سجل إنساني مضيء.. مبادرات إماراتية للحد من تداعيات الكوارث الطبيعية

جهود إغاثة مكثفة لدعم متضرري زلزال ميانمار، تتوج سجلا إماراتيا إنسانيا مضيئا لتخفيف أوجاع العالم الناتجة عن الأزمات والكوارث الطبيعية.
جهود عابرة للحدود والقارات، تؤكد أن الإمارات حاضرة دائماً لمد يد العون والمساعدة ودعم المتضررين والمنكوبين من الكوارث الطبيعية، الأمر الذي ساهم في إنقاذ حياة الملايين من البشر والتخفيف من معاناتهم.
أينما يممت وجهك بالعالم، ستجد أيادي الإمارات البيضاء حاضرة في كل مكان، تشهد ويشهد معها تاريخ الإنسانية على عطاء لا ينضب ومسيرة خير مستدامة تجسد مفهوم الأخوة الإنسانية كما ينبغي أن يكون، وتبعث الأمل في نفوس العالم بغد أفضل.
وخلال الشهور الأولى من عام 2025، واصلت دولة الإمارات حضورها الإنساني عالميا على صعيد إغاثة ونجدة المتضررين من الكوارث الطبيعية التي شهدتها العديد من دول العالم، أحدثها ميانمار التي ضربها زلزال بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر يوم الجمعة الماضي، وأسفر عن مصرع أكثر من 3 آلاف شخص، وتشريد الآلاف و انهيار عشرات المباني وتضرر البنية التحتية في البلاد.
يأتي دعم ميانمار بعد أسابيع من الإعلان عن تقديم مساعدات لكل من الصومال وبنغلاديش وتشاد والبرازيل يناير/كانون الثاني الماضي في إطار جهود الإمارات الإنسانية المستمرة لدعم الشعوب المتضررة من الكوارث الطبيعية.
تأتي جهود دعم وإغاثة ميانمار والصومال وبنغلاديش وتشاد والبرازيل في 2025، بعد تقديم مساعدات على مدار عام 2024 لكل من: بوركينا فاسو، والبرازيل، والفلبين، وإثيوبيا، وكينيا، والكونغو الديمقراطية، وموريتانيا، واليمن، ونيجيريا، ونيبال، وجنوب أفريقيا، وساحل العاج، والكاميرون.
مبادرات رائدة
أيضا في إطار جهود الإمارات، لتعزيز الاستجابة للأزمات والكوارث، استضافت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بمقرها في أبوظبي، فبراير/شباط الماضي، ملتقى "الشراكات الإنسانية"، الذي نظمته وزارة الخارجية الإماراتية، بمشاركة واسعة من الجهات الإنسانية الإماراتية، والقطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والدولية.
ناقش الملتقى عددا من المحاور تضمنت إتاحة المجال لتأسيس الشراكات، ومشاركة المعلومات بين الأطراف الفاعلة في المجال الإنساني في الإمارات والمنطقة العربية، وزيادة الوعي بحالات الطوارئ الإقليمية والدولية، بجانب مناقشة أفكار تتعلق بالتنسيق والشراكات، وتحديدا شركاء العمل الإنساني في الإمارات، بما فيهم القطاع الخاص، لضمان تضافر وتنسيق الجهود بين مختلف القضايا المشتركة بين القطاعات في الأزمات الإنسانية.
مبادرة أتبعتها الإمارات بإعلان مركز محمد بن راشد للفضاء، منتصف مارس/آذار الماضي نجاح إطلاق القمر الاصطناعي "اتحاد سات"، أول قمر اصطناعي راداري يُطوره فريق المركز، يُعد "اتحاد سات" إنجازًا بارزًا في مسيرة الإمارات الفضائية ويُمثل نقلة نوعية في مجال رصد الأرض باستخدام تقنية التصوير الراداري.
يوفر القمر الاصطناعي أنماط تصوير متعددة تشمل التصوير الدقيق لمناطق محددة، والتغطية الواسعة للمناطق الكبيرة، ورصد امتداد المناطق الطولية، ما يجعله أداة حيوية لدعم قطاعات متنوعة مثل إدارة الكوارث الطبيعية عبر توفير بيانات آنية عن المناطق المتأثرة وتتبع تسربات النفط ورصد التغيرات البيئية لدعم الاستدامة البيئية.
مبادرات تتواصل على مختلف الأصعدة وتتدفق معها المساعدات الإماراتية كأنهار عطاء جارية لمد يد العون والمساعدة لإغاثة جميع الشعوب التي تمر بظروف صعبة، ضمن استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الإمارات وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً" من دون تمييز بناء على أساس الجغرافيا أو العرق أو الدين، سيراً على نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العطاء ومواصلة أعمال الخير، وتنفيذا لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
ميانمار.. إغاثة عاجلة
ضمن أحدث تلك الجهود، يواصل حاليا فريق الإمارات للبحث والإنقاذ تنفيذ المهام الإنسانية في جمهورية اتحاد ميانمار، ضمن جهود دولة الإمارات في دعم الدول المتضررة من الكوارث الطبيعية، وتقديم العون الإغاثي العاجل.
وتنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، أرسلت دولة الإمارات بشكل عاجل فريق البحث والإنقاذ الإماراتي التابع لهيئة أبوظبي للدفاع المدني والحرس الوطني وقيادة العمليات المشتركة لدعم جهود البحث والإنقاذ للمتأثرين من آثار الزلزال الذي ضرب جمهورية اتحاد ميانمار.
يأتي ذلك في إطار استجابة دولة الإمارات الإغاثية الفورية للمتضررين جراء الكوارث والأزمات والزلازل والأعاصير في مختلف الدول، انطلاقاً من مسؤولياتها الدولية ورسالتها الحضارية والتزاماتها الإنسانية لسرعة مد يد العون ومساعدة المحتاجين وإغاثة المنكوبين في شتى أنحاء العالم، وتأكيداً على الدور الإماراتي الإنساني الرائد وجاهزية وكفاءة فرق العمل المختلفة في البحث والإنقاد والإغاثة.
ويواصل حاليا الفريق تنفيذ عمليات البحث والإنقاذ في ستة مواقع حتى الآن، بكفاءة عالية دون توقف، ضمن نظام مناوبات يغطي الفترتين الصباحية والمسائية، بهدف تسريع وتيرة الاستجابة، والوصول إلى أكبر عدد ممكن من المواقع المتضررة في أقصر وقت ممكن.
جهود تتواصل على مدار الساعة، لتنفيذ مهام الفريق الإنسانية، ضمن جهود دولة الإمارات في دعم الدول المتضررة من الكوارث الطبيعية، وتقديم العون الإغاثي العاجل.
ووصلت طائرتان عسكريتان إماراتيتان محملتان بمعدات البحث والإنقاذ برفقة فرق إنقاذ إماراتية، قبل عدة أيام، إلى مطار يانغون الدولي لمساعدة المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب ميانمار.
وقوبلت جهود الإمارات العربية المتحدة في إرسال فريق إنقاذ لمساعدة المتضررين من زلزال ميانمار بإشادة واسعة من قبل المواطنين في ميانمار، الذين عبّروا عبر مواقع التواصل عن امتنانهم العميق لهذا الدعم الإنساني.
الصومال.. دعم متضرري الفيضانات
أيضا في إطار جهودها الإنسانية المستمرة لدعم الشعوب المتضررة من الكوارث الطبيعية، أرسلت دولة الإمارات يناير/ كانون الثاني الماضي 700 طن من الإمدادات الغذائية العاجلة إلى المتضررين من الفيضانات التي اجتاحت عدة مناطق في الصومال.
تأتي هذه المساعدات ضمن توجيهات القيادة الرشيدة لتعزيز الجهود الإنسانية والتخفيف من معاناة الشعب الصومالي الشقيق، حيث تشمل شحنات المساعدات سلالا غذائية أساسية لتلبية احتياجات قرابة 150 ألف شخص من الأسر المتضررة، وتوفير الدعم العاجل للمجتمعات التي تأثرت بالفيضانات.
مساعدات إنسانية تؤكد الدور الريادي لدولة الإمارات في الاستجابة للأزمات الإنسانية حول العالم، ودعمها المستمر للدول الشقيقة والصديقة في أوقات الأزمات، بما يتماشى مع رسالتها الإنسانية الساعية إلى تحقيق الاستقرار والتنمية في أرجاء العالم كافّة.
بنغلاديش.. إغاثة شتوية
وفي الشهر نفسه، نفذت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، حملة إغاثية شتوية 2024-2025، في بنغلاديش، بالتعاون مع سفارة الدولة، مستهدفة 5000 مستفيد في مناطق مختلفة، وذلك في إطار جهودها الإنسانية للتخفيف من آثار فصل الشتاء القاسي على الفئات الأكثر ضعفًا.
