الإمارات وروسيا.. عقود من التعاون الرياضي وآفاق واسعة للشراكة الاستراتيجية
العقود الأخيرة شهدت انطلاقة قوية في التعاون بين الإمارات وروسيا على المستوى الرياضي، وهناك رؤية استراتيجية لتعميق تلك الشراكة.
شهدت العقود الأخيرة انطلاقة قوية في التعاون بين الإمارات وروسيا بقطاع الرياضة، وهناك رؤية استراتيجية لدى صانعي القرار الرياضي في الدولتين لتعميق تلك الشراكة، واعتبارها جسرا من جسور التعاون والتواصل بين الدولتين والشعبين ولا سيما أن هناك رغبة أكيدة لدى الإمارات في تحقيق نقلة نوعية بمجال الرياضة والاستفادة من خبرات وقدرات أصحاب التجارب الناجحة في كل مكان بالعالم، في الوقت نفسه الذي تُعَد فيه الإمارات حاليا واحدة من أبرز دول العالم في بعض الرياضات مثل الفروسية والجوجيتسو والرماية ورياضات ألعاب أصحاب الهمم.
وتمتلك روسيا تاريخا طويلا مع الرياضة والإنجازات الرياضية، وتعد اللجنة الأولمبية الروسية من أقدم اللجان في العالم من حيث تاريخ التأسيس؛ إذ تأسست في عام 1911، وما أشهر المدارس السوفيتية سابقا والروسية حاليا في مختلف أنواع الرياضة من شطرنج وملاكمة ومصارعة ورفع أثقال وجمباز، بما في ذلك الجمباز الفني، بل إن أبطال العالم بالملاكمة للوزن الثقيل للمحترفين، حسب تصنيف الاتحادات الدولية كافة، هم من الجمهوريات السوفيتية السابقة "الروسية حاليا". ولا تخلو أي دورة أو بطولة دولية بالتنس من اللاعبين واللاعبات الروس.
وهناك رياضيون روس دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، مثل حارس المرمى الشهير ليف ياشين، والرباع فاسيلي ألكسييف، ويلينا إيسينبايفا أول رياضية تتخطى العارضة وهي على ارتفاع أكثر من 5 أمتار في الوثب بالزانة، كما أن الرياضيين الروس يتصدرون أيضا بطولات العالم والأولمبياد في الرياضات الشتوية، والألعاب القتالية بشكل عام.
ومما لا شك فيه أن ملف الرياضة يبقى واحدا من الملفات الحيوية في مد جسور التواصل بين الشعبين الإماراتي والروسي وهو قابل دائما للنمو والتطور، كما أنه يبقى مجالا حيويا للمناقشات والمباحثات في أي لقاء يجمع مسؤولي البلدين، ويدرك صانع القرار الرياضي في الإمارات أن الألعاب القتالية والجليدية من الرياضات التي يمكن أن تتحقق فيها الاستفادة من المدرسة الروسية، ولدى روسيا خبرة كبيرة في تنظيم بطولات أوروبا والعالم والألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية، فقد استضافت موسكو الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1980.
كما استضافت مدينة سوتشي الروسية الواقعة على البحر الأسود الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014، وكانت موسكو أولى المدن التي رشحت نفسها لإقامة أول دورة أولمبية للشباب في 2010، كما استضافت مؤخرا مونديال كرة القدم لعام 2018، وتركت بصمة قوية على كل تلك الأحداث بما يستدعي انتباه الرياضيين ومسؤولي الرياضة في الإمارات ولا سيما بعد أن أصبحت واحدة من أبرز دول العالم في استضافة وتنظيم الاحداث الكبرى بمختلف الألعاب.
وكانت موسكو وستبقى حاضرة في ذاكرة لعبة الملاكمة الإماراتية خصوصا بعد أن شهدت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي خلال اجتماعها في موسكو انتخاب أنس العتيبة، رئيس الاتحاد الإماراتي للملاكمة، رئيسا للاتحاد الآسيوي لأول مرة ونائبا لرئيس الاتحاد الدولي وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
كما أن روسيا كانت من الدول الأكثر حضورا ومشاركة في بطولة العالم للجوجيتسو للشباب والناشئين التي أقيمت في أبوظبي مارس/آذار 2018 من خلال وفد كبير نجح في لفت الأنظار إلى تطور روسيا في تلك الرياضة، وهو الأمر الذي تجاوب معه اتحاد الإمارات للجوجيتسو بتنظيم إحدى جولات أبوظبي جراند سلام في موسكو لتنضم للمدن المستضيفة لهذه الجولات والمتمثلة في طوكيو ولوس أنجلوس وريو دي جانيرو وأبوظبي ولندن، كما أن هناك مشروعا كبيرا لتوسيع آفاق التعاون والشراكة بين الدولتين في تلك الرياضة ينتظر الإعلان عنه.
من ناحيته يؤكد المهندس الشيخ سالم بن سلطان القاسمي عضو المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الوطنية رئيس الاتحادين الإماراتي والعربي للمبارزة أن روسيا من الدول الرائدة في مجال الرياضة بشكل عام، وأن نتائجها المبهرة في كل الدورات الأولمبية سواء كانت صيفية أو شتوية تدعو إلى الانتباه، وأن تجربتها مع الرياضة محل اهتمام كل دول العالم، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه رجل رياضي من طراز فريد.
ويقول القاسمي: "بالنسبة لنا كرياضيين ندرك حجم اهتمام القيادة الرشيدة بهذا القطاع المهم، ونتوجه بالشكر والتقدير والعرفان للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على دعمه الدائم للرياضة والرياضيين، كما أتوجه بالشكر إلى الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية على متابعته الحثيثة للملف الرياضي وحرصه على الاستفادة من تجارب كل الدول المتقدمة، وفيما يخص لعبة المبارزة فإن المدرسة الروسية تبقى واحدة من أبرز المدارس في العالم، ونحن تربطنا علاقة قوية بالاتحاد الروسي للمبارزة، ونملك رؤية مشتركة لتطوير العلاقة والشراكة في المرحلة المقبلة بما يصب في مصلحة الطرفين".
في السياق نفسه يقول أنس العتيبة رئيس الاتحادين الإماراتي والآسيوي نائب رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة: "زيارات واستقبالات وجهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلها من أجل الوطن والمواطن الإماراتي، ودعمه ورعايته للرياضة بلا حدود، قطاع الرياضة من القطاعات التي تعمّق أواصر التعاون والتواصل بين الشعوب، وبالنسبة لنا فإننا كرياضيين نرحّب بزيارة فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأنه من أكبر الداعمين للرياضة في بلده، كما أنه كان سببا رئيسيا من أهم أسباب نجاح استضافة روسيا لأولمبياد سوشي عام 2014، ولكأس العالم لكرة القدم عام 2018".
وأضاف: "وبكل صراحة أقول إن روسيا أبهرت العالم في الحدثين، وهي ليست مدرسة في مجال الرياضة والألعاب الرياضية كخبرة يستفاد منها فحسب، ولكنها قدمت نفسها كمدرسة رائدة أيضا في تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، وفي ظني الخبرات المشتركة لدى الإمارات وروسيا وإنجازاتهما في المجالين يمكن أن تكون قاعدة متينة للشراكة الاستراتيجية بين الطرفين، وبالنسبة لنا فلن ننسى ذكريات موسكو حينما فزنا بثقة العالم وآسيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كما أننا نعتبر دائما أن الملاكمة الروسية من أبرز المدارس العالمية، وهي الند الأول دائما لكوبا على مستوى النتائج والإنجازات".
على صعيد آخر فإن الوفد الروسي في دورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص "أبوظبي 2019" كان من أكبر وأهم الوفود في الدورة، وحققت روسيا نجاحا ملحوظا على مستوى النتائج، كما حققت الإمارات أفضل نتيجة لها في تاريخها بهذا الحدث، عندما احتلت المركز الخامس عالميا، حيث جاءت كندا في المركز الأول برصيد 90 ذهبية، و37 فضية و28 برونزية، وحلت روسيا في المركز الثاني بـ88 ذهبية، و51 فضية، و33 برونزية، ثم الهند في المركز الثالث بـ72 ذهبية، 98 فضية و96 برونزية، وأمريكا في المركز الرابع بـ72 ذهبية، و61 فضية و70 برونزية، ثم الإمارات بـ64 ذهبية و55 فضية و63 برونزية، وأعقبتها بريطانيا في المركز السادس بـ63 ذهبية و57 فضية و49 برونزية.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMTM0IA== جزيرة ام اند امز