الإمارات والنفط.. رحلة 50 عاماً من التحدي والتطور السريع
"هذه الثروة ثروتكم جميعاً، وليس بيني وبينكم حاجز".. قالها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات
"هذه الثروة ثروتكم جميعاً، وليس بيني وبينكم حاجز".. قالها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات، جاءت بعدها انطلاقة إماراتية نحو التنمية وضعتها في مصاف الدول المتقدمة.
من وقتها بدأت الإمارات التنقيب عن حقول النفط لاستغلال الثروات الطبيعية التي تملكها وذلك عام 1963، عندما حصل "ويليام حجي وليامسون" على حق التنقيب عن النفط لمدة سنتين في إمارة أبوظبي مقابل مبلغ من المال، وهو تابع لشركة نفط العراق.
وفي هذا الوقت، أنشأت شركة نفط العراق شركة فرعية لها سُميت شركة "الساحل المتصالح" للتنقيب عن النفط في المنطقة.
بداية التحدي والاكتشافات
يعود تاريخ دولة الإمارات النفطي إلى خمسينيات القرن الماضي تحديداً منذ 57 عاماً؛ إذ بدأت الدولة منذ عام 1962 اكتشاف حقول نفطية برية تابعة لإمارة أبوظبي ثم تصدير النفط الخام للعالم.
وكانت البداية مع اكتشاف حقول نفطية برية تابعة لإمارة أبوظبي عام 1953، ليتم استخراجه فعليا عام 1962، ومن ثم تصديره للعديد من دول العالم.
وتم تغيير اسم شركة "الساحل المتصالح" أو ما يطلق عليها شركة التطوير البترولي إلى اسم جديد وهي شركة بترول أبوظبي، والتي وقعت اتفاقاً عام 1965 لتقاسم الإيرادات مناصفة مع إمارة أبوظبي.
ومع تأسيس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، للدولة، تطورت صناعة النفط في الإمارات، ففي عام 1971 أسس شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، وبحلول عام 1974 أخذت الشركة حصة 60% في كل من شركتي بترول أبوظبي وأدما.
بمرور الوقت، زار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي في ذلك الوقت، أول مخزن للوقود سلمته شركة البترول البريطانية إلى شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" في إطار برنامج لإدراج توزيع النفط ضمن شبكة في جميع أنحاء البلاد.
فيما بعد أصدر ولي العهد مرسوماً أسّس بموجبه شركة الإنشاءات البترولية الوطنية في أبوظبي برأسمال قدره 30 مليون درهم.
ودشّن الشيخ خليفة رسمياً المعرض البترولي الذي أقامته شركتا أدنوك وأدما في أكتوبر 1975، وعقب ذلك صدر إعلان بأن أبوظبي صدرت حتى ذلك الوقت ملياري برميل من النفط من جبل الظنة.
الاكتشافات تتوالى
توالت الاكتشافات في الإمارات الأخرى؛ إذ احتلت إمارة دبي المرتبة الثانية من الاكتشافات النفطية بحلول عام 1966، في المنطقة البحرية وبدأت دبي استخراج وتصدير النفط في العام ذاته.
وبعد عام تقريباً أسفرت عمليات التنقيب عن اكتشاف بئر جديدة من النفط تقع جنوب غرب حقل الفاتح في إمارة دبي.
وجاءت إمارة الشارقة بأول اكتشاف للنفط عام 1972 من خلال شركة نفط الهلال.
وقامت إمارة عجمان بالتنقيب عن البترول بمعاونة شركات أمريكية؛ أبرزها شركة أساميرا، وشركة فورمان عام 1975، وبعد الاكتشافات النفطية بالإمارة تأسست شركة عجمان الوطنية للبترول.
أما عن إمارة رأس الخيمة، فتعد رابع أكبر إمارة في دولة الإمارات من حيث المساحة، وتعد من الإمارات المنتجة للبترول منذ أول اكتشاف له عام 1976 من بئر الصالح.
وبذلك تعد الإمارات دولة نفطية يقوم اقتصادها في المقام الأول على تصنيع وتصدير المواد البترولية.
ونأتي لإمارة "الفجيرة" وهي الأهم في مجال التخزين والإمداد بالنفط، والتي تعد من أهم مراكز التخزين والإمداد في منطقة الخليج والشرق الأوسط على الإطلاق.
وتحتل "الفجيرة" المركز الثاني بعد سنغافورة في تخزين وإمداد دول العالم بالنفط، خصوصاً أن لدى الإمارة مراكز تخزين عملاقة.
ويعد ميناء الفجيرة من أهم الموانئ العالمية وحلقة الوصل بين دول العالم في مجال تصدير النفط.
أهم الحقول النفطية في الدولة
يوجد في الإمارات حاليا عدد لا يحصى من حقول النفط يقدر بالآلاف، ولكن يمكن التركيز على أكبر وأبرز الحقول المنتجة للنفط.
ويعد حقلا زاكم العلوي وزاكم السفلي الأبرز في إمارة أبوظبي من حيث الإنتاج الفعلي للنفط، بجانب حقلي بوحصا وباب، بالإضافة إلى حقول عصب وشاه وسهل.