شملت الحملة توزيع طرود غذائية وملابس شتوية، بهدف الحد من معاناة المتضررين من موجة البرد القارس التي تجتاح المنطقة.
وحرصت الهيئة على ضمان وصول المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة، من خلال آلية توزيع فعّالة نُفذت بالتنسيق مع سفارة الدولة.
تشاد.. دعم الأمن الغذائي
أيضا في إطار استجابتها العالمية للاحتياجات الإنسانية، قدمت دولة الإمارات مساعدات شاملة لجمهورية تشاد، خلال الفترة من 25 ديسمبر/كانون الأول 2024 وحتى 15 يناير/كانون الثاني 2025، بهدف دعم الأسر المستحقة وتعزيز الأمن الغذائي في المناطق الأكثر تضررًا والتخفيف من الآثار التي خلفتها الفيضانات الأخيرة في تشاد.
وتضمنت المساعدات الإنسانية التي بلغت 1000 طن، 30 ألف سلة غذائية وأكثر من 20 ألفا من الأغطية وغيرها من المستلزمات، ما أسهم في تحسين الظروف المعيشية لما يزيد على 150 ألف شخص، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
البرازيل.. مبادرات بيئية ومجتمعية
ومن تشاد إلى البرازيل، التي تجني خلال العام الجاري ثمار إحدى أهم المبادرات الإنسانية التي أطلقتها الإمارات عام 2024، وهي "مبادرة إرث زايد الإنساني" التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، 29 مارس/آذار 2024، بإطلاقها بقيمة 20 مليار درهم تخصص للأعمال الإنسانية في المجتمعات الأكثر حاجة حول العالم.
وفي يناير/كانون الثاني 2025، أعلنت مؤسسة "إرث زايد الإنساني" تنفيذ عدد من المبادرات البيئية والمجتمعية في جمهورية البرازيل الاتحادية بقيمة 40 مليون دولار، تزامناً مع الاحتفاء بمرور 50 عاما من مسيرة العلاقات الإماراتية-البرازيلية.
مبادرات عابرة للقارات
وعلى مدار عام 2024، قدمت الإمارات مساعدات إنسانية عابرة للحدود والقارات، من بينها تقديم مساعدات أكتوبر/ تشرين الأول للمتأثرين من الإعصار الذي ضرب مناطق متفرقة في جمهورية الفلبين.
وفي الشهر نفسه، أعلنت الإمارات تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للأسر المتضررة نتيجة الفيضانات التي اجتاحت عددا من الولايات في موريتانيا، ما تسبب في خسائر مادية جسيمة، وأجبر آلاف السكان على مغادرة قراهم ومساكنهم.
جاء ذلك بعد شهر من إرسال طائرة تحمل على متنها 50 طنا من الإمدادات الغذائية إلى نيجيريا، للتخفيف من معاناة السكان، الذين تأثروا بالفيضانات التي اجتاحت مناطق عديدة، واستبق ذلك تنظيم حملة إغاثية لمتضرري الفيضانات في الحديدة باليمن، بدعم من دولة الإمارات أغسطس/آب.
ومن اليمن إلى الفلبين، حيث أرسلت دولة الإمارات مطلع أغسطس/آب، طائرة محملة بالمساعدات الإغاثية، عقب الانهيارات الأرضية والفيضانات التي تسبب بها الإعصار كارينا، ما أسفر عن وقوع خسائر في الأرواح وأضرار كبيرة في الممتلكات.
جاء هذا بعد أيام من إرسال دولة الإمارات 27 يوليو/تموز مساعدات إغاثية إلى جنوب إثيوبيا عقب الانهيارات الأرضية التي تسببت فيها الأمطار الغزيرة، ما أسفر عن وقوع خسائر في الأرواح وأضرار كبيرة في الممتلكات.
وقبيل ذلك بأسابيع، أرسلت دولة الإمارات إلى كينيا مايو/أيار الماضي 5 طائرات تحمل على متنها 200 طن من المساعدات الإغاثية، والتي تشمل المواد الغذائية الأساسية والمستلزمات الطبية، وذلك ضمن توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتخصيص مبلغ 15 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الفيضانات وتداعيات الأمطار الغزيرة التي اجتاحت كينيا ، وأدت إلى مقتل مئات الأشخاص الأبرياء ونزوح الآلاف من السكان.
