الإمارات والعراق.. علاقات أخوية متنامية تدعم الاستقرار والازدهار
تتوج القمة الإماراتية العراقية التي عُقدت بأبوظبي، الخميس، العلاقات الأخوية المتنامية التي تدعم أمن واستقرار وازدهار ورخاء البلدين.
واستقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق الذي يقوم بزيارة رسمية للدولة، هي الأولى له منذ توليه مهام منصبه أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ثاني مباحثات خلال أسبوع
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومحمد شياع السوداني، العلاقات الأخوية وفرص تنمية التعاون والعمل المشترك بين دولة الإمارات والعراق وتنويع آفاقه في جميع المجالات لما فيه مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى عدد من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
واستعرض الطرفان، خلال اللقاء الذي جرى في قصر الوطن بأبوظبي، أوجه التعاون والعمل المشترك في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتنموية والفرص المتوفرة لتطويرها إلى مستويات أرحب في جميع المجالات التي تتسق مع أولويات البلدين في تحقيق التنمية والتقدم والازدهار لشعبيهما الشقيقين.
كما تناول الجانبان عدداً من الموضوعات والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها، وأكدا توافق رؤى البلدين بشأن العديد من القضايا محل الاهتمام المشترك خاصة فيما يتعلق بإيجاد تسويات سلمية للنزاعات والأزمات التي تشهدها المنطقة ودفع المساعي الدبلوماسية التي تسهم في تحقيق تطلعات شعوبها إلى الاستقرار والازدهار.
وتعد تلك المباحثات هي الثانية بين الجانبين خلال أسبوع، بعد المباحثات الهاتفية التي جرت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والسوداني في 3 فبراير/شباط الجاري، وتناولت العلاقات الأخوية ومختلف جوانب التعاون والعمل المشترك بين البلدين وسبل تنميته بما يحقق مصالحهما المشتركة.
تأتي زيارة السوداني إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة بين مسؤولي البلدين.
وضمن أحدث تلك الزيارات، استقبل الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الإماراتي الدكتور فؤاد حسين وزير خارجية العراق خلال زيارته أبوظبي في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وبحث الجانبان خلال اللقاء العلاقات الأخوية الإماراتية العراقية والتعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين والفرص المتاحة لتعزيزه وتطويره في المجالات كافة.
ومن المقرر مشاركة وزراء ومسؤولين من العراق في القمة العالمية للحكومات التي ستُعقد في دبي خلال الفترة من 13 إلى 15 فبراير/شباط الجاري.
مباحثات وزيارات تترجم وتعبر عن العلاقات الأخوية المتنامية والمزدهرة بين البلدين، وتبلور الدعم الإماراتي المتواصل للعراق لاستعادة دوره العربي والإقليمي والحفاظ على سيادته.
وتؤمن الإمارات بأن العراق، الذي ظل على مدى العصور الماضية منارة للعلم وموطنا خصبا للإبداع وبيئة للتقدم والازدهار، يستحق اليوم بأن يستعيد تلك الأمجاد بالعودة إلى حضنه العربي والإسلامي.
وهو ما سبق أن أكده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حين أكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعبا ستكون سندا لدولة العراق الشقيقة حتى تعود إلى لعب دورها الطبيعي على الساحة العربية وتستعيد أمنها واستقرارها.
مؤتمر بغداد.. نموذجا
سياسة إماراتية تمت ترجمتها على أرض الواقع ليس على مستوى العلاقات الثنائية فحسب؛ وإنما من خلال دعمها للعراق في المحافل الدولية والإقليمية، وهو ما ظهر جليا خلال مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة البارزة في "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة" بدورتيه أغسطس/آب 2021 وديسمبر/كانون الأول 2022.
وترأس الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، وفد دولة الإمارات في "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة" الذي استضافت دورته الثانية المملكة الأردنية 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمشاركة قادة 12 دولة من بينهم محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق.
وأكد الشيخ سعود بن صقر القاسمي، في تصريح له بمناسبة مشاركته في القمة، دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للجهود كافة المعنية بتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار للعراق وشعبه وفي مواجهة التدخلات الأجنبية في شؤونه الداخلية ومحاولات النيل من سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه.
وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قد شارك في الدورة الأولى من "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة" التي عقدت في العاصمة العراقية بغداد 28 أغسطس/آب 2021.
مشاركة إماراتية مهمة تبرز حرص دولة الإمارات على العمل مع العراق حكومةً وشعباً من أجل مزيد من الازدهار والتكامل ودعم جهوده في مواصلة مسيرته نحو التنمية والازدهار وتعزيز أمنه واستقراره واحترام سيادته.
علاقات تاريخية
وتجمع دولة الإمارات العربية المتحدة والعراق الكثير من روابط الأخوة والتاريخ والمصير المشترك والعروبة، وتعتبر علاقات البلدين نموذجاً يحتذى به في العلاقات الثنائية بين الأشقاء، إذ كان العراق من أولى الدول التي دعمت استقلال دولة الإمارات العربية المتحدة في سنة 1971.
العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين تم مأسستها عبر عدة لجان لتعزيز التعاون أبرزها اللجنة العراقية- الإماراتية المشتركة، ولجنة المشاورات السياسية، ولجنة الصداقة البرلمانية العراقية- الإماراتية.
وعقدت لجنة المشاورات السياسية الإماراتية العراقية - اجتماعها الأول في بغداد 26 يناير/كانون الثاني 2019، فيما عقدت أعمال الدورة التاسعة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين في أبوظبي يناير/كانون الأول 2017.
ويُجرى حاليا التنسيق بين البلدين لاختيار التوقيت المناسب لعقد اللجنة الإماراتية العراقية المشتركة في دورتها العاشرة، فضلاً عن تفعيل لجنة الصداقة البرلمانية للبلدين.
وفي الفترة الأخيرة، شهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية وتطوراً تجسد في تبادل الزيارات بين البلدين، وإجراء مباحثات متواصلة، وعقد العديد من الاتفاقيات الثنائية.
وخلال عام 2022 فقط، جمعت 3 لقاءات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومصطفى الكاظمي خلال توليه مهام رئيس وزراء العراق آنذاك.
أحدث تلك اللقاءات جرت في مدينة العلمين المصرية 22 أغسطس/ آب الماضي، حيث استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مطار العلمين العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والدكتور مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق آنذاك.
وجرى خلال اللقاء تبادل الأحاديث الودية التي تعبر عن عمق العلاقات الأخوية التي تجمع بين الدول الخمس وشعوبها والتي تقوم على أواصر الأخوة والمحبة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
جاء هذا اللقاء بعد نحو شهر من لقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والكاظمي على هامش "قمة جدة للأمن والتنمية" في المملكة العربية السعودية 16 يوليو/ تموز الماضي.
وبحث الجانبان خلال لقاء ثنائي العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية العراق، وسبل تعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات، بما يحقق مصالحهما المشتركة.
حينها استعرض الجانبان التعاون والتنسيق بين البلدين في عدد من القطاعات التنموية والاقتصادية والاستثمارية، وفرص تطويرها وتنميتها.
وسبق أن شارك كل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والكاظمي في قمة رباعية بالعقبة الأردنية في 25 مارس/ آذار الماضي شارك فيها أيضا الرئيس المصري والعاهل الأردني.
كما أجرى الكاظمي زيارة إلى الإمارات في أبريل/نيسان 2021، التقى خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وأشاد بالوقفة التاريخية لدولة الإمارات مع الشعب العراقي في حربه ضد داعش ودعمها العراقيين وحرصها على المشاركة في عملية إعادة البناء، إذ أعلنت خلال الزيارة عن استثمارها مبلغ 3 مليارات دولار في بلاد الرافدين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، وقع البلدان اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار لحماية وتشجيع التعاون الاقتصادي بينهما.
وفي الشهر نفسه، وقعت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" إحدى الشركات الرائدة عالميا في مجال الطاقة اتفاقية استراتيجية مع جمهورية العراق لتطوير 5 مشروعات طاقة شمسية كهروضوئية بالعراق بقدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 1 غيغاواط.
مبادرة تاريخية
ولا ينسى العراقيون دور الإمارات في دعم بلادهم في حربه على تنظيم "داعش" الإرهابي، وحرصها على المشاركة في عملية إعادة بناء العراق وحماية تراثه.
ففي عام 2018، انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مبادرة "اليونسكو" لـ"إحياء روح الموصل" والتي تهدف إلى إعادة بناء التراث الثقافي للمدينة بعد الدمار الذي طالها بسبب الحرب، ووقّعت دولة الإمارات ومنظمة اليونسكو والحكومة العراقية اتفاقية تاريخية لإعادة تأهيل وإعادة إعمار بعض معالم مدينة الموصل التاريخية مثل جامع النوري الذي يعود إلى القرن الثاني عشر والذي دمره تنظيم داعش الإرهابي.
وساهمت الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 50.4 مليون دولار أمريكي في هذا المشروع الذي يمتد لخمس سنوات، ومن المقرر أن يكتمل في عام 2023. كما ساهمت في عام 2019 في ترميم وإعادة إعمار كنيستي الطاهرة والساعة.
جهود تتكامل لتعزز دور الإمارات في نشر رسالة الأمل والانفتاح والاعتدال مقابل ثقافة التعصب والتطرف، في وقت تشهد فيه العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والعراق تطورا كبيرا في إطار حرص قيادتي البلدين على تعزيز آفاق التعاون ودفعها إلى مستويات عالية ترتقي إلى طموحات وإمكانات اقتصاد البلدين.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjE4NCA=
جزيرة ام اند امز