العلاقات الإماراتية الفرنسية.. نموذج يحتذي به العالم
علاقات متميزة تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، يمكن القول إنها باتت نموذجا يحتذي به العالم.
وتمتد الروابط المتينة التي تربط البلدين إلى سنوات طويلة مضت، وتظهر جلية في الزيارات المتبادلة على أرفع المستويات من الجانبين.
ويبدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم الخميس، زيارة عمل لفرنسا، حيث سيلتقي رئيسها إيمانويل ماكرون لبحث علاقات الصداقة والتعاون الإستراتيجي بين البلدين، وسيبحثان عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكانت فرنسا أولى المحطات الخارجية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان عقب توليه رئاسة دولة الإمارات في مايو/أيار الماضي.
وتأسست العلاقات الإماراتية الفرنسية منذ عقود على مودة ومبادئ القانون الدولي، بتكريس احترام جميع الأعراف والاتفاقات الدولية الثنائية والجماعية التي تجمعها مع الدول الأخرى، ما جعل علاقاتها متوازنة وراسخة عبر الزمن.
وعززت السياسة الخارجية الرصينة والعلاقات المتوازنة مكانة الإمارات كدولة تحظى بالتقدير والاحترام إقليميا ودوليا، ومع إنجازاتها الكبيرة التي حققتها بفضل قيادتها الرشيدة على مدى عقود مضت، باتت بمصاف الدول الرائدة بفائض يسجله رصيد علاقاتها بمختلف المجالات.
حوار وتنسيق
ترتكز العلاقات الإماراتية الفرنسية على تنسيق دائم يجعل من الحوار مفتاح رؤى متطابقة بين الجانبين، تستهدف بالأساس تحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي، عبر محاربة الإرهاب وإرساء السلام.
توجُّه تترجمه الاتصالات الدائمة بين قيادة البلدين، والزيارات المتبادلة بين مسؤوليها، ولعل اختيار الرئيس الفرنسي الإمارات كأول وجهة له بالشرق الأوسط عقب انتخابه في 2017، يشكل دليلا على عمق العلاقات التاريخية.
وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، يعتبر الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك صديقاً وحليفاً موثوقاً، وتبنى البلدان رؤية مشتركة لإيجاد حلول بديلة وسلمية للأزمات والنزاعات في المنطقة.
وحتى اليوم، تشمل مجالات التنسيق بين البلدين العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، ومجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والسلم في المنطقة، حيث تعد باريس الشريك الاستراتيجي الأول لدولة الإمارات في أوروبا.
وخلال السنوات الأخيرة، تشهد العلاقات تطورا ملحوظا على الصعيد السياسي، تجسد في الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات الوزارية والحكومية المتواترة.
كما تعددت زيارات الوفود البرلمانية، والاتصالات على أعلى المستويات بين البلدين بشكل سريع وتلقائي وطبيعي، مما يجسد الاهتمام الذي توليه فرنسا كما الإمارات لتطوير العلاقات الثنائية.
عنوان بارز للعلاقات
يعد مكافحة الإرهاب وتكريس التسامح هو العنوان الأبرز الذي تتمحور حوله الرؤية الإماراتية الفرنسية لمعادلة الاستقرار والسلام، سواء في الشرق الأوسط أو حول العالم، حيث تدعم فرنسا الانفتاح على العالم والتسامح بين الشعوب، اقتناعا بأن التنوع بين شعوب وحضارات وثقافات العالم يشكل مصدر إثراء.
رؤية تتبناها الإمارات أيضا من منطلق إيمانها بأهمية التسامح ونبذ الإرهاب من أجل التقارب بين البلدان والشعوب والثقافات، والحرص على تجنب الصراعات.
وبما أن السياق الإقليمي غالبا ما يتسم باضطرابات وتقلبات، تعنى دولة الإمارات بملفي السلام والأمن باعتبارهما بوصلة السلام، وهو ما تتقاسمه مع باريس.
وتجاوزت جهود البلدين لخدمة الأمن الدولي الحوارات والمباحثات لتشمل إنجازات مشتركة ضمن احترام المعاهدات الدولية ومبادئ القانون الدولي، من أجل تخفيف وطأة النزاعات ونشر ثقافة التسامح ونبذ الإرهاب.
مسار ثنائي ناجح ترجمته تصريحات سابقة لوزير الخارجية الفرنسي الأسبق لوريان فابيوس، قال فيها إن العلاقات بين فرنسا والإمارات تعد "جسر النجاح الاستراتيجي لباريس في منطقة الخليج".
خارطة طريق
حوار استراتيجي أطلقه البلدان لضمان المتابعة العملية للمشاريع الرئيسية التي ترتكز عليها العلاقة الثنائية بين البلدين، وفي إطاره، اعتمدا في 2020 خارطة طريق جديدة لشراكتهما الاستراتيجية بالسنوات العشر المقبلة (2020 – 2030).
وأنشئ الحوار الاستراتيجي بين الإمارات وفرنسا قبل سنوات، وهو حوار سنوي يهدف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لتصل إلى المستوى الاستراتيجي.
ويهدف الحوار إلى تحديد الفرص والشراكات القائمة والمستقبلية وتضمين استمرارية التعاون في مشاريع ومبادرات قائمة، مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار
والثقافة والنفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والثقافية، والصحة والفضاء والأمن،إضافة إلى قطاعات أخرى ذات الأولوية المشتركة.
وتضم دولة الإمارات أكبر جالية فرنسية مغتربة في بلدان الخليج العربي، بأكثر من 25 ألف فرنسي مسجّلين في سجل الفرنسيين المقيمين في الخارج.