في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة التحولات التقنية، ويُعيد فيه الذكاء الاصطناعي رسم ملامح الاقتصاد العالمي والتأثير الجيوسياسي جاءت زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني الإماراتي، إلى واشنطن.
زيارة تؤكد أن دولة الإمارات لا تكتفي بمواكبة المستقبل، بل تصنعه بخطى ثابتة ورؤية استباقية.
وحملت الزيارة في طياتها بُعدًا استراتيجيًا عميقًا، عكست الرؤية الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في استشراف الغد، وبناء نموذج تنموي متكامل يقوم على الابتكار، والمعرفة، والتكنولوجيا المتقدمة.
في زيارة رسمية حظيت باهتمام غير مسبوق، عكست الولايات المتحدة حجم التقدير السياسي والاستراتيجي الذي توليه لدولة الإمارات، وذلك من خلال الاستقبال الرفيع الذي حظي به الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي، في العاصمة واشنطن.
ما يلفت الانتباه في هذه الزيارة، ليس فقط اللقاءات المكثفة، بل مستوى التمثيل الأمريكي في استقباله؛ إذ استهل جدول زيارته بلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في اجتماع تناول سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وفتح آفاق جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المتقدمة، والطاقة.
تبع ذلك لقاءات رفيعة المستوى مع كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية، من بينهم مستشار الأمن القومي، ووزراء الاقتصاد، والخزانة، والتجارة، حيث جرى بحث مسارات التعاون في قضايا الاقتصاد المستقبلي، والتحول الرقمي، وتعزيز التكامل في القطاعات الحيوية.
ولعل ما يجعل هذه الزيارة استثنائية بكل المقاييس، هو الرمزية السياسية لزيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان إلى البيت الأبيض، والتي جاءت خارج إطار البروتوكول المعتاد، لتؤكد التحول النوعي في مكانة الإمارات لدى صناع القرار الأمريكي، والاحترام المتزايد الذي تحظى به شخصيته كأحد صناع القرار المؤثرين في المنطقة.
إن هذا الزخم السياسي والدبلوماسي لا يعبّر فقط عن أهمية الزيارة في توقيتها ومضمونها، بل يُبشّر بمرحلة جديدة من العلاقات الإماراتية – الأمريكية، عنوانها شراكة استراتيجية أقوى وأوسع نطاقًا من أي وقت مضى، تحمل آفاقًا واعدة للتعاون في ملفات المستقبل والتحالفات الإقليمية والدولية.
وتركزت محادثات الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان خلال الزيارة على فرص الشراكة في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع رؤساء كبرى الشركات العالمية، مثل مايكروسوفت، وإنفيديا، وميتا، وتسلا، وسبيس إكس، وأمازون، وأوراكل. وقد ناقش معهم آفاق التعاون المستقبلي، والاستثمار في تطوير بنية تحتية رقمية رائدة، تواكب تطلعات الدولة في أن تكون مركزًا عالميًا للابتكار.
وليس غريبًا أن يقود الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان هذا المسار، فهو يعتبر «مهندس صفقات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي»، لدوره الفاعل في توجيه الاستثمارات الإماراتية نحو القطاعات المستقبلية، وترسيخ مكانة الدولة كلاعب محوري في منظومة الاقتصاد الرقمي العالمي. يجمع بين الرؤية الاستراتيجية والحنكة السياسية والاقتصادية التي مكنت الإمارات من بناء شراكات نوعية متقدمة.
جاءت هذه التحركات منسجمة تمامًا مع الرؤية السديدة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، الذي أكد في أكثر من مناسبة أن «لا مكان في المستقبل لمن يفتقد العلم والمعرفة»، مشددًا على أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية.
ويؤمن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بأن التعليم القائم على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي هو الطريق نحو مستقبل أكثر ازدهارًا، ولهذا جاءت مبادرات نوعية مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ومعهد الابتكار التكنولوجي، لترسيخ بنية تحتية معرفية قوية، وإعداد أجيال إماراتية قادرة على قيادة هذا التحول.
وفي هذا السياق، تشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يُسهم بما يصل إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بحلول عام 2030، بما يعادل نحو 100 مليار دولار (367 مليار درهم). كما يُتوقّع أن يبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي في الدولة 50 مليار دولار بحلول عام 2031، في ظل تسارع النمو الرقمي، ودعم القيادة، وبيئة الابتكار المتقدمة.
مخرجات الزيارة: شراكات استراتيجية واستثمارات مستقبلية
شهدت الزيارة الإعلان عن مجموعة من الشراكات والاتفاقيات الاستراتيجية، التي تعزز حضور الإمارات في مشهد التكنولوجيا العالمي، ومن أبرزها:
انضمام شركتي «إنفيديا» و«إكس إيه آي» إلى مبادرة «الشراكة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي»، الهادفة إلى تسريع تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي.
شراكة بين شركة «القابضة» (ADQ) الإماراتية، وشركة «إنرجي كابيتال بارتنرز» الأمريكية، لتأسيس مشروع مشترك مقره الولايات المتحدة، يستثمر ما يصل إلى 25 مليار دولار في مشاريع جديدة لتوليد الطاقة، التقليدية والمتجددة.
اتفاقية استراتيجية بين دائرة التمكين الحكومي في أبوظبي، وشركتي «مايكروسوفت» و«كور 42» (التابعة لمجموعة «جي 42»)، لتطوير نظام سحابي سيادي مشترك يعزز كفاءة الخدمات الحكومية، ويبتكر حلولًا رقمية تدعم التحول الرقمي في الإمارة.
وبالتوازي مع هذه الشراكات، تواصل الإمارات ترسيخ مكانتها كأحد أكبر المستثمرين الدوليين في الولايات المتحدة، إذ تجاوزت قيمة الاستثمارات الإماراتية هناك تريليون دولار، موزعة على قطاعات تشمل التجارة، والطيران، والتصنيع، والطاقة، والتكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي. هذا التواجد الاستثماري يعكس عمق الشراكة الاقتصادية بين البلدين، ويؤكد على الدور الإماراتي في بناء مستقبل الاقتصاد العالمي.
الرؤية الإماراتية للذكاء الاصطناعي لا تركز فقط على الابتكار، بل تنطلق من أساس إنساني، حيث التقنية وسيلة لتعزيز جودة الحياة. وقد ترجمت الإمارات هذه الرؤية إلى واقع من خلال تطبيقات ذكية في الصحة، والتعليم، والخدمات، ودعم أصحاب الهمم.
وتؤمن القيادة بأن التكنولوجيا لا تكتمل دون قيم أخلاقية تحافظ على الإنسان في مركزها، ولهذا كان التركيز دائمًا على الاستخدام المسؤول والمتوازن للتقنيات، بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة، ويعزز العدالة الرقمية والمجتمعية.
إن زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان إلى واشنطن لم تكن مجرد محطة دبلوماسية، بل خطوة استراتيجية تُترجم توجهات الإمارات نحو قيادة المرحلة المقبلة من التحول الرقمي العالمي.
تحمل هذه الزيارة في جوهرها رسائل استراتيجية عميقة: فالإمارات لا تنتظر المستقبل، بل تصنعه برؤية طموحة، واستثمار واعٍ في الإنسان والعلم، وبناء شراكات نوعية تُمهّد الطريق لأجيال الغد.
وفي ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، باتت الإمارات اليوم لا تواكب التطورات فحسب، بل تتقدّم الصفوف في مشهد الذكاء الاصطناعي والتقنية المتقدمة، وتُثبت أنها قوة فاعلة في تشكيل ملامح المستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة