الإمارات والسودان.. شمس الحقائق تهزم ظلام التضليل
دعم الإمارات للسلام بالسودان دبلوماسيا ومساعدة شعبها إنسانيا، حقائق ساطعة لن يستطيع «غربال الأكاذيب والافتراءات» حجبها.
تلك الجهود الدبلوماسية والمبادرات الإنسانية لدولة الإمارات، لطالما حاولت سلطة بورتسودان عبثا تشويهها، زاعمة دعم الإمارات أحد أطراف الصراع.
إلا أن الحقائق على أرض الواقع والشهادات الدولية والأممية المتتالية، وخدمات تقصي الحقائق التابعة لوكالات الأنباء العالمية، جاءت جميعها تنتصر للإمارات ودبلوماسيتها الداعمة للسلام والإنسانية.
جهود عابرة للحدود والقارات انطلقت منذ بداية الأزمة في أبريل/نيسان 2023، دعمًا لأي حل سياسي سلمي في السودان، يسكت أزيز الرصاص ويحفظ وحدة البلد الأفريقي، ويعيد الاستقرار والأمن والسلام إلى أراضيه، ويحقق تطلعات شعبه في التنمية والرخاء.
حراك متواصل
وكانت دولة الإمارات عضوا فعالا في مختلف الآليات الدولية التي تم تشكيلها لمعالجة الأزمة، بدءا من منصة «متحالفون لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان»، وصولا إلى المجموعة الرباعية التي تضم (الإمارات- السعودية- مصر- الولايات المتحدة) وتعمل على إنهاء الصراع وتهيئة الظروف للحوار.
ويتوافق التوجه الإماراتي لحل الأزمة بشكل كامل مع خارطة طريق الرباعية الدولية، التي تضع السودان وكرامة شعبه في صدارة أولوياتها، وتؤكد أن الحل السياسي المدني الشامل، هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع المستمر.
تلك التوجهات التي تناغمت مع تصريحات لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عكست التوافق الدولي والإقليمي بشأن آلية حل أزمة السودان، عبر إنهاء الاقتتال ووقف الدعم العسكري الخارجي الذي يطيل أمد الحرب ويزيد معاناة المدنيين.
وقال روبيو لصحفيين في أثناء مغادرته اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا مساء الأربعاء: «ما يحدث هناك أمر مرعب»، مؤكدًا ضرورة قطع إمدادات الأسلحة والدعم، في تصريحات تنسجم مع الدعوات الإماراتية والرباعية لفرض هدنة إنسانية سريعة، تمهد لحوار سياسي مدني شامل.
خطوة تاريخية
وشكل البيان المشترك للرباعية حول السودان الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي خطوة تاريخية في مسار الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، إذ قدم تشخيصاً دقيقاً لطبيعتها ورسم خريطة طريق واضحة لمعالجتها، من خلال هدنة إنسانية تعقبها عملية انتقال مدني للسلطة، مجددةً التأكيد على أنه لا حل عسكرياً للأزمة السودانية، وأن التوافق الإقليمي والدولي الذي عكسه البيان يمثل دعماً مهماً لمسار السلام ووحدة السودان.
ورغم أن هذه التوافقات تؤكد أن صوت السلام الذي رفعته دولة الإمارات عاليا، أصبح مدعومًا بإرادة دولية وإقليمية قوية، ويضع الأسس لعملية انتقالية شفافة وقيادة مدنية قادرة على إعادة السودان إلى طريق الوحدة والاستقرار والكرامة لشعبه، إلا أن سلطة بورتسودان وذبابها الإلكتروني حاولوا تحريف تصريحات روبيو عن مسارها وإعادة تأويلها في إطار محاولاتهم العبثية المستمرة للنيل من جهود الإمارات.
