الإمارات وفرنسا.. خارطة طريق 10 سنوات تعزز الشراكة

العلاقات الإماراتية- الفرنسية على مستوى عال من التنسيق والتعاون المتجسد في الاتصالات الدائمة بين قيادة البلدين والزيارات المتبادلة.
تشهد العلاقات الإماراتية الفرنسية زخما كبيرا منذ الأيام الأولى للإعلان تأسيس دولة الإمارات العام 1971.
وتوج هذه العلاقات توقيع العديد من اتفاقات التعاون والشراكة، حتى باتت فرنسا الشريك الاستراتيجي الأول للإمارات في أوروبا.
وأخذت العلاقات بين البلدين دفعة قوية بشكل لافت مع وصول الرئيس الراحل جاك شيراك إلى الحكم العام 1995، حيث كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، يعتبر الرئيس شيراك صديقاً وحليفاً موثوقاً، والتنسيق قائما من خلال سعيهما المشترك لإيجاد حلول بديلة وسلمية للأزمات والنزاعات في المنطقة.
ويعد الرئيس الفرنسي الراحل شيراك من أكثر الرؤساء شعبية في تاريخ فرنسا، ولقيت تسمية شارع باسمه، وهو المؤدي إلى متحف اللوفر أثرا طيبا لدى الرأي العام الفرنسي.
العلاقات السياسية
تعتبر العلاقات السياسية الإماراتية- الفرنسية على مستوى عال من التنسيق والتعاون المتجسد في الاتصالات الدائمة بين قيادة البلدين، وفي الزيارات المتبادلة.
وكانت أول زيارة للرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون إلى الشرق الأوسط بعد انتخابه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويجري التنسيق بين دولة الإمارات، وفرنسا في العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، وفي مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والسلم في المنطقة حيث تعد الجمهورية الفرنسية الشريك الاستراتيجي الأول لدولة الإمارات في أوروبا.
التعاون في مجال الفضاء
ويشهد التعاون في المجال الفضائي بين الإمارات وفرنسا تطوراً كبيراً من ناحية صناعة الأقمار الاصطناعية حيث سيتم في سبتمبر/أيلول المقبل إطلاق القمر الاصطناعي الاماراتي "عين الصقر2" من قاعدة جوايانا الفرنسية.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين المركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا ووكالة الامارات للفضاء في عام 2015.
التعليم والصحة
ويحتل التعاون التعليمي بين البلدين أهمية بالغة خاصة مع وجود عديد من المدارس الفرنسية في دولة الإمارات، ومن خلال استقبال الجامعات الفرنسية لأكثر من 70 طالبا إماراتيا في كافة الاختصاصات سنوياً .
وفي يوليو/تموز 2018 تم التوقيع على اتفاقية لتعليم اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية في دولة الإمارات اعتباراً من سبتمبر/أيلول 2018.
وفي عام 2017، تم التوقيع على اتفاقية لتدريب القضاة الإماراتيين في المدرسة الوطنية للقضاء في باريس.
أما في المجال الصحي، فيعتمد التعاون على الاعتراف التدريجي بالعديد من الاختصاصات الطبية بين البلدين كما يجري العديد من الأطباء الإماراتيين فترات تدريبية وتخصصية معمقة في المستشفيات الفرنسية.
وتم الاتفاق على زيادة عدد الأطباء الإماراتيين المتدربين في فرنسا من 15 إلى 18 طبيبا سنويا، وتم توقيع اتفاقية بين هيئة الصحة في أبوظبي والمستشفى الأمريكي في باريس، وهيئة مستشفيات باريس من أجل تامين الرعاية الصحية للمرضى الإماراتيين في باريس.
التعاون الثقافي
وفي 2019-2020 شهد التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي دفعة قوية، وفي أكتوبر 2018، كان الأسبوع الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس، وتم إنشاء إذاعة باللغة الفرنسية في الإمارات تبث برامج 3 مرات أسبوعياً.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2018 أصبحت دولة الإمارات عضوا مشاركا في المنظمة الدولية للفرانكوفونية.
وتعتبر الشراكة الثقافية بين الإمارات وفرنسا الأكثر تطوراً، حيث شهدت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 افتتاح متحف اللوفر/أبوظبي، وهو أول متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي لفرنسا في الخارج، واعتبره الرئيس الفرنسي خلال حفل الافتتاح رسالة كونية، وضد كل أشكال الظلامية، وسبق ذلك في العام 2006 توقيع الاتفاقية حول انشاء جامعة السوربون/أبوظبي.
مساهمات الإمارات الثقافية
ونتج عن التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي إنشاء الصندوق العالمي لحماية التراث المهدد في النزاعات ALIPH في العام 2016، حيث ساهمت الإمارات مع فرنسا بمبلغ 45 مليون دولار بالتعاون مع منظمة اليونيسكو.
وساهمت الإمارات في دعم معهد العالم العربي في باريس بقيمة 5 ملايين يورو في العام 2017، وفي العام نفسه تم افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس.
وضمن مبادرات دولة الإمارات في المجال الثقافي ساهمت في ترميم المسرح الإمبراطوري في قصر فونتبلو التاريخي قرب باريس بمبلغ 10 ملايين يورو وتمت تسمية المسرح باسم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيسر الإمارات.
وتعتزم الإمارات العمل على افتتاح أول مركز ثقافي إماراتي في باريس، وهو الأول أيضاً في أوروبا، وسيشكل ترسيخاً للتعاون الثقافي بين الإمارات وفرنسا، ولدور الثقافة في تعزيز العلاقة بين البلدين.
العلاقات الاقتصادية
من الناحية الاقتصادية تعتبر الإمارات على رأس قائمة أهم الشركاء الاقتصاديين لفرنسا في منطقة الشرق الأوسط حيث بلغ التبادل التجاري بين البلدين عام 2018 ما يفوق 4.5 مليار يورو.
وشاركت شركة مبادلة بنسبة مليار يورو أي ما يعادل 10% من رأسمال في الصندوق الاستثماري "Lac d’argent" أي بحيرة الفضة، والذي أطلقه المصرف الفرنسي للاستثمار بداية العام 2020، والذي من المفترض أن يصل رأسماله إلى 10 مليارات يورو من خلال مساهمة كبرى الشركات الفرنسية فيه.
قطاع الطاقة
وفي مجال الطاقة، فإن شركة "توتال" الفرنسية موجودة في الإمارات منذ بدايات العلاقات الإماراتية-الفرنسية.
وفي عام 2018، كان إنتاج توتال في أبوظبي 290 ألف برميل في اليوم.
وتعد توتال شريكًا في مشروع شمس، أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم قيد التشغيل 100 ميجاوات، تم افتتاحها في العام 2013.
ومنذ عام 2001 أصبحت شريكاً في محطة الطويلة لتحلية المياه ومحطة الطاقة، والتي تنتج حوالي 20٪ من استهلاك المياه والطاقة في أبو ظبي.
كما تتمتع المجموعة بمكانة رائدة في تصنيع وتسويق مجموعة واسعة من زيوت السيارات والزيوت الصناعية مع مصنع لمزج الزيوت في الدولة لتزويد المنطقة بأكملها.
وفي سبتمبر 2018 تم التوقيع على اتفاقية تعاون بين الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في الإمارات ومعهد الوقاية من الإشعاعات والأمن النووي في فرنسا، والتوقيع على اتفاقية تعاون بين الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في الإمارات والوكالة الفرنسية للطاقة المتجددة والنووية.
كما بدأ التعاون بين الإمارات والجمهورية الفرنسية في مجال التدريب والتعليم في تكنولوجيا الفضاء في الربع الأول من عام 2019.
الحوار الاستراتيجي الإماراتي-الفرنسي
أنشىء الحوار الاستراتيجي بين الإمارات وفرنسا في العام 2007، وهو حوار سنوي يهدف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لتصل إلى المستوى الاستراتيجي.
ويهدف الحوار إلى تحديد الفرص والشراكات القائمة والمستقبلية وتضمين استمرارية التعاون في مشاريع ومبادرات قائمة مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والنفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والثقافية، والصحة والفضاء والامن إضافة الى قطاعات أخرى ذات الأولوية المشتركة.
وتتم مناقشة في الاجتماع السنوي على المستوى التقني التعاون الثنائي في القطاعات في كلا البلدين.
وتعتبر هذه الجلسة للعام 2020 هي الجلسة الثانية عشرة لجلسات الحوار.
ويترأس الحوار الاستراتيجي من الجانب الإماراتي رئيس جهاز الشؤون التنفيذية لإمارة أبوظبي خلدون خليفة المبارك، ومن الجانب الفرنسي أمين عام وزارة أوروبا والشؤون الخارجية فرنسوا دولار.
ويعقد الحوار الاستراتيجي بناءً على الخطوط التوجيهية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وتتضمن الجلسة الثانية عشرة مشاركة كل من الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، وريم الهاشمي وزيرة الدولة للتعاون الدولي، إضافة إلى الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير دولة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ومجموعة شركاتها.
وخلال الجلسة اتفقت الإمارات وفرنسا على وضع خارطة طريق للشراكة الاستراتيجية للسنوات الـ10 المقبلة، والتي تضمن استمرارية الإنجازات المشتركة مثل إنشاء اللوفر-أبوظبي، وإنشاء جامعة السوربون-أبوظبي، واتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها في العام 2009.
وتضمنت النقاشات بين الجانبين خلال الجلسة عدة محاور ذات اهتمام مشترك في العلاقات الثنائية، مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار، النفط والغاز، الطاقة النووية والطاقة المتجددة، التربية والتعليم، الثقافة، الصحة، الفضاء والأمن المشترك.
كما ناقش الجانبان التطور في الشراكة الإماراتية الفرنسية في مجال التنمية المستدامة، ويرجع ذلك إلى مذكرة النوايا التي تم توقيعها في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي بين الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي ومعالي جان إيف لودريان وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي.
على ضوء الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، ركز الاجتماع على توحيد الجهود المشتركة لمواجهة جائحة كوفيد-19 واحتمالية تبني سياسات وخطوات مشتركة الى ما بعد ازمة كوفيد-19، واتفق الجانبان على تعزيز شراكتهما في القطاع الصحي من خلال الشراكة في البحث العلمي والطبي إضافة الى مجال الأبحاث الطبية والصيدلانية.
واتفق الجانبان كذلك على جعل الذكاء الاصطناعي محور تعاون استراتيجي للعلاقات بين البلدين، وذلك في إطار إعلان النوايا المعروف باسم " الرؤية الى قرن الواحد والعشرين الرقمي" الموقع في فبراير 2019 بين وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير ومعالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الإصطناعي.
كما اتفق الجانبان على تعزيز الشراكة في القطاع التعليمي، ورحب الجانبان بقرار الإمارات فتح مركز للتدريب الرقمي بالتعاون مع المدرسة الفرنسية الشهيرة عالمياً "مدرسة 42 .
aXA6IDMuMjEuMjA2LjE1MyA= جزيرة ام اند امز