الإمارات واليونان.. زيارات ومباحثات تعزز "الشراكة الاستراتيجية"
مباحثات متواصلة وزيارات متبادلة بين القادة والمسؤولين بالإمارات واليونان تعزز وتعمق "الشراكة الاستراتيجية" بين البلدين.
وصل إلى أبوظبي، مساء الأحد، كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء اليونان في زيارة رسمية للإمارات تبدأ اليوم الإثنين.
وتعد هذه هي ثالث زيارة رسمية لميتسوتاكيس إلى الإمارات منذ توليه مهام منصبه في يوليو/تموز 2019، بعد زيارتين قام بها للبلاد في فبراير/شباط ونوفمبر/تشرين الثاني عام 2020، تم في الأخيرة الاتفاق على إنشاء "شراكة استراتيجية" بين البلدين.
تأتي الزيارة بعد نحو 6 أسابيع من مباحثات هاتفية بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس وزراء اليونان في 18 مارس/ آذار الماضي، ضمن سلسلة مباحثات هاتفية عقدها الجانبان على مدار الفترة الماضية.
وتخلل تلك المباحثات زيارات متبادلة لمسؤولين رفيعي المستوى من البلدين لتعزيز التعاون الثنائي وبحث حلول سياسية لأزمات المنطقة، بما يساهم في دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم.
قمم وزيارات متبادلة خلال وقت قصير، تعكس متانة العلاقات بين البلدين، وحرصهما المتواصل على التنسيق وتعزيز التعاون بما يصب في صالح شعبيهما والمنطقة.
زيارات متبادلة
وتتوج زيارة كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء جمهورية اليونان للإمارات، علاقات استراتيجية متنامية بين البلدين على أكثر من صعيد، تستهدف تعزيز التعاون الثنائي ودعم الاستقرار الإقليمي.
وتأتي الزيارة بعد نحو 6 أسابيع من مباحثات هاتفية بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس وزراء اليونان 18 مارس/آذار الماضي، تم خلالها بحث علاقات الصداقة والشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين وفرص توسيع آفاقها في مختلف المجالات بما يحقق مصالحهما المشتركة.
جاءت تلك المباحثات بعد نحو 4 شهور من مباحثات هاتفية جرت بين الجانبين في 3 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكد خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن اليونان شريك مهم في العديد من القضايا والملفات الإقليمية، والإمارات حريصة على مواصلة التنسيق والتشاور وتبادل وجهات النظر معها لما فيه مصلحة البلدين والشعبين من ناحية، ومصلحة الاستقرار والسلام والتعاون والتنمية في المنطقة من ناحية أخرى.
أيضا تأتي زيارة رئيس وزراء اليونان بعد نحو شهر من اختتام أعمال اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية اليونان وذلك في مقر وزارة الدفاع بأبوظبي 31 مارس/آذار الماضي.
جاء اجتماع اللجنة العسكرية بعد يومين من لقاء جمع عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي، مع سبريذون أدونيس جورجيادس وزير التنمية والاستثمار اليوناني، في دبي، جرى خلالها بحث سبل تنمية العلاقات الاقتصادية الثنائية بما ينسجم مع الرؤى المستقبلية للبلدين.
كما تأتي الزيارة بعد نحو شهرين من زيارة باناجيوتيس بيكرامينوس، نائب رئيس وزراء اليونان للإمارات 22 و23 مارس/آذار الماضي للمشاركة في احتفالات بلاده بيومها الوطني في "إكسبو 2020 دبي"، الذي استضافته الإمارات على مدار 6 أشهر، واختتم نهاية مارس/آذار.
أيضا في إطار الزيارات المتبادلة والمتواصلة، زار الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، العاصمة اليونانية أثينا في 22 ديسمبر/كانون الأول و10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، والتقى خلالهما كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان.
وناقش خلال الزيارتين سبل تعزيز التواصل المستمر بين البلدين، وتشجيع العلاقات الاستثمارية والتعاون الاقتصادي المتبادل لتحقيق المزيد من العمل المشترك المثمر بين الدولتين الصديقتين ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي اجتماعا ثلاثيا مع نيكوس ديندياس وزير خارجية اليونان ونيكوس خريستودوليديس وزير خارجية جمهورية قبرص الصديقة.
جرى خلال الاجتماع - الذي عقد في دبي - بحث علاقات الشراكة والتعاون بين الدول الثلاث والجهود المبذولة لتعزيزها وتنميتها في المجالات كافة.
جاء هذا اللقاء بعد شهر من اجتماع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ونظيره اليوناني في العاصمة الأمريكية واشنطن 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جرى خلاله بحث علاقات الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين وأهمية ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما استقبل الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في ديوان عام الوزارة بأبوظبي نيكوس ديندياس وزير خارجية اليونان في 8 يونيو/حزيران الماضي.
وسبق أن أجرى كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء جمهورية اليونان، زيارة لأبوظبي في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتم خلالها تبادل اتفاقية البيان المشترك لإنشاء الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، إضافة إلى تبادل مذكرة للتعاون في مجال السياسات الخارجية والدفاعية.
وأكدت حكومتا البلدين في الإعلان المشترك التزام البلدين الثابت بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والمبادئ المنصوص عليها فيه أساسا للسلام والأمن وعلاقات حسن الجوار والحل السلمي للنزاعات لجميع دول المنطقة.
وخلال تلك الزيارة، أشاد كيرياكوس ميتسوتاكيس بمستوى العلاقات الثنائية الإماراتية ـ اليونانية والتعاون الفاعل بينهما في مختلف المجالات، مؤكدا حرص بلاده على تطوير آفاق التعاون وتعزيزه مع دولة الإمارات التي نرتبط معها بعلاقات صداقة متينة.
وأشاد بالمبادرات العالمية الإنسانية التي تطلقها دولة الإمارات والرامية إلى ترسيخ القيم الإنسانية في التعايش والتسامح والتعاون بين الشعوب في مختلف الظروف خاصة أوقات الأزمات.
كما أشاد بأهمية "معاهدة السلام" التاريخية التي وقعتها دولة الإمارات مع إسرائيل في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة وفتح آفاق جديدة للعلاقات بين دول المنطقة تخدم شعوبها ومستقبلها.
كما أجرى رئيس وزراء اليونان زيارة أخرى في 4 فبراير/شباط من العام نفسه، أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
تعاون عسكري
على صعيد التعاون العسكري، اختتمت في 31 مارس/آذار الماضي أعمال اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية اليونان وذلك في مقر وزارة الدفاع بأبوظبي.
وبحث الجانبان، خلال الاجتماع، علاقات التعاون والتنسيق المشترك في المجال الدفاعي والعسكري وسبل تنميتها بما يحقق المصالح الوطنية المشتركة بين البلدين.
وفي ختام اجتماع اللجنة، تم التوقيع على برنامج التعاون العسكري الإماراتي/ اليوناني لعام 2022 / 2023 الذي يركز على عقد التمارين المشتركة والتنسيق في مجال التدريب وتبادل الخبرات بين الجانبين بهدف تطوير وتأهيل القدرات البشرية ورفع كفاءة الخبرات العسكرية والفنية التي تمتلكها القوات المسلحة في كلا البلدين.
جاء هذا الاجتماع بعد عدة شهور من مشاركة البلدين في التمرين العسكري المشترك "ميدوزا -11" الذي أقيم في اليونان نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وذلك بمشاركة وحدات من القوات البحرية والجوية والعمليات الخاصة والطيران المشترك من دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية واليونان وقبرص فضلا عن مشاركة المملكة الأردنية الهاشمية بصفة مراقب.
جاء التدريب في إطار دعم علاقات التعاون العسكري بين القوات المسلحة لجميع الدول الشقيقة والصديقة المشاركة بالتدريب، وتعزيز القدرة على إدارة وتنفيذ مهام قتالية مشتركة باستخدام مختلف الأسلحة الحديثة.
تأتي تلك التمرينات بعد شهرين من اختتام قوات خاصة من الإمارات والسعودية ومصر واليونان، التدريب الرباعي المشترك "هرقل 21"، الذي أقيم بمنطقة بيراموس اليونانية.
تعاون إنساني
على الصعيد الإنساني، كانت دولة الإمارات كدأبها من أوائل الدول التي أعلنت تضامنها مع الشعب اليوناني خلال حرائق الغابات التي شهدتها البلاد أغسطس/ آب الماضي، وكانت القيادة الإماراتية سباقة في تقديم الدعم والمساندة وتسخير الامكانيات خاصة اللوجستية منها لتعزيز الجهود المبذولة لإخماد الحرائق ومحاصرتها والحد من انتشارها وامتدادها إلى مناطق أخرى.
ودشنت الإمارات جسراً جوياً لتقديم المساعدات إلى المتأثرين من حرائق الغابات في جمهورية اليونان وتوفير احتياجات المدنيين المتأثرين بالحرائق وتعزيز الحماية لهم، إلى جانب مساهمتها في عمليات إخماد الحرائق التي أدت إلى تدمير مساحات شاسعة من الغابات وفقدان العديد من اليونانيين لممتلكاتهم.
وفي 13 أغسطس/آب الماضي، تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً من كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان أعرب خلاله عن شكره للدعم الذي تقدمه دولة الإمارات إلى بلاده ومساعدة المتأثرين من حرائق الغابات وتوفير احتياجاتهم الضرورية إضافة إلى مساهمتها في إخماد الحرائق التي تشهدها عدد من مناطق اليونان.
علاقات متنامية
وترتبط دولة الإمارات واليونان بعلاقات ثنائية وطيدة على مختلف الأصعدة، ضمن مساع مشتركة للارتقاء بها إلى آفاق أعلى، بما يخدم تطلعات الشعبين الصديقين في التنمية والتقدم.
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات وجمهورية اليونان في 31 مايو/أيار من عام 1975 وتم افتتاح سفارة اليونان في أبوظبي عام 1989 وفي نوفمبر 2008 افتتحت سفارة الإمارات في أثينا.
وأسست الإمارات واليونان دعائم شراكة استراتيجية قوية قائمة على الرؤية المشتركة بشأن السلام والازدهار في المنطقة وعززتا من علاقتها الثنائية في مجموعة من الجوانب بما في ذلك المجالات الاقتصادية والسياسية والطاقة والنقل والسياحة والثقافة.
وتتوافق رؤى البلدين بشأن العديد من القضايا والملفات خاصة ما يتعلق بالعمل على إيجاد تسويات سلمية للنزاعات والأزمات التي تشهدها المنطقة ودفع المساعي الدبلوماسية التي تسهم في تحقيق تطلعات شعوبها إلى السلام والازدهار والتنمية وتعزز الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
على الصعيد الاقتصادي، بلغت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين دولة الإمارات واليونان خلال عام 2021 نحو 2.1 مليار درهم محققة نمواً بنسبة 67% مقارنة مع 2020، وبنسبة 23% عن عام 2019، ما يعكس تحقيق قفزة نمو كبيرة مقارنة بمستويات ما قبل جائحة كوفيد-19.
وبلغ رصيد قيمة الاستثمار اليوناني في الإمارات أكثر من 341 مليون درهم إماراتي لنهاية 2019 منها قرابة 50% في الأنشطة العقارية، و23% منها في النقل والتخزين و20% البناء والتشييد والمعلومات والاتصالات بنسبة 4%. وفي المقابل، زاد رصيد الاستثمارات الإماراتية المباشرة في اليونان لنهاية 2020 على 954 مليون درهم.
ويقيم في الإمارات نحو 4 آلاف مواطن يوناني يساهمون في دعم العملية التنموية والاقتصادية والاجتماعية في بلدهم الثاني الإمارات.