"أرض التسامح" تعزز حقوق الإنسان.. تجربة إماراتية رائدة
يتوج افتتاح "بيت العائلة الإبراهيمية" بأبوظبي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ الإخوة الإنسانية وإرساء ركائز التسامح، الذي يعد عماد حقوق الإنسان.
وجاء افتتاح هذا الصرح الحضاري في وقت تواصل فيه دولة الإمارات جهودها لتعزيز مكاسب اتفاق السلام التاريخي "الاتفاق الإبراهيمي" الذي وقعته مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020، وإضافة مكاسب جديدة تصب في صالح دعم حقوق شعوب المنطقة في العيش في أمن واستقرار وازدهار.
وبالتوازي مع جهودها الرائدة في نشر التسامح والسلام، تتواصل جهود دولة الإمارات لدعم ومساعدة تركيا وسوريا، للتخفيف من آثار الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين، في 6 فبراير/شباط الجاري، مجسدة أسمى صور التضامن والأخوة الإنسانية.
مبادرات وجهود رائدة نالت إشادات عالمية عدة كان أحدثها من عدد من الخبراء الدوليين في مجال حقوق الإنسان خلال ندوة رفيعة المستوى عقدت مساء الثلاثاء عبر تقنية الاتصال المرئي من جنيف، بمناسبة إطلاق تقرير الظل عن حقوق الإنسان في الإمارات تمهيدا لمراجعة التقرير الرسمي للدولة الذي ستقدمه الإمارات رسميا إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مايو/آيار المقبل.
وتواصل الإمارات جهودها على مدار الساعة لنشر قيم الحوار والتسامح واحترام الآخر حول العالم، من خلال ما تطبقه من سياسات وما تطلقه من مبادرات وما تستضيفه من فعاليات.
ويسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، عددا من المبادرات التاريخية والمواقف الإنسانية، التي أسهمت في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم.
من أبرز تلك المبادرات رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لوثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في الإمارات في 4 فبراير/شباط 2019، تلك المبادرة التي تحولت ليوم عالمي يُحتفى به دوليا كل عام.
ويكاد لا يمر يوما إلا ويجني العالم ثمار تلك المبادرات، التي جعلت من دولة الإمارات واحة للإنسانية ومنارة للتسامح وبلدا الأمن والأمان الذي تشع قيمه ومبادئه الإنسانية في أرجاء المعمورة.
وتجسد الإمارات هذا الأمر قولا وفعلا على أرض الواقع، من خلال احتضانها أكثر من 200 جنسية يعيشون في وئام وسلام، ويمارسون معتقداتهم بحرية تامة.
كما جسدته في وثيقة مبادئ الخمسين، التي ترسم المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال الخمسين سنة القادمة ، والتي أكدت أن "منظومة القيم في الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح.. واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية".
بيت العائلة الإبراهيمية
وظهرت تلك القيم جلية في "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي افتتح في أبوظبي، 16 فبراير/ شباط الجاري ، ويضم كنيسة ومسجداً وكنيساً يهوديا تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
ويجسد هذا البيت رسالة الإمارات للإنسانية بأهمية التعايش والأخوة بين الجميع، بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.
ويعد "بيت العائلة الإبراهيمية" الذي يجمع الديانات السماوية الرئيسية الثلاث تحت سقف صرح واحد، ترجمة على أرض الواقع لأهداف وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في أبوظبي في فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وتعد وثيقة الأخوة الإنسانية بمثابة إعلان متكامل لبيان وحماية حقوق الإنسان وتؤسس دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب، يتضمن عدداً من الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة.
قيم التسامح والأخوة الإنسانية التي يعبر عنها البيت وتضمنتها الوثيقة هي نهج وسياسة إماراتية منذ تأسيس الدولة عام 1971، عبر مد يد العون للجميع بغض النظر عن اللون أو العرق أو الدين.
تلك الجهود البارزة بلورتها الإمارات عبر مبادرات ملهمة في السنوات الأخيرة، حيث كانت سباقة عالمياً في الإعلان عن تشكيل وزارة للتسامح في فبراير/شباط 2016 لتضطلع بمهمة ترسيخ التسامح كقيمة أساسية في المجتمع والعالم.
وكذلك كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في وضع قوانين تضمن لرعايا 200 دولة يعيشون على أراضيها من جميع الديانات ممارسة شعائرهم الدينية بكل يسر وسلاسة، وبناء وتشغيل دور العبادة الخاصة بهم.
ويسجل تاريخ الإنسانية بحروف من نور اللفتة الإنسانية الكبيرة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عندما وجه عام 2017، بإطلاق اسم "مريم أم عيسى" عليهما السلام على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة "المشرف" ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات.
وينص دستور الإمارات على الاحترام المتبادل في جميع تعاملات المؤسسات والأفراد على حد سواء، ومساواة الجميع أمام القانون، فضلاً عن تمتع الأجانب بمختلف الحقوق والحريات التي تنص عليها المعاهدات والمواثيق الدولية، والتي تلتزم بها الإمارات.
كما تتميز الإمارات بمنظومة تشريعية وقانونية تهدف إلى إثراء ثقافة التسامح، ونبذ كافة أنواع التطرف والعنصرية تجاه أي فئة مجتمعية، وفي مقدمتها المرسوم بقانون اتحادي رقم 2 لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية الذي يهدف إلى مواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية.
مساجد الشيخ زايد حول العالم
يأتي افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية بعد نحو 3 شهور من افتتاح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات يرافقه جوكو ويدودو رئيس إندونيسيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي جامع الشيخ زايد الكبير في مدينة سولو في جمهورية إندونيسيا.
ولا يميز مسجد الشيخ زايد بإندونيسيا أنه يحمل اسم وشكل وتصميم جامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي، أحد أكبر وأشهر مساجد العالم فقط؛ بل إن أهم ما يميزه، أنه يحمل أيضا نفس الرسالة الراقية لجامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي، الداعية لنشر قيم التسامح وغرس مفاهيم الإسلام الصحيح.
أيضا، يتميز المسجد بكونه يجسد على أرض الواقع فكر ورؤية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في تعزيز الأخوة الإنسانية وإعلاء كلمة الإسلام ونشر رسالته الحضارية الداعية للتعايش والتسامح والعمل على تعزيز التضامن الإسلامي.
وبافتتاحه سينضم مسجد الشيخ زايد في إندونيسيا إلى قائمة مساجد تحمل الاسم نفسه أنشأتها الإمارات حول العالم، لتكون صروحا ثقافية وعلمية تؤدي رسالة حضارية تدعو للتعايش والتسامح والانفتاح على الآخرين.
نشر السلام
وإيمانا منها بأنه لا تسامح بدون سلام ولا سلام بدون تسامح، تواصل دولة الإمارات جهودها لتعزيز مكاسب اتفاق السلام التاريخي "الاتفاق الإبراهيمي" الذي وقعته مع إسرائيل 15 سبتمبر/أيلول 2020، وإضافة مكاسب جديدة تصب في صالح دعم حقوق شعوب المنطقة في العيش في أمن واستقرار وازدهار.
وضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، استضافت الإمارات في يناير/كانون الثاني الماضي أعمال الاجتماع الأول لمجموعات عمل "منتدى النقب"، الذي يعد أحد أبرز ثمار الاتفاق الإبراهيمي للسلام، بحضور مسؤولين من الدول الست الأعضاء بالمنتدى وهي الإمارات والبحرين ومصر والمغرب والولايات المتحدة وإسرائيل.
وبحثت 6 مجموعات عمل خلال تلك الاجتماعات تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في 6 مجالات وهي: الأمن الغذائي والتكنولوجيا المائية، والرعاية الصحية، والتعليم والتعايش السلمي، والطاقة النظيفة، والأمن الإقليمي، والسياحة، وهو ما يعني أن مخرجات تلك الاجتماعات ستسهم في رسم خارطة طريق لتعزيز التعاون بين الدول الست، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار والرفاهية لشعوب المنطقة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني خلال العام الثالث من توقيع اتفاق السلام.
وتأمل الإمارات في تعزيز مكاسب الاتفاق الإبراهيمي للسلام وإضافة مكاسب جديدة تصب في صالح دعم الأمن والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة مع حلول الذكرى الثالثة لتوقيعه في 15 سبتمبر/أيلول المقبل، بعد أن نجحت بذلك بالفعل من خلال العلاقات الثنائية مع إسرائيل، وهو الأمر الذي يؤكده مسار العلاقات المتنامي بين البلدين، حيث تأتي اجتماعات النقب بعد نحو شهر من زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، إلى الإمارات 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي، للمشاركة في النسخة الأولى من حوار أبوظبي للفضاء الأول من نوعه عالمياً، والذي عقد برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع هرتسوغ علاقات التعاون بين دولة الإمارات وإسرائيل ومساراته نحو تعزيز التنمية والسلام والازدهار لما فيه الخير لشعوب المنطقة عامة.
كما تبادلا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
زيارة تثبت نجاح معاهدات السلام بتوفير مظلة للتعاون العلمي والاقتصادي والتنموي بما يصب في صالح شعوب المنطقة والبشرية.
وبعد نحو أسبوع من تلك الزيارة صادقت الإمارات وإسرائيل في 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعها البلدان 31 مايو/أيار الماضي، في خطوة تؤكد نجاح السلام في بناء الشراكات وتعزيز التنمية.
وتستهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية وتحفيز التجارة البينية غير النفطية بين البلدين وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون الأعوام الخمسة المقبلة.
وخلال العامين الماضيين، زار نحو نصف مليون إسرائيلي دولة الإمارات ، فيما يوجد نحو 7 إلى 8 رحلات طيران يوميا بين البلدين.
ريادة إنسانية.. زلزال تركيا وسوريا
كما تأتي الإشادة الدولية بجهود الإمارات في دعم حقوق الإنسان، فيما تتواصل جهود دولة الإمارات لدعم ومساعدة تركيا وسوريا، للتخفيف من آثار الزلزال الذي ضرب البلدين، 6 فبراير/شباط الجاري، مجسدة أسمى صور التضامن والأخوة الإنسانية.
جهود رسمت عبرها دولة الإمارات ملحمة إغاثية إنسانية، قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وجعلتها في صدارة دول العالم الداعمة للشعبين التركي والسوري، بحجم تبرعات هو الأضخم حتى الآن، إذ تجاوز 100 مليون دولار، وجسر إنساني هو الأكبر أيضا حتى الآن تم تسيير 136 طائرة منه حتى الآن، حملت 3772 طن مساعدات إغاثية وما زال الدعم متواصلا.
وطن التسامح
جهود ومبادرات ملهمة تؤكد أن الإمارات بحق وطن التسامح وواحة التعايش .
ويعد التسامح من القيم الراسخة في المجتمع الإماراتي الأصيل، والتي يستمدها من وسطية الدين الإسلامي الحنيف، ومن العادات والتقاليد العربية النبيلة، ومن حكمة وإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي يواصل السير على نهجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وجسدت هذا النهج في وثيقة "مبادئ الخمسين"، التي ترسم المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال الخمسين سنة القادمة.
وأكد المبدأ الثامن على أن التسامح عماد منظومة القيم في الإمارات، حيث ينص على أن "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح".
كما أكد في موضعين على التزام الإمارات بترسيخ الأخوة الإنسانية، أحدها أكد أن "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة ترسيخ الأخوّة الإنسانية"، ما يعني أن ترسيخ الأخوة الإنسانية يأتي ضمن الأسس والقواعد العامة لمنظومة القيم في البلاد.
وفي موضع آخر، يعلن الالتزام بتطبيق هذا النهج في السياسة الخارجية، قائلا إن الإمارات "ستبقى داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية".