إن الهدية التي حرص سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي على تقديمها للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لدى استقباله له عند عودته لأرض الوطن، كانت بمثابة الرسالة الكبرى للأجيال.
إنها علم دولة الإمارات الذي كان رفيق رحلة النيادي في محطة الفضاء الدولية والفضاء.
ابن مدينة العين المولود عام 1981 حرص على جعل هديته القيمة لحكام بلده عنواناً لرحلته البحثية والعلمية التاريخية غير المسبوقة، كما كرّس من خلال تقديمها مفاهيم جديدة لهذه الدولة العربية القوية، الإمارات، التي منحته كل أشكال الدعم والمساندة من أجل تحقيق أهداف مهمة عابرة لحدود الجاذبية الأرضية.
ويأسرك سلطان النيادي بنبل تربيته وسرعة بديهته حين أجاب عن سؤال صحفي وصفه بـ"سلطان الفضاء" حين قال له: "إنه لقب كبير من الأفضل أن يُنسب لأول رائد فضاء عربي من المملكة العربية السعودية الشقيقة، الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز".
وهذا درس عظيم وغير مستغرب من أبناء الإمارات الأوفياء، الذين يرون إنجاز الطموح بمثابة باب مفتوح لكل العرب، بغية إعطاء الصبغة العمومية الأصيلة على تحقيق المشتركات بين مختلف الدول العربية، لأن الإمارات تسعى على الدوام لصناعة المستقبل ضمن إطار تشاركي صحي وصحيح، يمنح الجميع مزيداً من الأمل بالعمل لغد أفضل.
وما بين "هدية سلطان" و"أخلاق سلطان" حكاية استثمار إماراتي فريد من نوعه في الإنسان والشباب تحديداً، لأنهم عمود النهضة في أي بلد، وأساس القدرة على التنافس في ميادين العلم والتكنولوجيا الحديثة لصنع الفارق بصيغ إيجابية ضمن عالم بات ما يحدث في شرقه يستيقظ على تفاصيله غربه.
ومع إدراكي المجمل ومثلي كثر لطبع وطبيعة حكام الإمارات الذين يحترمون رقي مجتمعهم الفتي، ويرون في مشروع الفضاء وغيره سبيلاً أمثل لمواكبة التطور الحاصل في العالم، بل والتفوق عليه أحياناً، فلا بد أن أقول: إن ما قام به سلطان النيادي من خلال هذه الرحلة المعقدة والمليئة بالتحديات لأمرٌ فتح أعين العرب وعقولهم على قصة الفضاء والسفر بعيداً نحو اكتشافات جديدة تثري المنتج الإنساني وتمنحه المزيد من التطلعات المرجوة للذهاب إلى القمر والمريخ وغيره من الكواكب.
وقد تميزت مهمة الإماراتي سلطان النيادي بهذا الحس العفوي العميق والبسيط في آن معاً، من خلال تسخير التكنولوجيا للتواصل معه وهو في الفضاء، محاضراً ومتداخلاً ومشاركاً لأهل الأرض على مدى ستة أشهر، حيناً بتجارب قربت للأذهان خبايا العلم، وحيناً بصور لمدن العالم وعواصمه مرفقة بمنشورات جادت بها قريحة سلطان النيادي المفعم بحب الوطن العربي وأهله.
ولن يكون "الرائد" في عاجل الأيام وقادمها إلا نموذجاً شاباً يُستفاد منه في أهم جامعات الإمارات ومراكزها المتخصصة علمياً وبحثياً، ناهيك عن أكبر المواقع العلمية العالمية التي ستحرص على استضافة سلطان النيادي والتعاون معه لأخذ المعلومة مقرونة بالتجربة المهمة، سيما وأنه متقن للشرح ومولعٌ بالتوضيح الجميل عند الضرورة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة