الإمارات وإندونيسيا.. 43 عاما من التعاون والعلاقات الاستراتيجية
سياسات البلدين تتفق في نبذ العنف والتطرف وتشجيع الحوار بين الأديان والسعي المشترك نحو نشر قيم الإسلام الداعية إلى السلام والتسامح.
على مدار 43 عاما، تشهد العلاقات "الإماراتية-الإندونيسية" تناميا في جميع المجالات الاستراتيجية والسياسية انعكست على التبادلات الاقتصادية والتجارية عبر الزمن.
وتجلت وشائج علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وإندونيسيا بفضل التعاون بين البلدين سواء عبر زيارات رسمية واتفاقيات سياسية وقانونية وثقافية وسياحية أبرزت متانة العلاقات الوثيقة بين البلدين.
وتتفق سياسات البلدين في نبذ العنف والتطرف والعمل على تشجيع الحوار بين الأديان لجمع الشعوب مختلفة الأعراق والثقافات والسعي المشترك نحو نشر قيم الإسلام السمحة الداعية إلى السلام والرخاء والوئام والتسامح الدائم.
** بداية العلاقات
وتأسست العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1976؛ حيث حرصا على تطوير علاقات الصداقة والتعاون بينهما في المجالات كافة وبإمكانيات ضخمة.
وجرى افتتاح السفارة الإندونيسية في أبوظبي 28 أكتوبر/تشرين الأول 1978 على مستوى القائم بالأعمال حتى تاريخ 29 مارس/آذار 1993؛ حيث عينت جاكرتا أول سفير لها لدى الدولة.
كما تم افتتاح قنصلية عامة في دبي منذ فبراير/شباط 2004، ولدى إندونيسيا مكتب لترويج التجارة تم تفعيله في فبراير 2003، وذلك بالإضافة إلى مكتب لترويج الاستثمار تم افتتاحه عام 2010.
فيما فتحت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بجاكرتا في 10 يونيو/حزيران 1991.
وافتتح الهلال الأحمر الإماراتي مكتبا له بجاكرتا عام 1997؛ حيث يقدم خدمات كبيرة خصوصا في المناطق التي تتضرر من الكوارث الطبيعية.
كما أسست دولة الإمارات العربية المتحدة مكتبا للخدمات القنصلية بجاكرتا في أغسطس 2014 بهدف تقديم خدمات قنصلية إلكترونية متميزة وسريعة، خصوصا في مجال إرسال العمالة الإندونيسية.
ويبلغ عدد أبناء الجالية الإندونيسية في الإمارات 105 آلاف شخص، وفقا لتصريحات صحفية لمسؤولين في جاكرتا.
وتقع إندونيسيا في الجنوب الشرقي من قارة آسيا، بين المحيط الهندي والمحيط الهادئ، وتتمدد على مساحة تبلغ 1.904.569 كم مربع، على شكل مجموعة من جزر وأرخبيلات، وتعد الدولة الـ16 في العالم من حيث المساحة، وهي رابع دولة من حيث عدد السكان في العالم، وهي أكبر بلد مسلم في العالم.
** زيارات متبادلة
وشهد البلدان زيارات لكبار المسؤولين؛ كانت أبرزها الزيارة التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى إندونيسيا في عام 1990.
وعبرت الزيارة عن الأهمية الكبيرة التي توليها قيادة دولة الإمارات للعلاقات الإماراتية-الإندونيسية منذ سنوات طويلة ومثلت منطلقا لما شهدته هذه العلاقات، خلال السنوات الماضية، من نموٍّ وتقدم في المجالات المختلفة.
كما جاءت زيارة الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، في سبتمبر/أيلول 2015 لتضيف زخما للعلاقات بين البلدين.
وتناولت الزيارة التي كانت الأولى له للإمارات منذ توليه منصبه في 2014، أهمية توطيد العلاقات القائمة بينهما إلى جانب سعيهما المشترك لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وتوسيع نطاق الشراكة في شتى المجالات خاصة التجارة والأعمال والاستثمار.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، زار الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، جاكرتا، والتقى خلالها كبار المسؤولين بالدولة؛ بينهم وزيرة الخارجية ونائب رئيس الدولة محمد يوسف كالا.
وجرى خلال اللقاءات بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيز فرص التعاون في مختلف المجالات بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين والتطورات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط وعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
والشهر الماضي، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، مع رئيس إندونيسيا جوكو ويدودو، خلال اتصال هاتفي، علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين وسبل تعزيزها وتنميتها بما يخدم المصالح المشتركة.
واستعرض الشيخ محمد بن زايد والرئيس الإندونيسي، خلال الاتصال، التطورات والمستجدات في المنطقة وأهم القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأكد الجانبان متانة العلاقات التي تجمع البلدين والحرص على تدعيم أوجه التعاون والتنسيق في مختلف المجالات.
ووصل، اليوم الأربعاء، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، إلى جاكرتا في زيارة تاريخية إلى جمهورية إندونيسيا.
