أفريقيا والطاقة النظيفة.. مبادرات الإمارات تلهم العالم
مبادرات إماراتية متتالية للاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة في القارة الأفريقية.
تأتي تلك المبادرات لتعزيز الاستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية لمصلحة الأجيال المقبلة، تماشيا مع توجهات الإمارات لتعزيز الجهود العالمية لمواجهة تداعيات التغير المناخي، خصوصا مع بدء العد التنازلي لانطلاق قمة المناخ COP28 التي تستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة في مدينة إكسبو دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023.
ضمن أحدث تلك المبادرات، أطلقت دولة الإمارات ، اليوم الثلاثاء، مبادرة تمويل جديدة بقيمة 16.5 مليار درهم (4.5 مليار دولار) لتعزيز قدرات أفريقيا في مجال الطاقة النظيفة.
تمويل مناخي إماراتي كبير للدول الأفريقية للحد من اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية والتوجه نحو المشروعات الأكثر صداقة مع البيئة، دعما منها لتلك البلدان التي تمتلك عبئاً أكبر من الآثار السلبية لتغير المناخ بينما إمكانياتها لخفض الانبعاثات محدودة.
تمويل تقدم من خلاله الإمارات نموذجا يحتذى في دعم مشاريع الطاقة النظيفة في العالم، وترسل من خلاله رسالة هامة للدول المتقدمة بأن عليها الوفاء بمسؤولياتها التاريخية والتزامها بتوفير 100 مليار دولار من التمويل المناخي الذي تعهدت به منذ أكثر من عقد.
وتستثمر دولة الإمارات ما يزيد على 100 مليار دولار في مشروعات للطاقة النظيفة في 70 دولة حول العالم، فيما تستثمر ما يزيد على 12 مليار دولار في مشروعات تنموية وأخرى للطاقة المتجددة في جميع أنحاء إفريقيا من خلال شراكات مع القطاعَين الحكومي والخاص.
ويمثل "COP28" الذي يقترب موعد انعقاده في دولة الإمارات، فرصة مهمة لرسم ملامح تمويل تغير المناخ، عبر مناقشة زيادة التمويل للمشروعات التي تساعد في الحد من الانبعاثات، وضمان أن يكون التمويل المناخي عادلاً.
مبادرة تاريخية
ويعزز من تحقيق هذا الهدف المبادرة الإماراتية التاريخية التي تم الإعلان عنها اليوم لتمويل بقيمة 16.5 مليار درهم (4.5 مليار دولار) لتعزيز قدرات أفريقيا في مجال الطاقة النظيفة.
المبادرة أعلن عنها الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، خلال كلمته أمام قمة المناخ الأفريقية المقامة في نيروبي.
وأكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، أنه تماشياً مع توجيهات القيادة في دولة الإمارات، تحرص رئاسة COP28 على العمل والتعاون مع الشركاء في مختلف أنحاء العالم لتعزيز النمو والتقدم الاقتصادي والاجتماعي المستدام، وحماية البيئة وتحسين حياة الأفراد في كل مكان، خاصة في الدول الشقيقة والصديقة في أفريقيا، مشدداً على ضرورة تمكين الدول الأفريقية من تعزيز قدراتها في مجال الطاقة النظيفة، من خلال تقديم التمويل المناخي الكافي.
وتحظى هذه المبادرة التاريخية بدعم من رؤوس أموال حكومية وخاصة وتنموية من مؤسسات إماراتية، بما فيها "صندوق أبوظبي للتنمية"، وشركة "الاتحاد لائتمان الصادرات"، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، وشركة أيميا باور.
وتتماشى المبادرة الجديدة مع الجهود المستمرة لرئاسة COP28 في الدعوة إلى زيادة القدرة الإنتاجية العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030 وتوفير مزيد من التمويل المناخي بصورة ميسَّرة وبتكلفة مناسبة.
اتحاد 7
وتندرج هذه المبادرة تحت مظلة "اتحاد 7"، وهي برنامج تطوير أطلقته دولة الإمارات خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة في يناير عام 2022 بدعم من وزارة الخارجية، ويهدف إلى تزويد 100 مليون فرد في جميع أنحاء القارة الإفريقية بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2035.
ويعد "اتحاد7" أحد أبرز المبادرات التي يضمها سجل الإمارات لنشر حلول الطاقة المستدامة في القارة الأفريقية، وذلك تماشيا مع توجهاتها لتعزيز الجهود العالمية لمواجهة تداعيات التغير المناخي عبر مبادرات ملهمة ومشاريع طاقة متجددة وفعاليات متنوعة.
وتجمع المبادرة الأموال من القطاعين العام والخاص للاستثمار في الطاقة النظيفة بتوجيه وتنسيق من وزارة الخارجية ومكتب المبعوث الخاص للتغير المناخي، بهدف مساعدة الدول الأفريقية على تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة بشكل عاجل دون الزيادة المقابلة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وتعزز "اتحاد 7" جهود أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لأفريقيا في إطار مبادرة واحدة وتأتي تماشيا مع السياسة الخارجية للإمارات وأهداف التنمية.
ويعمل البرنامج على تسهيل التنمية المستدامة من خلال إيجاد الحلول للتحديات الرئيسية التي تعيق الطاقة النظيفة وتوفيرها بأسعار معقولة في الأسواق الناشئة.
وتعتمد هذه المبادرة الطموحة على العلاقات الراسخة والعميقة لدولة الإمارات مع أفريقيا، وستكون نقطة محورية في جهود الإمارات للمساهمة في أجندة الاستدامة العالمية خلال العقد المقبل.
مشاريع صندوق أبوظبي للتنمية
وبالتوازي مع تلك المبادرة، تمول الإمارات مشاريع طاقة نظيفة متجددة في العديد من دول القارة الأفريقية .
وتتبنى دولة الإمارات مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة سواء داخل الدولة أو خارجها كمنهجية لمكافحة التغيرات المناخية.
ويعد صندوق أبوظبي للتنمية إحدى أبرز الأذرع التنفيذية لخطط ومبادرات الإمارات لتعزيز جهود الاستدامة البيئية في القارة الأفريقية.
وساهمت مشاريع الطاقة المتجددة التي نفذها أو مولها الصندوق في القارة الأفريقية في تحسين الظروف المعيشية لملايين الأشخاص، فضلاً عن دورها في تقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة، والمساهمة في الحد من تداعيات التغير المناخي.
ومن أبرز المشاريع التي مولها صندوق أبوظبي للتنمية:
- مشروع "مجمع محمد بن زايد للطاقة الشمسية " في محافظة بليتا في جمهورية توغو والذي يعمل بطاقة إنتاجية تبلغ 70 ميغاوات.
-مشروع الطاقة الهجينة (الشمسية والرياح) في جزر الرأس الأخضر الذي يوفر حوالي 2 ميغاواط من الطاقة المتجددة.
مشروع محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية في جزيرة رومينفيل في سيشل بقدرة إنتاجية تبلغ 5 ميغاواط.
- مشروع الطاقة الشمسية بسعة 6 ميغاواط لتغذية 30 مدينة ريفية في مالي يسكنها ما يقارب 145 ألف شخص.
- مشروع محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في السنغال الذي يستهدف إمداد حوالي 100 قرية ريفية بالكهرباء.
- مشروع إنشاء محطة طاقة شمسية بسعة 6 ميغاوات في مدينة فريتاون بسيراليون.
-مشروع إنشاء محطة توشكى للطاقة الشمسية بسعة 10 ميغاواط في مصر.
- مشروع انشاء محطة للطاقة الشمسية بسعة 6 ميغاواط في جزر القمر.
- إنشاء 4 محطات توليد طاقة من الرياح في موريتانيا قادرة على توليد 270 كيلوواط لتغذية 4 مدن ساحلية.
