الإمارات ولبنان.. دعم تاريخي يتواصل وعلاقات مستقبلية واعدة

قمة إماراتية لبنانية في أبوظبي تتوج العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين، وتعد محطة رئيسية على طريق تعزيزها إلى آفاق أرحب.
القمة جمعت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ونظيره اللبناني جوزيف عون، عقب وصوله أبوظبي في زيارة رسمية هي الأولى له منذ توليه مهام منصبه 9 يناير/كانون الثاني الماضي.
وتعد تلك المباحثات هي الثانية بين الزعيمين خلال تلك الفترة بعد المباحثات الهاتفية التي جرت بينهما في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، وتم خلالها الاتفاق على إعادة فتح سفارة دولة الإمارات في بيروت، وهو ما تم بالفعل في الشهر نفسه، في خطوة تستهدف تعزيز العلاقات بين البلدين، وتجسد حرص دولة الإمارات على دعم جهود الاستقرار والتنمية في لبنان.
رسائل مهمة
رسائل أعاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان التأكيد عليها خلال القمة التي جمعته بالرئيس جوزيف عون في قصر الشاطئ بأبوظبي، مساء الأربعاء.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن العلاقات بين دولة الإمارات ولبنان تاريخية وتجمع الشعبين الإماراتي واللبناني روابط المحبة والتقدير والاحترام المتبادل، مشيراً إلى أن إعادة افتتاح السفارة الإماراتية في بيروت تجسد التزام الإمارات بدعم لبنان والتطلع نحو مرحلة جديدة من العلاقات المثمرة بين البلدين.
وشدد على موقف دولة الإمارات الداعم لتعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية ودورها في حفظ السيادة والأمن والاستقرار في البلاد إضافة إلى دعم وحدة لبنان وسلامة أراضيه.
وأعرب رئيس دولة الإمارات عن تمنياته بالتوفيق للرئيس عون في قيادة لبنان الشقيق إلى كل ما يحقق الاستقرار والتنمية والازدهار لشعبه وأن يعود لبنان إلى موقعه المهم في محيطه العربي والإقليمي والعالمي.
وبحث الزعيمان خلال القمة مختلف جوانب العلاقات الأخوية وسبل تنمية التعاون والعمل المشترك لمصلحة البلدين وشعبيهما الشقيقين.
كما استعرض الجانبان عدداً من القضايا والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها، مؤكدين ضرورة العمل من أجل تعزيز أسباب الاستقرار والسلام في المنطقة لمصلحة جميع شعوبها.
تقدير وامتنان لبناني
من جانبه أعرب الرئيس جوزيف عون عن شكره الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لحفاوة الاستقبال، وتقديره موقفه الداعم والمساند للبنان.
وأكد الحرص على تعزيز علاقات لبنان مع الإمارات في مختلف المجالات لما فيه الخير لشعبيهما.
تقدير وامتنان لجهود الإمارات الداعمة للبنان، لا تفوت بيروت فرصة إلا وتعبر عنه.
وقبل أيام، أشاد نواف سلام رئيس وزراء لبنان بدور دولة الإمارات في تعزيز الاستقرار في المنطقة وبمساهماتها في دعم لبنان واستقراره.
وأكد سلام في تصريحات صحفية في 24 أبريل/نيسان الجاري علاقات لبنان التاريخية مع الإمارات ومنوها باستضافة مئات آلاف اللبنانيين وبكل المساعدات التي قدمتها ولا تزال للبنان.
جاءت تصريحات سلام عقب استقباله صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي خلال زيارة رسمية إلى لبنان.
وأكد الجانبان عمق العلاقات التاريخية والأخوية والاستراتيجية، والتي تمتد بين دولة الإمارات والجمهورية اللبنانية لعقود تاريخية طويلة وثيقة تشمل مختلف الجوانب لاسيما الثقافية والاقتصادية والإنسانية.