شهادات دولية
يأتي ذلك في إطار الأكاذيب السودانية المتكررة التي سبق أن نفت صحتها تقارير ومنظمات دولية موثوقة من نيويورك بأمريكا (مقر مجلس الأمن الدولي) مرورًا بجنيف بسويسرا (مقر مجلس حقوق الإنسان)، إلى لاهاي في هولندا (مقر محكمة العدل الدولية).
شهادات دولية جاءت كصفعات تدين انتهاكات سلطة بورتسودان (حكومة الجيش السوداني التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقرًا لها)، وترفض أكاذيبها المتتالية ومزاعمها المتكررة بشأن دعم دولة الإمارات لأحد أطراف الصراع، وتنتصر لمواقفها الدبلوماسية والإنسانية الداعمة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
صفعات مزدوجة
أحدث الصفعات الأممية تلقتها سلطة بورتسودان خلال اجتماعات الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي عقدت في جنيف من 8 سبتمبر/أيلول إلى 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والدورة السادسة والسبعين للجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، التي عقدت في جنيف أيضا خلال الفترة من 6 إلى 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكعادتها دائما حاولت سلطة بورتسودان استغلال اجتماعات المنابر الأممية لترويج أكاذيبها ضد دولة الإمارات، إلا أنها تلقت صفعات مزدوجة من جانب الدبلوماسية الإماراتية التي فندت تلك الأكاذيب، ومن جانب آخر عبر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي أصدر قرارا بتمديد عمل بعثة تقصي حقوق الإنسان في السودان لعام آخر، رغم اعتراض سلطة بورتسودان، ومحاولته الحثيثة إنهاء عمل البعثة الأممية، التي حملت طرفي النزاع، الجيش وقوات الدعم السريع، المسؤولية عن الانتهاكات التي تشهدها البلاد.
وأدان القرار الانتهاكات الجسيمة في السودان، داعياً إلى وقف الحرب ومحاسبة المسؤولين، وعدم الإفلات من العقاب، ودعم عملية انتقال سياسي بقيادة مدنية نحو حكومة ديمقراطية.
ولم يستطع المندوب الدائم لسلطة بورتسودان بجنيف إخفاء صدمته من القرار، الذي عده دعما من المجتمع الدولي لدولة الإمارات، بعد تجاهله لأكاذيب سلطة بورتسودان ضدها.

بل وجاءت بنود القرار متفقة مع ما تدعو له دولة الإمارات دائما كآلية لحل لأزمة السودان.
وقبيل ذلك، رفضت محكمة العدل الدولية في لاهاي 5 مايو/أيار الماضي الدعوى المقدمة من قبل سلطة بورتسودان ضد دولة الإمارات، التي تتهمها فيها — دون أي أساس قانوني أو مستند واقعي — بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، فيما يتعلق بالهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع السودانية والفصائل المتحالفة معها ضد جماعة المساليت العرقية في غرب دارفور.
قرار اعتبر انتصارًا لدولة الإمارات ودبلوماسيتها الداعمة للسلام في السودان، وصفعة جديدة لحكومة جيش السودان من أعلى وكالة قضائية في هيئة الأمم المتحدة.
جاء هذا القرار بعد أقل من شهر من صدور التقرير النهائي لمجلس الأمن الدولي لفريق الخبراء المعني بالسودان، بتاريخ 17 أبريل/نيسان 2025، الذي لم يتضمّن أي استنتاجات أو دليل واحد ضد دولة الإمارات.
ولم يكشف التقرير النهائي لمجلس الأمن الدولي حول السودان عن زيف ادعاءات جيش السودان بخصوص الإمارات فحسب، بل أنصفها، منوهًا بدورها في دعم محادثات جنيف لتحقيق السلام في السودان، التي عرقلها الجيش السوداني نفسه.
ادعاءات زائفة
أيضا سبق أن دحضت وكالة رويترز، في 29 أغسطس/آب الماضي، إحدى الأكاذيب التي تعمدت سلطة بورتسودان الترويج لها عبر الزعم بتورط دولة الإمارات باستقدام مرتزقة كولومبيين للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع.
