الإمارات وباكستان.. قمم وزيارات تعزز الشراكة الاستراتيجية
تتوج زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى باكستان علاقاتهما الأخوية المتنامية والشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما.
وتحمل زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى باكستان التي بدأت اليوم الأربعاء أهمية خاصة لأكثر من سبب، أبرزها أنها أول زيارة له للبلاد منذ توليه مهام مقاليد الحكم مايو/أيار الماضي، كما أنها أول زيارة خارجية له في عام 2023.
كما تعد القمة التي جمعته برئيس وزراء باكستان شهباز شريف خلال الزيارة هي الثانية خلال أسبوعين بعد زيارة رئيس وزراء باكستان للإمارات يومي 12 و13 يناير/كانون الثاني الجاري، وتعد مباحثاتهما هي الثالثة خلال الشهر الجاري بعد المباحثات الهاتفية التي جمعتهما 3 يناير الجاري.
أيضا يعد اللقاء الذي جمعهما هو الرابع خلال 9 شهور بعد 3 لقاءات جمعتهما خلال 3 زيارات أجراها شهباز شريف رئيس وزراء باكستان إلى الإمارات منذ توليه مهام منصبه أبريل/ نيسان الماضي.
قمم وزيارات متتالية خلال وقت قصير تبرز قوة العلاقات بين البلدين وحرصهما المتواصل على التنسيق والتشاور وتعزيز شراكتها الاستراتيجية.
زيارات ومباحثات توثقان عرى التعاون بين الجانبين، وسط تأكيد متواصل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وقوف دولة الإمارات مع كل ما يحقق التنمية والاستقرار في باكستان، وشكر وتقدير باكستاني مستمر للإمارات وقيادتها على دعمها المتواصل على مختلف الأصعدة الاقتصادية والتنموية والإنسانية خاصة خلال أزمة الفيضانات والسيول التي شهدتها مؤخراً باكستان.
زيارة مهمة
ووصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات الأربعاء إلى مدينة رحيم يار خان في زيارة إلى جمهورية باكستان.
وكان في مقدمة مستقبلي رئيس الإمارات لدى وصوله إلى المطار شهباز شريف رئيس وزراء باكستان وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين الباكستانيين.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وشهباز شريف رئيس وزراء باكستان العلاقات التاريخية التي تجمع دولة الإمارات وباكستان وسبل تعزيز التعاون والعمل المشترك وتوسيع آفاقه بما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين وشعبيهما الصديقين في مختلف المجالات وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما، إضافة إلى عدد من الموضوعات والقضايا محل الاهتمام المشترك.
ورحب شهباز شريف - خلال اللقاء - بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى باكستان، مؤكداً أن الزيارة تمثل دافعاً قوياً نحو تنمية علاقات البلدين وتأتي في إطار اهتمامهما المشترك بترسيخها وتنميتها.
واستعرض الجانبان مختلف مسارات التعاون والعمل المشترك خاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والتنموية وغيرها من أوجه التعاون التي تتماشى مع جهود تحقيق التنمية المستدامة في البلدين.
كما بحث الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
وعبر شريف عن اعتزاز بلده بعلاقات الصداقة التاريخية الراسخة التي تجمعها مع دولة الإمارات، معرباً عن شكره وتقديره للدعم المستمر الذي تقدمه دولة الإمارات إلى باكستان في مختلف الظروف وخاصة المجالات التنموية.
ثاني لقاء خلال أسبوعين
تأتي تلك الزيارة بعد نحو أسبوعين من زيارة شهباز شريف إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يومي 12-13 يناير الجاري بناءً على دعوة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وتعد تلك هي الزيارة الثالثة التي يقوم بها رئيس وزراء باكستان إلى الإمارات منذ توليه منصبه قبل 9 شهور، بعد أن أجرى زيارتين لأبوظبي أول ومنتصف مايو/ أيار الماضي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء الذي جرى قبل أسبوعين وقوف دولة الإمارات مع كل ما يحقق التنمية والاستقرار في باكستان الصديقة في ظل الروابط التاريخية وعلاقات الصداقة التي تجمع البلدين.
من جانبه عبر شهباز شريف عن اعتزازه بعلاقات الصداقة التي تجمع بلده ودولة الإمارات، معرباً عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان للدعم الذي تواصل تقديمه دولة الإمارات إلى باكستان في المجالات التنموية خاصة ..مثمناً في هذا السياق المبادرات العاجلة التي نفذتها الدولة لتعزيز جهودها باكستان في مساعدة المتضررين من آثار الفيضانات والسيول التي شهدتها.
وشهد الجانبان توقيع ثلاث مذكرات تفاهم في مجالات مكافحة الاتجار بالبشر والتبادل الإخباري والتعاون بين الأكاديميات الدبلوماسية في كلا البلدين.
وصدر بيان مشترك في ختام الزيارة، أكد خلاله البلدان حرصهما على تكثيف التشاور والتنسيق المشترك من أجل تعزيز شراكتهما الاستراتيجية خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية وتطوير المشاريع المشتركة.
وأكدت الإمارات وباكستان علاقاتهما التاريخية المتجذرة وسعيهما لتحقيق الأمن والسلم الإقليمي والعالمي .. وأعرب الجانبان عن ارتياحهما لتلاقي وجهات النظر حول مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية.
زيارات متبادلة
جاءت زيارة رئيس وزراء باكستان إلى الإمارات في إطار زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين لتعزيز التعاون بينهما.
وقبيل تلك الزيارة بـ 3 أيام أجرى الفريق أول عاصم منير قائد الجيش الباكستاني زيارة للإمارات، استقبله خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وبحث الجانبان خلال اللقاء علاقات التعاون والعمل المشترك بين دولة الإمارات وباكستان في الشؤون والقضايا الدفاعية والعسكرية وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالحهما المشتركة.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استقبل الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي نظيره الباكستاني بيلاوال بوتو زردار.
وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتوسيع آفاقها ، إضافة إلى قضايا المنطقة والمستجدات على الصعيدين الإقليمي والدولي وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
على صعيد التعاون العسكري، اختتمت فعاليات التمرين العسكري المشترك "نصل البحر 4" الذي أقيم في جمهورية باكستان في الفترة من 24 إلى 29 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بمشاركة وحدات من القوات المسلحة الإماراتية والباكستانية.
جاء هذا التمرين العسكري المجدول بين البلدين بهدف رفع كفاءة الجاهزية القتالية وكسب الخبرات والمعرفة العسكرية من خلال مراحل التدريب المختلفة، ورفع مستوى القدرات العملياتية للوحدات المشاركة.
دعم متواصل
أيضا خلال 3 يناير/ كانون الثاني الجاري، تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً من شهباز شريف رئيس وزراء باكستان ، بحثا خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وأعرب شهباز شريف - خلال الاتصال - عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان للدعم المتواصل الذي تقدمه دولة الإمارات إلى بلاده خاصة خلال أزمة الفيضانات والسيول التي شهدتها مؤخراً باكستان.
شكر باكستاني مستمر للإمارات وقيادتها على دعمها على مختلف الأصعدة، يأتي ذلك ترجمة للعلاقات التاريخية الأخوية التي تربط البلدين.
وضمن أحدث تلك الجهود، ترأست مريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة، وفد دولة الإمارات الذي شارك في فعاليات المؤتمر الدولي الذي عقد في جنيف 9 يناير/ كانون الثاني الجاري ، والذي نظمته الحكومة الباكستانية والأمم المتحدة، وذلك لبحث آليات حشد الدعم الدولي للمتضررين من الفيضانات المدمرة التي اجتاحت باكستان العام الماضي، وإعادة بناء البنية التحتية.
وأكدت الوزيرة الإماراتية في كلمة لها خلال المؤتمر أن دولة الإمارات تدعم كافة الجهود الدولية لتعزيز الإغاثة الطارئة وإعادة الإصلاح والإعمار والوقاية في أعقاب الفيضانات غير المسبوقة التي اجتاحت باكستان في عام 2022، مشيرة إلى أن الاستجابة الإنسانية في هذا الصدد جاءت لتلبية الاحتياجات العاجلة، والوصول إلى المناطق المنكوبة والمتضررة لضمان وصول الاحتياجات الأساسية للسكان وتحسين ظروفهم المعيشية.
وقالت إن "مد يد العون للمتضررين، والحرص على إرسال كافة أشكال الإمدادات الغذائية والدوائية والاحتياجات الأساسية من القيم الراسخة للدولة منذ تأسيسها، حيث يشكل توفير الإغاثة الإنسانية جزءًا أساسيًا من نهج السياسة الخارجية للدولة".
وبينت أن دولة الإمارات "كانت من أوائل الدول التي استجابت للأزمة وسارعت بتدشين جسر جوي وبحري تضمن إرسال 71 طائرة و 6 سفن بأكثر من 8000 طن من الإمدادات الغذائية والطبية والمأوى بقيمة تجاوزت 80 مليون دولار، استفاد منها أكثر من 6.5 مليون أسرة معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن".
وأوضحت أن دولة الإمارات ملتزمة بالمضي قدماً نحو حشد الجهود الدولية في مواجهة التحديات المناخية في إطار استعدادها لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين COP28 هذا العام، والذي يعد فرصة للعمل عن كثب مع المجتمع الدولي للبحث عن حلول فعالة ومستدامة للتخفيف من تغير المناخ وإعطاء الأولوية للنمو الاقتصادي، من خلال نهج شامل يأخذ في عين الاعتبار مصالح الدول النامية التي تعاني من تداعيات التغير المناخي ومنها باكستان.
وكانت الإمارات سباقة دائما لدعم دولة باكستان.. وهو ما تؤكده لغة الأرقام حيث:
- قدمت دولة الإمارات خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 2.4 مليار دولار أمريكي كإمدادات إغاثية وتنموية لباكستان.
- شملت تلك المساعدات تقديم أكثر من 647 مليون جرعة من اللقاحات ضد شلل الأطفال إلى 119 مليون طفل من 2014 إلى 2022.
- تم تخصيص 53 مليون دولار أمريكي للفترة 2023-2026 للاستمرار في حملة التطعيم كجزء من المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال.
تأتي حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال في باكستان في إطار توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية ودعم القطاع الصحي وتعزيز برامجه الوقائية في جمهورية باكستان الإسلامية.
علاقات تاريخية
وتعد زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى باكستان محطة هامة في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وترتبط دولة الإمارات وباكستان بعلاقات راسخة في جميع المجالات أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث تحرص دولة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تعزيز علاقات الصداقة مع باكستان على الصعد كافة.
وتستند العلاقات الأخوية بين البلدين إلى أسس راسخة من التاريخ المشترك والرؤى والمواقف الموحدة التي أسهمت في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، لم تأل الإمارات جهداً منذ في تقديم كافة أشكال الدعم للشعب الباكستاني من أجل تجاوز كافة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة في جميع القطاعات.
وتستضيف دولة الإمارات على أرضها حوالي 1.6 مليون باكستاني يعملون في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والاستثمارية.
ويؤكد كلا البلدين على التزامهما القوي بتعزيز أواصر الصداقة، ويحثان على ضرورة توسيع أفق تعاونهما الثنائي في مختلف المجالات بما يعكس العلاقات التاريخية عميقة الجذور.