الإمارات تشارك تركيا الاحتفال بمئويتها.. قمم وزيارات تعزز الشراكة الاستراتيجية
تشارك الإمارات تركيا احتفالها بمئوية تأسيسها، التي تحل الأحد في وقت تتوثق فيها علاقات البلدين التاريخية وتتعمق شراكتهما الاستراتيجية.
شراكة استراتيجية أضحت معها المناسبات الوطنية في البلدين احتفالية مشتركة، تجمع الشعبين وتجسد العلاقات بين البلدين التي تزداد قوة عاما تلو الآخر بتوجيهات من قيادتي البلدين.
وتحيي تركيا في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ذكرى مرور 100 عام على إعلان مصطفى كمال أتاتورك تأسيس الجمهورية التركية في مثل هذا اليوم عام 1923.
يحل الاحتفال بمئوية تركيا، في وقت تمضي فيه العلاقات الإماراتية التركية إلى آفاق واعدة بدعم من قيادتي البلدين.
وتحتفي دولة الإمارات بتلك المناسبة الهامة، في وقت تتواصل فيه الزيارات المتبادلة وتتزايد المباحثات المتواصلة بين قادة ومسؤولي البلدين لدعم العلاقات وتنسيق الجهود وزيادة التعاون بينهما.
وخلال الشهر الجاري فقط جرت مباحثات هاتفية مرتين بين رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كما جرت زيارات متبادلة عدة بين مسؤولي البلدين، كان أحدثها زيارة وزير الخارجية التركي لأبوظبي في 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
أيضا يأتي الاحتفال بعد نحو 6 أسابيع من قمة جمعت زعيمي البلدين في الهند 9 سبتمبر/أيلول الماضي، هي الرابعة بينهما خلال 8 شهور، وبعد نحو شهرين من دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين حيز التنفيذ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي.
القمم والزيارات المتبادلة والمباحثات المتتالية بين قيادات البلدين رسخت العلاقات القوية التي تربط البلدين، وعمقت توافق الرؤى بينهما حول مجمل قضايا المنطقة والعالم.
ويعكس حرص الإمارات على مشاركة تركيا في تلك المناسبة التاريخية الهامة عمق وصلابة العلاقات الثنائية، والصداقة الراســـخة، والعلاقات الإيجابية، والشـــراكة البنـــاءة التي تجمــع البلــــدين الصديقين.
وتحظى العلاقات مع تركيا بأهمية كبيرة ضمن استراتيجية الإمارات الخاصة بتعزيز شراكاتها، وتوسيع علاقاتها مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة، وتمتين جسور التعاون معها في المجالات كافة.
وتؤمن قيادة دولة الإمارات بأن تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لن يسهم فقط في الحفاظ على المصالح المشتركة ولكنه يعزز أيضا من ازدهار المنطقة، وتحقيق الاستقرار والسلام الإقليميين.
وترصد "العين الإخبارية" بتلك المناسبة أبرز القمم التي جمعت قادة البلدين وأبرز مخرجاتها، التي أسهمت في رسم خارطة طريق مستقبلية لتعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، والانطلاق بالعلاقات إلى مستقبل واعد يدعم ازدهار ورخاء واستقرار البلدين والمنطقة.
نقلة نوعية
شهد العامان الماضيان نقلة نوعية في علاقات البلدين، توجت بـ5 زيارات متبادلة بين قيادات البلدين، وعقد 6 قمم ثنائية بينهما في نيودلهي سبتمبر/أيلول 2023، وأبوظبي يوليو/تموز 2023، وإسطنبول يونيو/حزيران 2023، و(قمة عن بعد) في مارس/آذار 2023، وقمة في أبوظبي فبراير/شباط 2022، وقمة في أنقرة نوفمبر/تشرين الثاني 2021.كان أبرز نتائج تلك القمم توقيع اتفاقية للشراكة الاقتصادية الشاملة، وتوقيع اتفاقية إنشاء"لجنة استراتيجية عليا" بين البلدين، إضافة لعشرات الاتفاقيات لتعزيز التعاون بينهما في مختلف المجالات.
كما شارك الزعيمان محمد بن زايد آل نهيان ورجب طيب أردوغان في 3 قمم دولية، وهي قمة مجموعة العشرين بإندونيسيا منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقمتا "منتدى الاقتصادات الرئيسية الخاص بالطاقة وتغير المناخ" في 17 يونيو/حزيران 2022، و20 أبريل/نيسان 2023، اللتان عقدتا عن بعد بدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
4 قمم في 8 شهور
أحدث القمم التي جمعت قادة البلدين جرت على هامش مشاركتهما في قمة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي في 9 سبتمبر/أيلول الماضي.
وبحث الزعيمان خلال تلك القمة علاقات التعاون بين البلدين وسبل تنميتها وتطويرها في مختلف المجالات لما فيه الخير للجميع وبما يلبي التطلعات إلى التنمية والازدهار.
وتعد قمة نيودلهي الرابعة بين البلدين خلال 8 شهور، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين، وحرصهما على تعزيزها، وحرص قيادات البلدين على التشاور وتنسيق المواقف.
وقبل 6 أسابيع من قمة نيودلهي عقدت قمة بين الزعيمين خلال زيارة الرئيس التركي للإمارات 19 يوليو/تموز الماضي، في ثالث زيارة يجريها أردوغان لدولة الإمارات خلال 18 شهرا بعد زيارتين أجراهما في فبراير/شباط ومايو/أيار عام 2022.
قمة أبوظبي.. مكاسب بالجملة
وأجرى الرئيس التركي زيارة للإمارات في 19 يوليو/تموز الماضي، عقد خلالها قمة مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان شهد خلالها الزعيمان إعلان اتفاق مشترك لإنشاء "لجنة استراتيجية عليا" بين دولة الإمارات وتركيا.كما شهد الزعيمان تبادل نحو 15 مذكرة تفاهم واتفاقية بقيمة تبلغ 50.7 مليار دولار، تستهدف تنويع مجالات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين وتوسيع آفاقها بما يحقق تطلعات البلدين إلى النمو الاقتصادي والازدهار المستدامين.
وخلال تلك الزيارة منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "وسام زايد"، الذي يعد أعلى وسام تمنحه دولة الإمارات لقادة الدول وملوكها ورؤسائها، تقديراً للجهود التي بذلها في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون الثنائي بين البلدين وازدهارها على جميع المستويات.
كما أهدى أردوغان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سيارة من نوع "توغ" الكهربائية من الصناعات الوطنية التركية، تعبيراً عن اعتزازه بالعلاقات المتينة التي تجمع البلدين.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس أردوغان مسارات التعاون ومستوى تطوره في مختلف المجالات.
وأكد رئيس دولة الإمارات العلاقات التاريخية القوية التي تجمع البلدين، والتي تتطور بشكل فاعل وحيوي على جميع المستويات، وثقته باستمرار تطور هذه العلاقات وازدهارها خلال المرحلة المقبلة.
وقال إن دولة الإمارات تعد تركيا شريكاً أساسياً، ولديها توجه استراتيجي لدفع العلاقات معها إلى مستويات أعلى خاصة في مجالات التجارة والتكنولوجيا والطاقة والأمن الغذائي وغيرها.
من جانبه، أكد الرئيس التركي أن العلاقات بين دولة الإمارات وتركيا شهدت خلال الفترة الماضية نمواً وتطوراً على جميع المستويات، معرباً عن حرص بلاده على تعزيز علاقاتها مع دولة الإمارات خاصة الاقتصادية والاستثمارية بما يرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مستويات أعلى تواكب تطلعاتهما ورؤيتهما نحو التنمية والازدهار لشعبيهما وبما يخدم التنمية والاستقرار والسلام لشعوب في المنطقة كلها.
زيارة أردوغان الأخيرة للإمارات جاءت بعد نحو شهر من زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لتركيا في 10 يونيو/حزيران الماضي، كانت الثانية له خلال أقل من عامين بعد الزيارة التي أجراها 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 التي كانت بمثابة محطة تاريخية ونقلة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين.
5 زيارات متبادلة بين قادة البلدين خلال فترة قصيرة تخللها أيضا عقد قمة عبر تقنية الاتصال المرئي في 3 مارس/آذار الماضي، شهد خلالها الزعيمان توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، والتي دخلت حيز التنفيذ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، الأمر الذي يبرز النقلة النوعية التي وصلت إليها علاقات البلدين، ويؤكد مضي علاقات البلدين إلى مستقبل زاهر.
قمم متتالية ومباحثات متواصلة خلال وقت قصير، الأمر الذي يعكس قوة وصلابة العلاقات بين البلدين، وحرص قيادات البلدين على التواصل المستمر والتنسيق الدائم بما يسهم في تحقيق ازدهار ورخاء البلدين.
ويؤمن البلدان بأن تعزيز العلاقات الثنائية لن يسهم فقط في الحفاظ على المصالح المشتركة، ولكنه يعزز أيضاً من ازدهار المنطقة وتحقيق الاستقرار والسلام الإقليميين.
زيارات تاريخية
وتعد زيارة يوليو هي الثالثة للرئيس أردوغان للإمارات بعد زيارتين أجراهما في مايو/أيار وفبراير/شباط 2022، فيما أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارتين لتركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ويونيو/حزيران الماضي.أولى تلك الزيارات، أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وكانت بمثابة محطة تاريخية ونقلة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين، بعد فترة فتور.
وخلال الزيارة، تم عقد قمة إماراتية تركية تم في أعقابها توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات بين البلدين، إلى جانب إعلان دولة الإمارات تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.
وبعد 3 أشهر، قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة لدولة الإمارات، منتصف فبراير/شباط 2022، في خطوة وصفت بـ"التاريخية" وكانت الأولى له منذ نحو 9 أعوام، تعزيزا ودعما للعلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين.
وشهدت الزيارة توقيع نحو 13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم وبروتوكولات بين عدة جهات في دولة الإمارات ونظيراتها في تركيا تهدف إلى تعزيز التعاون وتوسيع الشراكات بين البلدين في مجالات الاستثمار والصحة والزراعة بجانب النقل والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي، إضافة إلى الثقافة والشباب وغيرها.