مصدر.. اتفاقيات ومشاريع
وبالإضافة إلى المشاريع التي يمولها صندوق أبوظبي للتنمية، تواصل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" إحدى الشركات الرائدة عالمياً في مجال الطاقة المتجددة، استراتيجيتها الطموحة للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا، الهادفة إلى توفير الكهرباء النظيفة لـ 100 مليون شخص بحلول عام 2035.
وتقود دولة الإمارات الجهود العالمية في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة من خلال استراتيجياتها واستثماراتها في هذا المجال.
وضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، أعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة 2023، توقيع اتفاقيات مع 3 دول أفريقية هي أنغولا وأوغندا وزامبيا؛ لتطوير مشروعات طاقة متجددة بقدرة إجمالية تصل إلى 5 غيغاواط.
أيضا وقعت "مصدر"، اتفاقية مع وزارة المناجم والبترول والطاقة في جمهورية ساحل العاج، لاستكشاف سبل تطوير محطة طاقة شمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى 70 ميغاواط.
وفي أغسطس/ آب 2022 أعلنت "مصدر" عن توقيع اتفاقية مع شركة كهرباء تنزانيا المحدودة "تانيسكو" لتطوير مشاريع طاقة متجددة بقدرة إجمالية تصل إلى 2 غيغاواط.
كما أعلنت في مارس/ آذار 2021 عن اتفاقها مع حكومة جمهورية إثيوبيا لتطوير مشاريع طاقة شمسية بقدرة إجمالية تبلغ 500 ميغاواط في مواقع متعددة في إثيوبيا.
ومن أبرز المشاريع التي نفذتها مصدر:
- طورت "مصدر" في العاصمة الموريتانية نواكشوط "محطة الشيخ زايد للطاقة الشمسية الكهروضوئية" بقدرة 15 ميغاواط من الطاقة؛ وكانت عند استكمالها أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في أفريقيا وأول محطة شمسية لتوليد الكهرباء على نطاق المرافق الخدمية في البلاد.
- قادت مصدر بالشراكة مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب" في المملكة المغربية مشروع أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية الذي تضمن تركيب 19438 نظاماً للطاقة الشمسية المنزلية في أكثر من 1000 قرية مغربية.
- قامت “مصدر” بتطوير ثلاث محطات للطاقة الشمسية في محافظة الوادي الجديد، وهي أكبر المناطق قليلة السكان في مصر، فيما شكلت محطة "شعب الإمارات" للطاقة الشمسية الكهروضوئية في سيوة بقدرة 10 ميغاواط أكبر محطة طاقة شمسية عندما تم تركيبها في مارس/آذار 2015.
- تعد "محطة ميناء فيكتوريا" لطاقة الرياح التي طورتها ودشنتها "مصدر" أول مشروع ضخم للطاقة المتجددة في جمهورية سيشل.
المبادرة الإماراتية الأمريكية
أيضا أطلقت دولتا الإمارات وأمريكا مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2022 مبادرة شاملة للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي.
وستعمل هذه الشراكة على استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 غيغاوات إضافية من الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات الناشئة حول العالم ما فيها القارة الأفريقية بحلول سنة 2035.
فعاليات هامة
أسبوع المناخ
أيضا من أبرز مبادرات دولة الإمارات الرائدة لدعم العمل المناخي في أفريقيا، أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي عقد في دبي للمرة الأولى في المنطقة في مارس/ آذار 2022، وحقق نجاحاً ملحوظاً، وذلك بالبناء على مُخرجات الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ " COP26" في بريطانيا عام 2021.
وشكل أسبوع المناخ قوة دافعة لتحفيز التعاون وتضافر الجهود الإقليمية والدولية للمضي قدماً في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، كما أسهم الحدث في تهيئة المجتمع الدولي لانعقاد «كوب 27» الذي عقد في جمهورية مصر العربية العام الماضي.
واستقطبت فعاليات الأسبوع أكثر من 15000 مشارك حضوري وافتراضي من 40 دولة حول العالم، إضافة إلى نحو 500 متحدث وخبير عالمي بمن فيهم وزراء ومسؤولون من القطاعين الحكومي والخاص، ومبعوثو المناخ ومسؤولو المنظمات المعنية بالمناخ التابعة للأمم المتحدة.