وتوجد أيضا حقول نفطية صغيرة نسبيا مثل: حقل زرارة وحقل الحويلة وحقل باب غرب وحقل جسيورة وحقل ندر وحقل الرويس وحقل جرن يافور.
وفي إمارة دبي يوجد هناك حقل الفاتح وأيضا حقل الفلاح، وحقل راشد ومؤخرا حقل زايد بالبحر الأحمر.
أما في الشارقة، توجد حقول كبيرة نسبياً مثل حقل المبارك، وحقل المبارك 2 وأخيرا حقل المبارك 3، ومؤخرا تم الإعلان عن اكتشاف حقل المبارك 4، وفي رأس الخيمة بئر الصالح.
إجمالي إنتاج الإمارات النفطي
تعد الإمارات ثاني أكبر احتياطي نفطي بالمنطقة بعد المملكة العربية السعودية التي تحتل المركز الأول عالميا في إنتاج النفط؛ إذ تمتلك الإمارات من الاحتياطي النفطي نحو 97.8 مليار برميل حالياً.
ويقدر استهلاك الدولة الإماراتية من النفط 509 آلاف برميل يوميا، فيما تستهلك 56 مليار متر مكعب من الغاز تقريباً.
وفي تصريحات سابقة، قال وزير الطاقة والصناعة سهيل المزروعي إن إنتاج دولة الإمارات من النفط سجل بالشهور الأخيرة 3.043 مليون برميل.
وتحاول الإمارات مؤخراً تقليل إنتاجها من النفط اليومي بحسب إنتاج أوبك لتقليل الإنتاج في سبيل الوصول إلى توازن سوق النفط ما بين العرض والطلب من أجل أسعار جيدة للخام الطبيعي.
وتتوجه الدولة الإماراتية نحو تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد الكلي على الإيرادات النفطية عبر الدخول في استثمارات بقطاعات الدولة الأخرى مثل العقار والبنية التحتية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وما إلى ذلك.
وبالفعل منذ عام 2017، شاركت الإمارات في اتفاق أوبك ومجموعة المنتجين المستقلين بقيادة روسيا، بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2017، على تمديد اتفاق خفض الإنتاج النفطي المشترك بنحو 1.8 مليون برميل يومياً حتى نهاية 2018.
ومن ثم واصلت تخفيض الإنتاج نتيجة تمديد تنفيذ اتفاقية "أوبك+" خلال ديسمبر/كانون الأول 2018، والتي تهدف إلى خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، على أن يكون 800 ألف برميل يومياً منها من أوبك ذاتها لمدة 6 أشهر.
ومؤخراً، وافقت المنظمة على تمديد خفض إمدادات النفط لمدة 9 أشهر حتى مارس/آذار 2020، بداية من الأول من يوليو/تموز الجاري.
وأكد سهيل المزروعي، وزير الطاقة والصناعة الإماراتي، أن دولته تؤيد قرارات تمديد خفض الإنتاج النفطي، وأن الدولة الإماراتية ملتزمة تجاه توازن السوق ما بين العرض والطلب على النفط.
إحصائيات مهمة من المركزي الإماراتي
في آخر إحصائيات مصرف الإمارات المركزي، انخفض إنتاج النفط خلال الربع الأول من عام 2019، بنسبة 7%، مقابل زيادة 9.5% خلال الربع الرابع من عام 2018.
وبلغ متوسط إنتاج الإمارات من خام النفط في أول ربع من العام الحالي نحو 3.06 مليون برميل في اليوم الواحد، وفقاً للبيانات الرسمية.
وتوقع المركزي الإماراتي أن يحقق القطاع النفطي ارتفاعاً بنسبة 3.8% بالربع الثاني، لينكمش إلى 2.6% بالثالث، ثم أكثر في الربع الرابع من العام الجاري بنحو 0.4 %.
ونوهت التوقعات بأن ينتهي عام 2019 بنمو القطاع النفطي بنسبة 2.7%، على أساس سنوي، ليسهم في صعود الاقتصاد الإماراتي الكلي لينمو بنسبة 2 %.
استثمارات ضخمة واكتفاء ذاتي
يعد قطاع النفط والغاز في أبوظبي من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ إذ جذب القطاع على مدى العامين السابقين أكثر من 21 مليار دولار من خلال مناطق امتيازات برية وبحرية.
وأكد سهيل المزروعي، وزير الطاقة والصناعة الإماراتي، في تصريحات سابقة، أن شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" جذبت استثمارات أجنبية كبرى من خلال التعاون مع شركات عالمية مثل "إيني" الإيطالية و"أو إم في" النمساوية، لتطوير قدراتها وتوسيع عملياتها في التكرير والبتروكيماويات.
وأقر المجلس، في اجتماعه، استراتيجية شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" الشاملة للغاز، والتي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، باستثمارات ضخمة تصل إلى 132 مليار دولار.
ووفقا للخطة الأخيرة، تهدف إلى الاكتفاء الذاتي والتقليل من التصدير عبر زيادة السعة الإنتاجية من النفط الخام من 3.5 مليون برميل يوميا بنهاية عام 2018 إلى 4 ملايين برميل يوميا بنهاية عام 2020 وإلى 5 ملايين برميل يومياً خلال عام 2030.
aXA6IDMuMTM5LjIzNS4xNzcg جزيرة ام اند امز