ودشنت الزيارتان التاريخيتان صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين بلدين مهمين في المنطقة، تصب في صالح دعم الأمن والاستقرار وتحقيق الرخاء والازدهار.
وأثمرت الزيارتان جملة من الفوائد في مقدمتها تعزيز العلاقات المشتركة ونقلها إلى مرحلة جديدة، هدفها دعم وتطوير كل ما يحقق التنمية والازدهار للبلدين الصديقين.
وما بين الزيارتين وعقبهما شهد البلدان زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة واتفاقيات مشتركة، ساهمت بشكل كبير في تسريع خطى التعاون.
وأجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة للإمارات 17 مايو/أيار 2022، قام خلالها بتقديم التعازي إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في وفاة فقيد الأمة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وتهنئته بتولي رئاسة البلاد.
شراكة اقتصادية شاملة
العلاقات الثنائية بين الإمارات وتركيا شهدت تطورات إيجابية متلاحقة توجت بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما في مارس/آذار الماضي، خلال قمة رئاسية عبر تقنية الاتصال المرئي عقدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مع الرئيس التركي.وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال القمة، أن الاتفاقية تعبر عن الإرادة المشتركة لانطلاق مرحلة جديدة للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.
وبين أنها "ستسهم في تعزيز أواصر التعاون الاقتصادي.. ودفع مسيرة التنمية في البلدين نحو مستقبلٍ مُشرق".
وأشار إلى أن توقيع الشراكة تجسيد للتطور الكبير والنوعي الذي شهدته علاقات البلدين خلال الفترة الماضية حيث بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين دولة الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022 بزيادة قدرها 40% عن عام 2021، و112% عن عام 2020، لتصبح تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات.
وأوضح أن "الاتفاقية لا تستهدف فقط تحفيز التبادل التجاري والاستثماري والنمو الاقتصادي المشترك، بما يعزز جودة حياة الشعبين الصديقين.. لكنها تؤسس أيضاً لشراكة تنموية حقيقية وبناء مصالح مشتركة وتوطيد علاقات استراتيجية أكثر قوة ومتانة بين البلدين".
وأكد توجه دولة الإمارات نحو تعزيز الشراكات التنموية في المنطقة، بما يدعم السلام والتعاون ويحقق تطلعات الشعوب نحو التنمية والاستقرار والازدهار.
من جانبه، قال الرئيس رجب طيب أردوغان "نكتب اليوم معاً فصلاً جديداً في علاقاتنا".
وتابع أن "الجهود المشتركة للجانبين من أجل تعزيز علاقاتهما الاقتصادية الثنائية والتي تقوم على تاريخنا المشترك وثقافتنا وقيمنا تسهم أيضاً بشكل كبير في ازدهار ورفاهية واستقرار منطقتنا والعالم".
ويتوقع أن تسهم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وتركيا بشكل فاعل في زيادة التجارة البينية غير النفطية وخلق 25000 فرصة عمل جديدة بحلول 2031، وأن تزيد الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7%".
وبموجب هذه الاتفاقية سيتم إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على ما يمثل أكثر من 93% من قيمة التجارة البينية غير النفطية، وهو ما يعزز من فرص نمو التجارة الثنائية بين البلدين لتصل إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بالمقارنة بنحو 19 مليار دولار حاليا.
زيارات متبادلة
قمم القادة تخللها زيارات متبادلة لتعزيز العلاقات بين البلدين، على مختلف الأصعدة.وقبل أيام، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري هاكان فيدان وزير الخارجية التركي، وبحثا جهود تعزيز الاستجابة الإنسانية للمدنيين المتضررين من تداعيات الأزمة في قطاع غزة في ظل استمرار التطورات المتصاعدة الخطيرة التي يشهدها القطاع.
كما تم خلال اللقاء بحث علاقات التعاون والعمل المشترك بين دولة الإمارات وتركيا.
وعلى صعيد التعاون البرلماني التقت لجنة الصداقة مع برلمانات الدول الآسيوية في المجلس الوطني الاتحادي، برئاسة عائشة رضا البيرق رئيسة اللجنة، في مقر المجلس بأبوظبي في 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية التركية الإماراتية في مجلس الأمة الكبير برئاسة مصطفى فارناك رئيس اللجنة.
وتم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز وتطوير العلاقات البرلمانية بين المجلسين عبر تبادل الخبرات البرلمانية، والتأكيد على أهمية التنسيق والتعاون في المحافل البرلمانية حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
أيضا أجرى الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير التربية والتعليم الإماراتي، زيارة لتركيا، في سبتمبر/أيلول الماضي، وقعت خلالها وزارة التربية والتعليم الإماراتية، مذكرة تفاهم مع مجلس التعليم العالي في جمهورية تركيا، لتعزيز التواصل وبناء علاقات تعاون بين مؤسسات التعليم العالي في كلا البلدين.
وتشارك الإمارات تركيا احتفالها بمئوية تأسيسها فيما تتجه العلاقات بينهما إلى آفاق واعدة بما يصب في صالح الدولتين والمنطقة.