الإمارات تترأس مجلس الأمن.. دبلوماسية السلام تقود العالم
رسائل إيجابية قوية استهلت بها دولة الإمارات العربية المتحدة رئاستها لمجلس الأمن الدولي، تنبئ بدبلوماسية نشطة تعزز الأمن والسلام حول العالم.
والثلاثاء، بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة، رئاستها لمجلس الأمن الدولي لشهر مارس/آذار الجاري، في توقيت مشحون بالتحديات، في مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية.
ويعول العالم على قيادة دولة الإمارات للمنظمة الدولية التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين في هذا التوقيت، استنادا لخبراتها وسجلها الحافل في نشر السلام ودعم الاستقرار وتعزيز الأخوة الإنسانية.
وبدأت دولة الإمارات رئاستها لمجلس الأمن الدولي بعدة أمور إجرائية ودبلوماسية وسياسية وإنسانية تؤكد للعالم عبرها أن ثقته بها والآمال المعلقة عليها في محلها.
أجندة وأولويات
على صعيد الإجراءات التنظيمية، أعدّت دولة الإمارات أجندة عمل المنظمة الدولية خلال شهر مارس/آذار، وعقدت مندوبتها الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة لانا زكي نسيبة، اجتماعا مع أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الثلاثاء، كان الأول بعد ترؤس دولة الإمارات مجلس الأمن، حيث أطلعته على برنامج العمل والأولويات للشهر الجاري.
وفي سابقة تعتبر الأولى من نوعها، قامت بعثة دولة الإمارات في الأمم المتحدة بنشر برنامج عمل مجلس الأمن الدولي باللغة العربية بعد اعتماده عبر حسابها بموقع تويتر، إلى جانب النسخة الإنجليزية.
وأكدت دولة الإمارات أنها تتطلع خلال رئاستها مجلس الأمن طوال شهر مارس/آذار، للعمل مع جميع الأعضاء للوفاء بهذه المسؤولية الكبيرة، موضحة أنها ستعقد خلال فترة رئاستها اجتماعات هامة حول المرأة والسلام والأمن، والإدماج الاقتصادي من خلال الشراكات، وتمويل المناخ لاستدامة السلام والأمن، إضافة إلى التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
كما تتضمن أجندة مجلس الأمن في شهر مارس/آذار موضوعات هامة عديدة حول العالم، ستدور حولها مشاورات وإحاطات وتقارير واجتماعات تحت إدارة دولة الإمارات، بما يسهم في تعزيز السلم والأمن الدوليين.
وتتضمن الأجندة عقد الاجتماع الرسمي للجنة الأركان العسكرية للأمم المتحدة ومشاورات وإحاطات حول الوضع في الصومال وليبيا وسوريا وأفغانستان.
كذلك يشهد الشهر أيضا تقديم تقرير حول قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أندوف)، وتقرير بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية (مينوسكو)، وتقرير البعثة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) وتقرير مجلس السلم والأمن.
أهم التحديات
يواجه مجلس الأمن الدولي خلال الفترة الحالية تحديا هاما يتمثل في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أكدت دولة الإمارات، الثلاثاء، على تشجيعها الحوار بين موسكو وكييف لإنهاء الأزمة.
وقالت السفيرة لانا زكي، في كلمة عقب تسلمها رئاسة مجلس الأمن، إن "موقفنا من الأزمة في أوكرانيا يتمثل في الدعوة إلى الدبلوماسية والحوار ووقف التصعيد".
مشددة على "ضرورة أن تبقى قنوات الحوار مفتوحة بين أوكرانيا وروسيا".
وشددت على أن "دولة الإمارات تتعهد بجعل أمن المرأة أولوية خلال رئاستها للمجلس"، مضيفة: "سنركز على قضية تغير المناخ خلال رئاستنا لمجلس الأمن باعتبارها أحد أبرز التحديات".
وأكدت أن "قرار تصنيف مليشيات الحوثي جماعة إرهابية إشارة إلى أن المجلس موحد في إدانة هجمات الحوثيين"، مشيرة إلى دعم بلادها أيضا لحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولفتت إلى أن "دولة الإمارات تدعم أي جهود لتخفيف حدة الأزمات الإنسانية حول العالم".
إنسانية وحياد
وفي ترجمة عملية لتعهداتها، أعلنت دولة الإمارات تقديم مساعدات إنسانية لجميع المدنيين المتضررين في أوكرانيا بقيمة 5 ملايين دولار أمريكي، وذلك استجابة لنداء الأمم المتحدة العاجل، وخطة الاستجابة الإقليمية للنازحين في هذا البلد، بما يعكس تركيز دولة الإمارات على مبادئ التضامن الإنساني في حالات النزاع.
