الإمارات وإيطاليا.. شراكة استراتيجية تعزز العلاقات وتدعم الاستقرار
يتوج إعلان الإمارات وإيطاليا الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى شراكة استراتيجية، العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين، ونجاح دبلوماسية الإمارات في تعزيز شراكاتها مع دول العالم.
شراكة استراتيجية بين دولتين لهما ثقلهما دوليا ومكانتهما عالمياً، الأمر الذي يسهم في تحقيق رخاء وازدهار البلدين وتعزيز علاقاتهما، وتحقيق الأهداف المشتركة لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم ونشر قيم التسامح وتعزيز الأخوة الإنسانية.
كذلك تصب الشراكة بين البلدين في صالح تعزيز التعاون بينهما، لمواجهة أكبر تحد يواجه البشرية حالياً وهو تغير المناخ، في ضوء استضافة الإمارات نهاية العام الجاري مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ "COP28".
أيضا يأتي الإعلان عن تلك الشراكة تجسيداً لسياسات وتوجهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، الهادفة إلى "تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية الفاعلة مع مختلف دول العالم لخدمة الأهداف التنموية".
تفاصيل الشراكة الاستراتيجية
أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، والجمهورية الإيطالية، الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى شراكة استراتيجية.
جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقده، اليوم السبت، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وجورجيا ميلوني رئيسة وزراء الجمهورية الإيطالية، خلال أول زيارة لها إلى دولة الإمارات منذ توليها منصبها أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
جاء الإعلان عن تلك الشراكة " ارتكازاً على العلاقة القوية والودية والممتدة التي تربط بين البلدين؛ ومع الأخذ في الاعتبار الأهداف المشتركة والمصالح المتبادلة لكلتا الحكومتين".
وتجمع دولة الإمارات العربية المتحدة وإيطاليا أهداف مشتركة، من بينها تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي والازدهار والاستقرار والقيم التقليدية للسلام والتسامح والأخوة البشرية والتعايش المشترك والحوار والانفتاح.
وستمكن هذه الشراكة الاستراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيطاليا من تركيز جهودهما المشتركة نحو توسيع وتعميق آفاق التعاون في المجالات ذات الاهتمام الاستراتيجي المشترك، ومن بينها التعاون السياسي والدبلوماسي والدولي والاقتصادي والتجاري.
كما ستسهم تلك الشراكة في تعزيز التعاون في مجال الاستثمار المباشر والشراكات بين القطاعات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتنمية المستدامة، والأمن الغذائي والمائي، والتعاون في مجال الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والدفاع والتغير المناخي، والطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، وأمن وانتقال الطاقة والتعليم والثقافة والتبادلات الشعبية والرياضة وغيرها من المجالات الحيوية.
كما أعلن الجانبان، خلال الاجتماع، "مشروع إعلان نوايا" بشأن تعزيز التعاون في إطار مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ "COP28" والعمل المناخي.
أيضا تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشروعات الانتقال في قطاع الطاقة ومبادرات الاستدامة بين "أدنوك" ومجموعة إيني الإيطالية للطاقة؛ وتهدف المذكرة إلى التعاون في مجال الحد من الانبعاثات والطاقات الجديدة والحلول منخفضة الكربون، كما تسهم المذكرة في ترسيخ الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين الشركتين، وتعزيز أمن الطاقة وتسريع النمو الاقتصادي والصناعي منخفض الكربون.
وتشمل مجالات التعاون الحد من انبعاثات الكربون، مع التركيز على تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه وتعزيز كفاءة الطاقة، والاستثمار المشترك في الهيدروجين الأخضر، والطاقة المتجددة والنظيفة.
تعزيز القوة الناعمة
اتفاقيات مهمة تسهم في تعزيز القوة الناعمة للإمارات، وتتوج الإنجاز الهام الذي حققته قبل يومين بدخولها في قائمة الدول العشر الأولى لأول مرة في تاريخها في مؤشر القوة الناعمة العالمي للعام 2023 الذي تعده مؤسسة “براند فاينانس" العالمية.
وتقدمت دولة الإمارات في غالبية المؤشرات الفرعية اعتماداً على حالة النمو والتقدم التي تشهدها في كافة القطاعات الاقتصادية والمجتمعية.
وفي محور "الحوكمة" حققت دولة الإمارات نمواً في المؤشرات كافة، حيث قفزت في مؤشر "التقدير العالمي لقيادات الدولة" من المركز العاشر في العام 2022 إلى المركز الثامن على مستوى العالم.
أما في محور العلاقات الدولية فقد واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدمها لتحل في المرتبة التاسعة على مستوى العالم في مؤشر "التأثير في الدوائر الدبلوماسية"، انطلاقاً من علاقاتها القوية التي تربطها بمختلف دول العالم، وسمعتها الطيبة كواحدة من الدول المؤثرة على المستوى السياسي والدبلوماسي، فضلاً عن جهودها المتواصلة في مجال المساعدات الإنسانية والخيرية.
