطول نزاع في أفريقيا
مبادرة إماراتية جديدة على طريق تحقيق السلام وإنهاء نزاع استمر نحو 4 عقود، يتوج جهودا إماراتية متواصلة لنشر السلام في العالم.
ومع كل جهد إماراتي لدعم السلام والاستقرار، يستذكر العالم بامتنان وتقدير نجاح وساطة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لنزع فتيل أطول نزاع في أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا، في يوليو/تموز 2018، الأمر الذي أسهم في إرساء علاقات استقرار في المنطقة واحترام حسن الجوار.
وفي 9 يوليو/تموز 2018، وقّع أسياس أفورقي رئيس إريتريا وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا إعلانا حول السلام، ينهي رسميا عقدين من العداء بعد آخر مواجهة عسكرية عام 2000 بين الجانبين، خلفت نحو 100 ألف قتيل من الجانبين وآلاف الجرحى والأسرى والنازحين وأهدرت أكثر من 6 مليارات دولار.
وتوج الاتفاق عددا من الخطوات الإيجابية بمبادرة إماراتية لإنهاء الصراع بين إثيوبيا وإريتريا من خلال قمة ضمت الزعيمين في العاصمة أبوظبي، في خطوة شكّلت انتصارا لدبلوماسية السلام.
الأزمة الأوكرانية.. 15 وساطة
أيضا يستذكر العالم بامتنان وتقدير للإمارات وقيادتها، جهود الإمارات المتواصلة لإنهاء الأزمة الأوكرانية.
وتوجت جهود الإمارات بنجاحها في إبرام 15 وساطة لتبادل الأسرى منذ مطلع عام 2024 تم بموجبها إطلاق 4132 أسيرا، وهو رقم كبير يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيدا متواصلا بين طرفيها.
نجاحات متتالية تؤكد من خلالها دولة الإمارات أنها ليست مجرد وسيط محايد، بل صانعة فرص سلام، لتثبت أن الدبلوماسية النابضة بالإنسانية قادرة على اختراق جدران الحرب.
وأحدث تلك الوساطات جرى في 6 مايو/أيار الماضي، واستبقها مطلع الشهر نفسه توجيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشكر للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال مباحثات هاتفية بينهما، وذلك للوساطة الإماراتية الناجحة في تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
وحينها، ثمن بوتين الجهود المثمرة التي تقوم بها دولة الإمارات ووساطاتها في هذا المجال خلال الفترة الماضية.
من جهته، عبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن شكره للرئيس الروسي لتعاون روسيا في إنجاح جميع الوساطات السابقة، مؤكدا أن دولة الإمارات ستواصل مساعيها في هذا الجانب الإنساني المهم وتدعم كل ما من شأنه إيجاد تسوية سلمية للنزاع.
نجاحات إماراتية متتالية في دبلوماسية الوساطة ترسخ مكانة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كشريك مهم في إنجاح مبادرات السلام على المستويين الإقليمي والدولي.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أعرب عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه في أبوظبي 17 فبراير/شباط الماضي على الجهود الدبلوماسية الإماراتية المتواصلة في تبادل الأسرى والاهتمام الذي أبدته دولة الإمارات للجوانب الإنسانية للأزمة.
جهود إماراتية متواصلة لحل الأزمة ضمن حراك متواصل لدعم الأمن والسلم الدوليين.
ومنذ عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كرّست دولة الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي، وذلك انطلاقا من إرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح ونبذ التعصب.