الإمارات وعُمان.. زيارات متبادلة تعزز العلاقات المتنامية
زيارات إماراتية عمانية متبادلة تتوج العلاقات الأخوية المتنامية بين البلدين، وتبرز الحرص على تعزيز التنسيق والتعاون المستمر.
وشهدت الأيام القليلة الماضية، أكثر من 4 زيارات متبادلة لمسؤولين من البلدين رصدتها "العين الإخبارية"، ضمن عشرات الزيارات التي جرت على مدار العام الجاري، شهدت مشاورات ومباحثات لتعزيز التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة.
وقبل يومين جرت مباحثات إماراتية عمانية لتعزيز التعاون البرلماني خلال زيارة وفد برلماني إماراتي إلى مسقط، وذلك بعد أقل من أسبوع من تسلم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات رسالة خطية من أخيه السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان تتصل بالعلاقات الأخوية المتينة بين البلدين نقلها فاتك بن فهر آل سعيد المبعوث الخاص لسلطان عمان.
أيضا شهد شهر سبتمبر/ أيلول الجاري زيارة وفد من وزارة التربية والتعليم العمانية إلى الإمارات، بعد أيام من زيارة وفد من مجلس سيدات أعمال عجمان سلطنة عمان للمشاركة في فعاليات المنتدى العربي الثاني للمرأة العاملة نهاية أغسطس/ آب الماضي.
زيارات متبادلة خلال وقت قصير تبرز قوة العلاقات المتنامية بين البلدين على مختلف الأصعدة السياسية والبرلمان والتعليمية والاقتصادية والسعي إلى تطويرها تنفيذا لتوجيهات قيادة البلدين، وترجمة للعلاقات الأخوية التاريخية بينهما.
تلك العلاقات الأخوية التاريخية القوية ظهرت جلية خلال زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى الإمارات 14 مايو/أيار الماضي، لتقديم التعازي لأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بوفاة رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
رسائل متبادلة
أيضا ظهرت جلية في الرسالة الخطية التي أرسلها سلطان عمان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان 15 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وتسلم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رسالة خطية من سلطان عمان الشقيقة تتصل بالعلاقات الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين والموضوعات ذات الاهتمام المشترك خلال استقباله في قصر الشاطئ في أبوظبي فاتك بن فهر آل سعيد المبعوث الخاص لسلطان عمان.
اللقاء حمل أيضا تصريحات إماراتية هامة تؤكد أن تعميق العلاقات مع سلطنة عمان أولوية رئيسية لدى القيادة الإماراتية.
وعبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء عن اعتزاز دولة الإمارات بعلاقاتها مع شقيقتها سلطنة عمان وتطلعها نحو مزيد من التطور والنماء لهذه العلاقات.
واستعرض الجانبان العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها ودفعها إلى الأمام في مختلف المجالات.
وامتثالا لتوجيهات القيادتين الرشيدتين بدولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان واستكمالا للجهود المبذولة لتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، عقدت "لجنة المتابعة المنبثقة عن اللجنة العليا الإماراتية - العمانية المشتركة" اجتماعها الدوري 7 يونيو / حزيران الماضي في العاصمة أبوظبي.
تم خلال الاجتماع مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين و التوافق بشأنها و التي ستسهم في خدمة و رفاه مواطني البلدين.
جاء الاجتماع بعد نحو 3 شهور من استقبال السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، 24 مارس/ آذار الماضي، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني.
وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية التاريخية المتجذرة بين البلدين ومواصلة التعاون والتنسيق المشترك بينهما، بما يحقق مصالحهما المتبادلة وتطلعات شعبيهما الشقيقين نحو التنمية المستدامة والازدهار.
وأوائل الشهر نفسه، جرت مباحثات بين البلدين لتعزيز التعاون العسكري بينهما خلال زيارة اللواء الركن سعيد راشد علي الشحي قائد القوات البرية الإماراتية للسلطنة.
تعزيز التعاون البرلماني
وعلى صعيد التعاون البرلماني بين البلدين، جرت مباحثات إماراتية عمانية لتعزيز التعاون بين البلدين قبل يومين في العاصمة مسقط.