ولعبت مجموعة كبيرة من العوامل دوراً محورياً في تحقيق هذا الأداء اللافت الذي جعل من دولة الإمارات تبتعد في صدارة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال وأفريقيا، وجاء في مقدمة هذه العوامل تنامي التأثير الإماراتي الإيجابي في الدوائر الدبلوماسية، ونمو العلاقات الإماراتية مع مختلف دول العالم وازدهارها بشكل متواصل، فضلاً عن المكانة المتميزة التي تحظى بها دولة الإمارات كونها الأقوى إقليمياً من ناحية "قوة التأثير"، و"السمعة الإيجابية"، علاوة على ما تتمتع به من حوكمة رشيدة.
تعزيز العلاقات الثنائية
أيضا تسهم تلك الشراكة الاستراتيجية واتفاقيات التعاون بين البلدين في ضوء تلك الزيارة المهمة في تعزيز العلاقات بين الإمارات وإيطاليا التي تشهد تعاونا متناميا.
أحد أبرز أوجه هذا التعاون الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة بين البلدين.
وتأتي زيارة رئيسة وزراء إيطاليا للإمارات بعد نحو أسبوعين من مشاركة بلادها في فعاليات النسخة الأكبر في تاريخ معرضي الدفاع الدولي"أيدكس" والدفاع البحري "نافدكس" 2023، اللذين أقيما في الفترة ما بين 20 و24 فبراير/شباط الماضي في مركز أبوظبي الوطني للمعارض.
وفي 7 فبراير/شباط من الشهر نفسه، استقبل محمد بن أحمد البواردي وزير الدولة لشؤون الدفاع الإماراتي في مقر وزارة الدفاع بأبوظبي جويدو كروسيتو وزير الدفاع لجمهورية إيطاليا.
وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون بين البلدين وجوانب تفعيلها وتطويرها بما يخدم المصلحة المشتركة، إضافة إلى سبل تعزيز وتنمية العلاقات ذات الصلة بالمجالات العسكرية والدفاعية بين البلدين.
على الصعيد الاقتصادي، وقعت وزارة الاقتصاد مذكرة تفاهم مع الاتحاد الكونفيدرالي الإيطالي لعلوم البيئة الذي يضم مجموعة واسعة من الشركات تحت مظلته في ٢٠ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بهدف تعزيز آفاق التعاون وتطوير استراتيجيات مشتركة في مجالات الاقتصاد الدائري، بما ينسجم مع أهداف سياسة الإمارات للاقتصاد الدائري (2021 - 2031) والتي تعد نهجاً شاملاً لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة في الدولة، في ضوء مستهدفات الخمسين ومحددات مئوية الإمارات 2071.
تهدف مذكرة التفاهم بشكل أساسي إلى دعم التعاون المشترك لتعزيز الاستراتيجيات الرامية إلى تنمية تطبيقات الاقتصاد الدائري، والاستدامة البيئية، من خلال برامج البحث العلمي المشترك، والتشريعات المشتركة بشأن الاقتصادين الأخضر والدائري، ونماذج العمل الخاصة بتقييم آثار ونتائج تلك السياسات، بما يساهم في دعم أهداف الدولتين في تنويع اقتصادهما بشكل مستدام.
على صعيد التعاون الثقافي، أعلن مكتب الشارقة عاصمة عالمية للكتاب في ٥ نوفمبر/تشرين الثاني من الشهر نفسه تبرعه بمبلغ 50 ألف يورو لصالح صندوق ترميم مكتبة جيانينو ستوباني في بولونيا بإيطاليا مساهمة منه في إصلاح الأضرار الجسيمة التي خلّفها الحريق الذي ألمّ بالمكتبة الشهيرة في مايو/أيار الماضي .
وكانت إيطاليا هي ضيف شرف فعاليات معرض "الشارقة الدولي للكتاب 2022" في دورته الـ41 التي أقيمت في "مركز إكسبو الشارقة" خلال الفترة من 2 إلى 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
علاقات تاريخية
تسهم تلك الزيارات والمباحثات والاتفاقات في تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العام 1971، حيث افتتحت دولة الإمارات سفارتها في العاصمة الإيطالية روما في العام 1981، بينما افتتحت إيطاليا سفارتها في أبوظبي في العام 1979.
وتقوم العلاقات بين دولة الإمارات وإيطاليا على أسس متينة من الرؤى والمصالح المشتركة، وهذا هو شأن علاقات دولة الإمارات الخارجية بشكل عام، ما يجعلها قادرة دائماً على التطور والنمو وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
وجسد افتتاح مقر جديد لسفارة الإمارات "فيلا دورانتي" في روما 14 يوليو/تموز 2017، حرص حكومة دولة الإمارات على تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة مع إيطاليا، وتطويرها والمضي بها قدماً بما يخدم مصالح شعبي البلدين.
وتمثل الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة دفعة مهمة لعلاقات الصداقة والتعاون الإماراتية-الإيطالية في المجالات المختلفة، وفي مقدمتها المجالان السياسي والاقتصادي، ما يعكس حرص البلدين على تطوير علاقات التعاون وتطلعهما إلى مزيد من الشراكات الثنائية التي تلبي طموحات قيادتَي البلدين وتستفيد من الفرص والمقومات المتاحة لتعميق الروابط الاستراتيجية وتوسيعها.