العسكرية الإماراتية جسدت من خلال أبطالها المقاتلين في اليمن معاني الجندية الحقة، والقدرات الاحترافية العالية أظهرت خبرات نوعية استثنائية
احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعباً، في التاسع من فبراير/شباط 2020، باستقبال أبنائها "الصقور المخلصين" ضمن قوات التحالف العربي في اليمن، الذين سطروا أسماءهم بأحرف من نور في ذاكرة الوطن الخالدة وتاريخ الأمتين العربية والإسلامية، وقدموا النموذج الصادق على أصالة أبناء وطننا الغالي، وأثبتوا بالفعل أنهم خير قدوة للأجيال الحالية والمقبلة، وسيظلون مصدر إلهام متدفق لقيم الوطنية والولاء والانتماء لهذا الوطن، والدفاع عن مبادئه النبيلة في الوقوف إلى جانب الحق والتضامن مع الأشقاء مهما كانت التضحيات والصعوبات.
العقيدة العسكرية الراسخة لدولة الإمارات باتت اليوم أكثر نضجاً وأشرس على أعدائها. تلك العقيدة التي تنطلق من ثوابت راسخة، أهمها نصرة الحق والتضامن مع الأشقاء في مواجهة التحديات والمخاطر
إن المعلومات والإحصاءات الدقيقة التي كشف عنها الفريق الركن مهندس عيسى سيف بن عبلان المزروعي نائب رئيس أركان القوات المسلحة، القائد المشترك للعمليات المشتركة في اليمن بهذه المناسبة تؤرخ للدور البطولي الذي قامت به قواتنا المسلحة منذ انطلاق عاصفة الحزم في مارس/آذار 2015، وهو دور متعدد الأبعاد لم يقتصر فقط على مشاركة القوات البرية وحرس الرئاسة بجميع وحداتها بأكثر من خمسة عشر ألف جندي في خمس عشرة قوة واجب في مختلف مدن ومحافظات اليمن، وتنفيذ القوات الجوية لأكثر من مئة وثلاثين ألف طلعة جوية وأكثر من نصف مليون ساعة طيران على أرض العمليات، ومشاركة القوات البحرية في ثلاث قوات واجب بحرية بأكثر من خمسين قطعة بحرية مختلفة وأكثر من ثلاثة آلاف بحَّارٍ مقاتل، وإنما تضمن أيضاً القيام بمهام إنسانية وإغاثية، والمساهمة في تحريرِ 85 % من 90 % من الأراضي اليمنية المحررة، إضافة إلى تحرير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة الإرهابي، وتأمين مضيق باب المندب.
ولهذا، فليس من قبيل المبالغة القول إن العسكرية الإماراتية باتت الآن واحدة من أهم المدارس في المنطقة والعالم، ليس فقط لأنها جسدت من خلال أبطالها المقاتلين في اليمن معاني الجندية الحقة والقدرات الاحترافية العالية في ممارسة المهام العملياتية والإنسانية، وإنما أيضاً لأنها أظهرت خبرات نوعية استثنائية، وقدمت العديد من المبادئ التي ستدرس في المعاهد والكليات العسكرية، أولها أن التخطيط العسكري والاستراتيجي الفعال، لا بد أن يأخذ في الاعتبار الأوضاع على الأرض، ويتفهم سيكولوجية ونفسية الشعوب التي يتم الوقوف معها، ولعل هذا يفسر التقدير والمكانة التي تحظى بها القوات المسلحة لدى أبناء الشعب اليمني.
وثانيها أن مهام القوات المسلحة في مناطق الأزمات والصراعات المعقدة لا تقتصر فقط على الجوانب العسكرية، رغم أهميتها، وإنما تتضمن أيضاً القيام بأدوار إنسانية وإغاثية وإنمائية مكملة لها، وهذا ما قامت به قواتنا المسلحة في اليمن الشقيق، فإضافة إلى دورها في استعادة العديد من المدن من سيطرة الحوثي، وتأمينها وتأهيلها لعودة الحياة الطبيعية إليها، قادت عملية تأمين وصول المساعدات الإنسانية وإيصالها إلى مختلف المناطق، وقامت بإجلاء الآلاف من الجرحى من مختلف المحافظات.
وثالثها أن ضمان الأمن وتحقيق الاستقرار لا يقتصر فقط على تحرير المدن من قوى الفوضى والتخريب والإرهاب، وإنما يتطلب أيضاً، وربما الأهم، إعادة بناء جيش وطني فعال يتولى مسؤولية تأمين المناطق المحررة، وهذا ما أدركته القوات المسلحة لدولة الإمارات منذ بداية مشاركتها في التحالف العربي، حيث قامت بتجنيد وتدريب وتجهيز أكثر من مئتي ألف جندي يمني، ليتولوا مسؤولية تأمينِ المناطق المحررة والدفاع عنها بعد أن اكتسبتوا خبرات عملياتية خلال السنوات الماضية.
لقد جسدت مشاركة قواتنا المسلحة ضمن التحالف العربي في اليمن، وما قامت به من بطولات وأدوار إنسانية بالغة الأهمية، العقيدة العسكرية الراسخة لدولة الإمارات، التي باتت اليوم أكثر نضجاً وأشرس على أعدائها. تلك العقيدة التي تنطلق من ثوابت راسخة؛ أهمها نصرة الحق والتضامن مع الأشقاء في مواجهة التحديات والمخاطر، والعمل على تعزيز أسس الأمن والاستقرار في الدول الخليجية والعربية، ولهذا تتعزز وتتزايد الثقة الدولية في مواقفها على الصعد الخليجية والعربية والدولية، وما يترتب عليها من مسؤوليات كبيرة تحرص على القيام بها بكل فاعلية وإيمان، من أجل تحقيق تطلعات شعوب المنطقة في الأمن والتنمية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة