الإمارات وإندويسيا.. شراكة "المستقبل المزدهر"
على مدى زمني يتجاوز الـ45 عامًا، كانت الشراكة الاستراتيجية سمة رئيسة للعلاقات المتجذرة بين الإمارات وإندونيسيا.
واليوم الدولتان تمضيان عبر جهود ثابتة وخطوات متسارعة نحو حمل تلك العلاقات إلى مرحلة الآفاق المستقبلية الأرحب اقتصاديًا.
وترتبط الإمارات مع إندونيسيا بعلاقات ثنائية طويلة الأمد قائمة على الالتزام المشترك بتحقيق التعاون في كل المجالات، وعلى رأسها التجارية والاستثمارية بين البلدين الصديقين.
شراكة اقتصادية شاملة
في مطلع سبتمبر 2021، قام وفد رسمي من دولة الإمارات برئاسة ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية بزيارة إلى مدينة بوجور الإندونيسية لبحث سبل تعميق العلاقات التجارية و الاستثمارية بين البلدين الصديقين.
والتقى الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في قصر جاكارتا، ثاني الزيودي والوفد المرافق له وتبادلا الرؤى حول مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية، وبحثا أهمية التعاون الدولي لتعزيز التنمية المستدامة وتسريع تعافي الاقتصاد العالمي.
وخلال الزيارة، أطلق كل من ثاني الزيودي ومحمد لطفي وزير التجارة الإندونيسي محادثات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا، والرامية إلى التوصل إلى اتفاق من شأنه تعزيز و زيادة الفرص الاقتصادية والاستثمارية البينية وتدشين مرحلة جديدة من التعاون المشترك.
وكانت دولة الإمارات قد أعلنت مؤخرا عن خططها لتوسيع علاقاتها الاقتصادية والاستثمارية والتجارية مع مجموعة من الأسواق الواعدة حول العالم من بينها إندونيسيا، وذلك ضمن "مشاريع الخمسين" الرامية إلى دفع الاقتصاد الوطني إلى مرحلة جديدة من النمو المستدام خلال السنوات المقبلة.
وأكد ثاني بن أحمد الزيودي، أن انطلاق مباحثات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وإندونيسيا يأتي تتويجا للعلاقات الاقتصادية والتجارية المتينة الممتدة لعقود بين الدولتين الصديقتين.
وتابع، أن هذه المباحثات تؤسس لشراكة طموحة تخلق المزيد من الفرص الجديدة لنمو وازدهار الاقتصاد والأعمال في البلدين، وتجذب المزيد من الاستثمارات والمواهب، وتدفع التبادل التجاري الثنائي إلى آفاق جديدة.
وأشار، إلى أن مثل هذه الشراكات الاقتصادية تسهم في تسريع تعافي الاقتصاد العالمي من الآثار السلبية لجائحة "كوفيد 19" كونها تفتح الأبواب أمام التدفق التجاري والاستثماري بين بلدين تحققان معدلات نمو اقتصادي متسارعة.
استثمارات طويلة المدى
وترتبط دولة الإمارات مع جمهورية إندونسيا بعلاقات ثنائية طويلة الأمد قائمة على الالتزام المشترك بتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وقد ضخت دولة الإمارات مطلع العام الجاري استثمارات تقدر بأكثر من 10 مليارات دولار لتحفيز النمو الاقتصادي لإندونيسيا في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والبنية التحتية والسياحة والتكنولوجيا والأمن الغذائي، وذلك بالتعاون مع هيئة الاستثمار الإندونيسية.
وفي 2 نوفمبر 2021، قال صندوق الثروة السيادي الإندونيسي وشركة الخدمات اللوجستية التي مقرها دبي "دي بي وورلد" العالمية، إنهما وقعا صفقة بقيمة 7.5 مليار دولار لتشكيل كونسورتيوم على المدى الطويل للاستثمار في الموانئ البحرية في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا.
وأوضحت "دي بي وورلد" وهيئة الاستثمار الإندونيسية في بيان مشترك، أن الكونسورتيوم سيستكشف الاستثمارات في المرافئ ومناطق البضائع والنقل البري من وإلى الموانئ والمناطق الصناعية، مما سيقلل من التكاليف اللوجستية بإندونيسيا.
وفي أكتوبر الماضي، أعلنت شركة "جو تو" أكبر شركات التكنولوجيا في إندونيسيا، أن جهاز أبوظبي للاستثمار؛ سيستثمر 400 مليون دولار في بداية جولة لتدبير التمويل قبل طرح عام أولي للمجموعة الإندونيسية.
وأشاد أندريه سوليستيو الرئيس التنفيذي لمجموعة "جو تو" باستثمار جهاز أبوظبي في شركته ووصفه بأنه "الأول في مسعانا لجمع التمويل قبل الطرح العام الأولي ونحن نهييء نشاطنا للنمو المطرد خلال الشهور والسنوات المقبلة".
ووقال حمد شهوان الظاهري، المدير التنفيذي لإدارة الأسهم الخاصة في جهاز أبوظبي للاستثمار في بيان إن الاستثمار في "جو تو" يتماشى مع عدد من محاور الاستثمار الرئيسية لدى الجهاز، والتي يعتبر أحدها؛ الاقتصاد الرقمي في الأسواق سريعة النمو في جنوب شرق آسيا.
وحول أبرز المشاريع المشتركة بين البلدين في الفترة الحالية، تواصل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" مشاريعها الرائدة في قطاع الطاقة المتجددة بإندونيسيا حيث دشنت " بالتعاون مع شركة الكهرباء الإندونيسية أكبر محطة طاقة شمسية عائمة بقدرة 145 ميجاوات في جنوب شرق آسيا وتقع في سيراتا غرب جاوة ومنذ توقيع اتفاقية شراء الطاقة في أبوظبي في يناير 2020 يسير المشروع في المسار الصحيح.
وتسهم المشاريع التي تنفذها "مصدر" -الشركة الإماراتية الرائدة في قطاع الطاقة المتجددة عالميًا- في توفير خدمات متقدمة وكذلك فرص عمل لأبناء اندونيسيا.
علاقات تجارية زخمة
وعلى صعيد العلاقات التجارية فقد شهدت العلاقات بين البلدين تناميًا ملحوظًا؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإندونيسيا نحو 2.53 مليار دولار حتى أغسطس 2021، ووصلت الصادرات والواردات الإندونيسية إلى 1.12 مليار دولار، و 1.41 مليار دولار على التوالي.
وكان حجم التجارة بين البلدين في عام 2020، قد بلغ نحو 2.92 مليار دولار، وسجلت الصادرات والواردات 1.24 مليار دولار و1.68 مليار دولار على التوالي.
وإجمالًا، تجاوز حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإندونيسيا نحو 16 مليار دولار على مدار 5 سنوات خلال الفترة من عام 2016 وحتى العام 2020.
وتعد أهم الصادرات الإماراتية إلى إندونيسيا البترول، والكيماويات ومنتجاتهما، والألومنيوم ومصنوعاته، والحديد والفولاذ، والتمور، والمواد البلاستيكية.
فيما تشمل أهم الواردات الإماراتية من إندونيسيا الأخشاب، والمنسوجات، والشاي، والبن، والورق بمختلف أنواعه، والمعدات الكهربائية، والمطاط ومنتجاته والعود، ومحركات ودراجات، والذهب والمعادن الثمينة ومصنوعاتها.