وشهد أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تنظيم ما يزيد على 200 جلسة حوارية وورشة عمل واجتماع طاولة مستديرة وزاري.
وشكل أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محطة مهمة ولحظة تاريخية في أجندة العمل المناخي في العالم والمنطقة
Cop28
أيضا يشكل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" الذي تستضيفه دولة الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، خطوة نوعية في مستقبل الطاقة النظيفة والمتجددة.
ويتطلع العالم، وخصوصا الدول الأفريقية، بالكثير من الأمل والتفاؤل إلى مؤتمر "COP28" وذلك لإحراز تقدم ملموس لمواجهة تحديات التغيّر المناخي، وزيادة التمويل، ورفع سقف الطموحات والالتزامات للبلدان تجاه تحويل تحديات المناخ إلى فرص اقتصادية وتنموية مستدامة، تعزّز الإجراءات العالمية بتخفيف تداعيات التغيّرات المناخية، خصوصا على الدول الأفريقية التي تعد الأقل تسببا بتغير المناخ، إلا أنها الأكثر تأثرا بتداعياته.
وتأمل دول العالم أن يكون المؤتمر نقطة تحول هامة لتحقيق تقدم في مجال التمويل المناخي بما يسهم في وضع العالم على الطريق الصحيح لتحقيق هدف الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية.
أهمية استراتيجية
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً يحتذى في مجال الاستدامة والبيئة والتمويل المستدام والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال المبادرات والمشاريع التي تتبناها محليا وعالميا.
وتحمل استثمارات الإمارات في مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة في أفريقيا، أهمية خاصة لأكثر من سبب، من بينها:
- تعد دول أفريقيا الـ54 هي الأقل تسببا بتغير المناخ وتسهم بأقل من 4% من الانبعاثات العالمية، إلا أنها الأكثر تأثرا بتداعياته، فقد تراجعت جودة أكثر من 700 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء القارة، حيث تخسر أفريقيا 4 ملايين هكتار إضافية سنويا من الأراضي، ويتزامن ذلك مع حالات الجفاف وانعدام الأمن الغذائي الذي يُجبر الناس على الهجرة، ويضعف التنوع البيولوجي ويُؤثر على الحياة وسبل العيش.
- يعيش 600 مليون شخص يعيشون دون مصدر للكهرباء في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى وحدها، ومن شأن توفير فرص أكبر للحصول على الطاقة النظيفة أن يدفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في قارة أفريقيا التي لا تحصل إلا على نحو 2% فقط من الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة، وأقل من ربع المبلغ الذي تحتاجه القارة سنوياً، والذي يبلغ 60 مليار دولار بحلول عام 2030.
- وفرة موارد الطاقة النظيفة في إفريقيا، بما في ذلك طاقة الرياح والشمس، والطاقة الكهرومائية، وطاقة الحرارة الأرضية الجوفية، والمعادن الثمينة، الأمر الذي يؤهلها لتصبح مركزاً للطاقات المتجددة، وقوةً دافعةً مهمةً للنمو الاقتصادي النظيف على مستوى العالم، لكن هناك عقبة رئيسية تقف في طريقها، وهي توفر التمويل بشروط ميسَّرة وتكلفة معقولة.
- توجه دولة الإمارات رسالة للعالم عبر تلك المبادرات بأن أزمة تغير المناخ تتطلب حلولاً عالمية مشتركة من بينها التمويل المناخي الذي يعد أحد الأدوات الرئيسية التي يمكن أن تساعد في مواجهة هذه الأزمة، ودعوة للبلدان المتقدمة بالوفاء بالتزاماتها السنوية البالغة 100 مليار دولار لدعم البلدان النامية في التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه.
- دعوة للقطاع الخاص للمشاركة في استثمارات الطاقة النظيفة في بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية.