المؤسس الشيخ زايد –طيب الله ثراه– كان يعتبر المجلس الوطني إحدى المؤسسات الاتحادية التي تترسخ من خلالها المشاركة السياسية لكل المواطنين
في العهد القديم قبائل وعشائر متفرقة كانت تبني أسساً من خلال الشورى فيما بينهم في أمور حياتهم اليومية، تختلف الآراء وأحياناً تتحد ولكل منهم سنده ودليله وحجته، مصلحة واحدة يستنفع منها الناس ويريدون التحسين بعدها، وقد أكد على ذلك النظام الإسلامي حيث قال الله تعالى: "وشاورهم في الأمر"، فأهمية الشورى عظيمة وتعتبر قاعدة ترتكز عليها الأمم لدحرجة عجلة التطور والتقدم والرقي نحو الأمام دائماً.
نحن نعيش خلال هذه الأيام عرساً وطنياً اجتمع جميع أبنائه فيه ليشاركوا في الفرحة ويستكملوا مسيرة أسسها الشيخ زايد –طيب الله ثراه– فالمشاركة السياسية سواء كنت مرشحاً أم مُنتَخِبا، هي أمانة وضعت الدولة بين يديك لتشارك معها في مسيرة البناء والتطوير والتقدم
ساد لدى الإمارات المتصالحة العمل بنظام الشورى، حيث اعتاد رئيس القبيلة الرجوع إلى مستشاريه وأتباعه، وسماع وجهات نظرهم قبل الوصول إلى قرار، وبعد قيام الاتحاد عام 1971، استمر العمل بمبادئ الديمقراطية والمشورة، وعُززت تلك المبادئ كركائز أساسية في أحكام الدستور الإماراتي والسلطات الاتحادية.
وهنا لا بد من العودة إلى الماضي قليلاً، في مجتمع الإمارات وما قبل الاتحاد، يتنقل الحكام بين الشعب ويشاورونهم في أمور حياتهم، يأخذون منهم الرأي ويعالجون المشاكل ويدعمون المفيد، وهذا ما سار عليه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان –طيب الله ثراه– فجعل الشورى قاعدة في التواصل بين أبناء شعبه، وذلك لما رأى من خلالها من تحقيق للتواصل بين أبناء الوطن، والشعور من المواطنين بأنهم على صلة بمن يقومون بتنظيم أمور حياتهم اليومية، فالشورى يمكن أن تلخص على أنها بحث عن حق وصواب لترسيخ مصلحة عامة، ويمكن أن تعتبر وسيلة للبحث عن المواهب والأذهان الابتكارية، وهي السبيل إلى الرأي الجماعي الذي يحفظ المجتمع من القرارات الخاطئة .
في عام 1972 نشأ المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة وكانت أولى جلساته في 12-02-1972، هنا بدأ تجسيد مبدأ الشورى في دولة الإمارات العربية المتحدة في صورة جديدة وترجمة لرؤية المؤسس الشيخ زايد –طيب الله ثراه– الذي كان يعتبر المجلس الوطني إحدى المؤسسات الاتحادية التي تترسخ من خلالها المشاركة السياسية لجميع الأفراد المواطنين والمشاركة في دفع عجلة التنمية المستدامة والشاملة التي تطمح إليها حكومة دولة الإمارات.
وبعد أعوام، وفي عام 2006 تحديداً، بدأ حق الانتخاب بمباركة كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد –رعاه الله– حيث تم تشكيل هيئات انتخابية لكل إمارة تكون تحت مظلة لجنة انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، ويكون للشعب حق اختيار ممثليه في المجلس، دعماً للعجلة السياسية ومشاركة المواطنين وتمكينهم لخوض غمار المشاركة السياسية.
وقد جاءت المادة "45" من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة شارحة لأقسامه، فنصت على: "تتكون السلطات الاتحادية من 1- المجلس الأعلى للاتحاد 2- رئيس الاتحاد ونائبه 3- مجلس وزراء الاتحاد 4- المجلس الوطني الاتحادي 5- القضاء الاتحادي"، ويتضح لنا من خلال الدستور أن المجلس الوطني الاتحادي يعتبر السلطة الرابعة في الدولة، وله دوره البرلماني كممثل لشعب الإمارات كافة، من أهم أدواره مراجعة القوانين الاتحادية ورفع التوصيات بشأنها.
هل أعضاء المجلس الوطني منابون عن شعب إمارتهم فقط؟.. كلا، فأعضاء المجلس الوطني الاتحادي ليسوا منتخبين عن إمارتهم فحسب بل عن شعب الاتحاد كافة، وذلك وفقاً لما ورد في المادة "77" من دستور دولة الإمارات حيث أكدت: "عضو المجلس الاتحادي ينوب عن شعب الاتحاد جميعه وليس فقط عن الإمارة التي يمثلها داخل المجلس"، فهذه أمانة عظيمة يحملها كل كفء محب لوطنه ويعمل لأجل وطنه.
ولذلك نحن نعيش خلال هذه الأيام عرساً وطنياً اجتمع جميع أبنائه فيه ليشاركوا في الفرحة ويستكملوا مسيرة أسسها الشيخ زايد –طيب الله ثراه– فالمشاركة السياسية سواء كنت مرشحاً أم مُنتَخِبا، فهي أمانة وضعت الدولة بين يديك لتشارك معها في مسيرة البناء والتطوير والتقدم لنبني اليوم صرحاً وعملاً يشار له بالبنان فيقول من حولنا: "هؤلاء هم أبناء زايد"، فلنضع يدنا بيد بعض ولنشارك في الحق الانتخابي لاختيار مرشح أحب وطنه وسعى لخدمته لنبني وطناً أسسه زايد ويستكمل بناءه اليوم أبناؤه الأوفياء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة