الإمارات والكويت.. زيارات متبادلة تعزز الشراكة الاستراتيجية المتنامية
زيارات متبادلة بين قيادتي ومسؤولي دولة الإمارات والكويت تبرز حرص البلدين على دفع العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب من التعاون المثمر بين الجانبين.
وتأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى الكويت بعد 8 شهور من زيارة أجراها الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت للإمارات 5 مارس/آذار الماضي.
- اثنان استبعدهما ترامب من إدارته المرتقبة.. من هما؟
- تشريح السياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب.. ملفات الأيام الأولى
تأتي الزيارة تعزيزاً للعلاقات الأخوية المتينة التي تجمع بين قيادتي وشعبي دولة الإمارات ودولة الكويت، وتأصيلاً للعلاقات الثنائية والمصير المشترك والشراكة الاستراتيجية بينهما.
تعزيز الشراكة
وتخللت هاتين الزيارتين واستبقتهما زيارات متبادلة لمسؤولين رفيعي المستوى بين البلدين، في إطار الحرص على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين بدعم ورعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت.
وضمن أحدث تلك الزيارات أجرى الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، على رأس وفد رفيع المستوى، زيارة رسمية لدولة الكويت 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي التقى خلالها أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
وتم خلال اللقاء استعراض تطور العلاقات الثنائية التي جمعت الدولتين على مدار عقود طويلة، وما تشهده الشراكة الاستراتيجية بين البلدين من نمو مستمر على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وما ينتظرها من مزيد التطور خلال المرحلة المقبلة في ضوء الأهداف والرؤى المشتركة لمستقبل التنمية الشاملة في البلدين، وطموحاتهما للمرحلة المقبلة.
كما التقى الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم خلال الزيارة عدداً من القيادات وكبار المسؤولين في دولة الكويت لاستعراض مسيرة التعاون الثنائي وما أثمرته من إنجازات حتى الآن، والمأمول لها من تطور يدعم الخطط التنموية للجانبين، ويؤكد قدرتهما على العبور إلى مستقبل يحمل مزيداً من فرص النماء والازدهار للشعبين الشقيقين.
جاءت تلك الزيارة بعد نحو شهر من زيارة أجراها الشيخ فهد يوسف سعود الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية في دولة الكويت إلى الإمارات 4 سبتمبر/أيلول الماضي، والتقى خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وتم خلال اللقاء بحث الروابط الأخوية التاريخية التي تجمع دولة الإمارات ودولة الكويت الشقيقة ومستوى تطور التعاون والعمل المشترك في جميع الجوانب التي تخدم مصالح البلدين وتسهم في تحقيق تطلعات شعبيهما الشقيقين نحو التنمية والازدهار.
وتطرق الجانبان إلى أهمية دعم العمل الخليجي المشترك بما يحقق المصالح المتبادلة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وشعوبها، ويسهم في تعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.
وقبيل الزيارة بيومين، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وزير خارجية الكويت عبدالله علي اليحيا، حيث جرى بحث العلاقات الأخوية الراسخة ومسارات التعاون والعمل المشترك وسبل تعزيزها في مختلف المجالات التي تخدم مصالح البلدين المتبادلة وبما يحقق تطلعات شعبيهما الشقيقين إلى التنمية والازدهار.
كما تطرق الجانبان إلى أهمية دعم كل ما يعزز منظومة العمل الخليجي المشترك في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة والعالم بما يحقق المصالح المشتركة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وشعوبها ويسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين.
كما استعرض الجانبان خلال اللقاء مستجدات الأوضاع في المنطقة وعددا من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
وخلال الزيارة نفسها، افتتح الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وعبدالله علي عبدالله اليحيا وزير الخارجية في دولة الكويت المبنى الجديد لسفارة دولة الكويت بأبوظبي.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن افتتاح المبنى الجديد لسفارة دولة الكويت يأتي تجسيدا لعمق العلاقات الأخوية الإماراتية الكويتية التي ترتكز على أسس صلبة من الاحترام والتفاهم والتلاحم.
وأشار إلى أن العلاقات الإماراتية الكويتية قوية وعميقة ومتحصنة بروابط المحبة والإخاء بين قيادتهما وشعبيهما.
وأكد أن دولة الإمارات تتطلع إلى مواصلة العمل مع دولة الكويت الشقيقة على كافة المستويات، من أجل تنمية وتطوير هذه العلاقة التاريخية تلبية لتطلعات قيادتي البلدين وشعبيهما الشقيقين.
وغداة افتتاح السفارة ترأس الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ونظيره الكويتي أعمال الدورة الخامسة من اللجنة العليا المشتركة بين دولة الإمارات ودولة الكويت.
وعقب الاجتماع تم التوقيع على 8 مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات عدة، من بينها البنية التحتية والاتصالات وتقنية المعلومات والأمن السيبراني، إضافة إلى مجال المشتريات والصناعات الدفاعية.