** تعاون برلماني
وفي مارس/آذار 2017، بحث المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي مع وفد من البرلمان الإندونيسي تعزيز وتقوية العلاقات البرلمانية بين الطرفين والدفع بها قدما نحو الأمام من خلال الاجتماعات الثنائية والزيارات البرلمانية لتعزيز تبادل الخبرات البرلمانية.
كما ناقشا دعم عملية توحيد الرؤى والجهود والمواقف في العديد من القضايا والمواقف المهمة التي تهم البلدين الصديقين في المحافل البرلمانية الدولية، بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين.
جاء ذلك خلال استقبال جمال محمد الحاي، عضو المجلس الوطني الاتحادي، رئيس لجنة الصداقة مع برلمانات الدول الآسيوية، في أبوظبي، أسريل حمزة تانجونج، نائب رئيس اللجنة الأولى للشؤون الخارجية في البرلمان الإندونيسي والوفد المرافق له.
** تعاون عسكري
وفي يوليو/تموز 2018، استقبل محمد بن أحمد البواردي، وزير دولة لشؤون الدفاع في مقر وزارة الدفاع بأبوظبي، الفريق أول هادي شاهيانتو رئيس هيئة الأركان المشتركة الإندونيسية.
وجرى خلال اللقاء التأكيد على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطوير علاقات الصداقة والتعاون في المجالات الدفاعية والعسكرية بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، كما تبادلا وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية.
ومطلع الشهر الجاري، استقبل البواردي سفير الجمهورية الإندونيسية لدى الإمارات حسين بجيس والوفد المرافق.
واستعرض الجانبان خلال اللقاء عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك إضافة إلى المستجدات الراهنة وتطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وتبادلا وجهات النظر.
** تبادل تجاري وتعاون اقتصادي
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تناميا ملحوظا؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإندونيسيا نحو 3.7 مليار دولار.
ويعد ملتقى "الإمارات-إندونيسيا للأعمال" الذي يشارك به الوزراء وكبار المسؤولين ورؤساء ومديرو الشركات والمؤسسات العامة والخاصة في البلدين الحدث الأبرز الذي ينظم لتوسيع مجالات التعاون ودفع مسيرة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين وتعريف الشركات والمؤسسات الراغبة بالاستثمار بالقطاعات والمجالات التي تتوافر فيها فرص استثمارية متعددة.
وفي 10 يوليو/تموز الجاري، نظمت غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، لقاء عمل تجاريا جمع بين اتحاد غرف التجارة والصناعة بالدولة وغرفة التجارة الإندونيسية بالعاصمة جاكرتا.
وجاء اللقاء على هامش زيارة سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والصناعة، وفريق العمل الاقتصادي للإمارات، المشارك في الاجتماع الثنائي مع جمهورية إندونيسيا، لبحث وتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي، خاصةً فيما يتعلق بمجالات الطاقة والتعدين والسياحة والتطوير العقاري والطيران.
وأكد حميد محمد بن سالم الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة بالإمارات، أن بيئة الأعمال في إندونيسيا تُعَد من الجهات الاستثمارية الواعدة، مشيرا إلى ضرورة تقوية وتعزيز روابط التعاون من خلال تكثيف زيارات الوفود الاقتصادية، وكذلك التزود بالمعلومات التعريفية بالمناخ الاستثماري الإندونيسي والفرص المتاحة.
وأشار إلى أن القطاع الخاص الإماراتي له خبرة طويلة فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية من خلال إقامة عدة مشاريع في مختلف دول العالم.
وأكد استعداد اتحاد الغرف والغرف الإماراتية الأعضاء لتسخير كل الإمكانيات في سبيل تقوية العلاقات الاقتصادية وفتح آفاق رحبة للتعاون التجاري المشترك، لا سيما في ظل العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا الصديقة.
** اتفاقيات تعاون
وأسهمت العديد من الاتفاقيات في تعزيز العلاقات بين البلدين؛ بينها مذكرة تفاهم لإنشاء اللجنة المشتركة للتعاون الثنائي بين البلدين أكتوبر/تشرين الأول 2010 وتوقيع اتفاقيتين لتسليم المجرمين والمساعدة القانونية فبراير/شباط 2014، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال مكافحة الاتجار بالبشر 13 سبتمبر/أيلول 2015، وبحث التعاون لاستقدام وتشغيل العمالة الإندونيسية 15 نوفمبر/تشرين الأول 2017.
** 105 آلاف مقيم
ويبلغ عدد أبناء الجالية الإندونيسية في الإمارات 105 آلاف شخص؛ 50% منهم يعيشون في دبي و50% في أبوظبي وباقي الإمارات، وفقا لتصريحات صحفية لرضوان حسن القنصل الإندونيسي في دبي.
وقال حسن إن مستوى المعيشة وحجم الحرية المكفولة للجميع ونسبة الشعور بالأمن والأمان في الإمارات تجعلها من الدول المفضلة للإندونيسيين للعمل والعيش خاصة في ظل المساواة في جميع الحقوق والحريات التي تمنحها دولة الإمارات.