جاء ذلك خلال استقبال الشيخ خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى في سلطة عمان، حمد أحمد الرحومي النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي على هامش مشاركته في الاجتماع الدوري السادس عشر لرؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مسقط 21 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وجرى خلال اللقاء التأكيد على قوة العلاقات التاريخية وروابط الأخوة التي تربط دولة الإمارات وشقيقتها سلطنة عمان، وأهمية تمتين علاقات التعاون المشترك على مختلف الأصعدة لاسيما في العمل البرلماني، وتكثيف الزيارات وتبادل الخبرات التي تنعكس على تطوير العمل التشريعي والرقابي والسياسي ويحقق المصالح المشتركة ويعزز مكتسبات مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
تعاون ثقافي متنامي
وتجمع الإمارات وسلطنة عمان علاقات اجتماعية وثقافية تمتد جذورها إلى عمق التاريخ، وقد مرت خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة التي أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدماً.
ويحرص البلدين على المضي بها قدما إلى آفاق أرحب، عبر تعزيز التعاون، وتبادل الخبرات والاطلاع على التجارب الناجحة في البلدين لتعميم الاستفادة.
ضمن هذا الإطار، قام وفد عماني برئاسة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان ورئيس المكتب الفني لمشروع مجمع عُمان الثقافي بزيارة إلى دولة الإمارات 16 أغسطس/ آب الماضي، اطلع خلالها على الخدمات التجربة الفريدة لـ "بيت الحكمة " في الشارقة وما يقدمه من خدمات مميزة بمجال المكتبات وما تضمه من جوانب تقنية وفنية تخدم الجمهور بأسلوب مبتكر يدمج بين مفهومي المكتبة والملتقى الاجتماعي والثقافي.
زيارة تأتي بعد عدة شهور من مشاركة إماراتية بارزة في النسخة الـ26 من معرض مسقط الدولي للكتاب" خلال الفترة من 24 فبراير / شباط إلى 5 مارس / آذار الماضي.
وفي 15 فبراير / شباط، جرت مباحثات ثقافية بين المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة ومركز الترجمة والتعريب والاهتمام باللغة العربية - بسلطنة عمان تناولت بحث آلية وكيفية التعاون في تطوير مناهج اللغة العربية والاهتمام بها وسبل التنسيق المتبادل حول أي مشاريع أو أنشطة أو فعاليات أو دورات تدريبية، وإمكانية المشاركة فيها.
وتتقاسم دولة الإمارات وسلطانة عمان موروثا ثقافيا مشتركا من فنون وآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي، فيما تنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين على الكثير من المفردات في الشعر والنثر والقصة والموروث الشفهي والأمثال والمرويات الشعبية.
وتزداد الروابط الثقافية والاجتماعية بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان تداخلا وعمقا بدرجات كبيرة، تصل إلى مستوى العلاقات الأسرية والعائلية وتقاسم العادات والأزياء والفنون، نتيجة للتاريخ المشترك والتلامس الجغرافي.
مباحثات اقتصادية
العلاقات المتنامية بين البلدين على مختلف الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية، انعكست بشكل بارز على التعاون الاقتصادي بينهما، سواء من خلال الزيارات المتبادلة أو الأرقام التي تعبر عن حجم العلاقات المتنامية.
وشارك وفد من مجلس سيدات أعمال عجمان في فعاليات المنتدى العربي الثاني للمرأة العاملة تحت عنوان "مستقبل رائدات الأعمال في ظل الاقتصاديات الرقمية" والذي أقيم على مدار يومين في محافظة ظفار بتنظيم من وزارة العمل في سلطنة عمان وبالتعاون مع منظمة العمل العربية نهاية أغسطس/ آب الماضي.
زيارة تأتي بعد شهر من زيارة وفد من شرطة عمان السلطانية والجمارك العمانية دولة الإمارات يوليو/ تموز الماضي قاموا خلال زيارة عدد من المؤسسات للاطلاع على تجاربها تجربتها المتقدمة في تطوير الرصد والتفتيش الجمركي ، منها جمارك دبي و"الهيئة الاتحادية للهوية و الجنسية و الجمارك و أمن المنافذ".، "مركز جمارك منفذ خطم الملاحة بإمارة الشارقة" و"مركز جمارك ميناء جبل علي بإمارة دبي".
و تم خلال اللقاءات التأكيد على إن الارتفاع المستمر في حجم التجارة البينية بين دولة الإمارات وسلطنة عُمّان، والآفاق المستقبلية الخاصة بالتجارة البينية والمخاطر الجمركية والمتغيرات الاقتصادية العالمية تدفع السلطات الجمركية في البلدين إلى تعزيز التعاون وتطوير الشراكة الاستراتيجية من خلال تبادل المعلومات والخبرات والاطلاع على أفضل الممارسات.
كما عقد الوفد العماني خلال الزيارة اجتماعات مشتركة مع المسؤولين من السلطات ودوائر الجمارك المحلية تناولت آلية العمل ومختلف الجوانب ذات الصلة.
وفي 30 مارس / آذار الماضي، بحث عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي مع نظيره العماني الدكتور سعيد بن محمد الصقري سبل تطوير الشراكات الاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات وكل من سلطنة عمان خلال لقاء على هامش أعمال القمة العالمية للحكومات 2022.
وتناول اللقاء التأكيد على قوة العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين والرغبة المتبادلة في تنمية جهود التكامل الاقتصادي والتجاري والعمل على استكشاف الفرص الجديدة أمام القطاع الخاص من البلدين للدخول في شراكات تخدم الأجندات التنموية خاصة في المجالات ذات الاهتمام المتبادل بما فيها الابتكار والبحث والتطوير والطاقة المتجددة وريادة الأعمال وغيرها من المجالات التي من شأنها أن تدفع الشراكة الاقتصادية القائمة نحو آفاق أكثر تقدما وازدهارا.
وفي 17 فبراير/شباط الماضي، عقدت في غرفة تجارة صناعة دبي الدورة الثانية من الملتقى الاقتصادي الإماراتي- العماني.
ناقش الملتقى أطر تعزيز الشراكات الاقتصادية بين مجتمعي الأعمال من البلدين بما يخدم العلاقات الاقتصادية ويرفع مستوى التبادل التجاري وتحفيز تدفقات الاستثمار وتحديد قطاعات وبرامج التعاون على المستويين الحكومي والخاص خلال المرحلة المقبلة وفتح قنوات جديدة للتواصل وعقد الشراكات بين مجتمعي الأعمال في البلدين.
وتعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري لسلطنة عمان على مستوى العالم، فهي أكبر مصدّر إلى عُمان وأكبر مستورد منها، وتستحوذ على أكثر من 40% من مجمل واردات عمان من العالم فيما تستأثر بنحو 20% من صادرات عمان إلى الأسواق العالمية.
وقد بلغت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في عام 2021 أكثر من 46 مليار درهم بنمو 9% عن 2020، وبلغ متوسط النمو في تجارة البلدين خلال آخر 5 سنوات نحو 10%. وفي المقابل تعد سلطنة عُمان ثاني أكبر شريك تجاري خليجي لدولة الإمارات وتستحوذ على 20% من إجمالي تجارتها مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وعلى صعيد الاستثمار تعد دولة الإمارات أكبر مستثمر عربي وثالث أكبر مستثمر عالمي في سلطنة عمان وتساهم بأكثر من 8.2% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في عُمان. وبلغت القيمة الإجمالية للاستثمارات المتبادلة بين البلدين 15 مليار درهم تشمل كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية تقريباً.
علاقات تاريخية
زيارات تتوج العلاقات التاريخية بين البلدين التي تشهد تطورا ملحوظا بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وأخيه سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد.
وتعود العلاقات الإماراتية-العمانية لعقود مضت، وشكلت الزيارة التاريخية للشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان إلى سلطنة عمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم على أثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين، كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية" بدلاً من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.