عام على "السلام".. خبراء يعدّدون لـ"العين الإخبارية" ثمار الغرس الإماراتي
بعد عام من قرارها التاريخي بإبرام معاهدة سلام مع إسرائيل، أثبتت الإمارات للعالم صواب رؤيتها في تغليب لغة الحوار على العداء والجفاء.
رهانُ جريء، نجحت القيادة الإماراتية بدبلوماسيتها الواقعية وخطواتها التاريخية في كسبه، وهو رهان تعزيز السلام في الشرق الأوسط.
- أمريكا تحتفي مع رباعي السلام بذكرى عام على "الاتفاق الإبراهيمي"
- "السلام مستقبل أبنائنا".. شوارع تل أبيب تحتفي بالاتفاق الإبراهيمي
وبفضل توقيع الإمارات منتصف سبتمبر/أيلول الماضي اتفاقا مع إسرائيل، اتسعت مظلة السلام في المنطقة العربية، على نفس المسار الإماراتي لتحقيق السلام والتسامح والتعايش وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وخلال 3 أشهر من الاتفاق الإبراهيمي، انضمت 3 دول عربية أخرى لركب السلام وهي البحرين والسودان ثم المغرب، وهو ما توقع معه مراقبون أن تتجه المزيد من الدول إلى أن تسلك ذات الطريق.
ثمار عديدة، تمكنت الإمارات من جنيها عبر الاتفاقية التاريخية التي استهدفت دعم القضية الفلسطينية والتي تعد قضيتها المركزية الأولى، بالإضافة إلى تعزيز خطط التنمية والتعاون بين دول المنطقة من أجل مستقبل أكثر ازدهارا للأجيال المقبلة.
ومنعت معاهدة السلام الإماراتية ضم أراض فلسطينية وأسهمت في فتح الطريق أمام تسوية وضع الأقصى، وألزمت معاهدة السلام إسرائيل بفتح المسجد أمام المسلمين من كل بقاع الأرض.
سد فجوات الصراع العربي الإسرائيلي
فهد الديباجي المحلل السياسي السعودي يقول لـ"العين الإخبارية": "بعيدا عن مسألة الرفض أو التأييد لتوقيع اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل ثم بعد ذلك البحرين والسودان والمغرب خصوصًا من جماعات الإسلام السياسي، الجميع كان يرى ذلك في حينه أنه كان حقا سياديًا لهذه الدول لا يحق لأحد التدخل فيه، مارست من خلاله سيادتها في اتخاذ قراراتها وفقًا لمصالحها".
وأضاف أن "إبرام هذه الاتفاقية كانت واقعية في ممارسة حق السلام لأن المجتمعات تتجه التعايش لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتسهيل التفاوض بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بعيدًا الشعارات والمزايدات المزيفة التي ولى زمانها".
ومعددا ثمار هذا الاتفاق التاريخي، يقول الديباجي: "لا أحد يستطيع أن ينكر أن اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي انعكس إيجابا على تنظيم العديد من الملفات وردم الكثير من الفجوات في الصراع العربي الإسرائيلي وتقلص عدد المعارضين له".
وتابع: "كان حدثا تاريخيا استثنائيًا وانطلاقة جديدة لصناعة مستقبلٍ أفضل لمنطقة يسودها الاضطراب؛ لتجني من خلاله الأمة الكثير من المكاسب منها العودة إلى طاولة المفاوضات وإحياء لروح المبادرة العربية، وإعطاء فرصة للحوار والدبلوماسية بين جميع الأطراف المتنازعة من دون هضم الحقوق الفلسطينية أو التأثير السلبي على المصالح العربية".
ووفقا للاتفاق بين الإمارات وإسرائيل العام الماضي، فقد تم بمقتضاه إيقاف خطة الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والسماح للمسلمين بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه.
في الوقت ذاته استثمرت الإمارات الاتفاق لتقديم دعم سخي للسلطة الفلسطينية دون المساس بقضيتهم، ففي أغسطس/آب ٢٠٢٠، أقلع طيران الاتحاد من الإمارات إلى تل أبيب لتوصيل الإمدادات للفلسطينيين للمساعدة في مكافحة فيروس كورونا، وهي كانت أول رحلة معروفة لشركة طيران إماراتية إلى إسرائيل.
تهيئة الأجواء
بدوره، يرى المحلل المصري أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إكرام بدر الدين، أن "مجرد توقيع الاتفاقية يعني أن هناك نية لدى الطرفين في التوجه نحو السلام وبالتالي تبذل الجهود في هذا الإطار، وهو ما حدث فعليا خلال عام".
وتابع: "نجحت الإمارات في هذا التحدي، وقطعت الطريق على المتاجرين، عبر اتفاقها التاريخي، لتتوج المفاوضات العربية الإسرائيلية باتفاق واضح له مكاسب ونتائج ملموسة على الأرض، لم يشهدها المسار التفاوضي منذ ١٩٦٧".
ورغم أن مرور عام لا يبدو وقتا كبيرا، لكن وفق "بدر الدين"، فإننا شاهدنا جهودا مكثفة لتعزيز فرص السلام بالمنطقة، ومحاولات حثيثة لاستعادة المسار التفاوضي وفق قرارات الشرعية الدولية وإحياء حل الدولتين.
واستطرد: "تابعنا جميعا أحداث غزة والجهود المبذولة التي أدت للتهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ومحاولات إعادة إعمار غزة وخصوصا من دول الخليج وخاصة دولة الإمارات، جنبا إلى جنب مع الدور المصري الذي تصدر المشهد بالتنسيق مع كل الأطراف المعنية والفاعلة إقليميا ودوليا، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار".
وأكد المحلل السياسي المصري أن "الاتفاق الإبراهيمي، وما تلاه من انضمام دول عربية لركب السلام، جعل الأجواء مهيأة لمزيد من الجهود لتدعيم حقوق الفلسطينيين والعمل على الوصول لحل سلمي لهذه القضية".
وعلى مدى 73 عاما، هي عمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، طرحت عدة مبادرات سياسية ومفاوضات عربية للسلام، لم تكلل إحداها بنجاح مكتمل عبر اتفاق، ينهي النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
لكن دولة الإمارات نجحت في هذا التحدي، عبر اتفاقها التاريخي، لتتوج المفاوضات العربية الإسرائيلية باتفاق واضح له مكاسب ونتائج ملموسة على الأرض، لم يشهدها المسار التفاوضي منذ ١٩٦٧.
نقطة انطلاق
ومن السودان، وهو ثالث المحطات انضماما لركب السلام، يعدد الباحث السوداني صلاح خليل ثمار اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي بقوله: "بعد مرور عام على الاتفاق التاريخي، بدأت خطوات مهمة بين الدولتين في إطار توطيد علاقاتهما في شتى المجالات سواء كانت تجارية أو استثمارية جديدة، وخطط البلدين لتوقيع العديد من الاتفاقيات ثنائية تتعلق بالاستثمار، والسياحة، والرحلات المباشرة، والأمن، والاتصالات، والتكنولوجيا، والطاقة، والرعاية الصحية، والثقافة، والبيئة، والمجالات الأخرى ذات المنافع المتبادلة بينهما".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أضاف خليل، وهو باحث بمركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية: "خلال عام واحد، أظهرت الاتفاقية كيف كانت الإمارات وإسرائيل أكثر انفتاحا على بعضهما، من خلال تبادل الزيارات لوفود مختلفة بين البلدين وحضور العديد من الفعاليات الدولية ومشاركتهم فيها على الرغم من العوامل المؤثرة من جائحة كوفيد-19 ومن ضمنها معرض إكسبو الدولي 2020.
وشدد الخبير السوداني على أن إقامة العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان والمغرب إنجاز حقيقي للإسرائيليين، لأنهم لا يحبون أن يعيشوا في عزلة في الشرق الأوسط.
أما على المستوى الإقليمي، فإن هذا الاتفاق بين كل من الإمارات وإسرائيل سيعزز من تحالفهما ضد إيران، التي تعتبر المهدد الأكبر في المنطقة، بحسب خليل.