وأكدت دولة الإمارات أهمية التركيز على الوضع الإنساني المتدهور للمدنيين وضمان حمايتهم، وإتاحة دخول الوكالات الإنسانية، وإنشاء ممرات آمنة، والسماح لأي شخص يرغب بالمغادرة بالقيام بذلك دون تمييز أو عوائق.
وقبل أيام من تسلمها رئاسة مجلس الأمن، امتنعت دولة الإمارات عن التصويت على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة وألبانيا، وأحبطته روسيا باستخدام حق النقض "الفيتو"، في إطار حرصها على تنشيط دبلوماسية سلام تدفع نحو حل إنساني سريع .
وتملك دولة الإمارات تاريخا حافلا في نشر السلام وترسيخ الاستقرار حول العالم، زودها بخبرات كبيرة تؤهلها للتدخل والوساطة عبر حلول دبلوماسية واقعية تحل الأزمات وتحمي المدنيين، وذلك في إطار احترام وتطبيق القوانين الدولية ومراعاة الأوضاع الإنسانية.
تلك الوساطة تتطلب حيادا إيجابيا، يتيح لعب دور إيجابي يساهم في حل الأزمة عبر فتح قنوات حوار وتفاوض تقود نحو تقريب وجهات النظر.
ثقة دولية
وكانت دولة الإمارات قد انتخبت، في يونيو/حزيران العام الماضي، لعضوية مجلس الأمن للفترة 2023-2022، وسط هبة عالمية باركت هذا الحضور العربي الريادي في المنظمة الدولية.
وبموجب هذه المكانة العالمية، ستترأس دولة الإمارات مجلس الأمن الدولي مرتين، الأولى بدأت الثلاثاء وتستمر حتى نهاية مارس/آذار الجاري، والثانية في يونيو/حزيران 2023.
مهمةٌ تضع على عاتق رئيس المجلس الذي يتغير كل شهر بالتناوب، وضع جدول أعمال المجلس، وترؤس اللجان الدائمة فيه، في وقت يشهد فيه العالم أحداثا متسارعة في مقدمتها الأزمة الروسية الأوكرانية.
حضورٌ عالمي توّج مسيرة نصف قرن صنعتها دولة الإمارات من الشراكة الاستراتيجية والعضوية الفاعلة في محافل الأمم المتحدة، وحنكة دبلوماسيتها، في عالم أدمته الحروب منذ عقود.
كما يجسد ثقة العالم في السياسة التي تنتهجها دولة الإمارات وكفاءة منظومتها التي تؤمن بترسيخ السلام والتعاون على الساحة الدولية، ويبعث بارقة أمل تنبعث من أرض لطالما كانت سباقة لنشر السلام والتعايش والتسامح.
ومع بدء عضويتها في مجلس الأمن الدولي، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت دولة الإمارات عن التزامات "أقوى باتحادنا" خلال عضويتها في مجلس الأمن للفترة 2022-2023، مسترشدة في هذ الشأن بالالتزامات التي تتضمن تأمين السلام وتعزيز الشمولية وبناء القدرة على الصمود والتحفيز على الابتكار، طوال فترة عملها بمجلس الأمن، وفي أثناء انخراطها مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
مبادئ الخمسين
ويشكل تعزيز وتأمين السلام الإقليمي وصون السلم والأمن الدوليين نهجاً متأصلاً في سياسة دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد، والذي يحدد توجهاتها المستقبلية خلال الخمسين عاما القادمة عبر "مبادئ الخمسين"، وهو ما ستجسده وتعبر عنه خلال رئاستها لمجلس الأمن الدولي.
وجاءت وثيقة "مبادئ الخمسين" التي وجّهت بها واعتمدتها دولة الإمارات، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لترسم مسارها الاستراتيجي خلال الخمسين عاماً المقبلة.
وتتضمن الوثيقة عشرة مبادئ، حيث أكد المبدأ العاشر أن الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل الخلافات كافة بالطرق السلمية، هي الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات.
كما نصت على أن السعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية.
فيما أكد المبدأ التاسع للوثيقة على أن المساعدات الإنسانية الخارجية للدولة جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب المستضعفة، ولا ترتبط هذه المساعدات الإنسانية بدين أو عرق أو لون.