وأعرب رئيس وزراء لبنان عن عميق شكره وتقديره لدولة الإمارات على الدعم المستمر الذي لقيه لبنان خلال الفترة الماضية وكان له أطيب الأثر لدى الشعب اللبناني.
وكان العماد جوزيف عون، رئيس لبنان، قد استقبل صقر غباش، في القصر الجمهوري بعبدا بالعاصمة اللبنانية بيروت خلال الزيارة نفسها.
وأكد عون أهمية هذه الزيارة في تعزيز علاقات التعاون بين البلدين، مشدداً على أهمية دور البرلمانات في تطوير علاقات التعاون بين البلدين، بما يسهم في دعم جهود التنمية وتحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين، مثمنا الدعم الكبير المتواصل الذي تقدمه دولة الإمارات للبنان وشعبه، الذي جاء تعبيراً عن عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، وتجسيداً لمبادئ الأخوة التاريخية.
وأكد الجانبان خلال اللقاء عمق العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط دولة الإمارات والجمهورية اللبنانية، وما يجمع البلدين من روابط ثقافية واقتصادية واجتماعية ممتدة، وشددا على أهمية تعزيز التعاون الثنائي بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، ويعكس حرص دولة الإمارات الدائم على دعم أمن واستقرار وازدهار لبنان.
دعم دبلوماسي وإنساني
وجاءت زيارة رئيس البرلمان الإماراتي إلى لبنان بعد 3 أشهر من إعادة افتتاح سفارة الإمارات في بيروت في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، استجابة لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
خطوة مهمة تحمل رسائل عديدة من أبرزها:
- تجسد العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والشعبين الصديقين.
- تؤكد موقف دولة الإمارات الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته الوطنية وسلامة أراضيه.
- تجسد وقوف الإمارات ومساندتها للشعب اللبناني الشقيق.
- الحرص على تعزيز العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والجمهورية اللبنانية الشقيقة.
- حرص دولة الإمارات على دعم جهود الاستقرار والتنمية في لبنان.
- التزام دولة الإمارات العميق بمساعدة الشعب اللبناني وتقديم كافة أشكال الدعم له في مختلف المجالات.
وتزامن افتتاح السفارة الإماراتية مع وصول الطائرة الإغاثية الـ23 محملة بـ35 طنا من المساعدات الطبية ضمن حملة “الإمارات معك يا لبنان”، وذلك بعد أيام من وصول الباخرة الثانية من المساعدات الإماراتية إلى ميناء بيروت محملة بـ3000 طن من المواد الإغاثية المتنوعة ضمن الحملة نفسها، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
محطات تاريخية
دعم سياسي ودبلوماسي وإنساني من الإمارات للبنان يؤكد عمق العلاقات القائمة بين البلدين، التي ستظل راسخة في ظل ما يجمع بينهما من وشائج وصلات أخوية تزداد متانة مع مرور السنين.
ولطالما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مناسبات عدة وقوف بلاده مع الشعب اللبناني في مختلف الظروف، في رسائل ترجمت عبر محطات عديدة على مر التاريخ، كان أحدثها عبر حملة "الإمارات معك يا لبنان" التي انطلقت قبل عدة شهور.
وتجاوبا مع ما يمر به لبنان من ظروف صعبة عقب المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار إلى الشعب اللبناني.
وتنفيذا لتوجيهاته أطلقت دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي حملة إغاثة وطنية لدعم لبنان وشعبه باسم "الإمارات معك يا لبنان". كما وجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 30 مليون دولار إلى النازحين من الشعب اللبناني إلى سوريا.
وأرسلت دولة الإمارات نحو 23 طائرة دعماً للبنانيين في ظل الظروف الحرجة التي يمرون بها (3 منها إلى سوريا)، بالإضافة إلى باخرتين حملتا 5 آلاف طن من المساعدات الإغاثية المتنوعة.
دعم إنساني تؤكد عبره دولة الإمارات قيادة وحكومة وشعبا استمرارها في تقديم كل الدعم الإغاثي اللازم إلى الشعب اللبناني، بما يُجسد قيم التآزر والتضامن والتعاضد والتعاون التي يتصف بها المجتمع الإماراتي الأصيل في كل الأوقات والظروف مع مختلف المجتمعات والشعوب المتأثرة التي تواجه الكوارث والأزمات أو تعاني من الحروب والصراعات.
ولطالما كانت دولة الإمارات من الدول السباقة في الوقوف إلى جانب لبنان خلال كل المحن التي مر بها.
ويسجل التاريخ لدولة الإمارات، مواقف مشرفة مساندة للبنان منذ عام 1974، حيث منح المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لبنان مبلغا قدره 150 مليون دولار لتمويل مشروع الليطاني.
وعقب انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، أطلقت دولة الإمارات العديد من المبادرات الهادفة إلى ترسيخ السلم الأهلي في لبنان، وإعادة إعماره، ودعم أسس استقراره وازدهاره حيث قدمت الإمارات هبات وقروضا مالية للحكومة اللبنانية، لتمويل العديد من مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة وغيرها من المجالات.
وفي أعقاب تحرير جنوب لبنان عام 2000، أعلنت الإمارات في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2001، عن تنفيذ مشروع التضامن الإماراتي، لإزالة الألغام في جنوب لبنان، بتكلفة قدرها 50 مليون دولار، بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية.
ولمواجهة الأزمات الاقتصادية الخانقة التي شهدها لبنان، منذ مطلع الألفية الثالثة، اكتتبت الإمارات في يناير/كانون الثاني 2003 في سندات خزينة بقيمة 300 مليون دولار، لدعم الخزينة اللبنانية تنفيذا لمقررات مؤتمر "باريس-2"، ووقعت اتفاقية خاصة بذلك.
أيضا في عام 2006، كانت الإمارات من أوائل الدول الداعمة للبنان، بهدف الحفاظ على أمنه واستقراره وسلامة أراضيه، وذلك مع إطلاقها في سبتمبر/أيلول من العام ذاته "المشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان"، الذي لم يوفر جهدا أو مبادرة لتجاوز الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب على لبنان آنذاك.
وعندما اجتاحت جائحة كورونا "كوفيد-19" العالم عام 2020، بادرت الإمارات بتقديم مساعدات طبية عاجلة إلى لبنان، شملت 12 طنا من أجهزة الفحص والمستلزمات الطبية لدعم الأطقم الطبية والعاملين في مجال الخدمات الصحية، عبر توفير أدوات الحماية الشخصية والوقائية، وأجهزة تشخيص "كوفيد-19"، وكذلك دعم الإجراءات الاحترازية الوقائية.
كما أنشأت "مركز الشيخ محمد بن زايد الإماراتي- اللبناني الاستشفائي لمعالجة مرضى كورونا" بصفته مستشفى ميدانيا متخصصا للتعامل مع المصابين، بقدرة استيعابية تبلغ نحو 80 سريرا مزودا بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية.
وبعد تعرض لبنان لإحدى أكبر الكوارث الإنسانية التي شهدها في العصر الحديث، نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت 4 أغسطس/آب 2020، وخلّف آلاف الضحايا والجرحى، فضلا عن الدمار الكبير الذي لحق بالمرفأ والمباني في العاصمة بيروت، سارعت الإمارات إلى مد يد العون والنجدة إلى لبنان.
وأعلنت الإمارات بعد ساعات قليلة من وقوع الانفجار تقديم مساعدات إنسانية للمتأثرين، تضمنت أدوية ومعدات طبية، إضافة إلى مواد ضرورية أخرى، جرى نقلها على وجه السرعة إلى بيروت عبر عدة طائرات.
ويتواصل الدعم السياسي والإنساني والدبلوماسي الإماراتي للبنان حتى اليوم.