وموضحا الأمر: "تسمح هذه الاتفاقية بين البلدين بجزء من التقارب المدعوم من الولايات المتحدة في مجال التعاون العسكري والأمني والدفاعي".
ومستشرفا المزيد من هذه الثمار، يعلق خليل: "اتفاقات إبراهيم بمثابة نقطة انطلاق محتملة لدول الخليج الأخرى لعقد اتفاق سلام مع إسرائيل".
وتابع: "تلك العلاقة أيضا ربما تدفع دولا في آسيا ذات أغلبية مسلمة أن تخطو في إقامة علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وهو ما يتيح الكثير من الفرص التجارية لجميع الشركات الإماراتية والإسرائيلية للعمل معا".
ولفت إلى أن "هذه الدول ستراقب عن كثب التطور في العلاقات الاقتصادية بين كل من الإمارات بقيادتها الحكيمة وإسرائيل التي تسعى إلى الدخول في الأسواق العربية".
زخم إيجابي
ومن المغرب، رابع المحطات انضماما لاتفاقيات السلام، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي محمد بودن: "من المؤكد أن اتفاقات إبراهم مع إسرائيل أعطت الزخم الإيجابي لبدء مسار من السلام في الشرق الأوسط".
وتابع: "هناك ثمار لهذه العلاقات التي تمثل مستجدا جيوسياسيا في المنطقة من أجل جعل السلام قيمة إنسانية وحضارية".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أضاف بودن: "هذا الاتفاق يمكن في النهاية أن يؤدي إلى ميلاد حلول تنعكس على استقرار وتنمية المنطقة ورفاهية شعبها".
وموضحا ثمار العام الأول، يقول: "لاشك أن اتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل، والتي أعقبها انضمام 3 دول لركب السلام، أثمرت في عامها الأول العديد من الثمار منها فتح تمثيليات دبلوماسية وكذلك أيضا توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات في قطاعات حيوية قطاع السياحة الابتكار الثقافة الطيران وغيرها".
وفي 14 يوليو/تموز الماضي، افتتحت الإمارات، سفارتها بإسرائيل، رسميا، في حدث تاريخي بحضور الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ آنذاك.
وفي 29 يونيو/حزيران الماضي، افتتحت إسرائيل سفارتها في أبوظبي، وقنصليتها في دبي، وذلك خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد للإمارات، في أول زيارة رسمية يقوم بها وزير إسرائيلي للإمارات منذ توقيع البلدين معاهدة السلام.
وحول مستقبل الاتفاقية التاريخية، يقول "بودن": "الاتفاق الإبراهيمي من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى محو كل ما يشوش على الحوار والتشاور، حيث لا يمكن أن تكون هناك رؤية لها أفضلية على الحوار والتشاور انطلاقا من تعزيز فرص السلام وبالتأكيد سينعكس هذا على حقوق الفلسطينيين وسيؤدي في النهاية لميلاد حل الدولتين وسينعكس على المنطقة برمتها".
ويرى المحلل السياسي المغربي أن "حصيلة العام الأول في أعقاب الاتفاق التاريخي بين الإمارات وإسرائيل إيجابية"، مستدلا على ذلك بـ"حالة الدينامية المتواصلة التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة".
وخلص بودن إلى أن "الإمارات ومن بعدها الدول الثلاث المنضمة لنفس الدرب، بما لها من حكمة تمكنت من التوصل لبناء محدد أساسي يمكنه أن يؤسس لسلام عادل في المنطقة ويجعل من التواصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين مسارا ممكنا ويفتح المجال لمزيد من التنمية والتعايش والسلام بالمنطقة".
وفي أعقاب الاتفاق الإبراهيمي، تحولت الإمارات إلى مصدر إلهام داعمي السلام حول العالم، فكانت خطواتها محل تقدير دولي، عبر عنه العالم بانتخاب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة 11 يونيو/ حزيران الماضي دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022-2023.
وتعكس تلك الخطوة مكانة دبلوماسية الإمارات القائمة على نشر السلام والمحبة بين جميع شعوب الأرض، والتقدير الدولي لها.
aXA6IDMuMTQwLjE5OC4yMDEg جزيرة ام اند امز