ورغم أن دولة الإمارات سارعت، في أكثر من بيان بالإعراب عن رفضها القاطع للمزاعم والاتهامات الباطلة لسلطة بورتسودان، إلا أنها وذبابها الإلكتروني استمروا في نشر تلك الأكاذيب، مدعومة بمقاطع فيديو مزعومة، إلى أن جاء الرد من وكالة "رويترز"، حيث كشفت خدمة تقصي الحقيقة للوكالة عن أن الفيديو الذي زعمت الحكومة السودانية سابقًا أنه لـ«مرتزقة كولومبيين» يقاتلون إلى جانب قوات «الدعم السريع» في البلاد، ليس سوى مقطع من تدريبات عسكرية مشتركة للقوات المسلحة الأمريكية وقوات أوروبية في إستونيا.
أكاذيب المساعدات
وجنبا إلى جنب مع جهودها الدبلوماسية، واصلت دولة الإمارات دعمها الإنساني لأهل السودان، في حقائق يمكن رصدها بالأقوال والأفعال ولغة الأرقام التي تؤكد تقديم الإمارات أكثر من 780 مليون دولار منذ اندلاع الأزمة في السودان 15 أبريل/نيسان 2023، لترتفع إجمالي مساعداتها للسودان على مدار السنوات الـ10 الماضية إلى أكثر من 4.2 مليار دولار.
مساعدات إنسانية لإغاثة شعب السودان والتخفيف من تداعيات الحرب عليه منزهة عن أي غرض أو هدف، إلا أن سلطة بوتسودان حاولت عبثا، تشويه تلك الجهود الإنسانية، والزعم أنها ستار لدعم أحد أطراف الصراع، متجاهلة الحقائق على أرض الواقع التي تكشف أن دعم الإمارات الإنساني يأتي من خلال المنظمات الأممية والوكالات التابعة لها، وبالتعاون معها.

فعلى سبيل المثال، قدمت دولة الإمارات 30 مليون دولار لدعم جهود وكالات الأمم المتحدة في مساعدة الدول المجاورة للسودان، ضمن التزامها بتخفيف تداعيات الأزمة الإنسانية في المنطقة.
كما خصصت دولة الإمارات 70 مليون دولار لدعم منظمات الأمم المتحدة العاملة داخل السودان، حيث تم توزيع المبلغ على النحو التالي:
- 25 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي.
- 20 مليون دولار للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
- 8 ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية.
- 7 ملايين دولار لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).
- 5 ملايين دولار لكل من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وفي إطار دعمها للنساء المتضررات من الأزمة السودانية، أعلنت دولة الإمارات تقديم 10.25 مليون دولار للأمم المتحدة، حيث سيتم تخصيص 3 ملايين دولار لكل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية، و2 مليون دولار لصندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني، و2 مليون دولار لصندوق الأمم المتحدة للسكان، إضافة إلى 250 ألف دولار لدعم برنامج الاستجابة بناءً على النوع الاجتماعي في تشاد.
رؤية حكيمة
أرقام كبيرة تكشف عن رؤية حكيمة في إدارة المساعدات الإنسانية للشعب السوداني بشكل يعظّم الاستفادة منها، عبر توجيهها لأكثر من قطاع، وفي أكثر من مجال ليستفيد منها مختلف فئات المجتمع السوداني ولا سيما الأكثر ضعفا.

وترجمة لسياستها التي تضع "الإنسانية أولا" في تعاملها مع تلك الأزمة، تواصل دولة الإمارات تقديم مساعداتها الإنسانية العاجلة عبر قنوات أممية وشراكات دولية، مركزة على تخفيف المعاناة وإنقاذ الأرواح، دون أي مقابل سياسي، رغم محاولات التشويه المستمرة من قبل سلطة بورتسودان.