وفي خطوة نحو إعطاء دفعة قوية للعلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، استضافت دولة الكويت 28 و29 من أبريل/نيسان الماضي معرض وملتقى الشركات الإماراتية، بحضور عدد من قادة ومسؤولي القطاع الاقتصادي في البلدين وبمشاركة 20 شركة من كبرى الشركات الإماراتية في القطاعين الحكومي والخاص، وبتنظيم سفارة دولة الإمارات بالتعاون مع اتحاد شركات الاستثمار والهيئة العامة للصناعة والقوى العاملة.
علاقات تاريخية
زيارات متبادلة تبرز حرص الدولتين على تعزيز العلاقات الإماراتية-الكويتية التي تعود إلى أكثر من 6 عقود، وقد تميزت منذ البداية بزخم كبير، حيث بدأت البعثة التعليمية الكويتية في دولة الإمارات خلال عام 1955 بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها قبل إعلان الاتحاد.
كما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في دولة الإمارات في أوائل الستينيات من القرن الماضي، بإنشاء العديد من المراكز والمستشفيات.
وفي سبعينيات القرن الماضي تعمقت العلاقات الأخوية المستندة إلى روابط الدم والإرث والتاريخ المصير المشترك وزادت قوة ورسوخا بدعم المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ جابر الأحمد الصباح.
وقد كانت الكويت من أوائل الدول التي أقامت علاقات رسمية ودبلوماسية مع الإمارات بعد قيام اتحاد الدولة في عام 1971، وقد تم افتتاح سفارة الدولة لدى الكويت في عام 1972، فيما تم افتتاح سفارة دولة الكويت في أبوظبي في العام ذاته.
وترجمت دولة الإمارات حجم ومتانة العلاقات التي تربط البلدين الشقيقين بموقفها المشرف أثناء احتلال الكويت، حيث استضافت الإمارات عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها، بينما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت.
ولا تنسى الكويت وأهلها وقفة دولة الإمارات وجيشها الباسل إلى جانبهم في محنة الغزو العراقي عام 1990، والشهور التي تلتها وصولاً إلى تحريرها، حيث قدّمت دولة الإمارات 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
وتكريسا لمتانة العلاقات بين البلدين، والرغبة في الانطلاق بها نحو آفاق واسعة من التعاون والتنسيق، وقع البلدان على اتفاقية إنشاء "اللجنة المشتركة" للتعاون الثنائي عام 2006 في مدينة الكويت، وعقدت اللجنة عددا من الاجتماعات التي تم خلالها التوقيع على برامج واتفاقيات عدة لتعزيز التعاون بين البلدين.
ومنذ توقيع البلدين على اتفاقية إنشاء "اللجنة المشتركة" للتعاون الثنائي عام 2006، شهد البلدان خطوات أسهمت في ترسيخ العلاقات الثنائية بين الإمارات والكويت والانطلاق بها نحو آفاق واسعة من التعاون والتنسيق.
وتتميز العلاقات بين دولة الإمارات ودولة الكويت بالمتانة والرسوخ وشهدت تطوراً ملحوظاً على مدى العقود الماضية ويتضمن التعاون بين الإمارات والكويت عدة مجالات بارزة مثل التعاون السياسي، والتعاون الاقتصادي والتجاري، والتعاون العسكري والأمني، والعلاقات الثقافية والتعليمية والذي أسفر عن عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة بين البلدين.
التعاون الثقافي والأكاديمي
على الصعيد الثقافي، أبرمت الإمارات والكويت العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الثقافة والتربية والتعليم، بغرض تبادل الخبرات وتطوير التعاون المشترك بما يصب في مصلحة كلا البلدين.
وبلغ عدد الطلبة الكويتيين الذين يدرسون في الجامعات الإماراتية 1240 طالباً، وقد أصدرت الكويت مؤخراً قرارات شجعت الطلبة أكثر على الدراسة في الإمارات، ما سيسهم في تعزيز التعاون في مجال التعليم.
وفي المجال السياحي، ارتفع عدد السياح الكويتيين الذين أقاموا في فنادق الإمارات في عام 2023 ليصل إلى 400 ألف سائح مقارنةً بـ250 ألف سائح في عام 2022، بينما بلغ عدد الزوار الإماراتيين للكويت 50,620 زائرا خلال عام 2023.
التعاون الاقتصادي
على الصعيد الاقتصادي والتجاري، حققت التجارة الثنائية غير النفطية نمواً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، لتبلغ أعلى مستوياتها تاريخياً عام 2023، بقيمة إجمالية تجاوزت الـ12 مليار دولار.
وواصل التبادل التجاري بين البلدين زخم نموه خلال العام الجاري، حيث بلغت قيمته نحو 12.2 مليار درهم خلال الربع الأول من العام 2024، وسط توقعات أن تشهد السنة الحالية نموا كبيرا في حجم الصادرات والتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين، في ضوء حرص البلدين على توسيع آفاق التعاون والشراكة الاقتصادية بينهما، وتطوير الفرص الاقتصادية في ضوء "رؤية الكويت 2035"، ورؤية "نحن الإمارات 2031" التنمويتين.
وتعد زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدولة الكويت خطوة مهمة في مسار تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين وتدفعها إلى آفاق أرحب.
aXA6IDMuMTQ4LjEwNy4zNCA= جزيرة ام اند امز