ليس جديداً أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقود حملة عالمية ناجحة لمواجهة التطرف والعنصرية والكراهية
فهي بالأساس تضطلع بكفاءة بدور المنسق العالمي للجهود والتحركات الدولية لتعميق وتعميم التوجه التسامحي والتعايش الإنساني.
وتجسد هذا التوجه بوضوح خلال فترة رئاستها لمجلس الأمن في مارس/آذار من عام 2022 عبر نشاطها وأدائها الدبلوماسي في مجلس الأمن الدولي، غير أن رئاسة الإمارات الدورية الحالية للمجلس في شهر يونيو/حزيران الحالي، حملت حدثاً جديداً وغير مسبوق في تاريخ الدبلوماسية العالمية. إذ جمعت للمرة الأولى في العمل الدبلوماسي والتحرك الدولي بين مستويين لمواجهة الكراهية والعنصرية والتطرف.
المستوى الأول: هو مضمون القضية نفسها أي التطرف والنزعة العنصرية التي تدفع نحو الكراهية والتحريض على الإقصاء ونبذ الآخر. وللإمارات باع طويل وجهد متواصل وتاريخ من الإنجازات في هذا المجال يدركه الكثيرون في العالم.
أما المستوى الثاني، فهو التركيز على "الخطاب" الذي يعمل بمثابة المحرك والموجه لتلك النزعة السوداوية. وهنا يظهر الجديد غير المسبوق الذي حملته رئاسة الإمارات لمجلس الأمن في الشهر الجاري.
ونجاح الإمارات في استصدار قرار من مجلس الأمن يتبنى ويؤكد على مبدأ التسامح لمعالجة خطاب الكراهية والتطرف. إنما يعني نقلة نوعية في آليات ومضمون العمل الدولي على هذا الخطر المتزايد على مستقبل العالم وأمان البشرية.
ولم يكتفِ القرار الدولي بإدراج "الخطاب" تحت مراقبة الحركة الدولية ضد التطرف والكراهية والعنصرية، بل إنه استكشف أبعاداً مختلفة لذلك التحدي العالمي، ألا وهي التداعيات المترتبة عليه وتحديداً انتقال التطرف والكراهية من نطاق الخطاب والتحريض، إلى نطاق الممارسة العملية في وجهها الأكثر بشاعة وهو النزاعات المسلحة والعنف.
إن الإنجاز الذي حققته دولة الإمارات، بالتعاون مع المملكة المتحدة التي شاركت في صياغة مشروع القرار وتبنيه للعرض والتصويت في المجلس أنه للمرة الأولى يعلنها العالم ممثلاً في المؤسسة المسؤولة عن الأمن والسلم الدوليين وهو مجلس الأمن الدولي، أن خطاب الكراهية والتطرف سبيل مؤكد لتحول ذلك الخطر الفكري والقيمي إلى بوابة لتكرار وانتشار النزاعات في العالم.
فقد صوّت مجلس الأمن بالإجماع على القرار رقم (2686) حول "التسامح والسلام والأمن الدوليين"، الذي يعد أول إقرار رسمي عالمي بأن خطاب العنصرية وكراهية الأجانب والتمييز بين الجنسين، يمكن أن يؤدي إلى اندلاع النزاعات وتصعيدها وتكرارها.
ولم يقف التحرك الإماراتي التاريخي عند الإقرار العالمي، بل شرع في التوجيه نحو مواجهته. وذلك بتشجيع جميع المعنيين (القادة الدينيين والاجتماعيين ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي)، على التصدي لخطاب الكراهية والتطرف.
لقد دخل العالم مرحلة جديدة مختلفة في جهود مواجهة التطرف ودعم التسامح والتعايش الإنساني، وهي مرحلة العمل الميداني والاضطلاع بجهود استباقية لمنع النزاعات من تدمير العالم عبر أحد أهم مداخلها غير الظاهرة، وهو التطرف والكراهية على مستوى الخطاب وليس فقط على مستوى الممارسة الفعلية للعنف المادي.
وكما كان للإمارات دائماً السبق في كثير من القضايا والاستحقاقات الدولية، فإن هذا الإنجاز الجديد يضيف إلى رصيد الدبلوماسية الإماراتية المتراكم في قيادة مسيرة العالم نحو التآزر الإنساني والسعي إلى مستقبل آمن وتعاوني وتسامحي بين كل البشر في كل أنحاء الكرة الأرضية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة