الإمارات والمغرب.. قبلة السلم والعيش المشترك
علاقة خاصة بين المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة تجسدها نقاط تلاق وسمات مشتركة في السياسة والاقتصاد والثقافة أيضاً.
ومن الأمور المشتركة بين البلدين، أجواء التسامح والرحمة السائدة في المجتمعين، ما يجعلهما قبلة للتنوع الثقافي والديني، بعيداً عن الحسابات الضيقة.
تأكيد مشترك على تشبث المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بالقيم الروحية والإنسانية، وقيم التعايش والحوار، كانت هذه خلاصة مباحثات ثنائية، احتضنتها دولة الإمارات قبل أسابيع.
مباحثات ثنائية تصدرها الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش الإماراتي، ورئيس مجلس المستشارين بالمغرب النعم ميارة، حول سبل النهوض بقيم التعايش والتسامح والوئام.
لقاء أعاد للصدارة الزيارة التاريخية، التي قام بها البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، إلى كل من المغرب ودولة الإمارات، وما ساهمت به من ترسيخ وتعزيز العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي.
كما استعرضا معالم التعايش واحترام الأديان، في كُل من البلدين، مع التأكيد على الأهمية التي توليها النصوص القانونية، وتوصيات قيادة البلدين في تعزيز وترسيخ مبادئ التسامح والتعايش وحماية المواقع الدينية.
تسامح وأخوة إنسانية
وعام 2014، صُنفت دولة الإمارات العربية المتحدة على أنها النموذج الأول عالميا في مجال التعايش السلمي بين الجنسيات لاحتضانها 200 جنسية على أرضها، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة العالمية للسلم والرعاية والإغاثة التابعة للأمم المتحدة.
وفي وثيقة توجهات دولة الإمارات للخمسين عاماً المقبلة، كان لترسيخ التسامح والأخوة الإنسانية، مكان عريض إلى جانب ما ترسمه الوثيقة من مسار استراتيجي لدولة الإمارات خلال دورتها الجديدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والداخلية.
وبحسب المبدأ الثامن للوثيقة، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة، تلتزم بترسيخ الأخوة الإنسانية، بجعلها أساس منظومة القيم في البلاد.
وفي نفس السياق، جعلت دولة الإمارات من الأخوة الإنسانية، مبدأ أساسياً في سياستها الخارجية، عبر دعمها لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية.
ولأنه قول وفعل، بعيداً عن الشعارات الرنانة، قال المصدر الأممي ذاته، إن "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية".
ومن معالم التسامح الإنساني في دولة الإمارات، مشروع "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي يُتوقع إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة أبوظبي، والذي يضم تحت سقف صرح واحد، كنيسة ومسجداً وكنيساً.
هذا المشروع المتوقع افتتاحه في العام 2022، يُمثل فضاء ومجتمعاً حقيقيا، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
وبشكل عام، يعود السر في نجاح دولة الإمارات العربية في تحقيق السلم والتعايش بين مختلف الديانات والثقافات على أرضها، إلى مجموعة من العوامل.
ومن بين هذه العوامل، قوانين الدولة التي تدعم الاحترام والسلام بين الأفراد، وتضمن حصول كل فرد على حقوقه في العيش ضمن بيئة آمنة وخالية من مظاهر الازدراء.
بالإضافة إلى وعي أفراد المجتمع، الذي جعل من دولة الإمارات العربية عاصمة دولية للتنوع الثقافي، بمجتمع غني بالعادات والتقاليد المختلفة.
تنوع ديني
وفي المغرب، قد لا تفرق بين مسلم ويهودي، فالاثنان يعيشان في حي واحد، وأحيانا بنفس العقار أو ببابين متقابلين. وفي الجهة المقابلة لهما، تقف كنيسة عريقة يحج إليها المسيحيون كُل أحد.
تتناقل الروايات، أحوال أحياء الملاح، حيث كانت الأسر اليهودية تقيم وتستقر، وكيف كان يشتغل المسلم مع أخيه اليهودي، ويشتركان في التجارة والعمل، وإذا سافر أحدهما، ائتمن الآخر على ماله وأسرته.
واقع يُعززه اقتناع تام من قائد البلاد العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي كثيرا ما يُؤكد التزامه بحفظ حقوق جميع المغاربة بمختلف ثقافاتهم ودياناتهم.
ولا يجد أحد مشكلة في أداء شعائره الدينية، إذ تحفظ مكانة كُل دين بالقدر الذي يليق بها دون تنقيص أو احتقار، تحت حماية الدولة والقانون.
وفيما ترصد المملكة جملة من القوانين الصارمة التي تحيط الممارسة الدينية بهالة من القداسة القانونية والاجتماعية، يُؤكد العاهل المغربي الملك محمد السادس، في أكثر من مرة على أنه أمير المؤمنين جميعاً باختلاف دياناتهم.
حوار بين الأديان
وفي كُل فرصة سانحة، تحتضن المملكة المغربية فعاليات دولية للحوار بين الأديان، وتقريب المسافات بينها، ولا يمر عام دون احتضانها لمؤتمر أو اثنين حول ذات الموضوع.
والشهر الماضي، نظم المركز المغربي للتسامح وحوار الأديان، بالرباط، المنتدى الأفريقي للتسامح وحوار الأديان، بمناسبة اليوم الدولي لأفريقيا.
واليوم الخميس، تحتضن طنجة شمال المملكة المغربية، ملتقى "حوار طنجة حول الأديان"، بمشاركة مسؤولين بارزين من دول عدة، على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تشارك بوفد رفيع المستوى.
وسيناقش "حوار طنجة" عدداً من القضايا الراهنة والملحة ذات العلاقة بموضوع التعايش والحوار بين الأديان.
الغرب والعالم الإسلامي
ففي الجلسة الأولى، يبحث المشاركون أهمية العوامل الاقتصادية في ديناميكيات العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي، على اعتبار أن الاقتصاد هو أحد المحركات الرئيسية للعلاقات بين الغرب المزدهر والعالم الإسلامي النامي بشكل غير متساو.
كما يُقارب اللقاء إشكاليات التكنولوجيا وتغير المناخ في أفريقيا والشرق الأوسط، إلى جانب الحديث عن سبل إعادة ضبط العلاقات بين الغرب والدول ذات الأغلبية المسلمة.
ولأهمية الثقافة والتعليم، تناقش الجلسة الرابعة من اللقاء حقبة جديدة من الشراكة بين الدول ذات الأغلبية المسلمة والغرب؛ إذ تركز على سبل بناء السلام بين الدول عبر آلية الثقافة.
وقبل أن يُختم اللقاء بإعلان طنجة، تناقش الجلسة الخامسة، الآفاق على المدى القريب والمتوسط لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي يشارك فيها الدكتور علي النعيمي رئيس لجنة الدفاع والداخلية والخارجية بالمجلس الوطني الاتحادي الإماراتي.
aXA6IDMuMTMzLjEyMy4xNjIg جزيرة ام اند امز