الإمارات تقلب المسار العالمي لهجرة العقول والمواهب
قلبت الإمارات مسار هجرة العقول والمواهب في العالم، الذي ظل لزمن طويل ينطلق من الشرق ليصب في الغرب، بعد تمكنها من التحول إلى إحدى أبرز الدول في استقطاب المبدعين وأصحاب المهارات في كل المجالات، لا سيما العلمية منها.
وتحتل الإمارات مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية للدول الأكثر قدرة وتنافسية على مستوى جذب واستبقاء المواهب والخبرات العلمية على أرضها، حيث حققت المرتبة الثالثة في مؤشرات استقطاب الأجانب ذوي المهارات العالية، وقلة تسّرب المواهب خلال عام 2020 وفقا لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية.
وبناءً على دراسة حديثة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية عام 2021، جاءت مدينة دبي في المركز الثالث عالمياً على قائمة أكثر المدن التي يرغب الأجانب في الانتقال إليها، فيما حلت أبوظبي في المركز الخامس.
وشملت الدراسة شريحة واسعة ومتنوعة من بينها حملت الشهادات العلمية العالية ممن يتمتعون بخبرات عملية في المجالات التقنية والمتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
ويعيش اليوم على أرض الإمارات نحو 200 جنسية تعمل في مختلف المجالات، ومن ضمنها بطبيعة الحال تلك المرتبطة باقتصاد المعرفة القائم على الابتكار والتميز، وهذا ما يؤكد أن استقطاب الإمارات للعقول والمواهب لا يقتصر على مجتمعات ودول بعينها، بل إنه بات يأخذ طابعا عالميا.
ونجحت الإمارات في تهيئة بيئة استثمارية عالمية المستوى، عبر تحولها إلى الاقتصاد المعرفي، وزيادة الطلب على الوظائف التقنية والرقمية المحفزة لتعزيز مستويات الأعمال والداعمة للاستثمار، ولقد شكل ذلك بيئة مثالية لاستقطاب المواهب والطاقات الخلاقة في المجالات العلمية والرقمية.
ووفقا لتقرير نشرته نهاية العام الماضي بالتعاون مع موقع التوظيف الإلكتروني "بيت.كوم"، قالت قناة "سي إن إن" الأمريكية: "سوق العمل الإماراتي يشهد تغييرات مستمرة، فالتطورات التكنولوجية والتقنيات الحديثة باتت تؤدي إلى ظهور وظائف وأساليب توظيف جديدة بشكل مستمر".
وأشارت القناة إلى أن الطلب على مهندسي الطب الحيوي، إلى جانب الأطباء ومهندسي البرمجيات سيشهد ازديادا في سوق العمل الاماراتي، وبشكل عام فإن الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والبرمجة ستكون لها الأولوية.
وتدرك الإمارات أن سوق العمل العالمي يشهد تغيرات متسارعة تولد العديد من التحديات، لكنها توفر في الوقت نفسه فرصاً جديدة وواعدة أمام المواهب العلمية.
لذلك فإن اهتمامها خلال المرحلة الراهنة ينصب على صياغة إطار حوكمة متكامل يضمن توافر المواهب والمهارات القادرة على دعم طموحها وسعيها لتعزيز حضورها في العديد من المجالات العلمية المتخصصة ضمن استعداداتها للأعوام الخمسين المقبلة.
واتخذت الإمارات مجموعة من الخطوات الداعمة والمعززة لتوجهها في استقطاب المواهب والعقول من أبرزها وضع الاستراتيجية الوطنية لاستقطاب واستبقاء المواهب، وإطلاق برنامج استقطاب مواهب الذكاء الاصطناعي وبرنامج استقطاب 100 ألف مبرمج من حول العالم، فضلا عن نظام الإقامة الذهبية الذي يستهدف الخبراء وأصحاب المواهب والعقول والمهارات الاستثنائية.
ففي إبريل/نيسان الماضي، اعتمدت الإمارات الاستراتيجية الوطنية لاستقطاب واستبقاء المواهب التي تسعى من خلالها لتكون ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في اكتساب العقول وتوفر أفضل الكوادر العالمية لدعم مسيرة التنمية.
وحددت الاستراتيجية عددا من المستهدفات منها أن تكون دولة الإمارات ضمن قائمة أعلى 10 دول في فئة "المهارات عالية المستوى"، وضمن المراكز الثلاثة الأولى في مؤشر اكتساب العقول، وضمن المراكز الثلاثة الأولى عالمياً في مؤشر "سهولة استقطاب موظفين من أصحاب المهارات".
وفي يوليو/تموز الماضي، أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، البرنامج الوطني للمبرمجين لتوفير برنامج شامل لحزمة من المبادرات الوطنية الهادفة إلى تطوير المواهب والخبرات والمشاريع المبتكرة المتخصصة في مجال البرمجة، وتسريع تبنّي تطبيقاتها وأدواتها في مختلف القطاعات الاقتصادية والمستقبلية، إضافة إلى إنشاء حلقة وصل وثيقة بين مجتمع المبرمجين والجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية.
ويهدف البرنامج الوطني للمبرمجين إلى منح الإقامة الذهبية لأفضل 100 ألف مبرمج من حول العالم، وتوفير مجموعة من التسهيلات والخيارات التمويلية لرواد الأعمال والمبرمجين، ودعم تنفيذ مشاريعهم وأفكارهم المبتكرة، وتأسيس شركات رقمية؛ تدعم تنافسية الاقتصاد الوطني عالمياً.
وخلال حضوره "خلوة خبراء الذكاء الاصطناعي" في يناير/كانون الثاني 2020، أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، "برنامج استقطاب مواهب الذكاء الاصطناعي"، الذي يهدف إلى إنشاء مختبر عالمي متخصص في مجال الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات، يضم أفضل الخبرات والمواهب الوطنية والعالمية، ويوفر لها مساحة للعمل في بيئة متقدمة لتطوير حلول مبتكرة ومشروعات رائدة تخدم الإنسانية.
ويعتبر نظام الإقامة الذهبية أحد أبرز الخطوات التي اتخذتها الإمارات لاستقطاب واستبقاء المواهب والمبدعين في كافة التخصصات، حيث عدّلت الإمارات عام 2019 نظام تأشيرات الإقامة لتمنح إقامات طويلة الأمد، تمتد إلى 5 و10 سنوات، بهدف استقطاب الخبراء وأصحاب المواهب والعقول والمهارات الاستثنائية، للحصول على الإقامة الذهبية.
وتضم الفئات حاملي شهادات الدكتوراه في كل التخصصات، وأصحاب المهارات وجميع الأطباء والمهندسين في مجالات الكمبيوتر والبرمجة والإلكترونيات والتكنولوجيا الحيوية وعلم الفيروسات والأوبئة.