في ذكرى تأسيسه الـ39.. الإمارات تقود "التعاون الخليجي" في ظروف استثنائية
الإمارات قادت عشرات الاجتماعات الخليجية، عبر تقنية الاتصال المرئي، بهدف مواجهة جائحة كورونا وتداعياتها على دول مجلس التعاون.
يوافق اليوم الإثنين، ذكرى مرور 39 عاما على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي يوم 25 مايو/أيار 1981.
وتحل ذكرى التأسيس هذا العام، في وقت تترأس فيه الإمارات الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وسط جهود استثنائية تقوم بها، للحفاظ على كيان مجلس التعاون، وتعزيز مسيرته، رغم انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، الذي يعد أبرز التحديات التي تواجه العالم ودول المجلس.
تلك المسيرة الرائدة بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منذ أول قمة خليجية يومي 25 و26 مايو/ آيار في أبوظبي عام 1981.
وتتواصل حتى اليوم بقيادة وتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
ورغم انتشار جائحة "كورونا"، قادت الإمارات العشرات من الاجتماعات الخليجية، عبر تقنية الاتصال المرئي، الهادفة لمواجهة تلك الجائحة وتداعياتها على دول مجلس التعاون، وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك.
اجتماعات متواصلة
وعقدت على مدار الفترة الماضية الكثير من الاجتماعات الخليجية في الشأن الاقتصادي والصحي والأمني والبيئي، بقيادة الإمارات.
ومن أبرز تلك الاجتماعات، الاجتماع الطارئ لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون، 7 أبريل/ نيسان الماضي عبر تقنية الإتصال المرئي، برئاسة الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بدولة الامارات.
وقد أعرب وزراء الداخلية عن شكرهم وتقديرهم للمبادرة بالدعوة الكريمة من الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، لعقد هذا الاجتماع الطارئ للاطلاع على آخر التطورات والمستجدات في دول المجلس بشأن مكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ومناقشة الإجراءات الأمنية المتبعة في إطار الجهود للحد من انتشاره.
وقد بحث الاجتماع عددا من الموضوعات الأمنية المهمة المتعلقة بهذه الجائحة وسبل مواجهتها والحد من انتشارها.
وفي 15 من الشهر نفسه، عقد وزراء العمل بدول المجلس، بواسطة الاتصال المرئي، اجتماعا استثنائيا تناول العديد من المواضيع المرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد، وتأثير هذه الجائحة على سوق العمل والعاملين بالقطاع الخاص.
كما عقدت لجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون اجتماعها الحادي عشر بعد المائة عبر الاتصال المرئي يوم 21 من الشهر نفسه، برئاسة عبيد حميد الطاير وزير الدولة للشؤون المالية بدولة الامارات العربية المتحدة.
وخلال الشهر الجاري أيضاً، عقدت اللجنة الفنية المعنية بشؤون الإسكان بدول مجلس التعاون اجتماعها الرابع والثلاثين، 11 مايو / آيار، عبر تقنية ”الاتصال المرئي“، برئاسة يوسف عبدالرحمن النعيمي مدير مكتب المنظمات والعلاقات الدولية بوزارة تطوير البنية التحتية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبحضور ممثلي جميع الدول الأعضاء، وذلك لمناقشة تأثيرات جائحة فيروس كورونا المستجد على المشاريع الإسكانية، والجهود التي تبذلها الوزارات المعنية بشؤون الإسكان لمواجهة الأزمة في دول المجلس.
وفي اليوم التالي ، عقدت لجنة فنية مشكلة من المختصين في سلطات الموانئ والإدارات البحرية بدول مجلس التعاون، اجتماعا عبر الاتصال المرئي ، لمناقشه الآثار المترتبة عن جائحة كورونا على قطاع الموانئ والنقل البحري والإجراءات التي قامت بها الدول الأعضاء في سبيل تخفيف تلك الآثار.
الشيخ زايد.. الدعوة للتأسيس
وتعيد ذكرى تأسيس المجلس إلى الأذهان الدور الرائد للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي ترأس أول قمة لمجلس التعاون.
انطلاقا من رؤيته الثاقبة وقناعته الراسخة بأن أبناء الخليج ينتمون إلى أسرة واحدة، اتجه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بعد نجاح جهوده المخلصة في بناء اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة وإعلان قيامها في الثاني من ديسمبر/كانون الأول، إلى إخوانه قادة دول الخليج العربية.
وفي حديث له لصحيفة "الأضواء" البحرينية في 24 يونيو/حزيران 1973، انطلقت أولى دعوات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى عقد لقاء قمة بين قادة دول الخليج العربية.
وقال آنذاك: "إن هناك مصالح اقتصادية مشتركة وجوانب أخرى من المستحسن تبادل الرأي فيها تتعلق كلها بأمن الخليج واستقراره.. وأعتقد أن لقاء القمة لو قدر له أن يتم فإنه يمكن أن يحقق إجماعا خليجيا على خطة سياسية واحدة وفوائد ومصالح اقتصادية يفيد منها الجميع بما في ذلك الدول العربية غير الخليجية ".
وبدأ في تحرك سياسي نشط في وقت مبكر من مطلع السبعينيات لتبادل الآراء والتشاور مع إخوانه قادة دول المجلس، وخلال زيارته لمملكة البحرين في 7 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1974، حيث أكد "أن الوقت حان كي تعمل دول الخليج العربية على تعزيز التعاون بينها في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، وإن دولة الإمارات تعد هذا التعاون أمرا ضروريا وحيويا للمنطقة".
وإدراكا منه لأهمية هذا الأمر، حمل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لواء هذه الدعوة إلى أكبر تجمع إقليمي بإعلانه أمام أقطاب مؤتمر قمة دول عدم الانحياز الذي عقد في الجزائر في عام 1973 المساعي التي تقوم بها دول الخليج العربية لتحقيق الوحدة فيما بينها.
ووجدت دعواته وجهوده تجاوبا صادقا من أشقائه قادة دول الخليج العربية؛ حيث شهدت المنطقة سلسلة من الزيارات المتبادلة بين قادتها بعد أن التقت إرادتهم وعزيمتهم السياسية على ضرورة التنسيق والتكامل.
قمم الإمارات.. محطات فارقة
ومنذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، عقدت 40 قمة خليجية اعتيادية، استضافت الإمارات من بينها 6 قمم ترأس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان 4 منها، وترأس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قمتين.
عقدت القمة الخليجية الأولى يومي 25 و26 مايو/أيار 1981 في أبوظبي تلبية لدعوة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيـان.
واتفق خلالها قادة دول الخليج الست: السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر، رسميا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقام القادة خلال القمة بالتوقيع على النظام الأساسي للمجلس الذي يهدف إلى تطوير التعاون بين هذه الدول، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.
وأكدوا خلال البيان الختامي أن "ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، الأمر الذي يؤكد ضرورة حل قضية فلسطين حلا عادلا".
وأصدرت القمة الخليجية الأولى إعلان أبوظبي الذي أكد أن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو استجابة للواقع التاريخي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والاستراتيجي الذي مرّت وتمرّ به منطقة الخليج العربي.
كما أكد الإعلان أن التضامن الطبيعي الذي يربط البلاد العربية في الخليج حري به أن يظهر في إطار مشترك يجسد كل الخطوات الإيجابية والفعالة الثنائية والجماعية التي اتخذت حتى الآن لصالح شعوب المنطقة.
قمة أبوظبي عام 1986
تعتبر قمة أبوظبي 1986 هي القمة الخليجية الثانية التي يترأسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث احتضنت دولة الإمارات القمة السابعة التي عقدت خلال الفترة من الثاني إلى الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1986 وأصدرت قرارات مهمة لتحقيق المواطنة الخليجية في الأنشطة الاقتصادية والتجارية.
وأكد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في كلمته أن مجلس التعاون الخليجي هو درع يقي جسد الأمة العربية وتعبير عن مصيرها المشترك.
وتم خلالها إقرار توصيات التعاون العسكري، والسماح للمستثمرين من مواطني دول المجلس بالحصول على قروض من بنوك وصناديق التنمية الصناعية في الدول الأعضاء.
قمة أبوظبي عام 1992
وهي القمة الثالثة التي ترأسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عقدت عام 1992، وتم خلالها الإشادة بالقرار الدولي رقم 773 الذي أكد ضمان مجلس الأمن لحرمة الحدود الدولية بين دولتي الكويت والعراق، والترحيب بالخطوات التي اتخذتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود على الأرض بين البلدين.
وفيما يتعلق بالجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من إيران، استنكر قادة الخليج الإجراءات التي اتخذتها إيران في جزيرة أبو موسى واستمرار الاحتلال الإيراني لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى.
وطالب القادة إيران بإلغاء وإزالة كل الإجراءات التي اتخذتها في جزيرة أبو موسى وإنهاء احتلالها لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأكدوا تضامنهم التام وتأييدهم المطلق لموقف دولة الإمارات العربية المتحدة.
قمة الإعداد للقرن عام 1998
وخلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر/كانون الأول 1998، عقدت رابع قمة ترأسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بحضور إقليمي ودولي كبيرين تمثل في مشاركة الرئيس الراحل نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا وقتها، وكوفى عنان الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك والدكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية والدكتور عزالدين العراقي الأمين العام الأسبق لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
وبحثت هذه القمة التي أطلق عليها "قمة الإعداد للقرن المقبل" مجمل تطورات الأوضاع السياسية والأمنية على المستويين الإقليمي والدولي وسبل دعم وتعزيز مسيرة مجلس التعاون في المجالات كافة.
وفي خطوة مهمة في مسيرة مجلس التعاون الخليجي، تم خلال تلك القمة الاتفاق على عقد لقاء تشاوري نصف سنوي لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فيما بين القمتين السابقة واللاحقة، كما تم اعتماد قرارات تطوير قوة درع الجزيرة.
الشيخ خليفة.. ومواصلة المسيرة
وواصل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، نهج المؤسس في تعزيز العمل الخليجي المشترك؛ فبعد أن انتخبه المجلس الأعلى للاتحاد في الثالث من نوفمبر 2004 بالإجماع رئيسا للإمارات، حرص على أن تكون أولى زياراته الخارجية لدول مجلس التعاون.
وأكد في أول خطاب له في الأول من ديسمبر 2004 بعد توليه رئاسة الدولة حرصه على مواصلة العمل مع إخوانه في مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتعزيز العمل الخليجي المشترك وزيادة فعاليته في استكمال بناء صروح التكامل الاقتصادي والأمني والاجتماعي.
وبعد عام من توليه الحكم، ترأس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان القمة الخليجية التي عقدت يومي 18 و19 ديسمبر 2005 .
كما ترأس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مجددا القمة الخليجية التي عقدت في العاصمة أبوظبي يومي 6 و7 ديسمبر عام 2010.
وتم خلال هذه القمة، إصدار حزمة من القرارات لدعم التكامل الاقتصادي من أهمها اعتماد المجلس الأعلى استراتيجية التنمية الشاملة المطورة بعيدة المدى لدول المجلس "2010/2025"، والإطار العام للاستراتيجية الإحصائية الموحدة.
وقررت القمة السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس، وتطبيق المساواة التامة في معاملة فروع هذه الشركات معاملة فروع الشركات الوطنية.
القمة الـ40 .. شراكة سعودية - إماراتية
وتترأس الإمارات الدورة الأربعين لمجلس التعاون الخليجي، في حين عقدت القمة الخليجية للدورة نفسها بالعاصمة السعودية الرياض، في 10 ديسمبر الماضي، لتبرز العلاقات القوية والشراكة الاستراتيجية ووحدة المصير بين البلدين، وأهمية التعاون بينهما في تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي.
وترأس القمة الخليجية الـ40 خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وشارك فيها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
ونشر الشيخ محمد بن راشد عبر حسابه في «تويتر» صوراً تجمعه مع الملك سلمان بن عبد العزيز، مدوناً: «مع أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال مشاركتنا في قمة مجلس التعاون بالرياض.. مجلس التعاون سيبقى.. والأخوة الخليجية ستبقى.. لأنها ضمانة عربية للمستقبل.. وأمل المنطقة في أن نكون جزءاً من صناعة وصياغة مستقبل العالم".
وصدر عن القمة الخليجية، بيان ختامي مطول من 91 بندا تضمن رؤية دول الخليج لتعزيز العمل المشترك ومواقفهم من مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وهنأ المجلس الأعلى (قادة دول الخليج) في البيان الختامي "دولة الإمارات العربية المتحدة على تسلمها دور الرئاسة خلال العام 2020، متمنياً لها التوفيق في تعزيز مسيرة مجلس التعاون في كل المجالات".
وتواصل الإمارات رئاسة الدورة الـ40 لمجلس التعاون لتكمل مسيرتها في تعزيز ودعم مسيرة العمل الخليجي المشترك، وسط توقعات بأن تسهم قيادة الإمارات لتلك الدورة في تعزيز اللحمة الخليجية وتعميق الترابط والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وترسيخ أركان هذا المجلس، في مرحلة مليئة بالتحديات.