الإمارات والكويت.. الأعياد الوطنية تعزز العلاقات الأخوية
يجسد احتفاء الإمارات، قيادة وشعبا، بأعياد الكويت الوطنية عمق العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والمصير المشترك الذي يجمعهما.
وتحتفل الإمارات وسط تفاعل رسمي وشعبي بالأعياد الوطنية في الكويت، التي تصادف 25 فبراير من كل عام، وهو ذكرى استقلالها من الاستعمار البريطاني قبل 60 عاما، و26 فبراير/شباط وهو ذكرى تحريرها عام 1991 من الغزو العراقي.
وتتحول تلك المناسبات المهمة إلى احتفالية مشتركة تجسد أواصر الأخوة والمحبة والمصير المشترك الذي يجمع بين البلدين، والعلاقات الأخوية والروابط التاريخية التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما تلو الآخر.
وتحمل احتفالات هذا العام طابعا خاصا، كونها الأولى في عهد أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي تولى مقاليد الحكم 29 سبتمبر/أيلول الماضي، خلفا لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ليكمل مسيرة النهضة والبناء والتنمية التي شهدتها البلاد عقب الاستقلال.
تقدير متبادل
وكما شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وأمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، يتوقع أن تزداد قوة وصلابة في عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي لم يفوت مناسبة إلا وعبر فيها عن المكانة التي تحتلها الإمارات في قلبه، واعتزازها بإنجازاتها.
أحدث تلك المناسبات، كان قبل أيام، عقب وصول مسبار الأمل إلى المريخ 9 فبراير/شباط الجاري، لتكون الإمارات أول دولة عربية تحقق هذا الإنجاز التاريخي.
وتقدم أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، طليعة قادة العالم الذين بادروا بتهنئة الإمارات بهذا الإنجاز.
وعبرت تهنئة الشيخ نواف عن حجم المحبة والاعتزاز الذي يكنها للإمارات وأهلها، مؤكدا أن "هذا الإنجاز الإماراتي والعربي هو محل فخر واعتزاز الجميع".
وأشاد أمير الكويت "بهذا الإنجاز التاريخي والعلمي في مجال الفضاء"، مشيرا إلى إنه "يضاف إلى الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة والذي يجسد ما وصلت إليه في المجالات العلمية والتقنية والفضاء من تقدم ورقي عال بفضل الرؤى الطموحة لقيادتها والجهود الحثيثة لأبنائها مما عزز مكانتها لدى المجتمع الدولي على كافة الأصعدة".
وأعرب عن تمنياته أن تحقق دولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها كل ما تتطلع إليه من تقدم وازدهار.
بدورها تحمل الإمارات محبة وتقديرا للكويت وقيادتها ودورها في دعم التضامن الخليجي والعربي.
وقبل 3 أيام، وجهت الإمارات الشكر والتقدير إلى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح على المساعي الثمينة التي بذلتها دولة الكويت في رأب الصدع، وفي دعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي.
وذلك في أعقاب اجتماع وفدين رسميين يمثلان كلا من دولة الإمارات ودولة قطر في دولة الكويت، الإثنين، وذلك في أول اجتماع يعقد بين الجانبين لمتابعة بيان العُلا الصادر عن القمة الخليجية الـ41 التي استضافتها مدينة العلا السعودية 5 يناير الماضي.
تعزيز التعاون
وتتويجا لجهود قيادة البلدين في استكمال مسيرة العمل المشترك وتعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين والنهوض بها نحو المزيد من التقدم والازدهار، عقدت يوم 5 نوفمبر الماضي -عبر تقنية الاتصال المرئي- أعمال الدورة الرابعة من اللجنة العليا المشتركة بين دولة الإمارات ودولة الكويت.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، أن انعقاد اللجنة في التوقيت الحالي ومن خلال تقنيات الاتصال المرئي يعبر عن متانة العلاقات الثنائية وحرص الجانبين على تطوير العمل المشترك واستكشاف الجديد من آفاق التعاون في مختلف المجالات.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات ترى في شقيقتها الكويت شريكا استراتيجيا لإرساء دعائم السلم والاستقرار.
وأضاف "إننا نتطلع دائماً إلى تبادل وجهات النظر مع أشقائنا في دولة الكويت حول التحديات والتطورات والقضايا الإقليمية والدولية، بهدف بلورة مواقف مشتركة تدعم أجندة التقدم والازدهار لدول وشعوب المنطقة".
من جانبه أكد الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح وزير خارجية الكويت أن بلاده ودولة الإمارات ترتبطان بعلاقات استثنائية خاصة وتاريخية متجذرة، تحمل سمات مشتركة مبنية على وحدة المصير والهدف وتسعى الدولتان منذ القدم إلى تحقيق التكامل والترابط في جميع المجالات الحيوية، مشيراً إلى أن تلك العلاقات تعكس إصراراً من القيادة السياسية في البلدين على الدفع بها لمستويات أكثر تكاملاً.
وقال إن العلاقات الكويتية الإماراتية امتدت تاريخياً وترسخت عبر سنوات طويلة مرت بمحطات بارزة أسهمت في ترسيخ التواصل، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال المنظمات الإقليمية والدولية، ولا سيما عبر مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ووقع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح على مذكرة تفاهم للاعتراف المتبادل بالشهادات الأهلية للعاملين في البحر، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية.
ووقع الجانبان أيضاً على برنامج تنفيذي للتعاون في المجال التربوي وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال الثقافة والفنون.
علاقات تاريخية
تعود العلاقات الإماراتية-الكويتية إلى أكثر من 6 عقود وقد تميزت منذ البداية بزخم كبير؛ حيث بدأت البعثة التعليمية الكويتية في الإمارات خلال عام 1955 بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها قبل إعلان الاتحاد.
كما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في الإمارات في أوائل الستينيات من القرن الماضي بإنشاء العديد من المراكز والمستشفيات.
وفي سبعينيات القرن الماضي تعمقت العلاقات الأخوية المستندة على روابط الدم والإرث والتاريخ المصير المشترك وزادت قوة ورسوخا بدعم المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ جابر الأحمد الصباح.
وترجمت دولة الإمارات حجم ومتانة العلاقات التي تربط البلدين الشقيقين بموقفها المشرف أثناء احتلال الكويت، حيث استضافت الإمارات عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها بينما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت.
ولا تنسى الكويت وأهلها وقفة الإمارات وجيشها الباسل إلى جانبهم في محنة الغزو العراقي عام 1990 والشهور التي تلتها وصولاً إلى تحريرها، حيث قدّمت الإمارات 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الراحل.
وتكريسا لمتانة العلاقات بين البلدين، والرغبة في الانطلاق بها نحو آفاق واسعة من التعاون والتنسيق، وقع البلدان على اتفاقية إنشاء "اللجنة المشتركة" للتعاون الثنائي عام 2006 في مدينة الكويت، وعقدت اللجنة عددا من الاجتماعات التي تم خلالها التوقيع على برامج واتفاقيات عدة لتعزيز التعاون بين البلدين.
لغة الأرقام
على المستوى الاقتصادي تؤكد مسيرة التعاون بين البلدين الشقيقين، متانة العلاقات وتكامل اقتصاد البلدين.
وبلغة الأرقام، شهدت العلاقات بين البلدين تقدماً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، حيث نمت قيمة التجارة غير النفطية من حوالي 7 مليارات دولار أمريكي عام 2016 إلى ما يقارب 10.5 مليار دولار أمريكي عام 2019 لتحتل الكويت بذلك المرتبة الخامسة عالمياً بين أبرز وجهات الصادرات الإماراتية غير النفطية فيما شكلت السوق الإماراتية تاسع أكبر وجهة للصادرات الكويتية على مستوى العالم.
وتشارك الكويت في معرض إكسبو 2020 دبي الذي تستضيفه دولة الإمارات مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، من خلال جناح يعتبر الأضخم في تاريخ مشاركتها بمعارض إكسبو الدولية.
وترتبط الإمارات والكويت بالعديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية والتجارية التي أسهمت في زيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين إلى مستويات متقدمة.
كما تمتلك دولة الإمارات ودولة الكويت علاقات استثمارية متميزة في العديد من القطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها السياحة والإنشاءات والتطوير والخدمات المالية وخدمات التجزئة.
على الصعيد الثقافي والتربوي، فتحت الجامعات الخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة مجالا واسعا أمام استقطاب الطلبة الكويتيين الذين وجدوا فيها بديلا مناسبا عن الجهات الدراسية التي كانت تذهب بهم إلى أوروبا وأمريكا وتشهد أعدادهم في الجامعات الخاصة في الإمارات تزايدا مستمرا، إضافة إلى ما تشهده المعاهد والكليات والجامعات الكويتية من وجود لطلبة دولة الإمارات بها.
وتمضي الدولتان نحو مزيد من العمل المشترك على الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فيما تحافظ العلاقة التاريخية على متانتها وثباتها في ظل القيادة الرشيدة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.