وفي الشهر نفسه، أرسلت دولة الإمارات 3 طائرات حملت على متنها 300 طن من المواد الغذائية والطبية والإغاثية لمساعدة المتضررين من الفيضانات وتداعيات الأمطار الغزيرة التي اجتاحت البرازيل.
وتعد الإمارات واحدة من أهم عناصر المواجهة الدولية لتخفيف آثار الكوارث الطبيعية، وذلك بفضل مبادراتها الإنسانية والتزامها الأخلاقي تجاه الضحايا والمتأثرين، إذ نجحت في إرساء نهج متفرد في هذا الصدد يقوم على تقديم العون والإغاثة لمستحقيها دون تمييز لجنس أو عرق ودين.
وتركت الاستجابة الإماراتية العاجلة تجاه الدول التي تعرضت للكوارث الطبيعية أثرا طيبا في حياة الملايين من السكان المحليين، وأسهمت في التخفيف من معاناتهم.
إشادات دولية
ريادة إنسانية، توجت بإشادات دولية متواصلة، كان أحدثها إشادة من الأمم المتحدة قبل شهر، أكدت خلالها أن دولة الإمارات تعد حليفًا نشطًا وفعّالاً في الاستجابات الإنسانية على مستوى العالم.
وأكد توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، في تصريحات له 11 مارس/آذار الماضي أن دولة الإمارات تُعد حليفًا نشطًا وفعّالاً في الاستجابات الإنسانية على مستوى العالم، وعامًا بعد عام، تواصل الإمارات دعم جهود الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الحيوية إلى الفئات الأكثر ضعفًا حول العالم.
وقال فليتشر: "تُعرب الأمم المتحدة عن تقديرها العميق لدور دولة الإمارات والتزامها بتقديم المساعدات المنقذة للحياة، سواء في المنطقة أو على مستوى العالم".
وأكد توم فليتشر إن الشراكة الإنسانية مع دولة الإمارات تتجاوز بكثير مجرد التمويل والدعم المالي، حيث ترتكز على روح المبادرة، والأفكار المبتكرة، والعقلية الاستباقية في مواجهة الأزمات، وهي جميعها ركائز أساسية في نهج الإمارات تجاه العمل الإنساني.
وأشاد بمبادرات وجهود دولة الإمارات الإنسانية حيث شهد العام الماضي إنشاء مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، تلاه تأسيس وكالة الإمارات الدولية للمساعدات الإنسانية، كما تستضيف دولة الإمارات أكبر مركز لوجستي إنساني في العالم، وهو "دبي الإنسانية" التي تلعب دورًا محوريًا في دعم جهود الاستجابة الإنسانية العالمية.
إشادة أممية جاءت بعد شهر من حصول دولة الإمارات على وسام الشرف، من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال برنامج "نتّحد"، الذي أقيم بمناسبة إحياء الذكرى الثانية لزلزال 6 فبراير/شباط 2023، حيث كان لدولة الإمارات دور رائد في تقديم المساعدات لتركيا.
ونفذت دولة الإمارات في أعقاب الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا عملية "الفارس الشهم 2"، التي أسفرت عن إنقاذ عشـرات الأشخاص من تحت الركام، وعلاج 13.500 مصاب، إضـافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية التي بلغت 15.200 طن عن طريق الجسر الجوي الذي تضمن تنظيم 260 رحلة جوية، حملت على متنها 6912 طناً من مواد المساعدات العاجلة بما في ذلك الخيام والأغذية الأساسية والأدوية، في حين تم نقل 8252 طناً من المساعدات الإنسـانية باستخدام 4 سفن شحن، لنقل مواد الإغاثة ومواد إعادة الإعمار إلى المناطق المتضررة.
تكريم استبقه حصول الإمارات على المركز الرابع عالمياً في الكرم والعطاء ضمن مؤشر القوة الناعمة لعام 2025.
تقديردولي يتزايد، تُوج بمنح "برلمان البحر الأبيض المتوسط"، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ، جائزة "الشخصية الإنسانية العالمية" في مايو/أيار الماضي تقديرا لجهوده الخيرة على مدى عقود.
وأسهمت المبادرات الإنسانية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تعزيز مكانة الإمارات ضمن الدول الرائدة عالمياً في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والعمل الخيري، وذلك سيرا على نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وضمن مبادئ الأخوة الإنسانية وقيم التسامح والتعايش والسلام التي تتبناها دولة الإمارات وتساهم في تعزيز نشرها على المستوى العالمي.