من حرب أكتوبر إلى ثورة يونيو.. مواقف تاريخية تخلد أخوة الإمارات ومصر
مواقف إماراتية عديدة مساندة لمصر وشعبها على مدار السنين يسجلها تاريخ العلاقات الأخوية بين البلدين بحروف من نور.
يستذكر الشعبان الإماراتي والمصري تلك المواقف هذا الأيام، بالتزامن مع تنظيم البلدين احتفالية كبرى خلال الفترة من 26 إلى 28 أكتوبر/تشرين الأول الجاري للاحتفاء بمرور 50 عاماً على العلاقات بين البلدين تحت عنوان "الإمارات ومصر قلب واحد".
الاحتفالية تنطلق تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بهدف تعزيز الروابط والعلاقات المتينة الممتدة لأكثر من خمسة عقود، وصياغة مستقبل أكثر تعاوناً وإنجازاً بين البلدين في مختلف المجالات والقطاعات الحيوية.
وخلال تلك الاحتفالية الكبرى يستذكر المصريون باعتزاز وامتنان وتقدير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات وأبناءه من بعده ومواقف الإمارات البطولية في دعم مصر.
مواقف تجسد شعار الاحتفالية وتؤكد أن "الإمارات ومصر قلب واحد"، كما تثبت الحكمة الشهيرة التي تقول "في المحن والشدائد تظهر معادن الرجال".
وقد أظهرت الحروب والثورات التي شهدتها مصر على مدار تاريخها، المعدن الأصيل لدولة الإمارات وقادتها منذ المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مرورا بالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات الراحل، وحتى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات عبر مواقف عديدة.
حرب 1967
مواقف تعود إلى ما قبل تأسيس دولة الإمارات عام 1971، وقف خلالها الشيخ زايد إلى جانب مصر في أصعب الأوقات، ظهر ذلك جليا في أعقاب حرب يونيو/تموز 1967 حيث سارع -وكان وقتها حاكم إمارة أبوظبي- في التواصل مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر لدعم المجهود الحربي والمساهمة في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية.
كما بادر بمد يد العون لمصر لإزالة مخلفات العدوان الإسرائيلي، عبر إعادة بناء مدن القناة عقب الحرب.
حرب 1973.. الرئيس البطل
وبعد أقل من عامين من قيام دولة الإمارات جاءت حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، ليطل حكيم العرب على العالم بمواقف تاريخية، يخلدها تاريخ الإنسانية، أخذت أكثر من شكل، لتبرهن بشكل جلي حجم ومكانة مصر في قلب زايد.
فكان قراره بوقف تصدير البترول إلى الدول المساندة لإسرائيل، معلنا أمام العالم أجمع مقولته التاريخية بأن "النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي" .
لم يتوقف الدعم عند هذا الحد، بل وضع الشيخ زايد، كل إمكانات دولة الإمارات لدعم المجهود الحربي في معركة الكرامة.
وأرسل الشيخ زايد سرية مشاة ميكانيكا في الجيش الثالث الميداني بقيادة نجله الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات الراحل، عندما كان ولياً لعهد أبوظبي آنذاك لمشاركة أشقاءه المصريين في تحرير الأرض.
وتم توثيق هذا الموقف التاريخي بالتقاط صورة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على الجبهة مرتديا الزي العسكري المصري، في موقف يسجل أقوى معاني الأخوة.
أخوة عبر عنها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أيضا حينما كان من أول المتبرعين بالدم لمصابي الحرب، في صورة تجسد وتوضح التضحيات التي قدمها أبناء الإمارات وقادتها دعما لمصر.
ولا ينسى المصريون آنذاك قيام المغفور له الشيخ زايد، بحجز جميع غرف العمليات الحرجة المتنقلة من أوروبا، ليُعالج فيها الجنود المصريون.
وكان الشيخ زايد موجوداً في لندن عقب اندلاع الحرب، وعقد مؤتمراً صحفياً، وحشد له شعوب العالم لتأييد مصر في حربها ضد إسرائيل، وكانت له مقولة مشهورة في ذلك الوقت، حيث قال: "سنقف مع المقاتلين في مصر وسوريا بكل ما نملك"، وتبرع بـ 100 مليون جنيه إسترليني لصالح المعارك في ثالث أيام المعركة، ولم يكن المبلغ متوافراً في خزينة دولة الإمارات العربية المتحدة في ذلك الوقت، إلا أنه استدان من بنوك لندن لتوفير المبلغ، كما تبرع شعب دولة الإمارات بمرتب شهر لصالح دعم مصر.
وكان الشيخ زايد يتابع سير المعركة لحظة بلحظة، وعندما لاحظ عدم تغطية وسائل الإعلام العالمية لوقائع الحرب إلا من وجهة النظر الإسرائيلية فسارع بالاتصال بالرئيس المصري آنذاك أنور السادات ليستفسر عن ذلك حيث أطلعه الأخير على أن الوسائل الإعلامية تعمل من مدينة تل أبيب نظرا لضعف الإمكانات المادية في مصر حينها.
وعلى الفور أمر الشيخ زايد بتوفير طائرة خاصة لنقل المراسلين على نفقته ليطلعوا بشكل حقيقي وواقعي على تلك الحرب ما وفر رواية مختلفة عنها أكثر وضوحا وعدلا وتوازنا.
نظرا لهذا الدور الكبير للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في دعم مصر، كانت مقولة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات بأن "الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بطلا من أبطال حرب أكتوبر عام 1973 ".
اتفاقية كامب ديفيد
وكما كان الشيخ زايد مساندا لمصر في الحرب، فكان داعما لها أيضا في نشر السلام.
ولا ينسى المصريون وقفة الشيخ زايد إلى جانب بلادهم عندما تم مقاطعة مصر من قبل بعض الدول العربية بعد القمة العربية في بغداد عام 1978 بسبب توقيعه اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل.
حينها قال الشيخ زايد مقولته الشهيرة: "لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود من دون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تستغني عن الأمة العربية".
وظل الشيخ زايد على تواصل مع مصر رغم مقاطعة عدد كبير من الدول العربية، ولعب دوراً بارزاً في إعادة الوئام بين الأمة العربية ومصر.
ثورة 30 يونيو 2013
وعلى درب الوالد المؤسس، كان أبناؤه سباقين في دعم مصر، وهو ما ظهر جليا في أعقاب ثورة 30 يونيو/حزيران بمصر عام 2013، وما عانته مصر آنذاك من ظروف اقتصادية صعبة.
وكانت دولة الإمارات بقيادتها ودبلوماسيتها وأموالها في طليعة الدول الداعمة لها لتنهض مجددا وتستعيد دورها.
آنذاك دعا الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 سبتمبر/ أيلول 2013، إلى تقديم الدعم للحكومة المصرية وللاقتصاد المصري بما يعزز مسيرتها نحو التقدم والازدهار ، وهو ذات العام الذي شهد زيارة مهمة قام بها إلى مصر.
وبادرت دولة الإمارات في مساعدة الجانب المصري فضلاً عن الاشتراك في استثمارات كبرى لدعم الدولة، ففي عام 2013 وقع البلدان اتفاقية لدعم البرنامج التنموي المصري، قدمت بموجبها دولة الإمارات 4.9 مليار دولار لتنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية في مصر.
ولا ينسى المصريون الكلمة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه الرئيس السيسي عقب توليه رئاسة مصر في يونيو /حزيران 2014، بأن "الإمارات ستظل على عهدها وفية لمصر وسندا قويا لها ".
دعم أكد عليه أيضا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال مشاركته في المؤتمر الاقتصادي المصري في مارس/ آذار 2015، حينما قال "إن وقوفنا مع مصر في هذه الظروف ليس كرهاً في أحد ولكن حباً في شعبها، وليس منّةً على أحد بل واجب في حقها" وأكد مجددا على أن "دولة الإمارات ستبقى دائماً مع مصر".
وقدمت الإمارات في عام 2015 حزمة دعم جديدة بقيمة 14.7 مليار درهم للشعب المصري تتكون من شريحتين متساويتين في القيمة إحداهما وديعة في المصرف المركزي المصري والثانية لصالح مشاريع متنوعة في قطاعات متنوعة، كما أعلنت خلال مشاركتها في القمة الاقتصادية بشرم الشيخ، أن إجمالي ما قدمته خلال العامين الأخيرين لمصر-في ذاك الوقت- بلغ نحو 51 مليار درهم.
وعلى مدار اللقاءات المتعاقبة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس السيسي كان تأكيده دائما حول أهمية مصر وخصوصية العلاقات بين البلدين، مؤكدا بأن "مصر ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي العربي.. وأن دولة الإمارات حريصة دائماً على التنسيق معها".
لذلك كان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حريصا على مشاركة مصر في كل إنجاز تحققه على طريق استعادة مصر دورها الريادي، فشارك في افتتاح وتدشين القواعد العسكرية المصرية الجديدة، بداية من مشاركته في افتتاح قاعدة "محمد نجيب العسكرية"» في يوليو/تموز 2017، مروراً بمشاركته في افتتاح قاعدة "برنيس" على البحر الأحمر في يناير/كانون الثاني 2020، وحتى حضوره افتتاح قاعدة "3 يوليو" العملاقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط 2021، وهو ما يؤكد ويعكس قوة وخصوصية العلاقات المصرية - الإماراتية في جميع الأوقات.
الشيخ زايد وأبناؤه في قلوب المصريين
وكما حظيت مصر بمكانة خاصة لدى دولة الإمارات وقادتها، فقد حظيت الإمارات وقيادتها بمكانة خاصة لدى مصر قيادة وشعبا.
حب عبر عنه المصريون بإطلاق اسم الشيخ زايد على عدد من المدارس والشوارع والمدن والمستشفيات، تقديراً لجهوده الدعمة لمصر.
حب عبر عنه المصريون أيضا بمنحهم لقب صاحب أسرع رد فعل إنساني عالمي للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بعد مبادرته السريعة بالتبرع بمبلغ 50 مليون جنيه مصري (3 ملايين دولار) لصالح معهد الأورام الذي تعرض لخسائر جراء الحادث الإرهابي الذي وقع في أغسطس/آب 2019 بمنطقة وسط القاهرة.
aXA6IDMuMTQyLjE3Mi4xOTAg جزيرة ام اند امز